المنشورات

ابْن باجة

هُوَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن يحيى بن الصَّائِغ وَيعرف بِابْن باجة من الأندلس
وَكَانَ فِي الْعُلُوم الْحكمِيَّة عَلامَة وقته وأوحد زَمَانه
وبلي بمحن كَثِيرَة وشناعات من الْعَوام وقصدوا هَلَاكه مَرَّات وَسلمهُ الله مِنْهُم
وَكَانَ متميزا فِي الْعَرَبيَّة وَالْأَدب حَافِظًا لِلْقُرْآنِ
ويعد من الأفاضل فِي صناعَة الطِّبّ
وَكَانَ متقنا لصناعة الموسيقى جيد اللّعب بِالْعودِ
وَقَالَ أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن الإِمَام فِي صدر الْمَجْمُوع الذف نَقله من أقاويل أبي بكر مُحَمَّد بن الصَّائِغ بن باجة مَا هَذَا مِثَاله هَذَا مَجْمُوع مَا قيد من أَقْوَال أبي بكر بن الصَّائِغ رَحمَه الله فِي الْعُلُوم الفلسفية
وَكَانَ ذَا ثقابة الذِّهْن
ولطف الغوص على تِلْكَ الْمعَانِي الشَّرِيفَة الدقيقة أعجوبة دهره ونادرة الْفلك فِي زَمَانه
فَإِن هَذِه الْكتب كَانَت متداولة بالأندلس من زمَان الحكم مستجلبها ومستجلب غرائب مَا صنف بالمشرق وَنقل من كتب الْأَوَائِل وَغَيرهَا نصر الله وَجهه وَتردد النّظر فِيهَا فَمَا انتهج فِيهَا النَّاظر قبله سَبِيلا وَمَا تقيد عَنْهُم فِيهَا إِلَّا ضلالات وتبديل كَمَا تبدد عَن ابْن حزم الإشبيلي وَكَانَ من أجل نظار زَمَانه وَأَكْثَرهم لمن تقدم عل إِثْبَات شَيْء من خواطره
وَكَانَ أحسن مِنْهُ نظرا وأثقب لنَفسِهِ تمييزا
وَإِنَّمَا انتهجت سبل النّظر فِي هَذِه الْعُلُوم بِهَذَا الحبر وبمالك بن وهيب الأشبيلي فَإِنَّهُمَا كَانَا متعاصرين غير أَن مَالك لم يُقيد عَنهُ إِلَّا قَلِيل نزر فِي أول الصِّنَاعَة الذهنية وأضرب الرجل عَن النّظر ظَاهرا فِي هَذِه الْعُلُوم وَعَن التَّكَلُّم فِيهَا لما لحقه من المطالبات فِي دَمه لسببها ولقصده الْغَلَبَة فِي جَمِيع محاوراته فِي فوز المعارف
وَأَقْبل على الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة فرأس فِيهَا أَو زاحم ذَلِك لكنه لم يلوح على أَقْوَاله ضِيَاء هَذِه المعارف وَلَا قيد فِيهَا بَاطِنا شَيْئا ألفى بعد مَوته
وَأما أَبُو بكر فَنَهَضت بِهِ فطرته الفائقة وَلم يدع النّظر والتنتيج وَالتَّقْيِيد لكل مَا ارتسمت حَقِيقَته فِي نَفسه على أطوار أَحْوَاله وكيفما تصرف بِهِ زَمَنه وأثبتت فِي الصِّنَاعَة الذهنية فِي أَجزَاء الْعلم الطبيعي مَا يدل على حُصُول هَاتين الصناعتين فِي نَفسه صُورَة ينْطق عَنْهَا ويفصل ويركب فِيهَا فعل المستولي على أمدها
وَله تعاليق فِي الهندسة وَعلم الْهَيْئَة تدل على بروعه فِي هَذَا الْفَنّ
وَأما الْعلم الإلهي فَلم يُوجد فِي تعاليقه شَيْء مَخْصُوص بِهِ اختصاصا تَاما إِلَّا نزعات تستقرأ من قَوْله فِي رِسَالَة الْوَدَاع واتصال الْإِنْسَان بِالْعقلِ الفعال وإشارات مبددة فِي أثْنَاء أقاويله لَكِنَّهَا فِي غَايَة الْقُوَّة وَالدّلَالَة على نزوعه فِي ذَلِك الْعلم الشريف الَّذِي هُوَ غَايَة الْعُلُوم ومنتهاها وكل مَا قبله من المعارف فَهُوَ من أَجله وتوطئة لَهُ
وَمن المستحيل أَن ينْزع فِي التوطئات وتنفصل لَهُ أَنْوَاع الْوُجُود على كمالها وَيكون مقصرا فِي الْعلم الَّذِي هُوَ الْغَايَة وَإِلَيْهِ كَانَ التشوق بالطبع لكل ذِي فطْرَة بارعه وَذي موهبة إلهية ترقية عَن أهل عصره وتخرجه من الظُّلُمَات إِلَى النُّور
كَمَا كَانَ رَحمَه الله وَقد صدرنا هَذَا الْمَجْمُوع بقول لَهُ فِي الْغَايَة الإنسانية على نِهَايَة من الوجازة تعرب عَمَّا أَشَرنَا إِلَيْهِ من إِدْرَاكه فِي الْعلم الإلهي
وَفِيمَا قبله من الْعُلُوم الموطئة لَهُ
وَعَسَى أَنه قد علق فِيهِ مَا لم يعثر عَلَيْهِ وَيُشبه أَنه لم يكن بعد أبي نصر الفارابي مثله فِي الْفُنُون الَّتِي تكلم عَلَيْهَا من تِلْكَ الْعُلُوم فَإِنَّهُ إِذا قارنت أقاويله فِيهَا بأقاويل ابْن سينا وَالْغَزالِيّ وهما اللَّذَان فتح عَلَيْهِمَا بعد أبي نصر بالمشرق فِي فهم تِلْكَ الْعُلُوم ودونا فِيهَا بِأَن لَك الرجحان فِي أقاويله
وَفِي حسن فهمه لأقاويل أرسطو
وَالثَّلَاثَة أَئِمَّة دون ريب وآتون مَا جَاءَ بِهِ من قبلهم بارع الْحِكْمَة عَن يَقِين تمتاز بِهِ أقاويلهم ويتواردون فِيهَا مَعَ السّلف الْكَرِيم
أَقُول وَكَانَ هَذَا أَبُو الْحسن عَليّ بن الإِمَام من غرناطة وَكَانَ كَاتبا فَاضلا متميزا فِي الْعُلُوم وَصَحب أَبَا بكر بن باجة مُدَّة واشتغل عَلَيْهِ
وسافر أَبُو الْحسن عَليّ بن الإِمَام من الْمغرب وَتُوفِّي بقوص
وَكَانَ من جملَة تلاميذ ابْن باجة أَيْضا القَاضِي أَبُو الْوَلِيد مُحَمَّد بن رشد
وَتُوفِّي ابْن باجه شَابًّا بِمَدِينَة فاس وَدفن بهَا
وَأَخْبرنِي القَاضِي أَبُو مَرْوَان الأشبيلي أَنه رأى قبر ابْن باجة وقريبا من قَبره قبر أبي بكر بن الْعَرَبِيّ الْفَقِيه صَاحب التصانيف
وَمن كَلَام ابْن باجة قَالَ الْأَشْيَاء الَّتِي ينفع تعلمهَا بعد زمَان طَوِيل لَا يضيع تذكرها
وَقَالَ حسن عَمَلك تفز بِخَير من الله سُبْحَانَهُ
وَلابْن باجة من الْكتب شرح كتاب السّمع الطبيعي لأرسطوطاليس قَول على بعض كتاب الْآثَار العلوية لأرسطوطاليس قَول على بعض كتاب الْكَوْن وَالْفساد لأرسطوطاليس
قَول على بعض المقالات الْأَخِيرَة من كتاب الْحَيَوَان لأرسطوطاليس
كَلَام على بعض كتاب النَّبَات لأرسطوطاليس
قَول ذكر فِيهِ التشوق الطبيعي وماهيته وابتدأ أَن يُعْطي أَسبَاب الْبُرْهَان وَحَقِيقَته
رِسَالَة الْوَدَاع
قَول يَتْلُو رِسَالَة الْوَدَاع
كتاب اتِّصَال الْعقل بالإنسان
قَول على الْقُوَّة النزوعية
فُصُول تَتَضَمَّن القَوْل على اتِّصَال الْعقل بالإنسان
كتاب تَدْبِير المتوحد
كتاب النَّفس
تعاليق على كتاب أبي نصر فِي الصِّنَاعَة الذهنية
فُصُول قَليلَة فِي السياسة المدنية
وَكَيْفِيَّة المدن وَحَال المتوحد فِيهَا
نبذ يسيرَة على الهندسة والهيئة
رِسَالَة كتب بهَا إِلَى صديقه أَبُو جَعْفَر يُوسُف بن أَحْمد بن حسداي بعد قدومه إِلَى مصر
تعاليق حكمِيَّة وجدت مُتَفَرِّقَة
جَوَابه لما سُئِلَ عَن هندسة ابْن سيد المهندس وطرقه
كَلَام على شَيْء من كتاب الْأَدْوِيَة المفردة لِجَالِينُوسَ
كتاب التجربتين على أدوية ابْن وَافد واشترك فِي تأليف هَذَا الْكتاب أَبُو بكر بن باجه وَأَبُو الْحسن سُفْيَان
كتاب اخْتِصَار الْحَاوِي للرازي
كَلَام فِي الْغَايَة الإنسانية كَلَام فِي الْأُمُور الَّتِي بهَا يُمكن الْوُقُوف على الْعقل الفعال
كَلَام فِي الِاسْم والمسمى
كَلَام فِي الْبُرْهَان
كَلَام فِي الأسطقسات
كَلَام فِي الفحص عَن النَّفس النزوعية وَكَيف هِيَ وَلم تنْزع وبماذا تنْزع
كَلَام فِي المزاج بِمَا هُوَ طبي










مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید