المنشورات

مواعظ أفلاطون

وَمن آدَاب أفلاطون ومواعظه مِمَّا ذكره المبشر بن فاتك رَحمَه الله فِي كِتَابه قَالَ أفلاطون للْعَادَة على كل شَيْء سُلْطَان وَقَالَ إِذا هرب الْحَكِيم من النَّاس فاطلبه وَإِذا طَلَبهمْ فاهرب مِنْهُ
وَقَالَ من لَا يواس الإخوان عِنْد دولته خذلوه عِنْد فاقته
وَقيل لَهُ لم لَا تَجْتَمِع الْحِكْمَة وَالْمَال فَقَالَ لعز الْكَمَال
وَسُئِلَ من أَحَق النَّاس أَن يؤتمن على تَدْبِير الْمَدِينَة فَقَالَ من كَانَ فِي تَدْبِير نَفسه حسن الْمَذْهَب
وَقيل لَهُ من يسلم من سَائِر الْعُيُوب وقبيح الْأَفْعَال فَقَالَ من جعل عقله أَمِينه وحذره وزيره والمواعظ زمامه وَالصَّبْر قائده والاعتصام بالتوقي ظهيره وَخَوف الله جليسه وَذكر الْمَوْت أنيسه
وَقَالَ الْملك هُوَ كالنهر الْأَعْظَم تستمد مِنْهُ الْأَنْهَار الصغار فَإِن كَانَ عذبا عذبت وَإِن كَانَ مالحا ملحت
وَقَالَ إِذا أردْت أَن تدوم لَك اللَّذَّة فَلَا تستوف الملتذ أبدا بل دع فِيهِ فَضله تدوم لَك اللَّذَّة
وَقَالَ إياك فِي وَقت الْحَرْب أَن تسْتَعْمل النجدة وَتَدَع الْعقل فَإِن لِلْعَقْلِ مَوَاقِف قد تتمّ بِلَا حَاجَة إِلَى النجدة وَلَا ترى للنجدة غنى عَن الْعقل
وَقَالَ غَايَة الْأَدَب أَن يستحي الْمَرْء من نَفسه
وَقَالَ مَا ألمت نَفسِي إِلَّا من ثَلَاث من غَنِي افْتقر وعزيز ذل وَحَكِيم تلاعبت بِهِ الْجُهَّال
وَقَالَ لَا تصحبوا الأشرار فَإِنَّهُم يمنون عَلَيْكُم بالسلامة مِنْهُم
وَقَالَ لَا تطلب سرعَة الْعَمَل واطلب تجريده فَإِن النَّاس لَا يسْأَلُون فِي كم فرغ من هَذَا الْعَمَل وَإِنَّمَا يسْأَلُون عَن جودة صنعه
وَقَالَ إحسانك إِلَى الْحر يحركه على الْمُكَافَأَة وإحسانك إِلَى الخسيس يحركه على معاودة الْمَسْأَلَة
وَقَالَ الأشرار يتبعُون مساوئ النَّاس ويتركون محاسنهم كَمَا يتتبع الذُّبَاب الْمَوَاضِع الْفَاسِدَة من الْجَسَد وَيتْرك الصَّحِيح مِنْهُ
وَقَالَ لَا تستصغر عَدوك فيقتحم عَلَيْك الْمَكْرُوه من زِيَادَة مِقْدَاره على تقديرك فِيهِ
وَقَالَ لَيْسَ تكمل خيرية الرجل حَتَّى يكون صديقا للمتعاديين
وَقَالَ اطلب فِي الْحَيَاة الْعلم وَالْمَال تحز الرآسة على النَّاس لأَنهم بَين خَاص وعام فالخاصة تفضلك بِمَا تحسن والعامة تفضلك بِمَا تملك
وَقَالَ من جمع إِلَى شرف أَصله شرف نَفسه فقد قضى الْحق عَلَيْهِ
واستدعى التَّفْضِيل بِالْحجَّةِ وَمن أغفل نَفسه وَاعْتمد على شرف آبَائِهِ فقد عقهم وَاسْتحق أَن لَا يقدم بهم على غَيره
وَقَالَ لَا تبتاعن مَمْلُوكا قوي الشهزة فَإِن لَك مولى غَيْرك وَلَا غضوبا فَإِنَّهُ يقلق فِي ملكك وَلَا قوي الرَّأْي فيستعمل الْحِيلَة عَلَيْك
وَقَالَ اسْتعْمل مَعَ فرط النَّصِيحَة مَا تستعمله الخونة من حسن المداراة وَلَا تدخل عَلَيْك الْعجب لفضلك على أكفائك فَيفْسد عَلَيْك ثَمَرَة مَا فضلت بِهِ وَقَالَ لَا تنظر إِلَى أحد بالموضع الَّذِي رتبه فِيهِ زَمَانه وَانْظُر إِلَيْهِ بِقِيمَتِه فِي الْحَقِيقَة فَإِنَّهَا مَكَانَهُ الطبيعي
وَقَالَ إِذا خبث الزَّمَان كسدت الْفَضَائِل وضرت ونفقت الرذائل ونفعت وَكَانَ خوف الْمُوسر أَشد من خوف الْمُعسر
وَقَالَ لَا يزَال الجائر ممهلا حَتَّى يتخطى إِلَى أَرْكَان الْعِمَارَة ومباني الشَّرِيعَة وَإِذا أقصد لَهَا تحرّك عَلَيْهِ قيم الْعَالم فأباده
وَقَالَ إِذا طابق الْكَلَام نِيَّة الْمُتَكَلّم حرك نِيَّة السَّامع وَإِن خالفها لم يحسن موقعه مِمَّن أُرِيد بِهِ
وَقَالَ أفضل الْمُلُوك من بَقِي بِالْعَدْلِ ذكره واستملى من أَتَى بعده بفضائله
وَقَالَ رجل جَاهِل لأفلاطون كَيفَ قدرت على كَثْرَة مَا تعلمت فَقَالَ لِأَنِّي أفنيت من الزَّيْت بِمِقْدَار مَا أفنيته أَنْت من الشَّرَاب
وَقَالَ عين الْمُحب عمياء عَن عُيُوب المحبوب
وَقَالَ إِذا خاطبت من هُوَ أعلم مِنْك فَجرد لَهُ الْمعَانِي وَلَا تكلّف بإطالة اللَّفْظ وَلَا تحسينه وَإِذا خاطبت من هُوَ دُونك فِي الْمعرفَة فأبسط كلامك ليلحق فِي أواخره مَا أعجزه فِي أَوَائِله
وَقَالَ الْحلم لَا ينْسب إِلَّا إِلَى من قدر على السطوة والزهد لَا ينْسب إِلَّا إِلَى من ترك بعد الْقُدْرَة
وَقَالَ الْعَزِيز النَّفس هُوَ الَّذِي يذل للفاقة
وَقَالَ الْحسن الْخلق من صَبر على السَّيئ الْخلق
وَقَالَ أشرف النَّاس من شرفته الْفَضَائِل لَا من تشرف بالفضائل وَذَلِكَ أَن من كَانَت الْفَضَائِل فِيهِ جوهرية فَهِيَ تشرفه وَمن كَانَت فِيهِ عرضية تشرف بهَا وَلم تشرفه
وَقَالَ الْحيَاء إِذا توَسط أوقف الْإِنْسَان عَمَّا عابه وَإِذا أفرط أوقفهُ عَمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ وَإِذا قصر خلع عَنهُ ثوب التجمل فِي كثير من أَحْوَاله
وَقَالَ إِذا حصل عَدوك فِي قدرتك خرج من جملَة أعدائك وَدخل فِي عدَّة حشمك
وَقَالَ يَنْبَغِي للمرء أَن ينظر وَجهه فِي الْمرْآة فَإِن كَانَ حسنا استقبح أَن يضيف إِلَيْهِ فعلا قبيحا وَإِن كَانَ قبيحا استقبح أَن يجمع بَين قبحين
وَقَالَ لَا تصْحَب الشرير فَإِن طبعك يسرق من طبعه شرا وَأَنت لَا تَدْرِي
وَقَالَ إِذا قَامَت حجتك فِي المناظرة على كريم أكرمك ووقرك وَإِذا قَامَت على خسيس عاداك واصطنعها عَلَيْك وَقَالَ من مدحك بِمَا لَيْسَ فِيك من الْجَمِيل وَهُوَ رَاض عَنْك ذمك بِمَا لَيْسَ فِيك من الْقَبِيح وَهُوَ ساخط عَلَيْك
وَقَالَ إِنَّمَا صَار التَّقْلِيد وَاجِبا فِي الْعَالم لِأَن الضعْف فِيهِ قَائِم فِي النَّاس
وَقَالَ من تعلم الْعلم لفضيلته لم يوحشه كساده وَمن تعلمه لجدواه انْصَرف بانصراف الْحَظ عَن أَهله إِلَى مَا يكسبه
وَقَالَ ليكن خوفك من تدبيرك على عَدوك أَكثر من خوفك من تَدْبِير عَدوك عَلَيْك
وَقَالَ رب مغبوط بِنِعْمَة هِيَ بلاؤه وَرب مَحْسُود على حَال هِيَ داؤه
وَقَالَ شهوات النَّاس تتحرك بِحَسب شهوات الْملك وإرادته
وَقَالَ مَا معي من فَضِيلَة الْعلم إِلَّا علمي بِأَنِّي لست بعالم
وَقَالَ الأمل خداع النَّاس
وَقَالَ احفظ الناموس يحفظك
وَقَالَ إِذا صادقت رجلا وَجب أَن تكون صديق صديقه وَلَيْسَ يجب عَلَيْك أَن تكون عَدو عدوه
وَقَالَ المشورة تريك طبع المستشار
وَقَالَ يَنْبَغِي للعاقل أَن لَا يتكسب إِلَّا بأزيد مَا فِيهِ وَلَا يخْدم إِلَّا المقارب لَهُ فِي خلقه
وَقَالَ أَكثر الْفَضَائِل مرّة المبادي حلوة العواقب وَأكْثر الرذائل حلوة المبادي مرّة العواقب
وقلا لَا تستكثرن من عشرَة حَملَة عُيُوب النَّاس فَإِنَّهُم يتسقطون مَا غفلت عَنهُ وينقلونه إِلَى غَيْرك كَمَا ينقلون عَنهُ إِلَيْك
وَقَالَ الظفر شَافِع المذنبين إِلَى الكرماء
وَقَالَ يَنْبَغِي للحازم أَن يعد لِلْأَمْرِ الَّذِي يلتمسه كل مَا أوجبه الرَّأْي فِي طلبه وَلَا يتكل فِيهِ على الْأَسْبَاب الْخَارِجَة عَن سَعْيه مِمَّا يَدْعُو إِلَيْهِ الأمل وَمَا جرت بِهِ الْعَادة فَإِنَّهَا لَيست لَهُ وَإِنَّمَا هِيَ للاتفاق الَّذِي لَا تثق بِهِ الحزمة
وَقيل لأفلاطون لم صَار الرجل يقتني مَالا وَهُوَ شيخ فَقَالَ لِأَن يَمُوت الْإِنْسَان فيخلف مَالا لأعدائه خير لَهُ من أَن يحْتَاج فِي حَيَاته إِلَى أصدقائه
وَرَأى طَبِيبا جَاهِلا فَقَالَ هَذَا محب مزعج للْمَوْت
وَقَالَ الإفراط فِي النَّصِيحَة يهجم بصاحبها على كثير من الظنة
وَقَالَ لَيْسَ يَنْبَغِي للرجل أَن يشغل قلبه بِمَا ذهب مِنْهُ وَلَكِن يعتني بِحِفْظ مَا بَقِي عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ أرسطوطاليس بِمَاذَا يعرف الْحَكِيم أَنه قد صَار حكيما فَقَالَ إِذا لم يكن بِمَا يُصِيب من الرَّأْي معجبا وَلَا لما يَأْتِي من الْأَمر متكلفا وَلم يستفزه عِنْد الذَّم الْغَضَب وَلَا يدْخلهُ عِنْد المرح النخوة
وَسُئِلَ مِم يَنْبَغِي أَن يحترس فَقَالَ من الْعَدو الْقَادِر وَالصديق المكدر والمسلط الغاضب
وَسُئِلَ أَي شَيْء أَنْفَع للْإنْسَان فَقَالَ إِن يعْنى بتقويم نَفسه أَكثر من عنايته بتقويم غَيره
وَقَالَ الشرير الْعَالم يسره الطعْن على من تقدمه من الْعلمَاء ويسوؤه بَقَاء من فِي عصره مِنْهُم لِأَنَّهُ يحب أَن لَا يعرف بِالْعلمِ غَيره لِأَن الْأَغْلَب عَلَيْهِ شَهْوَة الرِّئَاسَة وَالْخَيْر الْعَالم يسوؤه فقد أحد من طبقته فِي الْمعرفَة لِأَن رغبته فِي الازدياد وإحياء علمه بالذاكرة أَكثر من رغبته فِي الرِّئَاسَة وَالْغَلَبَة
وَقَالَ تبكيت الرجل بالذنب بعد الْعَفو عَنهُ إزراء بالصنيعة وَإِنَّمَا يكون قبل هبة الجرم لَهُ
وَقَالَ اطلب فِي حياتك الْعلم وَالْمَال وَالْعَمَل الصَّالح فَإِن الْخَاصَّة تفضلك بِمَا تحسن والعامة بِمَا تملك والجميع بِمَا تعْمل
وَسُئِلَ أفلاطون عِنْد مَوته عَن الدُّنْيَا فَقَالَ خرجت إِلَيْهَا مُضْطَرّا وعشت فِيهَا متحيرا وَهَا أَنا اخْرُج مِنْهَا كَارِهًا وَلم أعلم فِيهَا إِلَّا أنني لم أعلم













مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید