المنشورات

إِسْحَق بن حنين

هُوَ أَبُو يَعْقُوب إِسْحَق بن حنين بن إِسْحَق الْعَبَّادِيّ كَانَ يلْحق بِأَبِيهِ فِي النَّقْل وَفِي مَعْرفَته باللغات وفصاحته فِيهَا إِلَّا أَن نَقله للكتب الطبية قَلِيل جدا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يُوجد من كَثْرَة نَقله من كتب أرسطوطاليس فِي الْحِكْمَة وشروحها إِلَى لُغَة الْعَرَب
وَكَانَ إِسْحَق قد خدم من خدم أَبوهُ من الْخُلَفَاء والرؤساء
وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى الْقَاسِم بن عبيد الله وخصيصا بِهِ ومتقدما عِنْده يُفْضِي إِلَيْهِ بأسراره
ولإسحق حكايات مستظرفة وأشعار
قَالَ إِسْحَق بن حنين شكا إِلَيّ رجل عِلّة فِي أحشائه فأعطيته معجونا وَقلت لَهُ تنَاوله سحرًا وعرفني خبرك بالْعَشي فَجَاءَنِي غُلَامه برقعة من عِنْده فقرأتها وَإِذا فِيهَا يَا سَيِّدي تناولت الدَّوَاء وَاخْتلفت لَا عدمتك عشرَة مجَالِس أَحْمَر مثل الرِّيق فِي اللزوجة وأخضر مثل السلق فِي البقلية وَوجدت بعده مغسا فِي رَأْسِي وهوسا فِي سرتي فرأيك فِي إِنْكَار ذَلِك على الطبيعة بِمَا ترَاهُ إِن شَاءَ الله
قَالَ فتعجبت مِنْهُ وَقلت لَيْسَ للأحمق إِلَّا جَوَاب يَلِيق بِهِ
وكتبت إِلَيْهِ فهمت رقعتك وَأَنا أتقدم إِلَى الطبيعة بِمَا تحب وأنفذ إِلَيْك الْجَواب إِذا الْتَقَيْنَا وَالسَّلَام
وَلحق إِسْحَق فِي آخر عمره الفالج وَبِه مَاتَ
وَتُوفِّي بِبَغْدَاد فِي أَيَّام المقتدر بِاللَّه وَذَلِكَ فِي شهر ربيع الآخر سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
وَمن كَلَام إِسْحَق قَالَ قَلِيل الراح صديق الرّوح وكثيرها عَدو الْجِسْم
وَمن شعره
(أَنا ابْن الَّذين استودع الطِّبّ فيهم ... وَسموا بِهِ طِفْل وكهل ويافع)
(يبصرني أرستطاليس بارعا ... يقوم مني منطق لَا يدافع)
(وبقراط فِي تَفْصِيل مَا أثبت الألى ... لنا الضّر والأسقام طب مضارع)
(وَمَا زَالَ جالينوس يشفي صدورنا ... لما اخْتلفت فِيهِ علينا الطبائع)
(وَيحيى بن ماسويه وأهرن قبله ... لَهُم كتب للنَّاس فِيهَا مَنَافِع)
(رأى أَنه فِي الطِّبّ نيلت فَلم يكن ... لنا رَاحَة من حفظهَا وأصابع) الطَّوِيل
ونقلت من خطّ ابْن بطلَان فِي رسَالَته الْمَعْرُوفَة بدعوة الْأَطِبَّاء أَن الْقَاسِم بن عبيد الله وَزِير المعتضد بِاللَّه بلغه أَن أَبَا يَعْقُوب إِسْحَق قد شرب دَوَاء مسهلا فَأحب مداعبته وَكَانَ صديقا لَهُ فَكتب إِلَيْهِ
(أبن لي كَيفَ أمسيت ... وَكم كَانَ من الْحَال)
(وَكم سَارَتْ بك النَّاقة ... نَحْو الْمنزل الْخَالِي) الهزج
فَكتب إِلَيْهِ إِسْحَق بن حنين
(بِخَير كنت مَسْرُورا ... رَضِي الْحَال والبال)
(فَأَما السّير والناقة ... والمرتبع الْخَالِي)
(فإجلالك إنسانيه ... يَا غَايَة آمالي) الهزج
ولإسحق بن حنين من الْكتب كتاب الْأَدْوِيَة المفردة
كناش لطيف وَيعرف بكناش الْخُف
كتاب ذكر فِيهِ ابْتِدَاء صناعَة الطِّبّ وَأَسْمَاء جمَاعَة من الْحُكَمَاء والأطباء
كتاب الْأَدْوِيَة الْمَوْجُودَة بِكُل مَكَان كتاب الصّلاح الْأَدْوِيَة المسهلة
اخْتِصَار كتاب أقليدس كتاب المقولات كتاب أيساغوجي وَهُوَ الْمدْخل إِلَى صناعَة الْمنطق
إصْلَاح جَوَامِع الإسكندرانيين لشرح جالينوس لكتاب الْفُصُول لأبقراط
كتاب فِي النبض على جِهَة التَّقْسِيم
مقَالَة فِي الْأَشْيَاء الَّتِي تفِيد الصِّحَّة وَالْحِفْظ وتمنع من النسْيَان ألفها لعبد الله بن شَمْعُون
كتاب فِي الْأَدْوِيَة المفردة
كتاب صَنْعَة العلاج بالحديد
كتاب آدَاب الفلاسفة ونوادرهم
مقَالَة فِي التَّوْحِيد
















مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید