المنشورات

إِسْحَق بن عمرَان

طَبِيب مَشْهُور وعالم مَذْكُور وَيعرف باسم سَاعَة
وَقَالَ سُلَيْمَان بن حسان الْمَعْرُوف بِابْن جلجل أَن إِسْحَق بن عمرَان مُسلم النحلة وَكَانَ بغدادي الأَصْل وَدخل أفريقية فِي دولة زِيَادَة الله بن الْأَغْلَب التَّمِيمِي وَهُوَ استجلبه وَأَعْطَاهُ شُرُوطًا ثَلَاثَة لم يَفِ لَهُ بأحدها
بعث إِلَيْهِ عِنْد وُرُوده عَلَيْهِ رَاحِلَة أقلته وَألف دِينَار لنفقته وَكتاب أَمَان بِخَط يَده أَنه مَتى أحب الِانْصِرَاف إِلَى وَطنه انْصَرف
وَبِه ظهر الطِّبّ بالمغرب وَعرفت الفلسفة
وَكَانَ طَبِيبا حاذقا متميزا بتأليف الْأَدْوِيَة المركبة بَصيرًا بتفرقة الْعِلَل أشبه الْأَوَائِل فِي علمه وجودة قريحته
استوطن القيروان حينا وَألف كتبا مِنْهَا كِتَابه الْمَعْرُوف بنزهة النَّفس وَكتابه فِي دَاء المالنخوليا لم يسْبق إِلَى مثله وَكتابه فِي الفصد وَكتابه فِي النبض
ودارت لَهُ مَعَ زِيَادَة الله بن الْأَغْلَب محنة أوجبت الوجدة بَينهمَا حَتَّى صلبه ابْن الْأَغْلَب
وَكَانَ إِسْحَق قد استأذنه فِي الِانْصِرَاف إِلَى بَغْدَاد فَلم يَأْذَن لَهُ وَكَانَ إِسْحَق يُشَاهد أكل ابْن الْأَغْلَب فَيَقُول لَهُ كل هَذَا ودع هَذَا
حَتَّى ورد على ابْن الْأَغْلَب حدث يَهُودِيّ أندلسي فاستقربه وخف عَلَيْهِ وأشهده أكله فَكَانَ إِسْحَق إِذا قَالَ لَهُ اترك هَذَا لَا تَأْكُله قَالَ الإسرائيلي يصعبه عَلَيْك
وَكَانَ بِابْن الْأَغْلَب عِلّة النَّسمَة وَهِي ضيق النَّفس فَقدم بَين يَدَيْهِ لَبَنًا مريبا فهم بِأَكْلِهِ فَنَهَاهُ أسحق وَسَهل عَلَيْهِ الإسرائيلي فوافقه بِالْأَكْلِ فَعرض لَهُ فِي اللَّيْل ضيق النَّفس حَتَّى أشرف على الْهَلَاك فَأرْسل إِلَى إِسْحَق
وَقيل لَهُ هَل عنْدك من علاج فَقَالَ قد نهيته فَلم يقبل مني لَيْسَ عِنْدِي علاج
فَقيل لإسحق هَذِه خَمْسمِائَة مِثْقَال وعالجه فَأبى حَتَّى بلغ إِلَى ألف مِثْقَال فَأَخذهَا وَأمر بإحضار الثَّلج وَأمره بِالْأَكْلِ مِنْهُ حَتَّى تملأ ثمَّ قيأه فَخرج جَمِيع اللَّبن قد تجبن بِبرد الثَّلج
فَقَالَ إِسْحَق أَيهَا الْأَمِير لَو دخل هَذَا اللَّبن إِلَى أنابيب رئتك ولحج فِيهِ أهْلكك بضيقة النَّفس وَلَكِنِّي أجهدته وأخرجته قبل وُصُوله
فَقَالَ زِيَادَة الله بَاعَ إِسْحَق روحي فِي البدء اقْطَعُوا رزقه
فَلَمَّا قطع عَنهُ الرزق خرج إِلَى مَوضِع فسيح من رحاب القيروان وَوضع هُنَالك كرسيا ودواة وقراطيس فَكَانَ يكْتب الصِّفَات كل يَوْم بِدَنَانِير
فَقيل لزِيَادَة الله عرضت لإسحق الْغنى فَأمر بضمه إِلَى السجْن فَتَبِعَهُ النَّاس هُنَالك
ثمَّ أخرجه بِاللَّيْلِ إِلَى نَفسه وَكَانَت لَهُ مَعَه حكايات ومعاتبات احنقته عَلَيْهِ لفرط جوره وسخف رَأْيه
فَأمر بفصده فِي ذِرَاعَيْهِ جَمِيعًا وسال دَمه حَتَّى مَاتَ ثمَّ أَمر بِهِ فصلب وَمكث مصلوبا زَمَانا طَويلا حَتَّى عشش فِي جَوْفه طَائِر
وَكَانَ مِمَّا قَالَ لزِيَادَة الله فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَالله إِنَّك لتدعى بِسَيِّد الْعَرَب وَمَا أَنْت لَهَا بِسَيِّد وَلَقَد سقيتك مُنْذُ دهر دَوَاء ليفعلن فِي عقلك وَكَانَ زِيَادَة الله مَجْنُونا فتمخل وَمَات
ولإسحق بن عمرَان من الْكتب كتاب الْأَدْوِيَة المفردة
كتاب العنصر والتمام فِي الطِّبّ
مقَالَة فِي الاسْتِسْقَاء
مقَالَة وجيزة كتب بهَا إِلَى سعيد ابْن توفيل المتطبب فِي الْإِبَانَة عَن الْأَشْيَاء الَّتِي يُقَال أَنَّهَا تشفي الأسقام وفيهَا يكون الْبُرْء مِمَّا أَرَادَ إتحافه بِهِ من نَوَادِر الطِّبّ ولطائف الْحِكْمَة
كتاب نزهة النَّفس
كتاب فِي المالنخوليا
كتاب فِي الفصد
كتاب فِي النبض
مقَالَة فِي علل القولنج وأنواعه وَشرح أدويته وَهِي الرسَالَة الَّتِي كتب بهَا إِلَى الْعَبَّاس وَكيل إِبْرَاهِيم بن الْأَغْلَب
كتاب فِي الْبَوْل من كَلَام أبقراط وجالينوس وَغَيرهمَا
كتاب جمع فِيهِ أقاويل جالينوس فِي الشَّرَاب
مسَائِل لَهُ مَجْمُوعَة فِي الشَّرَاب على معنى مَا ذهب إِلَيْهِ أبقراط وجالينوس فِي الْمقَالة الثَّالِثَة من كتاب تَدْبِير الْأَمْرَاض الحادة وَمَا ذكر فِيهَا من الْخمر
كَلَام لَهُ فِي بَيَاض الْمعدة ورسوب الْبَوْل وَبَيَاض المنى
















مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید