المنشورات

الستور والوسائد والبُسط والمرافق والمقاعد

قال عليّ بن الجهَم: قرأتُ على سترٍ لبعض أمّهات ولد المأمون:
هجرتني كي أُجاريكم بفِعلكمُ ... لا تهجريني فإني لا أُجاريكِ
قلبي مُحبٌّ لكم راضٍ بفِعلكُمُ ... أسترزق الله، قلبٌ لا يُجانيكِ
أصبحتُ عبداً لأدنى أهلِ داركمُ ... وكنتُ فيما مضى مولى مَواليكِ
وكتب بعض ولد المتوكّل على سِتره:
يا أيها اللائِمي فيها لأصرفها ... أكثرتَ لو كان يُغني عنكَ إكثارُ
إرجِعْ فلستَ مُطاعاً إنْ وَشَيتَ بها ... لا القلب سالٍ ولا في حُبّها عارُ
وكتب موسى الهادي بن المهدي على سِتره:
يا أيها الزاعم الذي زعما ... أن الهوى ليس يُورثُ السَّقَما
لو أن ما بي بكَ الغَداة لَما ... لُمْتَ مُحبّاً إذا شكا ألَما
وكتب بعض الظرفاء على مِخدّة له:
يا راقدَ الليلِ ممّن شفّه السَّقَم ... وهدّه قَلَقُ الأحزان والألَمُ
جُد بالوصال لمن أمسيتَ تملكُهُ ... يا أحسن الناس من قَرنٍ إلى قَدَمِ
أخبرني من قرأ على مِخدَّةٍ لبعض الظرفاء:
لم أذُقْ يا سُولَ قلبي ... للكَرى مُذْ غِبتَ طَعما
ترك الدمع على خدّ ... يَّ لمّا فاض رَسْما
وقرأتُ على وسادةٍ لبعض الكُتّاب:
تشكّى المحبّون الصبابة ليتني ... تحمّلتُ ما يَلقَونَ من بينهم وَحْدي
فكانت لروحي لذّةُ الحُبّ وحدّها ... فلم يَلْقَها قبلي مُحِبٌّ ولا يَعدي
وأخبر بعض الكُتّاب أنه قرأ على بساطٍ لبعض أهل الهوى:
أحسنُ من قهوةٍ وعودٍ ... توريدُ خدّيكِ يا وحيدُ
نأيتِ عني فذاب جِسمي ... وهدّني الشوقُ والصُّدودُ
وطال سُقمي لبُعد حبّي ... وملّني الأهلَ والبَعيدُ
وكتب بعض الظرفاء على مُصَلاّه:
وقفَ الهوى بي حيثُ أنتِ فليسَ لي ... متأخَّرٌ عنه ولا متقدَّمُ
أجدُ الملامة في هواكِ لذيذةً ... حُبّاً لذكركِ فليلُمْني اللُّوَّمُ
وأهنتني فأهَنْتُ نفسي عامداً ... ما مَن يَهونُ عليكِ ممّن أُكرِمُ
أشبهتِ أعدائي فصِرتُ أُحبّهم ... إذ صار حظّي منكِ حظّي منهُمُ
وكتب سعيد بن قَيس على مُصَلاّه:
سأمنع عيني أن تَلَذَّ بنظرةٍ ... وأشغلُها بالدمع عن كلّ منظَرِ
وأشكرُ قلبي فيكِ حُسنَ بَلائه ... أليس به ألقاكِ عند التذكُّرِ
وكتب بعضهم على بساط:
كتمتُ حُبّهُمُ صَوناً وتَكرِمَةً ... فما درى غيرُ إضماري به وهُمُ
قومٌ بذلتُ لهم صَفوَ الوِداد فما ... جازوا عليه ولا كافَوا ولا رَحِموا
هم علّموني البُكا لا ذُقتُ فقدَهمُ ... يا ليتهم علّموني كيف أبتسِمُ












مصادر و المراجع :      

١- الموشى = الظرف والظرفاء

المؤلف: محمد بن أحمد بن إسحاق بن يحيى، أبو الطيب، المعروف بالوشاء (المتوفى: 325هـ)

المحقق: كمال مصطفى

الناشر: مكتبة الخانجي، شارع عبد العزيز، مصر - مطبعة الاعتماد

الطبعة: الثانية، 1371 هـ - 1953 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید