المنشورات

المأمون ومخارق

وحدثنا عن ابن مخارق عن أبيه قال: كنا عند المأمون يوماً فقام فدخل إلى حرمه، وخرج وعيناه تذرفان، فقال لي: يا مخارق تغنّ لي بهذين البيتين:
سلام على من لم يطق عند بينه ... سلاماً، فأومى بالبنان المخضب
فما اسطعت إلا بالبكاء جوابه، ... وذلك جهد المستهام المعذب
فحفظتهما، وتغنيت بهما، فجعل يبكي، وينتحب في بكائه، ويزفر، ثم قال لنا: أتدرون ما قصتي؟ قلت: أمير المؤمنين أعلم، وإن شاء أعلمنا. قال: إني دخلت إلى بعض المقاصير، فرأيت جارية لي كنت أجد بها وجداً شديداً، وهي للموت، فسلمت عليها، فلم تطق رد السلام، فأشارت بإصبعها، فغلبتني العبرة وأرهقتني الزفرة، فخرجت من عندها، فحضرني هذان البيتان من باب قصرها إلى باب مجلسي، ثم أمر برفع الشراب، فما رأيت يوماً أكدر منه.
وأنشدت للمعتصم في بعض جواريه:
أيا منقذ الغرقى أجرني من التي ... بها نهلت روحي سقاماً، وعلّت
لقد بخلت، حتى لو أني سألتها ... قذى العين من سافي التراب لضنت
وأنشدت للمتوكل في جارية له:
أمازحها فتغضب ثم ترضى، ... وكل فعالها حسن جميل
فإن تغضب فأحسن ذات دلٍ؛ ... وإن ترض، فليس لها عديل















مصادر و المراجع :      

١- الموشى = الظرف والظرفاء

المؤلف: محمد بن أحمد بن إسحاق بن يحيى، أبو الطيب، المعروف بالوشاء (المتوفى: 325هـ)

المحقق: كمال مصطفى

الناشر: مكتبة الخانجي، شارع عبد العزيز، مصر - مطبعة الاعتماد

الطبعة: الثانية، 1371 هـ - 1953 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید