المنشورات

حنين بن إِسْحَق

هُوَ أَبُو زيد حنين بن إِسْحَق الْعَبَّادِيّ بِفَتْح الْعين وَتَخْفِيف الْبَاء والعباد بِالْفَتْح قبائل شَتَّى من بطُون الْعَرَب اجْتَمعُوا على النَّصْرَانِيَّة بِالْحيرَةِ وَالنِّسْبَة إِلَيْهِم عبَادي قَالَ الشَّاعِر
(يسقيكها من بني الْعباد رشا ... منتسب عيده إِلَى الْأَحَد) المنسرح
وَكَانَ حنين بن إِسْحَق فصيحا لسنا بارعا شَاعِرًا
وَأقَام مُدَّة فِي الْبَصْرَة وَكَانَ شَيْخه فِي الْعَرَبيَّة الْخَلِيل بن أَحْمد
ثمَّ بعد ذَلِك انْتقل إِلَى بَغْدَاد واشتغل بصناعة الطِّبّ
قَالَ يُوسُف بن إِبْرَاهِيم أول مَا حصل لحنين بن إِسْحَق من الِاجْتِهَاد والعناية فِي صناعَة الطِّبّ هُوَ أَن مجْلِس يوحنا بن ماسويه كَانَ من أَعم مجْلِس يكون فِي التصدي لتعليم صناعَة الطِّبّ وَكَانَ يجْتَمع فِيهِ أَصْنَاف أهل الْأَدَب
قَالَ يُوسُف وَذَلِكَ أَنِّي كنت أَعهد حنين بن إِسْحَق الترجمان يقْرَأ على يوحنا ابْن ماسويه كتاب فرق الطِّبّ الموسوم بِاللِّسَانِ الرُّومِي والسرياني بهراسيس وَكَانَ حنين إِذْ ذَاك صَاحب سُؤال وَذَلِكَ يصعب على يوحنا
وَكَانَ يباعده أَيْضا من قلبه أَن حنينا كَانَ من أَبنَاء الصيارفة من أهل الْحيرَة وَأهل جندي سَابُور خَاصَّة ومتطببوها ينحرفون عَن أهل الْحيرَة ويكرهون أَن يدْخل فِي صناعتهم أَبنَاء التُّجَّار
فَسَأَلَهُ حنين فِي بعض الْأَيَّام عَن بعض مَا كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ مَسْأَلَة مستفهم لما يقْرَأ فحرد يوحنا وَقَالَ مَا لأهل الْحيرَة ولتعلم صناعَة الطِّبّ صر إِلَى فلَان قرابتك حَتَّى يهب لَك خمسين درهما تشتري مِنْهَا قفافا صغَارًا بدرهم وزرنيخا بِثَلَاثَة دَرَاهِم واشتر بِالْبَاقِي قلوسا كوفية وقادسية
وزرنخ الْقَادِسِيَّة فِي تِلْكَ القفاف واقعد على الطَّرِيق وَصَحَّ القلوس الْجِيَاد للصدقة وَالنَّفقَة
ربع القلوس فَإِنَّهُ أَعُود عَلَيْك من هَذِه الصِّنَاعَة
ثمَّ أَمر بِهِ فَأخْرج من دَاره فَخرج حنين باكيا مكروبا
وَغَابَ عَنَّا حنين فَلم نره سنتَيْن
وَكَانَ للرشيد جَارِيَة رُومِية يُقَال لَهَا خرشى وَكَانَت ذَات قدر عِنْده محلهَا مِنْهُ مَحل الخوازن
وَكَانَت لَهَا أُخْت أَو بنت أُخْت رُبمَا أَتَت الرشيد بالكسوة أَو بالشَّيْء مِمَّا خرشى خازنة عَلَيْهِ
فافتقدها الرشيد فِي بعض الاوقات وَسَأَلَ خرشي عَنْهَا فأعلمته انها زوجتها من قرَابَة لَهَا فَغَضب من ذَلِك وَقَالَ كَيفَ أقدمت على تَزْوِيج قرَابَة لَك أصل ابتياعك إِيَّاهَا من مَالِي فَهِيَ مَال من مَالِي بِغَيْر أُذُنِي
وَأمر سَلاما الأبرش بتعرف أَمر من تزَوجهَا وبتأديبه
فتعرف سَلام الْخَبَر حَتَّى وَقع على الزَّوْج فَلم يكلمهُ حِين ظفر بِهِ حَتَّى خصاه فبلي بالخصاء بعد أَن علقت الْجَارِيَة مِنْهُ
وَولدت الْجَارِيَة عِنْد مخرج الرشيد إِلَى طوس
وَكَانَت وَفَاة الرشيد بعد ذَلِك فتبنت خرشى ذَلِك الْغُلَام وأدبته بآداب الرّوم وَقِرَاءَة كتبهمْ
فتعلم اللِّسَان اليوناني علما كَانَت لَهُ فِيهِ رياسة
وَهُوَ إِسْحَق الْمَعْرُوف بِابْن الْخصي
فَكُنَّا نَجْتَمِع فِي مجَالِس أهل الْأَدَب كثيرا فَوَجَبَ لذَلِك حَقه وذمامه واعتل إِسْحَق ابْن الْخصي عِلّة فَأَتَيْته عَائِدًا فَإِنِّي لفي منزلَة إِذْ بصرت بِإِنْسَان لَهُ شَعْرَة قد جللته وَقد ستر وَجهه عني بِبَعْضِهَا وَهُوَ يتَرَدَّد وينشد شعرًا بالرومية لأوميرس رَئِيس شعراء الرّوم فشبهت نغمته بنغمة حنين
وَكَانَ الْعَهْد بحنين قبل ذَلِك الْوَقْت بِأَكْثَرَ من سنتَيْن فَقلت لإسحق بن الْخصي هَذَا حنين فَأنْكر ذَلِك إنكارا يشبه الْإِقْرَار فهتفت بحنين فَاسْتَجَاب لي
وَقَالَ ذكر ابْن رِسَالَة الفاعلة أَنه من الْمحَال أَن يتَعَلَّم الطِّبّ عبَادي وَهُوَ بَرِيء من دين النَّصْرَانِيَّة أَنه رَضِي أَن يتَعَلَّم الطِّبّ حَتَّى يحكم اللِّسَان اليوناني إحكاما لَا يكون فِي دهره من يحكمه أَحْكَامه
وَمَا أطلع عَليّ أحد غير أخي هَذَا وَلَو علمت أَنَّك تفهمني لاستترت عَنْك لكني عملت على أَن حيلتي قد تَغَيَّرت فِي عَيْنك وَأَنا أَسأَلك أَن تستر أَمْرِي فَبَقيت أَكثر من ثَلَاث سِنِين وَإِنِّي لأظنها أَرْبعا لم أره
ثمَّ إِنِّي دخلت يَوْمًا على جِبْرَائِيل بن بختيشوع وَقد انحدر من معسكر الْمَأْمُون قبل وَفَاته بِمدَّة يسيرَة فَوجدت عِنْده حنينا وَقد ترْجم لَهُ أقساما قسمهَا بعض الرّوم فِي كتاب من كتب جالينوس فِي التشريح وَهُوَ يخاطبه بالتبجيل وَيَقُول لَهُ يَا ربن حنين وَتَفْسِيره ربن الْمعلم
فأعظمت مَا رَأَيْت وَتبين ذَلِك جِبْرَائِيل فِي فَقَالَ لي لَا تستكثرن مَا ترى من تبجيلي هَذَا الْفَتى فوَاللَّه لَئِن مد لَهُ فِي الْعُمر ليفضحن سرجس وسرجس هَذَا الَّذِي ذكره جِبْرَائِيل هُوَ الرَّأْس عَيْني وَهُوَ أول من نقل شَيْئا من عُلُوم الرّوم إِلَى اللِّسَان السرياني وليفضحن غَيره من المترجمين
وَخرج من عِنْده حنين وأقمت طَويلا ثمَّ خرجت فَوجدت حنينا بِبَابِهِ ينْتَظر خروجي فَسلم عَليّ وَقَالَ لي قد كنت سَأَلتك ستر خبري والآن فَأَنا أَسأَلك إِظْهَاره وَإِظْهَار مَا سَمِعت من أبي عِيسَى وَقَوله فِي
فَقلت لَهُ أَنا مسود وَجه يوحنا بِمَا سَمِعت من مدح أبي عِيسَى لَك فَأخْرج من كمه نُسْخَة مَا كَانَ دَفعه إِلَى جِبْرَائِيل وَقَالَ لي تَمام سَواد وَجه يوحنا يكون بدفعك إِلَيْهِ هَذِه النُّسْخَة وسترك عَنهُ علم من نقلهَا فَإِذا رَأَيْته قد اشْتَدَّ عجبه بهَا أعلمهُ أَنه إخراجي
فَفعلت ذَلِك من يومي وَقبل انتهائي إِلَى منزلي
فَلَمَّا قَرَأَ يوحنا تِلْكَ الْفُصُول وَهِي الَّتِي تسميها اليونانيون الفاعلات كثر تعجبه وَقَالَ أَتَرَى الْمَسِيح أوحى فِي دَهْرنَا هَذَا إِلَى أحد فَقلت لَهُ فِي جَوَاب قَوْله مَا أوحى فِي هَذَا الدَّهْر وَلَا فِي غَيره إِلَى أحد وَلَا كَانَ الْمَسِيح إِلَّا أحد من يُوحى إِلَيْهِ
فَقَالَ لي دَعْنِي من هَذَا القَوْل لَيْسَ هَذَا الْإِخْرَاج إِلَّا إِخْرَاج مؤيد بِروح الْقُدس
فَقلت لَهُ هَذَا إِخْرَاج حنين بن إِسْحَق الَّذِي طردته من مَنْزِلك وأمرته أَن يَشْتَرِي قلوسا
فَحلف بِأَن مَا قلت لَهُ محَال
ثمَّ صدق القَوْل بعد ذَلِك وَأفضل عَلَيْهِ إفضالا كثيرا وَأحسن إِلَيْهِ وَلم يزل مبجلا لَهُ حَتَّى فَارَقت الْعرَاق
فِي سنة خمس وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
هَذَا جملَة مَا ذكره يُوسُف بن إِبْرَاهِيم
أَقُول ثمَّ أَن حنينا لَازم يوحنا بن ماسويه مُنْذُ ذَلِك الْوَقْت وتتلمذ لَهُ واشتغل عَلَيْهِ بصناعة الطِّبّ وَنقل حنين لِابْنِ ماسويه كتبا كَثِيرَة وخصوصا من كتب جالينوس بَعْضهَا إِلَى اللُّغَة السريانية وَبَعضهَا إِلَى الْعَرَبيَّة وَكَانَ حنين أعلم أهل زَمَانه باللغة اليونانية والسريانية والفارسية والدراية فيهم مِمَّا لَا يعرفهُ غَيره من النقلَة الَّذين كَانُوا فِي زَمَانه مَعَ مَا دأب أَيْضا فِي إتقان الْعَرَبيَّة والاشتغال بهَا حَتَّى صَار من جملَة المتميزين فِيهَا
وَلما رأى الْمَأْمُون الْمَنَام الَّذِي أخبر بِهِ أَنه رأى فِي مَنَامه كَأَن شَيخا بهي الشكل جَالس على مِنْبَر وَهُوَ يخْطب وَيَقُول أَنا أرسطوطاليس انتبه من مَنَامه وَسَأَلَ عَن أرسطوطاليس فَقيل لَهُ رجل حَكِيم من اليونانيين
فأحضر حنين بن إِسْحَق إِذْ لم يجد من يضاهيه فِي نَقله وَسَأَلَهُ نقل كتب الْحُكَمَاء اليونانيين إِلَى اللُّغَة الْعَرَبيَّة وبذل لَهُ من الْأَمْوَال والعطايا شَيْئا كثيرا
ونقلت من خطّ الْحسن بن الْعَبَّاس الْمَعْرُوف بالصناديقي رَحمَه الله قَالَ قَالَ أَبُو سُلَيْمَان سَمِعت يحيى بن عدي يَقُول قَالَ الْمَأْمُون رَأَيْت فِيمَا يرى النَّائِم كَانَ رجلا على كرْسِي جَالِسا فِي الْمجْلس الَّذِي أَجْلِس فِيهِ فتعاظمته وتهيبته وَسَأَلت عَنهُ فَقيل هُوَ أرسطوطاليس فَقلت أسأله عَن شَيْء فَسَأَلته فَقلت مَا الْحسن فَقَالَ مَا استحسنته الْعُقُول
فَقلت ثمَّ مَاذَا قَالَ مَا استحسنته الشَّرِيعَة
قلت ثمَّ مَاذَا قَالَ مَا استحسنه الْجُمْهُور
قلت ثمَّ مَاذَا قَالَ ثمَّ لَا ثمَّ
فَكَانَ هَذَا الْمَنَام من أوكد الْأَسْبَاب فِي إِخْرَاج الْكتب فَإِن الْمَأْمُون كَانَ بَينه وَبَين ملك الرّوم مراسلات وَقد استظهر عَلَيْهِ الْمَأْمُون فَكتب إِلَى ملك الرّوم يسْأَله الْإِذْن فِي إِنْفَاذ مَا يخْتَار من الْعُلُوم الْقَدِيمَة المخزونة بِبَلَد الرّوم فَأجَاب إِلَى ذَلِك بعد امْتنَاع
فَأخْرج الْمَأْمُون لذَلِك جمَاعَة مِنْهُم الْحجَّاج ابْن مطر وَابْن البطريق وسلما صَاحب بَيت الْحِكْمَة وَغَيرهم فَأخذُوا مِمَّا وجدوا مَا اخْتَارُوا فَلَمَّا حملوه إِلَيْهِ أَمرهم بنقله فَنقل
وَقد قيل إِن يوحنا بن ماسويه مِمَّن نفذ إِلَى بلد الرّوم
وأحضر الْمَأْمُون أَيْضا حنين ابْن إِسْحَق وَكَانَ فتي السن وَأمره بِنَقْل مَا يقدر عَلَيْهِ من كتب الْحُكَمَاء اليونانيين إِلَى الْعَرَبِيّ وَإِصْلَاح مَا يَنْقُلهُ غَيره فامتثل أمره
وَمِمَّا يحْكى عَنهُ أَن الْمَأْمُون كَانَ يُعْطِيهِ من الذَّهَب زنة مَا يَنْقُلهُ من الْكتب إِلَى الْعَرَبِيّ مثلا بِمثل
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان المنطقي السجتاني أَن بني شَاكر وهم مُحَمَّد وَأحمد وَالْحسن كَانُوا يرْزقُونَ جمَاعَة من النقلَة مِنْهُم حنين بن إِسْحَق وحبيش بن الْحسن وثابت بن قُرَّة وَغَيرهم فِي الشَّهْر نَحْو خَمْسمِائَة دِينَار للنَّقْل والملازمة
وَقَالَ حنين بن إِسْحَق أَنه سَافر إِلَى بِلَاد كَثِيرَة وَوصل إِلَى أقْصَى بِلَاد الرّوم لطلب الْكتب الَّتِي قصد نقلهَا
وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَق النديم فِي كتاب الفهرست سَمِعت إِسْحَق بن شهرام يحدث فِي مجْلِس عَام أَن بِبَلَد الرّوم هيكلا قديم الْبناء عَلَيْهِ بَاب لم ير قطّ أعظم مِنْهُ بمصراعين من حَدِيد كَانَ اليونانيون فِي الْقَدِيم عِنْد عِبَادَتهم الْكَوَاكِب والأصنام يعظمونه وَيدعونَ فِيهِ
قَالَ فَسَأَلت ملك الرّوم أَن يَفْتَحهُ لي فَامْتنعَ من ذَلِك لِأَنَّهُ أغلق مُنْذُ وَقت تنصرت الرّوم
فَلم أزل أراسله وأسأله شفاها عَن حضوري مَجْلِسه فَتقدم بفتحه فَإِذا ذَلِك الْبَيْت من المرمر والصخور الْعِظَام ألوانا وَعَلِيهِ من الكتابات والنقوش مَا لم أسمع بِمثلِهِ كَثْرَة وحسنا
وَفِي هَذَا الهيكل من الْكتب الْقَدِيمَة مَا يحمل على عدَّة أجمال وَكثر ذَلِك حَتَّى قَالَ ألف جمل بعض ذَلِك قد أخلق وَبَعضه على حَاله وَبَعضه قد أَكلته الأرضة
قَالَ وَرَأَيْت فِيهِ من آلَات القرابين من الذَّهَب وَغَيره أَشْيَاء ظريفة
قَالَ وأغلق الْبَاب بعد خروجي وامتن عَليّ بِمَا فعل معي وَذَلِكَ كَانَ فِي أَيَّام سيف الدولة بن حمدَان وَزعم أَن الْبَيْت على ثَلَاثَة أَيَّام من الْقُسْطَنْطِينِيَّة والمجاورون لذَلِك الْبَيْت قوم من الصابئة والكلدانيين وَقد أقرتهم الرّوم على مذاهبهم وَتَأْخُذ مِنْهُم الْجِزْيَة
أَقُول وَكَانَ كَاتب حنين رجل يعرف بالأزرق
وَقد رَأَيْت أَشْيَاء كَثِيرَة من كتب جالينوس وَغَيره بِخَطِّهِ وَبَعضهَا عَلَيْهِ تنكيت بِخَط حنين بن إِسْحَق باليوناني وعَلى تِلْكَ الْكتب عَلامَة الْمَأْمُون وَقَالَ عبيد الله بن جِبْرَائِيل بن بختيشوع فِي مَنَاقِب الْأَطِبَّاء أَن حنينا لما قوي أمره وانتشر ذكره بَين الْأَطِبَّاء واتصل خَبره بالخليفة أَمر بإحضاره
فَلَمَّا حضر اقْطَعْ إقطاعات حَسَنَة وَقرر لَهُ جَار جيد وَكَانَ يشعره بزبور الرّوم
وَكَانَ الْخَلِيفَة يسمع بِعِلْمِهِ وَلَا يَأْخُذ بقوله دَوَاء يصفه حَتَّى يشاور فِيهِ غَيره وَأحب امتحانه حَتَّى يَزُول مَا فِي نَفسه عَلَيْهِ ظنا مِنْهُ أَن ملك الرّوم رُبمَا كَانَ عمل شَيْئا من الْحِيلَة بِهِ
فاستدعاه يَوْمًا وَأمر بِأَن يخلع عَلَيْهِ وأحضر توقيعا فِيهِ إقطاع يشْتَمل على خمسين ألف دِرْهَم
فَشكر لَهُ حنين هَذَا الْفِعْل ثمَّ قَالَ بعد أَشْيَاء جرت أُرِيد أَن تصف لي دَوَاء يقتل عدوا نُرِيد قَتله وَلم يُمكن إشهاره ونريده سرا
فَقَالَ حنين يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي لم أتعلم إِلَّا الْأَدْوِيَة النافعة وَمَا علمت أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ يطْلب مني غَيرهَا فَإِن أحب أَن أمضي وأتعلم فعلت ذَلِك
فَقَالَ هَذَا شَيْء يطول ورغبه وهدده وَهُوَ لَا يزِيد على مَا قَالَه إِلَى أَن أَمر بحبسه فِي بعض القلاع ووكل بِهِ من يُوصل خَبره إِلَيْهِ وقتا بِوَقْت وَيَوْما بِيَوْم
فَمَكثَ سنة فِي حَبسه دأبه النَّقْل وَالتَّفْسِير والتصنيف وَهُوَ غير مكترث بِمَا هُوَ فِيهِ
فَلَمَّا كَانَ بعد سنة أَمر الْخَلِيفَة بإحضاره وإحضار أَمْوَال يرغبه فِيهَا وأحضر سَيْفا ونطعا وَسَائِر آلَات الْعُقُوبَات
فَلَمَّا حضر قَالَ هَذَا شَيْء قد كَانَ وَلَا بُد مِمَّا قلته لَك
فَإِن أَنْت فعلت فقد فزت بِهَذَا المَال وَكَانَ لَك عِنْدِي أضعافه
وَأَن امْتنعت قابلتك بشر مُقَابلَة وقتلتك شَرّ قتلة
فَقَالَ حنين قد قلت لأمير الْمُؤمنِينَ إِنِّي لم أحسن إِلَّا الشَّيْء النافع وَلم أتعلم غَيره
فَقَالَ الْخَلِيفَة فَإِنِّي أَقْتلك
قَالَ حنين لي رب يَأْخُذ بحقي غَدا فِي الْموقف الْأَعْظَم
فَإِن اخْتَار أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن يظلم نَفسه فَلْيفْعَل
فَتَبَسَّمَ الْخَلِيفَة وَقَالَ لَهُ يَا حنين طب نفسا وثق إِلَيْنَا
فَهَذَا الْفِعْل كَانَ منا لامتحانك لأَنا حذرنا من كيد الْمُلُوك وإعجابنا لننتفع بعلمك
فَقبل حنين الأَرْض وشكر لَهُ فَقَالَ لَهُ الْخَلِيفَة يَا حنين مَا الَّذِي مَنعك من الْإِجَابَة مَعَ مَا رَأَيْته من صدق عزيمتنا فِي الْحَالين فَقَالَ حنين شَيْئَانِ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ
قَالَ وَمَا هما قَالَ الدّين والصناعة
قَالَ فَكيف قَالَ الدّين يَأْمُرنَا بِفعل الْخَيْر والجميل مَعَ أَعْدَائِنَا فَكيف أَصْحَابنَا وأصدقائنا وَيبعد وَيحرم من لم يكن كَذَا
والصناعة تَمْنَعنَا من الْإِضْرَار بأبناء الْجِنْس لِأَنَّهَا مَوْضُوعَة لنفعهم ومقصورة على مصالحهم
وَمَعَ هَذَا فقد جعل الله فِي رِقَاب الْأَطِبَّاء عهدا مؤكدا بأيمان مُغَلّظَة أَن لَا يُعْطوا دَوَاء قتالا وَلَا مَا يُؤْذِي
فَلم أر أَن أُخَالِف هذَيْن الْأَمريْنِ من الشريعتين
ووطنت نَفسِي على الْقَتْل فَإِن الله مَا كَانَ يضيع من بذل نَفسه فِي طَاعَته وَكَانَ يثيبني
فَقَالَ الْخَلِيفَة إنَّهُمَا لشريعتان جليلتان
وَأمر بِالْخلْعِ فخلعت عَلَيْهِ وَحمل المَال بَين يَدَيْهِ وَخرج من عِنْده وَهُوَ أحسن النَّاس حَالا وجاها
أَقُول وَكَانَ لحنين ولدان داؤد وَإِسْحَق
وصنف لَهما كتبا طبية فِي المبادي والتعليم وَنقل لَهما كتبا كَثِيرَة من كتب جالينوس
فَأَما داؤد فَإِنِّي لم أجد لَهُ شهرة بِنَفسِهِ بَين الْأَطِبَّاء وَلَا يُوجد لَهُ من الْكتب مَا يدل على براعته وَعلمه وَإِن كَانَ الَّذِي يُوجد لَهُ إِنَّمَا هُوَ كناش وَاحِد
وَمَا إِسْحَق فَإِنَّهُ اشْتهر وتميز فِي صناعَة الطِّبّ وَله تصانيف كَثِيرَة
وَنقل إِسْحَق من الْكتب اليونانية إِلَى اللُّغَة الْعَرَبيَّة كتبا كَثِيرَة إِلَّا أَن جلّ عنايته كَانَت مصروفة إِلَى نقل الْكتب الْحكمِيَّة مثل كتب أرسطوطاليس وَغَيره من الْحُكَمَاء
وَأما حنين أَبوهُ فَكَانَ مهتما بِنَقْل الْكتب الطبية وخصوصا كتب جالينوس حَتَّى أَنه فِي غَالب الْأَمر لَا يُوجد شَيْء من كتب جالينوس إِلَّا وَهِي بِنَقْل حنين أَو بإصلاحه لما نقل غَيره
فَإِن رُؤِيَ شَيْء مِنْهَا وَقد تفرد بنقله غَيره من النقلَة مثل أسطاث وَابْن بكس والبطريق وَأبي سعيد عُثْمَان الدِّمَشْقِي وَغَيرهم فَإِنَّهُ لَا يعتنى بِهِ وَلَا يرغب فِيهِ كَمَا يكون بِنَقْل حنين وإصلاحه
وَإِنَّمَا ذَلِك لفصاحته وبلاغته ولمعرفته أَيْضا بآراء جالينوس ولتمهره فِيهَا
وَوجدت بعض الْكتب السِّت عشرَة لِجَالِينُوسَ وَقد نقلهَا من الرومية إِلَى السريانية سرجس المتطبب ونقلها من السريانية إِلَى الْعَرَبيَّة مُوسَى بن خَالِد الترجمان فَلَمَّا طالعتها وتأملت ألفاظها تبين لي بَين نقلهَا وَبَين السِّت عشرَة الَّتِي هِيَ نقل حنين تبَاين كثير وتفاوت بَين
وَأَيْنَ الألكن من البليغ وَالثَّرَى من الثريا
وَكَانَ حنين أَيْضا ماهرا فِي صناعَة الْكحل وَله تصانيف مَشْهُورَة بالجودة فِيهَا
وحَدثني الشيح شهَاب الدّين عبد الْحق الصّقليّ النَّحْوِيّ أَن حنين بن إِسْحَق كَانَ يشْتَغل فِي الْعَرَبيَّة مَعَ سِيبَوَيْهٍ وَغَيره مِمَّن كَانُوا يشتغلون على الْخَلِيل بن أَحْمد وَهَذَا لَا يبعد فَإِنَّهُمَا كَانَا فِي وَقت وَاحِد على زمَان الْمَأْمُون
وإننا نجد فِي كَلَامه وَفِي نَقله مَا يدل على فَصَاحَته وفضله فِي الْعَرَبيَّة وَعلمه بهَا حَتَّى أَن لَهُ تصانيف فِي ذَلِك
وَقَالَ سُلَيْمَان بن حسان أَن حنينا نَهَضَ من بَغْدَاد إِلَى أَرض فَارس وَكَانَ الْخَلِيل بن أَحْمد النَّحْوِيّ بِأَرْض فَارس فَلَزِمَهُ حنين حَتَّى برع فِي لِسَان الْعَرَب وَأدْخل كتاب الْعين بَغْدَاد ثمَّ اختير للتَّرْجَمَة وأؤتمن عَلَيْهَا وَكَانَ المتخير لَهُ المتَوَكل على الله
وَوضع لَهُ كتابا نحارير عَالمين بالترجمة كَانُوا يترجمون ويتصفح مَا ترجموا كاصطفن بن بسيل ومُوسَى بن خَالِد الترجمان
قَالَ وخدم حنين بالطب المتَوَكل على الله وحظي فِي أَيَّامه وَكَانَ يلبس زنارا وَتعلم لِسَان اليونانيين بالإسكندرية وَكَانَ جَلِيلًا فِي تَرْجَمته وَهُوَ الَّذِي أوضح مَعَاني كتب أبقراط وجالينوس ولخصها أحسن تَلْخِيص وكشف مَا استغلق مِنْهَا وأوضح مشكلها
وَله تواليف نافعة مثقفة بارعه
وَعمد إِلَى كتب جالينوس فاحتذى فِيهَا حَذْو الإسكندرانيين وصنعها على سَبِيل الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب فَأحْسن فِي ذَلِك
وَقَالَ حنين بن إِسْحَق عَن نَفسه أَن جَمِيع مَا قد كَانَ يملكهُ من الْكتب ذهب حَتَّى لم يبْق عِنْده مِنْهَا وَلَا كتاب وَاحِد ذكر ذَلِك فِي مقَالَته فِي فهرست كتب جالينوس
وَقَالَ أَبُو عَليّ القباني كَانَ حنين فِي كل يَوْم عِنْد نُزُوله من الرّكُوب يدْخل الْحمام فَيصب عَلَيْهِ المَاء وَيخرج فيلتف بقطيفة وَقد أعد لَهُ هناب من فضَّة فِيهِ رَطْل شراب وكعكة مثرودة فيأكلها وَيشْرب الشَّرَاب ويطرح نَفسه حَتَّى يَسْتَوْفِي عرقه
وَرُبمَا نَام ثمَّ يقوم ويتبخر وَيقدم لَهُ طَعَامه وَهُوَ فروج كَبِير مسمن قد طبخ زيرباجه ورغيف فِيهِ مِائَتَا دِرْهَم فيحسو من المرق ثمَّ يَأْكُل الْفروج وَالْخبْز وينام
فَإِذا انتبه شرب أَرْبَعَة أَرْطَال شرابًا عتيقا وَلم يذقْ غير هَذَا طول عمره
فَإِذا اشْتهى الْفَاكِهَة الرّطبَة أكل التفاح الشَّامي وَالرُّمَّان والسفرجل
وَقَالَ أَحْمد بن الطّيب السَّرخسِيّ فِي كتاب اللَّهْو والملاهي قَالَ حنين المتطبب وافاني فِي بعض اللَّيَالِي أَيَّام المتَوَكل رسل من دَار الْخَلِيفَة يطلبوني وَيَقُولُونَ الْخَلِيفَة يُرِيدُكَ ثمَّ وافت بعدهمْ طَائِفَة ثمَّ وافاني زرافة فَأَخْرجنِي من فِرَاشِي وَمضى بِي ركضا حَتَّى أدخلني إِلَى الْخَلِيفَة
فَقَالَ يَا سَيِّدي هوذا حنين
قَالَ فَقَالَ ادفعوا إِلَى زرافة مَا ضمنا لَهُ
قَالَ فَدفع إِلَيْهِ ثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم
ثمَّ أقبل عَليّ فَقَالَ أَنا جَائِع فَمَا ترى فِي الْعشَاء فَقلت لَهُ فِي ذَلِك قولا
فَلَمَّا فرغ من أكله سَأَلت عَن الْخَبَر
فَقيل لي أَن مغنيا غناهُ صَوتا فَسَأَلَهُ لمن هُوَ فَقَالَ لحنين بن بلوع الْعَبَّادِيّ
فَأمر زرافة بإحضار حنين بن بلوع الْعَبَّادِيّ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا أعرفهُ
فَقَالَ لَا بُد مِنْهُ وَأَن أحضرته فلك ثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم
قَالَ فأحضرني وَنسي المتَوَكل السَّبَب بِمَا كَانَ فِي رَأسه من النَّبِيذ وَحَضَرت وَقد جَاع فأشرت عَلَيْهِ بِأَن يقطع النَّبِيذ ويتعشى وينام فَفعل
أَقُول وَكَانَ مولد حنين فِي سنة مائَة وَأَرْبع وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وَتُوفِّي فِي زمَان الْمُعْتَمد على الله وَذَلِكَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء أول كانون الأول من سنة ألف وَمِائَة وثمان وَثَمَانِينَ للإسكندر وَهُوَ لست خلون من صفر سنة مِائَتَيْنِ وَأَرْبع وَسِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ وَكَانَت مُدَّة حَيَاته سبعين سنة وَقيل إِنَّه مَاتَ بالذرب
وَقَالَ سُلَيْمَان بن حسان الْمَعْرُوف بِابْن جلجل أَن حنين بن إِسْحَق مَاتَ بالغم من ليلته فِي أَيَّام المتَوَكل
قَالَ حَدثنِي بذلك وَزِير أَمِير الْمُؤمنِينَ الحكم الْمُسْتَنْصر بِاللَّه قَالَ قَالَ كنت مَعَ أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمُسْتَنْصر فَجرى الحَدِيث فَقَالَ أتعلمون كَيفَ كَانَ موت حنين بن إِسْحَق قُلْنَا لَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ
قَالَ خرج المتَوَكل على الله يَوْمًا وَبِه خمار فَقعدَ فِي مَقْعَده فَأَخَذته الشَّمْس وَكَانَ بَين يَدَيْهِ الطيفوري النَّصْرَانِي الطَّبِيب وحنين بن إِسْحَق
فَقَالَ لَهُ الطيفوري يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الشَّمْس تضر بالخمار فَقَالَ المتَوَكل لحنين مَا عنْدك فِيمَا قَالَ فَقَالَ حنين يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا تضر بالخمار
فَلَمَّا تناقضا بَين يَدَيْهِ طلب كشفهما عَن صِحَة أحد الْقَوْلَيْنِ
فَقَالَ حنين يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الْخمار حَال للمخمور وَالشَّمْس لَا تضر بالخمار إِنَّمَا تضر المخمور
فَقَالَ المتَوَكل لقد أحرز من طبائع الْأَلْفَاظ وتحديد الْمعَانِي مَا فاق بِهِ نظراءه
فَوَجَمَ لَهَا الطيفوري فَلَمَّا كَانَ فِي غَد ذَلِك الْيَوْم أخرج حنين من كمه كتابا فِيهِ صُورَة الْمَسِيح مصلوبا وصور نَاس حوله فَقَالَ لَهُ الطيفوري يَا حنين هَؤُلَاءِ صلبوا الْمَسِيح قَالَ نعم فَقَالَ لَهُ ابصق عَلَيْهِم
قَالَ حنين لَا أفعل
قَالَ الطيفوري وَلم قَالَ لأَنهم لَيْسُوا الَّذين صلبوا الْمَسِيح إِنَّمَا هِيَ صور فَاشْتَدَّ ذَلِك على الطيفوري وَرَفعه إِلَى المتَوَكل يسْأَله إِبَاحَة الحكم عَلَيْهِ بديانة النَّصْرَانِيَّة
فَبعث إِلَى الجاثليق والأساقفة وسئلوا عَن ذَلِك فأوجبوا اللَّعْنَة على حنين فلعن سبعين لعنة بِحَضْرَة الْمَلأ من النَّصَارَى وَقطع زناره وَأمر المتَوَكل أَن لَا يصل إِلَيْهِ دَوَاء من قبل حنين حَتَّى يستشرف على عمله الطيفوري
وَانْصَرف حنين إِلَى دَاره فَمَاتَ من ليلته
فَيُقَال مَاتَ غما وأسفا
أَقُول هَذِه حِكَايَة ابْن جلجل وَكَذَلِكَ أَيْضا وجدت أَحْمد بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم قد ذكر فِي رسَالَته فِي الْمُكَافَأَة مَا يُنَاسب هَذِه الْحِكَايَة عَن حنين
وَالأَصَح فِي ذَلِك أَن بختيشوع بن جِبْرَائِيل كَانَ يعادي حنين بن إِسْحَق ويحسده على علمه وفضله وَمَا هُوَ عَلَيْهِ من جودة النَّقْل وعلو الْمنزلَة
فاحتال عَلَيْهِ بخديعة عِنْد المتَوَكل وَتمّ مكره عَلَيْهِ حَتَّى أوقع المتَوَكل بِهِ وحبسه
ثمَّ إِن الله تَعَالَى فرج عَنهُ وَظهر مَا كَانَ احتال بِهِ عَلَيْهِ بختيشوع بن جِبْرَائِيل وَصَارَ حنين حظيا عِنْد المتَوَكل وفضله على بختيشوع وعَلى غَيره من سَائِر المتطببين
وَلم يزل على ذَلِك فِي أَيَّام المتَوَكل إِلَى أَن مرض حنين فِيمَا بعد الْمَرَض الَّذِي توفّي فِيهِ وَذَلِكَ فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
وَتبين لي جملَة مَا يحْكى عَن حنين من ذَلِك وَصَحَّ عِنْدِي من رِسَالَة وجدت حنين بن إِسْحَق قد ألفها فِيمَا أَصَابَهُ من المحن والشدائد من الَّذين ناصبوه الْعَدَاوَة من أشرار أطباء زَمَانه الْمَشْهُورين
وَهَذَا نَص قَوْله
قَالَ حنين بن إِسْحَق إِنَّه لَحِقَنِي من أعدائي ومضطهدي الْكَافرين بنعمتي الجاحدين لحقي الظَّالِمين لي المتعدين عَليّ من المحن والمصائب والشرور مَا مَنَعَنِي من النّوم وأسهر عَيْني وأشغلني عَن مهماتي
وكل ذَلِك من الْحَسَد لي على علمي وَمَا وهبه الله عز وَجل لي من علو الْمرتبَة على أهل زماني
وَأكْثر أُولَئِكَ أَهلِي وأقربائي فَإِنَّهُم أول شروري وَابْتِدَاء محني
ثمَّ من بعدهمْ الَّذِي عَلَّمْتهمْ وأقرأتهم وأحسنت إِلَيْهِم وأرقدتهم وفضلتهم على جمَاعَة أهل الْبَلَد من أهل الصِّنَاعَة وَقربت إِلَيْهِم عُلُوم الْفَاضِل جالينوس فكافأوني عوض المحاسن مساوئ بِحَسب مَا أوجبته طباعهم
وبلغوا بِي إِلَى أقبح مَا يكون من إذاعة أوحش الْأَخْبَار وكتمان جليل الْأَسْرَار حَتَّى ساءت بِي الظنون وامتدت إِلَيّ الْعُيُون وَوضع عَليّ الرصد حَتَّى أَنه كَانَ يحصي عَليّ ألفاظي وَيكثر إتهامي بِمَا دق مِنْهَا مِمَّا لَيْسَ غرضي فِيهِ مَا أومأوا إِلَيْهِ فأوقعوا بغضتي فِي نفوس سَائِر أهل الْملَل فضلا عَن أهل مذهبي
وعملت لي الْمجَالِس بالتأويلات الرذلة
وَكلما اتَّصل ذَلِك بِي حمدت الله حمدا جَدِيدا وَصَبَرت على مَا قد دفعت إِلَيْهِ
فآلت الْقَضِيَّة بِي إِلَى أَن بقيت بِأَسْوَأ مَا يكون من الْحَال من الْإِضَافَة والضر مَحْبُوسًا مضيقا عَليّ مُدَّة من الزَّمَان لَا تصل يَدي إِلَى شَيْء من ذهب وَلَا فضَّة وَلَا كتاب
وَبِالْجُمْلَةِ وَلَا ورقة انْظُر فِيهَا
ثمَّ إِن الله عز وَجل نظر إِلَيّ بِعَين رَحمته فجدد لي نعمه وردني إِلَى مَا كنت عَارِفًا بِهِ من فَضله
وَكَانَ سَبَب رد نعمتي إِلَيّ بعض من كَانَ قد الْتزم عَدَاوَتِي واختص بهَا
وَمن هَهُنَا صَحَّ مَا قَالَه جالينوس أَن الأخيار من النَّاس قد يَنْتَفِعُونَ بأعدائهم الأشرار فلعمري لقد كَانَ ذَلِك أفضل الْأَعْدَاء
وَأَنا الْآن مبتدئ بِذكر مَا جرى على مِمَّا تقدم ذكره فَأَقُول كَيفَ لَا أبْغض وَيكثر حاسدي وَيكثر ثلبي فِي مجَالِس ذَوي الْمَرَاتِب ويبذل فِي قَتْلِي الْأَمْوَال ويعز من شَتَمَنِي ويهان من أكرمني كل ذَلِك بِغَيْر جرم لي إِلَى وَاحِد مِنْهُم وَلَا جِنَايَة لكِنهمْ لما رأوني فَوْقهم وعاليا عَلَيْهِم بِالْعلمِ وَالْعَمَل ونقلي إِلَيْهِم الْعُلُوم الفاخرة من اللُّغَات الَّتِي لَا يحسنونها وَلَا يَهْتَدُونَ إِلَيْهَا وَلَا يعْرفُونَ شَيْئا مِنْهَا فِي نِهَايَة مَا يكون من حسن الْعبارَة والفصاحة وَلَا نقص فِيهَا وَلَا زلل وَلَا ميل لأحد من الْملَل وَلَا استغلاق وَلَا لحن بِاعْتِبَار أَصْحَاب البلاغة من الْعَرَب الَّذين يقومُونَ بِمَعْرِِفَة وُجُوه النَّحْو والغريب وَلَا يعثرون على سَيِّئَة وَلَا شكْلَة وَلَا معنى لَكِن بأعذب مَا يكون عَن اللَّفْظ وأقربه إِلَى الْفَهم
يسمعهُ من لَيْسَ صناعته الطِّبّ وَلَا يعرف شَيْئا من طرقات الفلسفة وَلَا من ينتحل ديانَة النَّصْرَانِيَّة وكل الْملَل فيستحسنه وَيعرف قدره حَتَّى أَنهم قد يغرمون على مَا كَانَ من الَّذِي أنقل الْأَمْوَال الْكَثِيرَة إِذْ كَانُوا يفضلون هَذَا النَّقْل على نقل كل من قبلي
وَأَيْضًا فَأَقُول وَلَا أخطئ أَن سَائِر أهل الْأَدَب وَإِن اخْتلفت مللهم محبون لي ماثلون إِلَيّ مكرمون لي يَأْخُذُونَ مَا أفيدهم بشكر ويجازوني بِكُل مَا يصلونَ إِلَيْهِ من الْجَمِيل
فَأَما هَؤُلَاءِ الْأَطِبَّاء النَّصَارَى الَّذين أَكْثَرهم تعلمُوا بَين يَدي نشأوا قدامي هم الَّذين يرومون سفك دمي على أَنهم لَا بُد لَهُم مني
فَمرَّة يَقُولُونَ من هُوَ حنين إِنَّمَا حنين ناقل لهَذِهِ الْكتب ليَأْخُذ على نَقله الْأُجْرَة كَمَا يَأْخُذ الصناع الْأُجْرَة على صناعتهم وَلَا فرق عندنَا بَينه وَبينهمْ لِأَن الْفَارِس قد يعْمل لَهُ الْحداد السَّيْف فِي الْمثل بِدِينَار وَيَأْخُذ هُوَ من أَجله فِي كل شهر مائَة دِينَار
فَهُوَ خَادِم لأدائنا وَلَيْسَ هُوَ عَامل بهَا
كَمَا أَن الْحداد وَإِن كَانَ يحسن صَنْعَة السَّيْف إِلَّا أَنه لَيْسَ يحسن يعْمل بِهِ فَمَا للحداد وَطلب الفروسية كَذَلِك هَذَا النَّاقِل مَاله وَالْكَلَام فِي صناعَة الطِّبّ وَلم يحكم فِي عللها وأمراضها وَإِنَّمَا قَصده فِي ذَلِك التَّشْبِيه بِنَا ليقال حنين الطَّبِيب وَلَا يُقَال حنين النَّاقِل
والأجود لَهُ لَو أَنه لزم صناعته وَأمْسك عَن ذكر صناعتنا لقد كَانَ يكون أجدى عَلَيْهِ فِيمَا كُنَّا سنوصله إِلَيْهِ من أَمْوَالنَا ونحسن إِلَيْهِ مَا أمكننا وَذَلِكَ يتم لَهُ بترك أَخذ الْمجْلس وَالنَّظَر فِي قَوَارِير المَاء وَوصف الْأَدْوِيَة
وَيَقُولُونَ أَن حنينا مَا يدْخل إِلَى مَوضِع من الدّور الْخَاصَّة والعامة إِلَّا يهزؤون بِهِ ويتضاحكون مِنْهُ عِنْد خُرُوجه
فَكنت كلما سَمِعت شَيْئا من هَذَا ضَاقَ بِهِ صَدْرِي وهممت أَن أقتل نَفسِي من الغيظ والزرد
وَمَا كَانَ لي إِلَيْهِم سَبِيل إِذْ كَانَ الْوَاحِد لَا يَسْتَوِي لَهُ مقاومة الجامعة عِنْد تظافرهم عَلَيْهِ لكني كنت أضمر وَأعلم أَن حسدهم هُوَ الَّذِي يَدعُوهُم إِلَى سَائِر الْأَشْيَاء وَإِن كَانَ لَا يخفى عَلَيْهِم قبحها
فَإِن الْحَسَد لم يزل بَين النَّاس على قديم الْأَيَّام حَتَّى من يعْتَقد الدّيانَة قد يعلم أَن أول حَاسِد كَانَ فِي الأَرْض قابيل فِي قَتله لِأَخِيهِ هابيل لما لم يقبل الله قربانه وَقبل قرْبَان هابيل
وَمَا لم يزل قَدِيما فَلَيْسَ بعجب أَن أكون أَنا أَيْضا أحد من يُؤْذى بِسَبَبِهِ
وَقد يُقَال كفى بالحاسد حسده وَيُقَال إِن الْحَاسِد يقتل نَفسه قبل عدوه وَلَقَد أكثرت الْعَرَب ذكر الْحَسَد فِي الشّعْر ونظموا فِيهِ الأبيات مِنْهَا قَول بَعضهم
(أَن يحسدوني فَإِنِّي غير لائمهم ... قبلي من النَّاس أهل الْفضل قد حسدوا) 
(فدام لي وَلَهُم مَا بِي وَمَا بهم ... وَمَات أكثرنا غيظا بِمَا يجد)
(أَنا الَّذِي يجدوني فِي صُدُورهمْ ... لَا أرتقي صعدا مِنْهَا وَلَا أرد) الْبَسِيط
وَقد قَالَ قَائِل هَذَا وَغَيره فِي مثل هَذَا مِمَّا يطول ذكره مَعَ قلت الْفَائِدَة فِيهِ وَهَذَا أَيْضا مَعَ أَن أَكْثَرهم إِذا دهمهم الْأَمر فِي مرض صَعب فَإِلَيَّ يصير حَتَّى يتَحَقَّق مَعْرفَته مني وَيَأْخُذ عني لَهُ صفة دوائه وتدبيره ويتبين الصّلاح فِيمَا أَمر بِهِ أَن يعْمل لَا مرّة وَلَا مرَارًا
وَهَذَا الَّذِي يجيئني ويقتدي برأيي هُوَ أَشد النَّاس عَليّ غيظا وَأَكْثَرهم لي ثلبا
وَلَيْسَ أزيدهم على أَن أحكم رب الْكل بيني وَبينهمْ
وَإِنَّمَا سكوتي عَنْهُم لأَنهم لَيْسَ هم وَاحِدًا وَلَا اثْنَيْنِ وَلَا ثَلَاثَة بل هم سِتَّة وَخَمْسُونَ رجلا جُمْلَتهمْ من أهل الْمَذْهَب محتاجون إِلَيّ وَأَنا غير مُحْتَاج إِلَيْهِم
وَأَيْضًا فَإِن إثرتهم مَعَ كثرتهم قَوِيَّة بِخِدْمَة الْخُلَفَاء وهم أَصْحَاب المملكة وَأَنا فأضعف عَنْهُم من وَجْهَيْن أَحدهمَا وَحْدَتي وَالثَّانيَِة أَن الَّذين يعنون بِي من النَّاس محتاجون إِلَى الأَصْل الَّذِي يعْنى بأعدائي الَّذِي هُوَ أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمَعَ هَذَا كُله لَا أَشْكُو إِلَى أحد مَا أَنا عَلَيْهِ وَإِن كَانَ عَظِيما بل أبوح بشكرهم فِي المحافل وَعند الرؤساء
فَإِن قيل لي إِنَّهُم يثلبونك وينتقصون بك فِي مجَالِسهمْ ادْفَعْ ذَلِك وَأرى أَنِّي غير مُصدق شَيْء مِمَّا يُقَال لي بل أَقُول أَنا نَحن شَيْء وَاحِد تجمعنا الدّيانَة والبلدة والصناعة
فَمَا أصدق أَن مثلهم يذكر أحدا من النَّاس فضلا عني بِسوء فَإِذا سمعُوا عني مثل هَذَا القَوْل قَالُوا قد جزع وَأعْطى من نَفسه الصمَّة
وَكلما ثلبوني زِدْت فِي الشُّكْر لَهُم
وَأَنا الْآن ذَاكر هَهُنَا آخر الْآبَار الَّتِي حفروها لي سوى مَا كَانَ لي مَعَهم قَدِيما خَاصَّة مَعَ بني مُوسَى والج الينوسيين والبقراطيين فِي أَمر البهت الأول
وَهَذِه قصَّة المحنة الْأَخِيرَة الْقَرِيبَة وَهِي أَن بختيشوع بن جِبْرَائِيل المتطبب عمل على حِيلَة تمت لَهُ عَليّ وأمكنته مني إِرَادَته فِي
وَذَلِكَ أَنه اسْتعْمل قونة عَلَيْهَا صُورَة السيدة مار مَرْيَم وَفِي حجرها سيدنَا الْمَسِيح وَالْمَلَائِكَة قد احتاطوا بهَا وعملها فِي غَايَة مَا يكون من الْحسن وَصِحَّة الصُّورَة بعد أَن غرم عَلَيْهَا من المَال شَيْئا كثيرا
ثمَّ حملهَا إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ المتَوَكل وَكَانَ هُوَ الْمُسْتَقْبل لَهَا من يَد الْخَادِم الْحَامِل لَهَا وَهُوَ الَّذِي وَضعهَا بَين يَدي المتَوَكل
فاستحسنها المتَوَكل جدا وَجعل بختيشوع يقبلهَا بَين يَدَيْهِ مرَارًا كَثِيرَة
فَقَالَ لَهُ المتَوَكل لم تقبلهَا فَقَالَ لَهُ يَا مَوْلَانَا إِذا لم أقبل صُورَة سيدة الْعَالمين فَمن أقبل فَقَالَ لَهُ المتَوَكل وكل النَّصَارَى هَكَذَا يَفْعَلُونَ فَقَالَ نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأفضل مني لِأَنِّي أَنا قصرت حَيْثُ أَنا بَين يَديك
وَمَعَ تفضيلنا معشر النَّصَارَى فَإِنِّي أعرف رجلا فِي خدمتك وأفضالك وأرزاقك جَارِيَة عَلَيْهِ من النَّصَارَى يتهاون بهَا ويبصق عَلَيْهَا وَهُوَ زنديق ملحد لَا يقر بالوحدانية وَلَا يعرف آخِرَة يسْتَتر بالنصرانية وَهُوَ معطل مكذب بالرسل
فَقَالَ لَهُ المتَوَكل من هَذَا الَّذِي هَذِه صفته فَقَالَ لَهُ حنين المترجم
فَقَالَ المتَوَكل أوجه أحضرهُ فَإِن كَانَ الْأَمر على مَا وصفت نكلت بِهِ وخلدته المطبق مَعَ مَا أتقدم بِهِ فِي أمره من التَّضْيِيق عَلَيْهِ وتجديد الْعَذَاب
فَقَالَ أَنا أحب أَن يُؤَخر مولَايَ أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى أَن أخرج وأقيم سَاعَة ثمَّ تَأمر بإحضاره
فَقَالَ إِنِّي أفعل ذَلِك
فَخرج بختيشوع من الدَّار وَجَاءَنِي فَقَالَ يَا أَبَا زيد أعزّك الله يَنْبَغِي أَن تعلم أَنه قد أهْدى إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ قونة قد عظم عجبه بهَا وأحسبها من صور الشَّام وَقد استحسنها جدا
وَأَن نَحن تركناها عِنْده ومدحناها بَين يَدَيْهِ تولع بِنَا بهَا فِي كل وَقت
وَقَالَ هَذَا ربكُم وَأمه مصورين
وَقد قَالَ لي أَمِير الْمُؤمنِينَ انْظُر إِلَى هَذِه الصُّورَة مَا أحْسنهَا وأيش تَقول فِيهَا فَقلت لَهُ صُورَة مثلهَا يكون فِي الحمامات وَفِي البيع وَفِي الْمَوَاضِع المصورة
وَهَذَا مِمَّا لَا نبالي بِهِ وَلَا نلتفت إِلَيْهِ
فَقَالَ وَلَيْسَ هِيَ عنْدك شَيْء قلت لَا قَالَ فَإِن تكن صَادِقا فأبصق عَلَيْهَا فبصقت وَخرجت من عِنْده وَهُوَ يضْحك ويعطعط بِي
وَإِنَّمَا فعلت ذَلِك ليرمي بهَا وَلَا يكثر الولع بِنَا بِسَبَبِهَا ويميزنا دَائِما
وَلَا سِيمَا أَن حرد أحد من ذَلِك فَإِن الولع يكون أَزِيد
وَالصَّوَاب أَن دَعَا بك وسألك عَن مثل مَا سَأَلَني أَن تفعل كَمَا فعلت أَنا
فَإِنِّي قد عملت على لِقَاء سَائِر من يدْخل إِلَيْهِ من أَصْحَابنَا وأتقدم إِلَيْهِم أَن يَفْعَلُوا مثل ذَلِك
فَقبلت مَا وصاني بِهِ وَجَازَت عَليّ سخريته وَانْصَرف
فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَة حَتَّى جَاءَنِي رَسُول أَمِير الْمُؤمنِينَ فأخذني إِلَيْهِ
فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ إِذْ القونة مَوْضُوعَة بَين يَدَيْهِ فَقَالَ لي يَا حنين ترى مَا أحسن هَذِه الصُّورَة وأعجبها فَقلت وَالله إِنَّه لَكمَا ذكر أَمِير الْمُؤمنِينَ
فَقَالَ فأيش تَقول فِيهَا فَقَالَ أَو لَيْسَ هِيَ صُورَة ربكُم وَأمه فَقلت معَاذ الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أإن لله تَعَالَى صُورَة أَو يصور وَلَكِن هَذَا مِثَال فِي سَائِر الْمَوَاضِع الَّتِي فِيهَا الصُّور
فَقَالَ فَهَذِهِ لَا تَنْفَع وَلَا تضر
فَقلت هُوَ كَذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ
فَقَالَ فَإِن كَانَ الْأَمر على مَا ذكرت فأبصق عَلَيْهَا
فبصقت عَلَيْهَا فللوقت أَمر بحبسي
وَوجه إِلَى ثوذسيس الجاثليق فَأحْضرهُ
فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ وَرَأى القونة مَوْضُوعَة بَين يَدَيْهِ وَقع عَلَيْهَا قبل أَن يَدْعُو لَهُ فأعتنقها وَلم يزل يقبلهَا ويبكي طَويلا
فَذهب الخدم ليمنعوه فَأمر بِتَرْكِهِ
فَلَمَّا قبلهَا طَويلا على تيك الْحَالة أَخذهَا بِيَدِهِ وَقَامَ قَائِما فَدَعَا لأمير الْمُؤمنِينَ وَأَطْنَبَ فِي دُعَائِهِ فَرد عَلَيْهِ وَأمره بِالْجُلُوسِ
فَجَلَسَ وَترك القونة فِي حجره
فَقَالَ لَهُ المتَوَكل أَي فعل هَذَا تَأْخُذ شَيْئا كَانَ بَين يَدي وتتركه فِي حجرك عَن غير إذني فَقَالَ لَهُ الجاثليق نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنا أَحَق بِهَذِهِ الَّتِي بَين يَديك
وَإِن كَانَ لأمير الْمُؤمنِينَ أَطَالَ الله بَقَاءَهُ أفضل الْحُقُوق غير أَن ديانتي لم تدعني أَن أدع صُورَة ساداتي مرمية على الأَرْض وَفِي مَوضِع لَا يعرف مقدارها بل لَعَلَّه أَن يعرف لَهَا قدره لِأَن هَذِه حَقّهَا أَن تكون فِي مَوضِع يعرف فِيهِ حَقّهَا ويسرج بَين يَديهَا أفضل الأدهان من حَيْثُ لَا تطفأ قناديلها مَعَ مَا يبخر بِهِ بَين يَديهَا من أطابيب البخور فِي أَكثر الْأَوْقَات
فَقَالَ أَمِير الْمُؤمنِينَ فدعها فِي حجرك الْآن فَقَالَ الجاثليق إِنِّي أسأَل مولَايَ أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن يجود بهَا عَليّ وَيعْمل على أَنه قد يقطعني مَا مِقْدَار قِيمَته مائَة ألف دِينَار فِي كل سنة حَتَّى أَقْْضِي من حَقّهَا مَا يجب عَليّ ثمَّ يسألني أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا أحب بعد ذَلِك فِيمَا أرسل إِلَيّ بِسَبَبِهِ
فَقَالَ لَهُ قد وهبتها لَك وَأَنا أُرِيد أَن تعرفنِي مَا جَزَاء من بَصق عَلَيْهَا عنْدك فَقَالَ لَهُ الجاثليق إِن كَانَ مُسلما فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يعرف مقدارها لَكِن يعرف ذَلِك ويلام ويوبخ على مُقَدرا مَا فعل حَتَّى لَا يعود إِلَى مثل ذَلِك مرّة أُخْرَى
وَإِن كَانَ نَصْرَانِيّا وَكَانَ جَاهِلا لَا يفهم وَلَا معرفَة عِنْده فيلام ويزجر بَين النَّاس ويتهدد بالجروم الْعَظِيمَة ويعذل حَتَّى يَتُوب وَبِالْجُمْلَةِ أَن هَذَا فعل لَا يقوم عَلَيْهِ إِلَّا جَاهِل لَا يعرف مِقْدَار الدّيانَة
فَإِن كَانَ عَاقِلا وَقد بَصق عَلَيْهَا فقد بَصق على مَرْيَم أم سيدنَا وعَلى سيدنَا الْمَسِيح
فَقَالَ لَهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ فَمَا الَّذِي يجب على من فعل ذَلِك عنْدك فَقَالَ مَا عِنْدِي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِذْ كنت لَا سُلْطَان لي إِن أعاقبه بِسَوْط أَبُو بعصا وَلَا لي حبس ضنك بل أحرمهُ وأمنعه من الدُّخُول إِلَى البيع وَمن القربان وَأَمْنَع النَّصَارَى من ملابسته وَكَلَامه وأضيق عَلَيْهِ وَلَا يزَال مرفوضا عندنَا إِلَى أَن يَتُوب ويقلع عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ وينتقل وَيتَصَدَّق بِبَعْض مَاله على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين مَعَ لُزُوم الصَّوْم وَالصَّلَاة فَحِينَئِذٍ نرْجِع إِلَى مَا قَالَ كتَابنَا وَهُوَ أَن لم تعفوا للخاطئين لم يغْفر لكم خطاياكم فنحل حرم الْجَانِي وَنَرْجِع إِلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ
ثمَّ أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ أَمر الجاثليق بِأَن يَأْخُذ القونة وَقَالَ لَهُ افْعَل بهَا مَا تُرِيدُ وَأمر لَهُ مَعهَا ببدرة دَرَاهِم وَقَالَ لَهُ انفق مَا تَأْخُذهُ على قونتك
فَلَمَّا خرج الجاثليق لبث قَلِيلا يتعجب مِنْهُ وَمن محبته لمعبوده وتعظيمه إِيَّاه
ثمَّ قَالَ إِن هَذَا الْأَمر عَجِيب
ثمَّ أَمر بإحضاري فأحضرت إِلَيْهِ وأحضر السَّوْط والحبال وَأمر بِي فشددت مُجَردا بَين يَدَيْهِ وَضربت مائَة سَوط وَأمر باعتقالي والتضييق عَليّ
وَوجه فَحمل جَمِيع مَا كَانَ لي من رَحل وأثاث وَكتب وَمَا شاكل ذَلِك وَأمر بِنَقْض منازلي إِلَى المَاء وأقمت فِي دَاخل دَاره معتقلا سِتَّة أشهر فِي أَسْوَأ مَا يكون من الْحَال حَتَّى صرت رَحْمَة لمن رَآنِي
وَكَانَ أَيْضا فِي كل يسير من الْأَيَّام يُوَجه يضربني ويجدد لي الْعَذَاب
فَلم أزل على مَا شرحته إِلَى أَن أعتل أَمِير الْمُؤمنِينَ وَذَلِكَ فِي الْيَوْم الْخَامِس من الشَّهْر الرَّابِع من يَوْم حبسي وَكَانَت علته صعبة جدا فَأقْعدَ وَلم تمكنه الْحَرَكَة وأيس مِنْهُ وأيس هُوَ أَيْضا من نَفسه
وَمَعَ ذَلِك فَإِن أعدائي الْأَطِبَّاء عِنْده لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَا يزايلونه سَاعَة وَاحِدَة وهم يعالجونه ويداوونه ويسألونه فِي كل وَقت فِي أَمْرِي وَيَقُولُونَ لَهُ لَو أراحنا مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من ذَلِك الزنديق الملحد لأراح مِنْهُ الدُّنْيَا وانكشف عَن الدّين مِنْهُ محنة عَظِيمَة
فَلَمَّا طَالَتْ مسألتهم لَهُ فِي أَمْرِي وَكثر ذكرهم لي بَين يَدَيْهِ بِكُل سوء قَالَ لَهُم فَمَا الَّذِي يسركم أَن أفعل بِهِ قَالُوا تريح الْعَالم مِنْهُ وَكَانَ مَعَ ذَلِك كل من سَأَلَ فِي أَمْرِي وَتشفع فِي من أصدقائي يَقُول بختيشوع يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا بعض تلاميذه وَهُوَ يعْتَقد اعْتِقَاده فيقل الْمعِين لي وَيكثر المحرك عَليّ وأيست من الْحَيَاة فَقَالَ لَهُم أَمِير الْمُؤمنِينَ وَقد لجوا عَلَيْهِ فِي السُّؤَال فَإِنِّي أَقتلهُ فِي غَد يَوْمنَا هَذَا وأريحكم مِنْهُ
فسر بذلك الْجَمَاعَة وَانْصَرفُوا على مَا يحبونَ فَجَاءَنِي بعض الخدم وَقَالَ لي أَنه جرى فِي أَمرك الْعَيْش كَذَا وَكَذَا فَسَأَلت الله عز وَجل التفضل بِمَا لم تزل أياديه إِلَيّ بإمثاله مَعَ مَا أَنا فِيهِ من كَثْرَة الاهتمام وشغل الْقلب مِمَّا أَخَاف نُزُوله بِي فِي غَد بِغَيْر جرم أستوجبه وَلَا جِنَايَة جنيتها بل بحيلة من احتال عَليّ وطاعتي من أغتالني
وَقلت اللَّهُمَّ أَنَّك عَالم براءتي فَأَنت أولى بنصرتي
وَطَالَ بِي الْفِكر إِلَى أَن حَملَنِي النّوم فَإِذا بهاتف يحركني وَيَقُول لي قُم فاحمد الله وأثن عَلَيْهِ فقد خلصك من أَيدي أعدائك وَجعل عَافِيَة أَمِير الْمُؤمنِينَ على يَديك فطب نفسا فانتبهت مَرْعُوبًا ثمَّ قلت كلما كثر ذكره فِي الْيَقَظَة لم تنكر رُؤْيَته عِنْد النّوم
فَلم أزل أَحْمد الله وأثني عَلَيْهِ إِلَى أَن جَاءَ وَجه الصُّبْح فَجَاءَنِي الْخَادِم فَفتح عَليّ الْبَاب وَلم يكن وقته الَّذِي كَانَ يجيئني فِيهِ فَقلت هَذَا وَقت مُنكر جَاءَنِي مَا وعدت بِهِ البارحة
وَقد جَاءَ وَقت رِضَاء أعدائي وشماتتهم بِي واستعنت بِاللَّه
فَمَا جلس الْخَادِم إِلَّا هنيهة إِذْ جَاءَ غُلَامه وَمَعَهُ مزين ثمَّ قَالَ تقدم يَا مبارك ليؤخذ من شعرك
فتقدمت فَأخذ من شعري ثمَّ مضى بِي إِلَى الْحمام فَأمر بغسلي وتنظيفي وَالْقِيَام عَليّ بالطيب كَمَا أمره مولَايَ أَمِير الْمُؤمنِينَ
ثمَّ خرجت من الْحمام فَطرح عَليّ ثيابًا فاخرة وردني إِلَى مقصورته إِلَى أَن حضر سَائِر الْأَطِبَّاء عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأخذ كل وَاحِد مِنْهُم مَوْضِعه
فدعاني أَمِير الْمُؤمنِينَ وَقَالَ هاتوا حنينا فَلم تشك الْجَمَاعَة أَنه إِنَّمَا دَعَاني لقتلي فأدخلت إِلَيْهِ فَنظر إِلَيّ وَلم يزل يدنيني إِلَى أَن أجلسني بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لي قد غفرت لَك ذَنْبك وأجبت السَّائِل فِيك فاحمد الله على حياتك واشر عَليّ بِمَا ترى فقد طَالَتْ علتي
فَأخذت مجسته وأشرت بِأخذ خِيَار شنبر منقى من قصبه وترنجبين لِأَنَّهُ شكا اعتقالا مَعَ مَا كَانَ يُوجِبهُ الصُّورَة من اسْتِعْمَال هَذَا الدَّوَاء
فَقَالَ الْأَطِبَّاء الْأَعْدَاء نَعُوذ بِاللَّه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من اسْتِعْمَال هَذَا الدَّوَاء إِذْ كَانَ لَهُ غائلة ردية
فَقَالَ لَهُم أَمْسكُوا فقد أمرت أَن آخذ مَا يصفه لي ثمَّ إِنَّه أَمر بإصلاحه فَأصْلح وَأَخذه لوقته
ثمَّ قَالَ لي يَا حنين اجْعَلنِي من كل مَا فعلته بك فِي حل فشفيعك إِلَيّ قوي فَقلت لَهُ مولَايَ أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي حل من دمي فَكيف وَقد من عَليّ بِالْحَيَاةِ
ثمَّ قَالَ تسمع الْجَمَاعَة مَا أقوله فنصتوا إِلَيْهِ فَقَالَ اعلموا أَنكُمْ انصرفتم البارحة مسَاء على أَنِّي أبكر أقتل حنينا كَمَا ضمنت لكم فَلم أزل أقلق إِلَى نصف من اللَّيْل متوجعا فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْوَقْت أغفيت فَرَأَيْت كَأَنِّي جَالس فِي مَوضِع ضيق وَأَنْتُم معشر الْأَطِبَّاء بعيدون عني بعدا كثيرا مَعَ سَائِر خدمي وحاشيتي وَأَنا أَقُول لكم وَيحكم مَا تنْظرُون إِلَيّ فِي أَي مَوضِع أَنا هَذَا يصلح لمثلي وَأَنْتُم سكُوت لَا تُجِيبُونِي عَمَّا أخاطبكم بِهِ
فَإِذا أَنا كَذَلِك حَتَّى أشرق عَليّ فِي ذَلِك الْموضع ضِيَاء عَظِيم مهول حَتَّى رعبت مِنْهُ
وَإِذا أَنا بِرَجُل قد وافى جميل الْوَجْه وَمَعَهُ آخر خَلفه عَلَيْهِ ثِيَاب حَسَنَة فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك
فَرددت عَلَيْهِ
فَقَالَ لي تعرفنِي فَقلت لَا فَقَالَ أَنا الْمَسِيح فقلقت وتزعزعت وَقلت من هَذَا الَّذِي مَعَك فَقَالَ حنين بن إِسْحَق
فَقلت أعذرني فلست أقدر أَن أقوم أصافحك فَقَالَ اعْفُ عَن حنين وأغفر ذَنبه فقد غفر الله لَهُ
وَأَقْبل مَا يُشِير بِهِ عَلَيْك فَإنَّك تَبرأ من علتك
فانتبهت وَأَنا مغموم بِمَا جرى على حنين مني وَمُفَكِّرٌ فِي قُوَّة شفيعه إِلَيّ وَأَن حَقه الْآن عَليّ وَاجِب فانصرفوا ليلزمني كَمَا أمرت وليحمل إِلَيّ كل وَاحِد مِنْكُم عشرَة آلَاف دِرْهَم لتَكون دِيَة من سَأَلَ فِي قَتله
وَهَذَا المَال يلْزم من حضر الْمجْلس البارحة وَسَأَلَ فِي قَتله وَمن لم يكن حَاضرا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
وَمن لم يحمل مَا أمرت بِحمْلِهِ من هَذَا المَال لَأَضرِبَن عُنُقه
ثمَّ قَالَ لي اجْلِسْ أَنْت والزم رتبتك
وَخرج الْجَمَاعَة فَحمل كل وَاحِد مِنْهُم عشرَة آلَاف دِرْهَم
فَلَمَّا اجْتمع سَائِر مَا حملوه أَمر بِأَن يُضَاف إِلَيْهِ مثله من خزانته فَكَانَ زَائِدا عَن مِائَتي ألف دِرْهَم وَأَن يسلم إِلَيّ فَفعل ذَلِك
فَلَمَّا كَانَ آخر النَّهَار وَقد أَقَامَهُ الدَّوَاء ثَلَاثَة مجَالِس أحس بصلاح وخف مَا كَانَ يجد
فَقَالَ يَا حنين أبشر بِكُل مَا تحب
فقد عظمت رتبتك عِنْدِي وزادت طبقتك أَضْعَاف مَا كنت عَلَيْهِ عِنْدِي فسأعوضك أَضْعَاف مَا كَانَ لَك وأحوج أعداءك إِلَيْك وأرفعك على سَائِر أهل صناعتك
ثمَّ أَنه أَمر بإصلاح ثَلَاث دور من دوره الَّتِي لم أسكن قطّ مُنْذُ نشأت فِي مثلهَا وَلَا رَأَيْت لأحد من أهل صناعتي مثلهَا
وَحمل إِلَيْهَا سَائِر مَا كنت مُحْتَاجا من الْأَوَانِي والفرش والآلة والكتب وَمَا يشاكل ذَلِك بعد أَن أشهد لي بالدور وتوثق لي بشهادات الْعُدُول لِأَنَّهَا كَانَت خطيرة فِي قيمتهَا لِأَنَّهَا تقوم بألوف دَنَانِير فلمحبته لي وميله إِلَيّ أحب أَن تكون لي ولعقبي وَلَا تكون عَليّ حجَّة لمعترض
فَلَمَّا فرغ مِمَّا أَمر بِهِ من الْحمل إِلَى الدّور وَجَمِيع مَا ذكر وتعليقها بأنواع الستور وَلم يبْق غير الْمُضِيّ إِلَيْهَا أَمر بِحمْل المَال الضعْف الْكثير بَين يَدي وحملني على خَمْسَة أرؤس من خِيَار بغلاته الْخَاصَّة بمواكبها
ووهب لي ثَلَاثَة خدم روم وَأمر لي فِي كل شهر بِخَمْسَة عشر ألف دِرْهَم وَأطلق لي الْفَائِت من رِزْقِي فِي وَقت حبسي فَكَانَ شَيْئا كثيرا
وَحمل من جِهَة الخدم وَالْحرم وَسَائِر الْحَاشِيَة والأهل مَا لَا يُمكن أَن يُحْصى من الْأَمْوَال وَالْخلْع والإقطاع
وحصلت وظائفي الَّتِي كنت آخذها خَارج الدَّار من سَائِر النَّاس آخذها من دَاخل الدَّار وصرت الْمُقدم على سَائِر الْأَطِبَّاء من أعواني وَغَيرهم
وَهَذَا تمّ لي لما لحقتني السَّعَادَة التَّامَّة وَهَذَا مَا جرى عَليّ بعداوة الأشرار كَمَا قَالَ جالينوس أَن الأخيار من النَّاس قد يَنْتَفِعُونَ بأعدائهم الأشرار
ولعمري لقد لحق جالينوس محن عَظِيمَة إِلَّا أَنَّهَا لم تكن تبلغ إِلَى مَا بلغت بِي أَنا هَذِه المحن وَإِنِّي لأعْلم مرَارًا كَثِيرَة إِن أول من كَانَ يعدو إِلَى بَاب دَاري فِي حَاجَة تكون لَهُ إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ أَو أَن يسألني عَن مرض قد حَار فِيهِ أحد أعدائي الَّذين قد عرفتك مَا لَحِقَنِي مِنْهُم
وَكنت وَحقّ معبودي الْعلَّة الأولى أسارع فِي قَضَاء حوائجهم وأخلص لَهُم الْمَوَدَّة وَلم أكافئهم على شَيْء مِمَّا صنعوه بِي وَلَا وَاحِدًا مِنْهُم أَخَذته بذلك
فَكَانَ سَائِر النَّاس يتعجبون من حسن قضائي حوائجهم بعد مَا كَانُوا يسمعونهم يَقُولُونَ فِي عِنْد النَّاس وخاصة عِنْد مولَايَ أَمِير الْمُؤمنِينَ
وصرت انقل لَهُم الْكتب على الرَّسْم بِغَيْر عوض وَلَا جَزَاء وأسارع إِلَى جَمِيع محابهم بعد أَن كنت إِذا نقلت لأَحَدهم كتابا أخذت مِنْهُ وَزنه دَرَاهِم
أَقُول وجدت من هَذِه الْكتب كتبا كَثِيرَة وَكَثِيرًا مِنْهَا أقتنيته وَهِي مَكْتُوبَة مولد الْكُوفِي بِخَط الْأَزْرَق كَاتب حنين وَهِي حُرُوف كبار بِخَط غليظ فِي أسطر مُتَفَرِّقَة وورقها كل ورقة مِنْهَا بغلظ مَا يكون من هَذِه الأوراق المصنوعة يَوْمئِذٍ ثَلَاث وَرَقَات أَو أَربع وَذَلِكَ فِي تقطيع مثل ثلث الْبَغْدَادِيّ
وَكَانَ قصد حنين بذلك تَعْظِيم حجم الْكتاب وتكثير وَزنه لأجل مَا يُقَابل بِهِ من وَزنه دَرَاهِم وَكَانَ ذَلِك الْوَرق يَسْتَعْمِلهُ بِالْقَصْدِ وَلَا جرم أَن لغلظه بَقِي هَذِه السنين المتطاولة من الزَّمَان
قَالَ حنين وَإِنَّمَا ذكرت سَائِر مَا تقدم ذكره ليعلم الْعَاقِل أَن المحن قد تنزل بالعاقل وَالْجَاهِل والشديد والضعيف وَالْكَبِير وَالصَّغِير
وَأَنَّهَا وَإِن كَانَت لَا شكّ وَاقعَة بِهَذِهِ الطَّبَقَات الَّتِي ذكرنَا فَمَا سَبِيل الْعَاقِل أَن ييأس من تفضل الله عَلَيْهِ بالخلاص مِمَّا بلي بِهِ بل يَثِق وَبِحسن ثقته بخالقه وَيزِيد فِي تَعْظِيمه وتمجيده
فَالْحَمْد لله الَّذِي من عَليّ بتجديد الْحَيَاة وأظهرني على أعدائي الظَّالِمين لي وَجَعَلَنِي أفضلهم رُتْبَة وَأَكْثَرهم حَالا حمدا جَدِيدا دَائِما وَهَذَا جملَة قَول حنين بن إِسْحَق بِلَفْظِهِ
وَمن كَلَام حنين قَالَ اللَّيْل نَهَار الأديب
ولحنين بن إِسْحَق من الْكتب كتاب الْمسَائِل وَهُوَ الْمدْخل إِلَى صناعَة الطِّبّ لِأَنَّهُ قد جمع فِيهِ جملا وجوامع تجْرِي مجْرى المبادئ والأوائل لهَذَا الْعلم وَلَيْسَ جَمِيع هَذَا الْكتاب لحنين بل أَن تِلْمِيذه الأعسم حبيشا تممه
وَلِهَذَا قَالَ ابْن أبي صَادِق فِي شَرحه لَهُ أَن حنينا جمع مَعَاني هَذَا الْكتاب فِي طروس ومسودات بيض مِنْهَا الْبَعْض فِي مُدَّة حَيَاته
ثمَّ إِن حُبَيْش بن الْحسن تِلْمِيذه وَابْن أُخْته رتب الْبَاقِي بعده وَزَاد فِيهِ من عِنْده زَوَائِد وألحقها بِمَا أثْبته حنين فِي دستوره
وَلذَلِك يُوجد هَذَا الْكتاب معنونا بِكِتَاب الْمسَائِل لحنين بِزِيَادَات حُبَيْش الأعسم
وَالَّذِي يُوجد فِي النّسخ من هَذَا الْكتاب أَن زيادات حُبَيْش من عِنْد ذكره أَوْقَات الْأَمْرَاض الْأَرْبَعَة إِلَى آخر الْكتاب
وَقَالَ ابْن أبي صَادِق أَن زيادات حُبَيْش إِنَّمَا هِيَ من الْكَلَام فِي الترياق وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِأَنَّهُ قَالَ ثمَّ إِن حنين بن إِسْحَق عمل مقالتين شرح فيهمَا مَا قَالَه جالينوس فِي الترياق
وَلَو كَانَ قَالَه حنين لَكَانَ يَقُول ثمَّ إِنِّي عملت مقالتين شرحت فيهمَا كَذَا وَكَذَا
وَقيل إِن حنينا شرع فِي تأليف هَذَا الْكتاب فِي أَيَّام المتَوَكل وَقد جعله رَئِيس الْأَطِبَّاء بِبَغْدَاد
كتاب الْعشْر مقالات فِي الْعين وَهَذَا الْكتاب يُوجد فِي نُسْخَة اخْتِلَاف كثير وَلَيْسَ مقالاته على وَاحِد
فَإِن بَعْضهَا تُوجد مختصرة موجزة فِي الْمَعْنى الَّذِي هِيَ فِيهِ وَالْبَعْض الآخر قد طول فِيهِ وَزَاد عَمَّا يُوجِبهُ تأليف الْكتاب
وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن كل مقَالَة مِنْهُ كَانَت بمفردها من غير التئام لَهَا مَعَ غَيرهَا
وَذَلِكَ لِأَن حنينا يَقُول فِي الْمقَالة الْأَخِيرَة من هَذَا الْكتاب أَنِّي قد كنت ألفت مُنْذُ نَيف وَثَلَاثِينَ سنة فِي الْعين مقالات مُفْردَة نحوت فِيهَا إِلَى أغراض شَتَّى
سَأَلَني تأليفها قوم بعد قوم قَالَ ثمَّ إِن حبيشا سَأَلَني أَن أجمع لَهُ ذَلِك وَهُوَ تسع مقالات وأجعله كتابا وَاحِدًا وَأَن أضيف لَهُ للتسع مقالات الْمَاضِيَة مقَالَة أُخْرَى أذكر فِيهَا كتبهمْ لعلل الْعين
وَهَذَا ذكر أغراض المقالات الَّتِي يضمها هَذَا الْكتاب
الْمقَالة الأولى يذكر فِيهَا طبيعة الْعين وتركيبها
والمقالة الثَّانِيَة يذكر فِيهَا طبيعية الدِّمَاغ ومنافعه
الْمقَالة الثَّالِثَة يذكر فِيهَا العصب الباصر وَالروح الباصر وَفِي نفس الْأَبْصَار كَيفَ يكون والمقالة الرَّابِعَة فِيهَا جمل الْأَشْيَاء الَّتِي لَا بُد مِنْهَا فِي حفظ الصِّحَّة واختلافها
الْمقَالة الْخَامِسَة يذكر فِيهَا أَسبَاب الْأَعْرَاض الكائنة فِي الْعين
الْمقَالة السَّادِسَة فِي عَلَامَات الْأَمْرَاض الَّتِي تحدث فِي الْعين
الْمقَالة السَّابِعَة يذكر فِيهَا قوى جَمِيع الْأَدْوِيَة عَامَّة
الْمقَالة الثَّامِنَة يذكر فِيهَا أَجنَاس الْأَدْوِيَة للعين خَاصَّة وأنواعها
الْمقَالة التَّاسِعَة يذكر فِيهَا مداواة أمراض الْعين
الْمقَالة الْعَاشِرَة فِي الْأَدْوِيَة المركبة الْمُوَافقَة لعلل الْعين
وَوجدت مقَالَة أُخْرَى حادية عشرَة لحنين مُضَافَة إِلَى هَذَا الْكتاب يذكر فِيهَا علاج الْأَمْرَاض الَّتِي تعرض فِي الْعين بالحديد
كتاب فِي الْعين على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب ثَلَاث مقالات أَلفه لِوَلَدَيْهِ داؤد وَإِسْحَق وَهُوَ مِائَتَان وتسع مسَائِل
اخْتِصَار السِّتَّة عشر كتابا لِجَالِينُوسَ على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب اخْتَصَرَهُ أَيْضا لِوَلَدَيْهِ وَأكْثر مَا أَلفه من الْكتب على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب إِنَّمَا غَرَضه بهَا إِلَى هَذَا الْقَصْد
كتاب الترياق مقالتان
اخْتِصَار كتاب جالينوس فِي الْأَدْوِيَة المفردة إِحْدَى عشرَة مقَالَة اخْتَصَرَهُ بالسرياني وَإِنَّمَا نقل مِنْهُ إِلَى الْعَرَبِيّ الْجُزْء الأول وَهُوَ خمس مقالات نقلهَا لعَلي بن يحيى
مقَالَة فِي ذكر مَا ترْجم من كتب جالينوس وَبَعض مَا لم يترجم كتبهَا إِلَى عَليّ بن يحيى المنجم
مقَالَة فِي ثَبت الْكتب الَّتِي لم يذكرهَا جالينوس فِي فهرست كتبه وصف فِيهَا جَمِيع مَا وجد لِجَالِينُوسَ من الْكتب الَّتِي لَا يشك أَنَّهَا لَهُ وَقَالَ أَن جالينوس يكون صنفها بعد وَضعه الفهرست
مقَالَة فِي اعتذاره لِجَالِينُوسَ فِيمَا قَالَه فِي الْمقَالة السَّابِقَة من كتاب آراء أبقراط وأفلاطن
جمل مقَالَة جالينوس فِي أَصْنَاف الغلظ الْخَارِج عَن الطبيعة على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب
جَوَامِع كتاب جالينوس فِي الذبول على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب
جَوَامِع كتاب جالينوس فِي أَن الطَّبِيب الْفَاضِل يجب أَن يكون فيلسوفا على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب
جَوَامِع كتاب جالينوس فِي كتب أبقراط الصَّحِيحَة وَغير الصَّحِيحَة
جَوَامِع كتاب جالينوس فِي الْحَث على تعلم الطِّبّ على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب
جَوَامِع كتاب الْمَنِيّ لِجَالِينُوسَ على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب
ثمار تَفْسِير جالينوس لكتاب الْفُصُول لأبقراط على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب سبع مقالات وَكَانَ تأليفه لَهُ بالسرياني وَإِنَّمَا نقل مِنْهُ إِلَى الْعَرَبِيّ الْمقَالة الأولى وَالثَّانيَِة وَالثَّالِثَة وَالرَّابِعَة
وَأما الثَّلَاث المقالات الْبَاقِيَة فنقلها إِلَى الْعَرَبِيّ عِيسَى بن سهر بخت
ثمار تَفْسِير جالينوس لكتاب تقدمة الْمعرفَة على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب
ثمار تَفْسِير جالينوس لكتاب أبقراط فِي تَدْبِير الْأَمْرَاض الحادة على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب
ثمار تَفْسِير جالينوس لكتاب أبقراط فِي جراحات الرَّأْس على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب
ثمار السَّبع عشرَة مقَالَة الْمَوْجُودَة من كتاب جالينوس لكتاب أبيذيميا لأبقراط على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب
ثمار تَفْسِير جالينوس لكتاب قاطيطريون لأبقراط على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب
ثمار تَفْسِير جالينوس لكتاب أبقراط فِي الأهوية والأزمنة والبلدان على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب شرح كتاب الْهَوَاء وَالْمَاء والمساكن لأبقراط لم يتم شرح كتاب الْغذَاء لأبقراط ثمار الْمقَالة الثَّالِثَة من تَفْسِير جالينوس لكتاب طبيعة الْإِنْسَان لأبقراط ثمار كتاب أبقراط فِي المولدين لثمانية أشهر
فُصُول استخرجها من كتاب أبيذيميا
فُصُول استخرجها من كتاب الأهوية والبلدان وَمِمَّا فِي كتاب الْفُصُول من الْكَلَام فِي الأهوية والبلدان بتفسير جالينوس
مقَالَة فِي تَدْبِير الناقهين ألفها لأبي جَعْفَر مُحَمَّد بن مُوسَى
رِسَالَة فِي قرص الْعود رِسَالَة إِلَى الطيفوري فِي قرص الْورْد
كتاب إِلَى الْمُعْتَمد فِيمَا سَأَلَهُ عَنهُ من الْفرق بَين الْغذَاء والدواء المسهل ثَلَاث مقالات كتاب قوى الأغذية ثَلَاث مقالات كتاب فِي كَيْفيَّة إِدْرَاك الدّيانَة مسَائِل فِي الْبَوْل انتزعها من كتاب أبيذيميا لأبقراط
مقَالَة فِي تولد الْفروج بَين فِيهَا أَن تولد الْفروج إِنَّمَا هُوَ من بَيَاض الْبَيْضَة واغتذاؤه من المح الَّذِي فِيهَا
مسَائِل استخرجها من كتب الْمنطق الْأَرْبَعَة
مقَالَة فِي الدَّلَائِل وصف فِيهَا أبوابا من الدَّلَائِل الَّتِي يسْتَدلّ بهَا على معرفَة كل وَاحِد من الْأَمْرَاض
كتاب فِي النبض كتاب فِي الحميات كتاب فِي الْبَوْل مستخرج من كتاب أبقراط وجالينوس كتاب فِي معرفَة أوجاع الْمعدة وعلاجها مقالتان كتاب فِي حالات الْأَعْضَاء
مقَالَة فِي مَاء الْبُقُول
كتاب فِي اليبس كتاب فِي حفظ الْأَسْنَان واللثة كتاب فِيمَن يُولد لثمانية أشهر على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب أَلفه لأم ولد المتَوَكل كتاب فِي امتحان الْأَطِبَّاء كتاب فِي طبائع الأغذية وتدبير الْأَبدَان كتاب فِي أَسمَاء الْأَدْوِيَة المفردة على حُرُوف المعجم كتاب فِي مسَائِله الْعَرَبيَّة كتاب فِي تَسْمِيَة الْأَعْضَاء على مَا رتبها جالينوس كتاب فِي تركيب الْعين
مقَالَة فِي الْمَدّ والجزر كتاب فِي أَفعَال الشَّمْس وَالْقَمَر كتاب فِي تَدْبِير السوداويين كتاب فِي تَدْبِير الأصحاء بالمطعم وَالْمشْرَب
كتاب فِي اللَّبن كتاب فِي تَدْبِير المستسقين كتاب فِي أسرار الْأَدْوِيَة المركبة كتاب فِي أسرار الفلاسفة فِي الباه
جَوَامِع كتاب السَّمَاء والعالم كتاب فِي الْمنطق كتاب فِي النَّحْو
مقَالَة فِي خلق الْإِنْسَان وَإنَّهُ من مصْلحَته والتفضل عَلَيْهِ جعل مُحْتَاجا
كتاب فِيمَا يقْرَأ قبل كتب أفلاطن مقَالَة فِي تولد النَّار بَين الحجرين
كتاب الْفَوَائِد ومقالة فِي الْحمام مقَالَة فِي الْآجَال مقَالَة فِي الدغدغة مقَالَة فِي ضيق النَّفس
كتاب فِي اخْتِلَاف الطعوم
كتاب فِي تشريح آلَات الْغذَاء ثَلَاث مقالات تَفْسِير كتاب النفخ لأبقراط تَفْسِير كتاب حفظ الصِّحَّة لروفس تَفْسِير كتاب الْأَدْوِيَة المكتومة لِجَالِينُوسَ يبين فِيهِ شرح مَا ذكره جالينوس فِي كل وَاحِد من الْأَدْوِيَة
رِسَالَة فِي دلَالَة الْقدر على التَّوْحِيد رِسَالَة إِلَى سلمويه بن بنان عَمَّا سَأَلَهُ من تَرْجَمَة مقَالَة جالينوس فِي الْعَادَات
كتاب فِي أَحْكَام الْإِعْرَاب على مَذْهَب اليونانيين مقالتان مقَالَة فِي السَّبَب الَّذِي من أَجله صَارَت مياه الْبَحْر مالحة مقَالَة فِي الألوان
كتاب قاطيغورياس على رَأْي ثامسطيوس مقَالَة
مقَالَة فِي تولد الْحَصَاة مقَالَة فِي اخْتِيَار الْأَدْوِيَة المحرقة
كتاب فِي مياه الحمامات على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب
كتاب نَوَادِر الفلاسفة والحكماء وآداب المعلمين القدماء كناش اخْتَصَرَهُ من كتاب بولس
مقَالَة فِي تقاسيم علل الْعين
كتاب اخْتِيَار أدوية علل الْعين مقَالَة فِي الصراع
كتاب الفلاحة مقَالَة فِي التَّرْكِيب مِمَّا وَافقه عَلَيْهِ الفاضلان أبقراط وجالينوس مقَالَة تتَعَلَّق بِحِفْظ الصِّحَّة وَغَيرهَا كَلَام فِي الأثار العلوية مقَالَة فِي قَوس قزَح
كتاب تَارِيخ الْعَالم والمبدأ والأنبياء والملوك والأمم وَالْخُلَفَاء والملوك فِي الْإِسْلَام وابتدأ فِيهِ من آدم وَمن أَتَى من بعده وَذكر مُلُوك بني إِسْرَائِيل وملوك اليونانيين وَالروم وَذكر ابْتِدَاء الْإِسْلَام وملوك بني أُميَّة وملوك بني هَاشم إِلَى الْوَقْت الَّذِي كَانَ فِيهِ حنين بن إِسْحَق وَهُوَ زمَان المتَوَكل على الله
حل بعض شكوك جاسيوس الإسْكَنْدراني على كتاب الْأَعْضَاء الآلمة لِجَالِينُوسَ رِسَالَة فِيمَا أَصَابَهُ من المحن والشدائد كتاب إِلَى عَليّ بن يحيى جَوَاب كِتَابه فِيمَا دَعَاهُ إِلَيْهِ من دين الْإِسْلَام
جَوَامِع مَا فِي الْمقَالة الأولى وَالثَّانيَِة وَالثَّالِثَة من كتاب أبيديميا لأبقراط على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب
مقَالَة فِي كَون الْجَنِين جمع من أقاويل جالينوس وبقراط
جَوَامِع تَفْسِير القدماء اليونانيين لكتاب أرسطوطاليس فِي السَّمَاء والعالم مسَائِل مُقَدّمَة لكتاب فرفوريوس الْمَعْرُوف بالمدخل وَيَنْبَغِي أَن يقْرَأ قبل كتاب فرفرويوس شرح كتاب الفراسة لأرسطاطاليس
كتاب دفع مضار الأغذية
كتاب الزِّينَة
كتاب خَواص الْأَحْجَار
كتاب البيطرة
كتاب حفظ الْأَسْنَان
كتاب فِي إِدْرَاك حَقِيقَة الْأَدْيَان















مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید