المنشورات

ما يكتب على القناني والكاسات والأقداح والأرطال والجامات

قرأتُ على كأسٍ لبعض الظرفاء:
إذا فكّرتُ خاطبني مثالُ ... وإن أغفَيتُ نَبَهني خَيالُ
ولي حالٌ إذا ما الكأس طابت ... لشاربها وللنَّدمان حالُ
وقرأت على كأسٍ لبعض الكُتّاب:
اشربْ على ذِكرهم إذ حيل دونهُمُ ... عَيناك منهم على بالٍ إذا شربوا
تدعو المُنى قُربهم والدار نازحةٌ ... حتى يُناجيَهمْ قلبي وما قرُبوا
وعلى كأسٍ:
إذا لم يَمزُجِ الندمان كأسي ... جعلتُ مِزاجها ماء الجُفونِ
وإن ضحكوا بكيْتُ وإن تغنّوا ... أجبتُهُمُ بألوان الحَنينِ
وكتب عُبيدٌ الماجن على كأسه:
اشربْ هنيئاً لا تخَفْ طائفاً ... قد آمن الطُّوّافَ أهلُ الطَّرَبْ
وكتب بعض الكُتّاب على قَدَحٍ له:
وما لبسَ العُشّاق ثوباً من الهوى ... ولا أخلقوا إلاّ بقيّة ما أُبلي
ولا شربوا كأساً من الحبّ حُلوةً ... ولا مُرّةً إلاّ وشُربُهُمُ فَضلي
وبعثت نشوان الكرّاعة إلى عليّ بن عيسى بن عبد الله الهاشمي برطلٍ عليه مكتوبٌ:
يا باعث السُّكر من طرفٍ يُقلّبه ... هاروتُ لا تسقني خمراً بكأسينِ
ويا محَرِّكَ عينيه ليقتلني ... إني أخاف عليكَ العين من عيني
وأخبرني من قرأ على قِنّينة بين يدي أبي دُلَف العِجْليّ:
وقهوةٍ كوكبها يَزهَرُ ... يفوح منها المِسكُ والعنبرُ
يسقيكَها من كفّه أحورُ ... كأنها من خدّه تُعصرُ
وكتب آخر على طاس:
لا تحسبني أن طول الدهر غيّرني ... بلْ زادني كلفاً يا أملحَ الناسِ
لم يَجرِ ذِكرُكِ في لهوٍ ولا طَرَبٍ ... إلا مزَجْتُ بدمعي عنده كاسي
كم عاذِلٍ قد لحاني فيكِ قلتُ له ... شلّت يمينُك هل بالحب من باسِ
وأخبرني يحيى بن محمد المُسلمي أنه قرأ على كأسٍ لقَينة:
إشربِ الكأس على صَرف الزمنْ ... قلّ ما دام سرورٌ أو حَزَنْ
إنما كان لمثلي سَكَنٌ ... من جميع الخلقِ طُرّاً فظَعنْ
وقرأت على قدَح:
إشربْ وسقِّ حبيبكَ الراحا ... وبُحْ من الوجد بالذي باحا
وعلى آخر:
إشربْ وسقِّ الحبيب يا ساقي ... وسقِّني فضلَ كأسه الباقي
وسقّني فضل ما تخلّف في الكأ ... س بعمدٍ بغير إشفاقِ
وعلى آخر:
فديتُ من لم يزلْ على طَرَبٍ ... يُدير بيني وبينه الكاسا
ألثمني خدّه وقال: ألا ... دونكَ ما قد منعتُه الناسا
وكتبت بنت المَهدي على قدح بالذهب:
إشربْ على وجه الغَزال ... الأغْيد الحَسَن الدلال
إشرب عليه وقُلْ له: ... يا غُلّ ألباب الرجالِ
وكتب بعض الظرفاء على قنّينة:
فقلتُ لها: وقد أبديتُ سُكري: ... ألا رُدّي فؤاد المُستهامِ
فقالت: مَنْ؟ فقلت: أنا! فقالت: ... متى ألقيتَ نفسك في الزحام
وقرأت على قنّينة مدهونة مكتوب عليها بالذهب:
أحسنُ من موقفٍ على طَلَلِ ... كأسُ عُقار تجري على ثَمِلِ
يُديرها أهيفٌ به حَوَرٌ ... معتدِل الخَلْق راجحُ الكفَلِ
إذا تمشّى بها مُصفَّقةً ... رأيتَ فيها تَلَهُّبَ الشُّعَلِ
وعلى جامٍ:
إشربْ هنيئاً في أتمّ النعيمْ ... طاب لك العيش بطيب النديمْ
وعلى آخر:
وكؤوسٍ كأنهنّ نُجومٌ ... طالعاتٌ، بروجُها أيدينا
طالعاتٌ مع السّقاة علينا ... فإذا ما غَرَبْنَ يَغرُبْنَ فينا













مصادر و المراجع :      

١- الموشى = الظرف والظرفاء

المؤلف: محمد بن أحمد بن إسحاق بن يحيى، أبو الطيب، المعروف بالوشاء (المتوفى: 325هـ)

المحقق: كمال مصطفى

الناشر: مكتبة الخانجي، شارع عبد العزيز، مصر - مطبعة الاعتماد

الطبعة: الثانية، 1371 هـ - 1953 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید