المنشورات

يوحنا بن بختيشوع

كَانَ طَبِيبا متميزا خَبِيرا باللغة اليونانية والسريانية وَنقل من اليوناني إِلَى السرياني كتبا كَثِيرَة وخدم بصناعة الطِّبّ الْمُوفق بِاللَّه طَلْحَة بن جَعْفَر المتَوَكل وَكَانَ يعْتَمد عَلَيْهِ كثيرا ويسميه مفرج كربي
حدث إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس بن طومار الهامشي قَالَ
كَانَ الْمُوفق إِذا جلس للشراب يقدم بَين يَدَيْهِ صينية ذهب ومغسل ذهب وخرداذى بلور وكوز بلور وَيجْلس يوحنا بن بختيشوع عَن يَمِينه وَيقدم إِلَيْهِ مثل ذَلِك وَكَذَلِكَ بَين يَدي غَالب الطَّبِيب
ثمَّ يقدم إِلَى جَمِيع الجلساء صواني مدهون وقناني زجاج ونارنج قَالَ وسمعته وَقد شكا إِلَى الْمُوفق مَا يجْرِي عَلَيْهِ فِي ضيَاعه فَتقدم الْمُوفق إِلَى صاعد بِأَن يكْتب لَهُ جَمِيع مَا يُرِيد
ثمَّ إِن يوحنا حضر بعد مُدَّة مديدة فعدد على الْمُوفق إحسانه إِلَيْهِ ومعروفة عِنْده وَأَن صاعدا يكدر إحسانه إِلَيْهِ وَيكْتب إِلَى الْعمَّال كتبا فِيمَا يبطل عَلَيْهِ ضيَاعه وأملاكه
فَتقدم إِلَيْهِ الْمُوفق بالإنصراف إِلَى مضربه وأعلمه بكيفية الْفِكر فِي هَذَا
وَوجه الْمُوفق إِلَى صاعد فَأحْضرهُ وَقَالَ لَهُ أَنْت تعلم أَنه لَيْسَ لي فِي هَذِه الدُّنْيَا من استريح إِلَيْهِ وَاعْلَم مَا فِي سويداء قلبِي وَهُوَ مفرج كربي غير يوحنا
وَأَنت دائب الْحِيلَة على تنغيض عيشي بشغل قلبه عَن خدمتي فعل الله بك وَفعل
فَلم يزل صاعد يحلف لَهُ حَتَّى حل سَيْفه ومنطقته وَقَالَ لَهُ امْضِ السَّاعَة مَعَ رَاشد إِلَى مضرب يوحنا وَلَا تدع جهدا فِي أَن تتوصل إِلَى جَمِيع مَا يُحِبهُ وتوثق لَهُ وَخذ خطة بأنك قد بلغت لَهُ كل مَا أَرَادَهُ وأنفذه إِلَيّ مَعَ رَاشد
قَالَ فَمضى وَكنت أَنا أحد من مضى مَعَهُمَا حَتَّى دَخَلنَا إِلَى مضرب يوحنا وَإِذا بِهِ قَاعد على حصر سامان فِي قبَّة لَهُ فَلَمَّا قرب مِنْهُ صاعد قَامَ لَهُ فَسلم عَلَيْهِ وعَلى رَاشد وَعلي وجلسوا وَجَلَست
ثمَّ قَالَ صاعد وَحلف لَهُ فَقَالَ لَهُ وَمَا يَنْفَعنِي وَأَنت تكْتب بضد مَا تظهر
فَأَعَادَ الْيَمين ووثق لَهُ
ثمَّ دَعَا صاعد بمنديل وَجعله فِي حجره وَأخذ القرطاس والقلم وَجعل يكْتب ويخرط الخرائط حَتَّى بلغ مَا أَرَادَهُ يوحنا وأحذ خطه وشهادتي وَمن حضر وأنفذها مَعَ رَاشد إِلَى الْمُوفق بِاللَّه
وَمَا احْتَاجَ يوحنا بعد ذَلِك أَن يستزيد فِي شَيْء من أُمُوره
وليوحنا بن بختيشوع من الْكتب كتاب فِيمَا يحْتَاج إِلَيْهِ الطَّبِيب من علم النُّجُوم














مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید