المنشورات

المناص والحجل والأسِرّة والكِلَل

قرأتُ على كَلّةٍ معصفَرَة، لبعض الكُتّاب، بالذهب:
من قِصَرِ الليلِ إذا زُرتني ... أبكي وتبكين من الطولِ
عَدوُّ عينيكِ وشانيهما ... أصبح مشغولاً بمشغولِ
وأخبرني بعض الظرفاء أنه قرأ على منصّةٍ لبعض المُجّان:
تقول، وقد جرّدتُها من ثيابها: ... ألستَ تخاف اليوم أهلكَ أو أهلي؟
فقلتُ: كِلانا خائفٌ بمكانه ... فهل هو إلا قتلُكِ اليومِ أو قَتلي
وقرأتُ على كِلّة حريرٍ اسمانجوني بالذهب:
سهرتُ وعانقتُها ليلةً ... على مثلها يَحسُدُ الحاسدُ
كأنا جميعاً وثوبُ الدُّجى ... علينا لمُصِرِنا واحدُ
وقرأت على كِلّة لبعض الظرفاء:
فِبتنا على رُغم الحَسود وبيننا ... حديثٌ كريحِ المِسك شيبَ به الخمرُ
حديثٌ لو أن المَيتَ يُوحى ببعضه ... لأصبح حيّاً بعدما ضمّه القبرُ
وقرأت على وجه أريكةٍ لبعض الهاشميين:
جعَلتِ محلّةَ البلوى فؤادي ... وسلّطتِ السُّهادَ على رُقادي
دعيني لا أبوح بكلّ وَجدي ... أليس النار من طَرفَيْ زِنادي
وبِتِّ خلِيّةً وسلبَتِ نومي ... أما استحيا رُقادُكِ من سُهادي
وكتب بعض الظرفاء، على حَجَلةٍ له معصفَرةٍ، بالذهب:
دعيني أمُتْ والشملُ لم يتشعّبِ ... ولا تبعدي أفديكِ بالأمّ والأبِ
سقى الله ليلاً ضمّنا بهد هَجْعةٍ ... وأدنى فؤاداً من فؤادٍ مُعذَّبِ
فبتنا جميعاً لو تُراقُ زُجاجةٌ ... من الراح فيما بيننا لم تَسَرَّبِ
وأخبرني بعض الكُتّاب أنه قرأ على حَجَلةٍ مكتوباً:
نَشَرَت عليّ غَدائراً من شَعرها ... حَذَرَ الفضيحة والعَدُوّ الموبِقِ
فكأنه وكأنني وكأنها ... صُبحانِ باتا تحت ليلٍ مُطبِقِ
ودخلتُ على بعض الكُتّاب في يومٍ شديد الحرّ، وهو على دُكّان ساجٍ مكتوبٍ في وجهه باللازَوَرْدِ:
حَرُّ حُبٍّ وحَرُّ هَجْرٍ وحَرّ ... أيُّ شيءٍ يكون من ذا أمَرّ
وعلى الجانب الآخر:
ثلاثة أحبابٍ: فحُبٌّ علاقةٌ، ... وحُبٌّ تِمِلاقٌ، وحُبٌّ هو القتلُ
وأخبرني بعض من قرأ حول سرير لبعض الظرفاء:
ومجدولةٍ أما مجالُ وِشاحها ... فغُصنٌ وأما رِدفها فكثيبُ
لها القمر الساري شَقيقٌ وإنها ... تطلَّعُ أحياناً له فيغيبُ
أقول لها والليل مُرخٍ سُدولَهُ ... علينا: بكِ العيشُ الخَسيس يطيبُ
فقالت: نعم إنْ لم يكُن لكَ غَيرُنا ... ببغدادَ من أهل القُصور حَبيبُ
وكتب بعض الظرفاء على سرير له آبَنوسٍ بعاجٍ:
إنّ طيف الخيال أرّق عيني ... ما لعيني وما لطيفِ الخيالِ؟
جمع الله بين كلّ مُحبٍّ ... قد جَفاه الحبيبُ بعدَ الوِصالِ
وكتب على منصّته بالذهب:
ينام المُسعَدون ومن يلومُ ... وتوقظُني وتوقظُها الهُمومُ
صحيحٌ بالنهار لِمَن يَراني ... وليلي لا أنامُ ولا أُنيمُ















مصادر و المراجع :      

١- الموشى = الظرف والظرفاء

المؤلف: محمد بن أحمد بن إسحاق بن يحيى، أبو الطيب، المعروف بالوشاء (المتوفى: 325هـ)

المحقق: كمال مصطفى

الناشر: مكتبة الخانجي، شارع عبد العزيز، مصر - مطبعة الاعتماد

الطبعة: الثانية، 1371 هـ - 1953 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید