المنشورات

ابْن الجزار

هُوَ أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أبي خَالِد وَيعرف بِابْن الجزار من أهل القيروان طَبِيب ابْن طَبِيب وَعَمه أَبُو بكر طَبِيب وَكَانَ مِمَّن لَقِي إِسْحَاق بن سُلَيْمَان وَصَحبه وَأخذ عَنهُ
وَكَانَ ابْن الجزار من أهل الْحِفْظ والتطلع والدراسة للطب وَسَائِر الْعُلُوم حسن الْفَهم لَهَا
وَقَالَ سُلَيْمَان بن حسان الْمَعْرُوف بِابْن جلجل إِن أَحْمد بن أبي خَالِد كَانَ قد أَخذ لنَفسِهِ مأخذا عجيبا فِي سمته وهديه وتعدده وَلم يحفظ عَنهُ بالقيروان زلَّة قطّ وَلَا أخلد إِلَى لَذَّة
وَكَانَ يشْهد الْجَنَائِز والعرائس وَلَا يَأْكُل فِيهَا وَلَا يركب قطّ إِلَى أحد من رجال أفريقية وَلَا إِلَى سلطانهم إِلَّا إِلَى أبي طَالب عَم معد وَكَانَ لَهُ صديقا قَدِيما فَكَانَ يركب إِلَيْهِ يَوْم جُمُعَة لَا غير
وَكَانَ ينْهض فِي كل عَام إِلَى رابطة على الْبَحْر المستنير وَهُوَ مَوضِع مرابطة مَشْهُور الْبركَة مَذْكُور فِي الْأَخْبَار على سَاحل الْبَحْر الرُّومِي فَيكون هُنَالك طول أَيَّام القيظ ثمَّ ينْصَرف إِلَى أفريقية
وَكَانَ قد وضع على بَاب دَاره سَقِيفَة أقعد فِيهَا غُلَاما لَهُ يُسمى برشيق أعد بَين يَدَيْهِ جَمِيع المعجونات والأشربة والأدوية فَإِذا رأى الْقَوَارِير بِالْغَدَاةِ أَمر بِالْجَوَازِ إِلَى الْغُلَام وَأخذ الْأَدْوِيَة مِنْهُ نزاهة بِنَفسِهِ أَن يَأْخُذ من أحد شَيْئا
قَالَ ابْن جلجل حَدثنِي عَنهُ من أَثِق بِهِ قَالَ كنت عِنْده فِي دهليزه وَقد غص بِالنَّاسِ إِذْ أقبل ابْن أخي النُّعْمَان القَاضِي وَكَانَ حَدثا جَلِيلًا بأفريقية يستخلفه القَاضِي إِذا مَنعه مَانع عَن الحكم فَلم يجد فِي الدهليز موضعا يجلس فِيهِ إِلَّا مجْلِس أبي جَعْفَر فَخرج أَبُو جَعْفَر فَقَامَ لَهُ ابْن أخي القَاضِي على قدم فَمَا أقعده وَلَا أنزلهُ وَأرَاهُ قَارُورَة مَاء كَانَت مَعَه لِابْنِ عَمه ولد النُّعْمَان
وَاسْتوْفى جَوَابه عَلَيْهَا وَهُوَ وَاقِف ثمَّ نَهَضَ وَركب وَمَا كدح ذَلِك فِي نَفسه وَجعل يتَكَرَّر إِلَيْهِ بِالْمَاءِ فِي كل يَوْم حَتَّى برِئ العليل
قَالَ قَالَ الَّذِي حَدثنِي فَكنت عِنْده ضحوة نَهَار إِذْ أقبل رَسُول النُّعْمَان القَاضِي بِكِتَاب شكره فِيهِ على مَا تولى من علاج ابْنه وَمَعَهُ منديل بكسوة وثلثمائة مِثْقَال
فَقَرَأَ الْكتاب وجاوبه شاكرا وَلم يقبض المَال وَلَا الْكسْوَة فَقلت لَهُ يَا أَبَا جَعْفَر رزق سَاقه الله إِلَيْك
قَالَ لي وَالله لَا كَانَ لرجال معد قبلي نعْمَة
وعاش أَحْمد بن الجزار نيفا وَثَمَانِينَ سنة وَمَات عتيا بالقيروان وَوجد لَهُ أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألف دِينَار وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ قِنْطَارًا من كتب طبية وَغَيرهَا
وَكَانَ قد هم بالرحلة إِلَى الأندلس وَلم ينفذ ذَلِك
وَكَانَ فِي دولة معد
وَقَالَ كشاجم يمدح أَبَا جَعْفَر أَحْمد بن الجزار ويصف كِتَابه الْمَعْرُوف بزاد الْمُسَافِر 
(أَبَا جَعْفَر أبقيت حَيا وَمَيتًا ... مفاخر فِي طهر الزَّمَان عظاما)
(رَأَيْت على زَاد الْمُسَافِر عندنَا ... من الناظرين العارفين زحاما)
(فأيقنت أَن لَو كَانَ حَيا لوقته ... يحنا لما سمى التَّمام تَمامًا)
(سأحمد أفعالا لِأَحْمَد لم تزل ... مواقعها عِنْد الْكِرَام كراما) الطَّوِيل
وَلابْن الجزار من الْكتب كتاب فِي علاج الْأَمْرَاض وَيعرف بزاد الْمُسَافِر مجلدان
كتاب فِي الْأَدْوِيَة المفردة وَيعرف باعتماد كتاب فِي الْأَدْوِيَة المركبة وَيعرف بالبغية كتاب الْعدة لطول الْمدَّة وَهُوَ أكبر كتاب وَجَدْنَاهُ لَهُ فِي الطِّبّ
وَحكى الصاحب جمال الدّين القفطي أَنه رأى لَهُ بقفط كتابا كَبِيرا فِي الطِّبّ اسْمه قوت الْمُقِيم وَكَانَ عشْرين مجلدا
كتاب التَّعْرِيف بِصَحِيح التَّارِيخ وَهُوَ تَارِيخ مُخْتَصر يشْتَمل على وفيات عُلَمَاء زَمَانه وَقطعَة جميلَة من أخبارهم
رِسَالَة فِي النَّفس وَفِي ذكر اخْتِلَاف الْأَوَائِل فِيهَا كتاب فِي الْمعدة وأمراضها ومداواتها
كتاب طب الْفُقَرَاء
رِسَالَة فِي إِبْدَال الْأَدْوِيَة
كتاب فِي الْفرق بَين الْعِلَل الَّتِي تشتبه أَسبَابهَا وتختلف أعراضها
رِسَالَة فِي التحذر من إِخْرَاج الدَّم من غير حَاجَة دعت إِلَى إِخْرَاجه
رِسَالَة فِي الزُّكَام وأسبابه وعلاجه
رِسَالَة فِي النّوم واليقظة
مجربات فِي الطِّبّ مقَالَة فِي الجذام وأسبابه وعلاجه
كتاب الْخَواص
كتاب نصائح الْأَبْرَار
كتاب المختبرات
كتاب فِي نعت الْأَسْبَاب المولدة للوباء فِي مصر وَطَرِيق الْحِيلَة فِي دفع ذَلِك وعلاج مَا يتخوف مِنْهُ رِسَالَة إِلَى بعض إخوانه فِي الاستهانة بِالْمَوْتِ
رِسَالَة فِي المقعدة وأوجاعها
كتاب المكلل فِي الْأَدَب
كتاب الْبلْغَة فِي حفظ الصِّحَّة
مقَالَة فِي الحمامات
كتاب أَخْبَار الدولة يذكر فِيهِ ظُهُور الْمهْدي بالمغرب
كتاب الْفُصُول فِي سَائِر الْعُلُوم والبلاغات











مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید