المنشورات

ناموس الطِّبّ لأبقراط

وَهَذِه نُسْخَة ناموس الطِّبّ لأبقراط
قَالَ أبقراط
إِن الطِّبّ أشرف الصَّنَائِع كلهَا إِلَّا أَن نقص فهم من ينتحلها صَار سَببا لسلب النَّاس إِيَّاهَا لِأَنَّهُ لم يُوجد لَهَا فِي جَمِيع المدن عيب غير جهل من يدعيها مِمَّن لَيْسَ بِأَهْل للتسمي بهَا إِذْ كَانُوا يشبهون الأشباح الَّتِي يحضرها أَصْحَاب الْحِكَايَة ليلهوا النَّاس بهَا فَكَمَا أَنَّهَا صور لَا حَقِيقَة لَهَا كَذَلِك هَؤُلَاءِ الْأَطِبَّاء بِالِاسْمِ كثير وبالفعل قَلِيل جدا
وَيَنْبَغِي لم أَرَادَ تعلم صناعَة الطِّبّ أَن يكون ذَا طبيعة جَيِّدَة مؤاتية وحرص شَدِيد ورغبة تَامَّة وَأفضل ذَلِك كُله الطبيعة لِأَنَّهَا إِذا كَانَت مؤاتية فَيَنْبَغِي أَن يقبل على التَّعْلِيم وَلَا يضجر لينطبع فِي فكره ويثمر ثمارا حَسَنَة مثل مَا يرى فِي نَبَات الأَرْض
أما الطبيعة فَمثل التربة وَأما مَنْفَعَة التَّعْلِيم فَمثل الزَّرْع وَأما تربية التَّعْلِيم فَمثل وُقُوع البزر فِي الأَرْض الجيدة
فَمَتَى قدمت الْعِنَايَة فِي صناعَة الطِّبّ بِمَا ذكرنَا ثمَّ صَارُوا إِلَى المدن لم يَكُونُوا أطباء بِالِاسْمِ بل بِالْفِعْلِ
وَالْعلم بالطب كنز جيد وذخيرة فاخرة لمن علمه مَمْلُوء سُرُورًا سرا وجهرا وَالْجهل بِهِ لمن انتحله صناعَة سوء وذخيرة ردية عديم السرُور دَائِم الْجزع والتهور
والجزع دَلِيل على الضعْف والتهور دَلِيل على قلَّة الْخَبَر بالصناعة












مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید