المنشورات

مالك الغساني وابنة عم النعمان بن بشير

ورُوي أن مالك بن عمرو الغساني تزوج ابنة عمّ للنعمان بن بشير الأنصاري، فأحب كل واحد منهما صاحبه، وكان شجاعاً بطلاً مقداماً، فعهدَتْ إليه أن لا يباشر حرباً، ثم إنه غدا، فلقي العدوّ، فطُعن، فقال وهو يجود بنفسه:
ألا ليت شعري عن غزالٍ تركتُهُ، ... إذا ما أتتهُ ميتتي كيف يصنع
أيلبس أثواب الحداد تفجّعاً، ... على مالكٍ أم فيه للبعل مَطمَعُ
فلو أنني كنتُ الموخَّر بعده، ... لما برححَت نفسي عليه تقطَّعُ
فلما أتاها خبره استمسك لسانها حولاً، فقال رهطها وعشيرتها: لو زوّجتموها غيره، لعلها تسلى، وتُفيق، فزوّجوها رجلاً من أبناء الملوكِ، فساق إليها هديةً عظيمة القدر، فلما كان ليلة بنائه بها أخذت بعضادتي الباب ثم أنشأت تقول:
يقول رجالٌ: زوَّجوها لعلّها ... تُفيق وترضى بعده بحليلِ
فأضمرتُ في النفس التي ليس بعده ... رجاءٌ لها، والصدق أفضل قيلِ
أبعد ابن عمرٍو سيّد القوم مالكٍ ... أزفّ إلى زوجٍ بعَضبٍ كليلِ
وخبّرني أصحابه أنّ مالكاً ... خفيفٌ على العلاّت غير ثقيل
وخبّرني أصحابه أن مالكاً ... ضَروبٌ بماضي الشَّفرتين صقيلِ
وخبّرني أصحابه أنّ مالكاً ... جوادٌ بما في الرحل غير بخيلِ
وخبّرني أصحابه أنّ مالكاً ... ثوى، وتنادى صحبُهُ برحيلِ
فما كان يشيني خليلي بخُلّةٍ، ... وما كنتُ أشري مالكاً بخليلِ
فقال لها بعلها: ارجعي إلى أهلك، ولك كل ما سُقتُ إليك، مثلك فليتزوّج الرجال.













مصادر و المراجع :      

١- الموشى = الظرف والظرفاء

المؤلف: محمد بن أحمد بن إسحاق بن يحيى، أبو الطيب، المعروف بالوشاء (المتوفى: 325هـ)

المحقق: كمال مصطفى

الناشر: مكتبة الخانجي، شارع عبد العزيز، مصر - مطبعة الاعتماد

الطبعة: الثانية، 1371 هـ - 1953 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید