المنشورات

إِسْحَق بن سُلَيْمَان

الإسرائيلي كَانَ طَبِيبا فَاضلا بليغا عَالما مَشْهُورا بالحذق والمعرفة جيد التصنيف عالي الهمة ويكنى أيا يَعْقُوب
وَهُوَ الَّذِي شاع ذكره وانتشرت مَعْرفَته بالإسرائيلي
وَهُوَ من أهل مصر وَكَانَ يكحل من أوليته
ثمَّ سكن القيروان ولازم إِسْحَق بن عمرَان وتتلمذ لَهُ
وخدم الإِمَام أَبَا مُحَمَّد عبيد الله الْمهْدي صَاحب إفريقية بصناعة الطِّبّ
وَكَانَ إِسْحَق ابْن سُلَيْمَان مَعَ فَضله فِي صناعَة الطِّبّ بَصيرًا بالْمَنْطق متصرفا فِي ضروب المعارف
وَعمر عمرا طَويلا إِلَى أَن نَيف على مائَة سنة وَلم يتَّخذ امْرَأَة وَلَا أعقب ولدا
وَقيل لَهُ أَيَسُرُّك أَن لَك ولدا قَالَ أما إِذا صَار لي كتاب الحميات فَلَا
يَعْنِي أَن بَقَاء ذكره بِكِتَاب الحميات أَكثر من بَقَاء ذكره بِالْوَلَدِ
ويروى أَنه قَالَ لي أَرْبَعَة كتب تحيي ذكري أَكثر من الْوَلَد وَهِي كتاب الحميات وَكتاب الأغذية والأدوية وَكتاب الْبَوْل وَكتاب الاسطقسات وَتُوفِّي قَرِيبا من سنة عشْرين وثلثمائة
وَقَالَ أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أبي خَالِد الْمَعْرُوف بِابْن الجزار فِي كتاب أَخْبَار الدولة يَعْنِي ابْتِدَاء دولة الإِمَام أبي مُحَمَّد عبيد الله الْمهْدي الَّذِي ظهر من الْمغرب حَدثنِي إِسْحَاق بن سُلَيْمَان المتطبب قَالَ لما قدمت من مصر على زِيَادَة الله بن الْأَغْلَب وجدته مُقيما بالجيوش فِي الأريس فرحلت إِلَيْهِ فَلَمَّا بلغه قدومي وَقد كَانَ بعث فِي طلبي وَأرْسل إِلَيّ بِخَمْسِمِائَة دِينَار وتقويت بهَا على السّفر فأدخلت إِلَيْهِ سَاعَة وصولي فَسلمت بالإمرة وَفعلت مَا يجب أَن يفعل للملوك من التَّعَبُّد فَرَأَيْت مَجْلِسه قَلِيل الْوَقار وَالْغَالِب عَلَيْهِ حب اللَّهْو وكل مَا حرك الضحك
فابتدأني بالْكلَام ابْن خُنَيْس الْمَعْرُوف باليوناني فَقَالَ لي تَقول إِن الملوحة تجلو قلت نعم
قَالَ وَتقول إِن الْحَلَاوَة تجلو قلت نعم
قَالَ لي فالحلاوة هِيَ الملوحة والملوحة هِيَ الْحَلَاوَة فَقلت إِن الْحَلَاوَة تجلو بلطف وملاءمة والملوحة تجلو بعنف
فتمادى على المكابرة وَأحب المغالطة
فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك قلت لَهُ تَقول أَنْت حَيّ قَالَ نعم
قلت وَالْكَلب حَيّ قَالَ نعم
قلت فَأَنت الْكَلْب وَالْكَلب أَنْت
فَضَحِك زِيَادَة الله ضحكا شَدِيدا فَعلمت أَن رغبته فِي الْهزْل أَكثر من رغبته فِي الْجد
قَالَ إِسْحَاق فَلَمَّا وصل أَبُو عبد الله دَاعِي الْمهْدي إِلَى رقادة أدناني وَقرب منزلتي وَكَانَت بِهِ حَصَاة فِي الكلى وَكنت أعَالجهُ بدواء فِيهِ العقارب المحرقة
فَجَلَست ذَات يَوْم مَعَ جمَاعَة من كتامة فسألوني عَن صنوف من الْعِلَل فَكلما أَجَبْتهم فَلم يفقهوا قولي
فَقلت لَهُم إِنَّمَا أَنْتُم بقر وَلَيْسَ مَعكُمْ من الإنسانية إِلَّا الِاسْم
فَبلغ الْخَبَر إِلَى أبي عبد الله فَلَمَّا دخلت إِلَيْهِ قَالَ لي تقَابل إِخْوَاننَا الْمُؤمنِينَ من كتامة بِمَا لَا يجب وَبِاللَّهِ الْكَرِيم لَوْلَا أَنَّك عذرك بأنك جَاهِل بحقهم وبقدر مَا صَار إِلَيْهِم من معرفَة الْحق وَأهل الْحق لَأَضرِبَن عُنُقك
قَالَ لي إِسْحَاق فَرَأَيْت رجلا شَأْنه الْجد فِيمَا قصد إِلَيْهِ وَلَيْسَ للهزل عِنْده سوق
ولإسحاق بن سُلَيْمَان من الْكتب كتاب الحميات خمس مقالات وَلم يُوجد فِي هَذَا الْمَعْنى كتاب أَجود مِنْهُ ونقلت من خطّ أبي الْحسن عَليّ بن رضوَان عَلَيْهِ مَا هَذَا مِثَاله أَقُول أَنا عَليّ بن رضوَان الطَّبِيب إِن هَذَا الْكتاب نَافِع وَجمع رجل فَاضل وَقد عملت بِكَثِير مِمَّا فِيهِ فَوَجَدته لَا مزِيد عَلَيْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق والمعونة
كتاب الْأَدْوِيَة المفردة والأغذية
كتاب الْبَوْل اخْتِصَار كِتَابه فِي الْبَوْل
كتاب الاسطقسات
كتاب الْحُدُود والرسوم
كتاب بُسْتَان الْحَكِيم وَفِيه مسَائِل من الْعلم الإلهي كتاب الْمدْخل إِلَى الْمنطق
كتاب الْمدْخل إِلَى صناعَة الطِّبّ
كتاب فِي النبض
كتاب فِي الترياق
كتاب فِي الْحِكْمَة وَهُوَ أحد عشر ميمرا















مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید