المنشورات

ميخائيل بن ماسويه

متطبب الْمَأْمُون وميخائيل هَذَا هُوَ أَخُو يوحنا بن ماسويه قَالَ يُوسُف بن إِبْرَاهِيم مولى إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي كَانَ هَذَا المتطبب لَا يمتع بِالْحَدِيثِ وَلَا يحْتَج فِي شَيْء يَقُوله بِحجَّة وَلَا يُوَافق أحدا من المتطببين على شَيْء أحدث من مِائَتي سنة فَلم يكن يسْتَعْمل السكنجبين والورد المربى إِلَّا بالعسل وَلَا يسْتَعْمل الْجلاب الْمُتَّخذ بِمَاء الْورْد وَلَا يَتَّخِذهُ إِلَّا من الْورْد المسلوق بِالْمَاءِ الْحَار وَلَا يَتَّخِذهُ بالسكر وَلَا يسْتَعْمل شَيْئا لم يَسْتَعْمِلهُ الْأَوَائِل
وَلَقَد سَأَلته يَوْمًا عَن رَأْيه فِي الموز فَقَالَ لم أر لَهُ ذكرا فِي كتب الْأَوَائِل وَمَا كَانَت هَذِه حَاله لم أقدم على أكله وَلَا على طَعَامه للنَّاس
وَكَانَ الْمَأْمُون بِهِ معجبا وَله على جِبْرَائِيل بن بختيشوع مقدما حَتَّى كَانَ يَدعُوهُ بالكنية أَكثر مِمَّا يَدعُوهُ بِالِاسْمِ
وَكَانَ لَا يشرب الْأَدْوِيَة إِلَّا مِمَّا تولى تركيبه وإصلاحه لَهُ
وَكنت أرى جَمِيع المتطببين بِمَدِينَة السَّلَام يبجلونه تبجيلا لم يَكُونُوا يظهرونه لغيره
قَالَ يُوسُف وَحضر فِي النّصْف من شَوَّال سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ دَار إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي مَعَ جمَاعَة من وُجُوه المتطببين وَكَانَت شكْلَة عليلة فَوجه المعتصم المتطببين إِلَيْهَا ليرجعوا إِلَيْهِ بخبرها وَقد كَانُوا صَارُوا إِلَيْهَا قبل ذَلِك الْيَوْم بِيَوْم فنظروا إِلَى مَائِهَا وجسوا عرقها وعاودوا النّظر فِي الْيَوْم الثَّانِي فِي أمرهَا فَقَالُوا كلهم إِنَّهَا أَصبَحت صَالِحَة وَأَنَّهُمْ لَا يَشكونَ فِي إفراقها
فَسبق إِلَى وهمي أَنهم أَو أَكْثَرهم أحب أَن يسر أَبَا إِسْحَق بِمَا ذكرُوا من الْعَافِيَة
فَلَمَّا نهضوا اتبعتهم فَسَأَلت وَاحِدًا وَاحِدًا عَمَّا عِنْده من الْعلم بِحَالِهَا فكلهم قَالَ لي مثل مقَالَته لأبي إِسْحَق إِلَّا سلمويه بن بنان فَإِنَّهُ قَالَ لي هِيَ الْيَوْم أصعب حَالا مِنْهَا أمس
وَقَالَ لي ميخائيل قد ظهر أمس بِالْقربِ من قَلبهَا ورم لم نره فِي يَوْمنَا هَذَا افترى ذَلِك الورم ساخ فِي الأَرْض أَو ارْتَفع إِلَى السَّمَاء انْصَرف فأعد لهَذِهِ الْمَرْأَة جهازها فَلَيْسَتْ تبيت فِي الْأَحْيَاء فَتُوُفِّيَتْ وَقت صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة بعد أَن ألْقى إِلَيّ ميخائيل مَا ألْقى سَاعَات عشرا أَو نَحْوهَا
قَالَ يُوسُف وحَدثني ميخائيل بن ماسويه أَنه لما قدم الْمَأْمُون بَغْدَاد نادم طَاهِر بن الْحُسَيْن فَقَالَ لَهُ يَوْمًا وَبَين أَيْديهم نَبِيذ قطر بلي يَا أَبَا الطّيب هَل رَأَيْت مثل هَذَا الشَّرَاب قَالَ نعم قَالَ مثله فِي اللَّوْن والطعم والرائحة قَالَ نعم
قَالَ أَيْن قَالَ ببوشنج
قَالَ فاحمل إِلَيْنَا مِنْهُ
فَكتب طَاهِر إِلَى وَكيله فَحمل مِنْهُ وَرفع الْخَبَر من النهروان إِلَى الْمَأْمُون أَن لطفا وافى طَاهِرا من بوشنج فَعلم الْخَبَر وتوقع حمل طَاهِر لَهُ فَلم يفعل
فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون بعد أَيَّام يَا أَبَا الطّيب لم يواف النَّبِيذ فِيمَا وافى
فَقَالَ أعيذ أَمِير الْمُؤمنِينَ بِاللَّه من أَن يقيمني مقَام خزي وفضيحة
قَالَ وَلم قَالَ ذكرت لأمير الْمُؤمنِينَ شرابًا شربته وَأَنا صعلوك وَفِي قَرْيَة كنت أَتَمَنَّى أَن أملكهَا فَلَمَّا ملكني الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَكثر مِمَّا كنت أَتَمَنَّى وَحضر ذَلِك الشَّرَاب وجدته فضيحة من الفضائح
قَالَ فاحمل إِلَيْنَا مِنْهُ على كل حَال فَحمل مِنْهُ فَأمر أَن يصير فِي الخزانة وَيكْتب عَلَيْهِ الطاهري ليمازحه بِهِ من إفراط رداءته فَأَقَامَ سنتَيْن وَاحْتَاجَ الْمَأْمُون إِلَى أَن يتقيأ فَقَالُوا يتقيأ بنبيذ رَدِيء فَقَالَ بَعضهم لَا يُوجد فِي الْعرَاق أردأ من الطاهري وَأخرج فَوجدَ مثل الْقطر بلي أَو أَجود وَإِذا هَوَاء الْعرَاق قد أصلحه كَمَا يصلح مَا نبت وعصر فِيهِ












مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید