المنشورات

البديع الأصطرلابي

هُوَ بديع الزَّمَان أَبُو الْقَاسِم هبة الله بن الْحُسَيْن بن أَحْمد الْبَغْدَادِيّ
من الْحُكَمَاء الْفُضَلَاء والأدباء النبلاء طَبِيب عَالم وفيلسوف مُتَكَلم وغلبت عَلَيْهِ الْحِكْمَة وَعلم الْكَلَام والرياضي وَكَانَ متقنا لعلم النُّجُوم والرصد
وَكَانَ البديع الاصطرلابي صديقا لأمين الدولة بن التلميذ
وَحكي أَنه اجْتمع على أَمِين الدولة بأصبهان فِي سنة عشرَة وَخَمْسمِائة
وحَدثني مهذب الدّين أَبُو نصر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْخضر الْحلَبِي قَالَ كَانَ البديع الاصطرلابي أوحد زَمَانه فِي علم الاصطرلاب وَعَمله وإتقان صَنعته فَعرف بذلك أَقُول وَكَانَ وَالِد مهذب الدّين أبي نصر من طبرستان وَهُوَ الْمَعْرُوف بالبرهان المنجم
وَكَانَ عَلامَة وقته فِي أَحْكَام النُّجُوم وَله حكايات عَجِيبَة فِي ذَلِك
وَقد ذكرت أَشْيَاء مِنْهَا فِي كتاب إصابات المنجمين
وَكَانَ قد اجْتمع بالبديع الإصطرلابي وَصَاحبه مُدَّة
وللبديع الإصطرلابي نظم جيد حسن الْمعَانِي
وَمن شعر البديع الإصطرلابي وَهُوَ مِمَّا أَنْشدني مهذب الدّين أَبُو نصر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْحلَبِي قَالَ أَنْشدني وَالِدي قَالَ أَنْشدني البديع الإصطرلابي لنَفسِهِ
(يَا ابْن الَّذين مضوا على دين الْهدى ... والطاعنين مقاعد الإعدام)
(فوجوههم قبل العلى وأكفهم ... سحب الندى ومنابر الأقلام) الْكَامِل
وأنشدني أَيْضا قَالَ أَنْشدني قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(أهْدى لمجلسك الشريف وَإِنَّمَا ... أهدي لَهُ مَا حزت من نعمائه)
(كالبحر يمطره السَّحَاب وَمَاله ... من عَلَيْهِ لِأَنَّهُ من مَائه) الْكَامِل
وأنشدني أَيْضا قَالَ أَنْشدني وَالِدي قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(قَامَ إِلَى الشَّمْس بآلاته ... لينْظر السعد من النحس)
(فَقلت أَيْن الشَّمْس قَالَ الْفَتى ... فِي الثور قلت الثور فِي الشَّمْس) السَّرِيع
وأنشدني أَيْضا قَالَ أَنْشدني وَالِدي قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(قيل لي قد عشقته أَمْرَد الخد ... وَقد قيل إِنَّه نكريش)
(قلت فرخ الطاووس أحسن مَا كَانَ ... إِذا مَا علا عَلَيْهِ الريش) الْخَفِيف
وأنشدني أَيْضا قَالَ أَنْشدني وَالِدي قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(هَل عثرت أَقْلَام خطّ العذار ... فِي مشقها فالخال نقط العثار)
(أم اسْتَدَارَ الْخط لما غَدَتْ ... نقطته مَرْكَز ذَاك الْمدَار)
(وريقة الْخمر فَهَل ثغره ... در حباب نظمته الْعقار) السَّرِيع
وَقَالَ أَيْضا
(وَذُو هَيْئَة يزهو بخال مهندس ... أَمُوت بِهِ فِي كل وَقت وأبعث)
(مُحِيط بأوصاف الملاحة وَجهه ... كَانَ بِهِ أقليدس يتحدث)
(فعارضه خطّ اسْتِوَاء وخاله ... بِهِ نقطة والخد شكل مثلث) الطَّوِيل
وأنشدني أَيْضا قَالَ أَنْشدني وَالِدي قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ جَوَابا عَن قصيدة كتبهَا إِلَيْهِ القيسراني أَولهَا
(أعرب الْفضل من بديع الزَّمَان ... عَن معَان عزت على يونان)
(مَا تَلَاهَا لما تَلَاهَا وَلَكِن ... فاتها حائزا خِصَال الرِّهَان) الْخَفِيف
قَالَ مهذب الدّين أَبُو نصر مُحَمَّد فَرد جوابها قصيدة لم يبْق على ذكري مِنْهَا شَيْء سوى هَذِه الأبيات
(أَيهَا السَّيِّد الَّذِي أطراني ... بمديح كَالدَّارِ قد أطغاني)
(وَالَّذِي زَاد فِي محلي وقدري ... وأذل الشاني بتعظيم شاني)
(فتعنفقت أَي بِأَنِّي كَمَا ... قَالَ مُجيب الطباع سهل الْجنان)
(وترشحت للجواب فأعياني ... وانسل هَارِبا شيطاني)
(مجبلا مجبلا يَقُول اتَّقِ الله ... فَمَالِي بِمَا تروم اليدان)
(أتظن الوهاد مثل الروابي ... أم تخال الهجين مل الهجان)
(أم تجاري طرفا يفوت مدى الطّرف ... إِذا مَا تجاريا فِي مَكَان)
(بِحِمَار يفوتهُ الزَّمن المقعد ... إِن أرسلا غَدَاة الرِّهَان)
(فاكتنفني سترا فشعري بخطى ... حِين يَبْدُو لناظر عورتان)
وَمن شعر البديع الإسطرلابي أَيْضا قَالَ فِي غُلَام معذر
(كن كَيفَ شِئْت فإنني ... قد صغت قلبا من حَدِيد)
(وَقَعَدت انْتظر الْكُسُوف ... وَلَيْسَ ذَلِك من بعيد) الْكَامِل المرفل
وَقَالَ أَيْضا
(تقسم قلبِي فِي محبَّة معشر ... بِكُل فَتى مِنْهُم هواي مَنُوط)
(كَانَ فُؤَادِي مَرْكَز وهم لَهُ ... مُحِيط وأهوائي إِلَيْهِ خطوط) الطَّوِيل
وَقَالَ أَيْضا
(وشادن فِي حبه سنة ... قد جعلت حبي لَهُ فرضا)
(أرْضى بِأَن أجعَل خدي لَهُ ... إِذا مَشى منتعلا أَرضًا) السَّرِيع
وَقَالَ أَيْضا
(أذاقني خمرة المنايا ... لما اكتسى خضرَة العذار)
(وَقد تبدى السوَاد فِيهِ ... وكارتي بعد فِي الْعيار) الْبَسِيط
وَقَالَ أَيْضا
(هجرت النكاريش ثمَّ انثنيت ... اعنف من بَات يهواهم)
(وَمَا زلت فِي المرد ألحاهم ... إِلَى أَن بليت بألحاهم) المتقارب
وَقَالَ أَيْضا
(تاه على النَّاس يإغرائه ... أَي فاحذروني إِنَّنِي ملسن)
(إِن كَانَ فِي أَقْوَاله معربا ... فَإِنَّهُ فِي فعله يلحن) السَّرِيع
وَقَالَ أَيْضا يهجو
(مستيقظ فَإِذا استضيف ... بِهِ يصير من النيام)
(وتراه فِي عدد الطغام ... إِذا رأى مضغ الطَّعَام)
(تبدو مصائبه الْعِظَام ... أَو أَن تَجْرِيد الْعِظَام) الْكَامِل المرفل
وَقَالَ يهجو فاصدا
(وفاصد مبضعه مشرع ... كَأَنَّهُ جَاءَ إِلَى حَرْب)
(فصد بِلَا نفع فَمَا حَاصِل ... غير دم يخرج من ثقب)
(لَو مر فِي الشَّارِع من خَارج ... لمات من فِي دَاخل الدَّرْب)
(خُذْهُ إِذا جَاشَتْ عَلَيْك العدا ... فوحده يُغْنِيك عَن حَرْب) السَّرِيع
وَقَالَ أَيْضا وَقد جَاءَ بالعراق وفر كثير يَعْنِي بالوفر الثَّلج
(يَا صُدُور الزَّمَان لَيْسَ بوفر ... مَا رَأَيْنَاهُ فِي نواحي الْعرَاق)
(إِنَّمَا عَم ظلمكم سَائِر الأَرْض ... فشابت ذوائب الْآفَاق) الْخَفِيف
وَقَالَ فِي مغسل الشَّرَاب وَهُوَ جردان
(إِنِّي إِذا مَا حضرت فِي مَلأ ... عددت من بعض آلَة الْفَرح)
(إِذا تصدرت فِي مجَالِسهمْ ... تنغصوا لي بفاضل الْقدح) المنسرح
وللبديع الإسطرلابي من الْكتب اخْتِصَار ديوَان أبي عبد الله الْحُسَيْن بن الْحجَّاج
زيج سَمَّاهُ المعرب المحمودي أَلفه للسُّلْطَان مَحْمُود أبي الْقَاسِم بن مُحَمَّد













مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید