المنشورات

عَليّ بن رضوَان

هُوَ أَبُو الْحسن عَليّ بن رضوَان بن عَليّ بن جَعْفَر وَكَانَ مولده ومنشؤه بِمصْر وَبهَا تعلم الطِّبّ
وَقد ذكر عَليّ بن رضوَان فِي سيرته من كَيْفيَّة تعلمه صناعَة الطِّبّ وأحواله مَا هَذَا نَصه
قَالَ إِنَّه لما كَانَ يَنْبَغِي لكل إِنْسَان أَن ينتحل أليق الصَّنَائِع بِهِ وأوفقها لَهُ وَكَانَت صناعَة الطِّبّ تتاخم الفلسفة طَاعَة لله عز وَجل وَكَانَت دلالات النُّجُوم فِي مولدِي تدل على أَن صناعتي الطِّبّ
وَكَانَ الْعَيْش عِنْدِي فِي الْفَضِيلَة ألذ من كل عَيْش أخذت فِي تعلم صناعَة الطِّبّ وَأَنا ابْن خمس عشرَة سنة والأجود أَن أقتص إِلَيْك أَمْرِي كُله ولدت بِأَرْض مصر فِي عرض ثَلَاثِينَ دَرَجَة وَطول خمس وَخمسين دَرَجَة والطالع بزيج يحيى بن أبي مَنْصُور الْحمل هـ لَو وعاشرة الجدي هـ كح ومواضع الْكَوَاكِب الشَّمْس بالدلو اه لب وَالْقَمَر بالعقرب ح يه وَعرضه جنوب ح يز وزحل بِالْقَوْسِ كط وَللْمُشْتَرِي بالجدي هـ كح والمريخ بالدلو كَا مح والزهرة بِالْقَوْسِ كد ك وَعُطَارِد بالدلو يط وَسَهْم السَّعَادَة بالجدي د هـ وجزء الِاسْتِقْبَال الْمُتَقَدّم بالسرطان كب ي والجوزهر بِالْقَوْسِ يز يَا والذنب بالجوزاء يز مَا والنسر الْوَاقِع بالجدي اكب والشعرى العبور بالسرطان يب
فَلَمَّا بلغت السّنة السَّادِسَة أسلمت نَفسِي فِي التَّعْلِيم وَلما بلغت السّنة الْعَاشِرَة انْتَقَلت إِلَى الْمَدِينَة الْعُظْمَى واجهدت نَفسِي فِي التَّعْلِيم
وَلما أَقمت أَربع عشرَة سنة أخذت فِي تعلم الطِّبّ والفلسفة وَلم يكن لي مَال انفق مِنْهُ فَلذَلِك عرض لي فِي التَّعَلُّم صعوبة ومشقة
فَكنت مرّة أتكسب بصناعة القضايا بالنجوم وَمرَّة بصناعة الطِّبّ وَمرَّة بالتعليم
وَلم أزل كَذَلِك وَأَنا فِي غَايَة الِاجْتِهَاد فِي التَّعْلِيم إِلَى السّنة الثَّانِيَة وَالثَّلَاثِينَ فَإِنِّي اشتهرت فِيهَا بالطب وكفاني مَا كنت أكسبه بالطب بل وَكَانَ يفضل عني إِلَى وقتي هَذَا وَهُوَ آخر السّنة التَّاسِعَة وَالْخمسين
وكسبت مِمَّا فضل عَن نفقتي أملاكا فِي هَذِه الْمَدِينَة إِن كتب الله عَلَيْهَا السَّلامَة وَبَلغنِي سنّ الشيخوخة كفاني فِي النَّفَقَة عَلَيْهَا
وَكنت مُنْذُ السّنة الثَّانِيَة وَالثَّلَاثِينَ إِلَى يومي هَذَا أعمل تذكرة لي وأغيرها فِي كل سنة إِلَى أَن قررتها على هَذَا التَّقْرِير الَّذِي أستقبل بِهِ السّنة السِّتين من ذَلِك
أتصرف فِي كل يَوْم فِي صناعتي بِمِقْدَار مَا يُغني وَمن الرياضة الَّتِي تحفظ صِحَة الْبدن وأغتذي بعد الاسْتِرَاحَة من الرياضة غذَاء أقصد بِهِ حفظ الصِّحَّة وأجتهد فِي حَال تصرفي فِي التَّوَاضُع والمداراة وغياث الملهوف وكشف كربَة المكروب وإسعاف الْمُحْتَاج
وَأَجْعَل قصدي فِي كل ذَلِك الالتذاذ بالأفعال والانفعالات الجميلة
وَلَا بُد أَن يحصل مَعَ ذَلِك كسب مَا ينْفق فأنفق مِنْهُ على صِحَة بدني وَعمارَة منزلي نَفَقَة لَا تبلغ التبذير وَلَا تنحط التقتير وَتلْزم الْحَال الْوُسْطَى بِقدر مَا يُوجِبهُ التعقل فِي كل وَقت واتفقد آلَات منزلي فَمَا يحْتَاج إِلَى إصْلَاح صلحته وَمَا يحْتَاج إِلَى بدل بدلته وَأعد فِي منزلي مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الطَّعَام وَالشرَاب وَالْعَسَل وَالزَّيْت والحطب وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الثِّيَاب فَمَا فضل بعد ذَلِك كُله صرفته فِي وُجُوه الْجَمِيل وَالْمَنَافِع مثل إِعْطَاء الْأَهْل والأخوان وَالْجِيرَان وَعمارَة الْمنزل
وَمَا اجْتمع من غلَّة أملاكي أدخرته لعمارتها ومرمتها ولوقت الْحَاجة إِلَى مثله
وَإِذا هَمَمْت لتجديد أَمر مثل تِجَارَة أَو بِنَاء أَو غير ذَلِك فرضته مَطْلُوبا وحللته إِلَى مَوْضُوعَاته ولوازمها
فَإِن وجدته من الْمُمكن الْأَكْثَر بادرت إِلَيْهِ وَإِن وجدته من الْمُمكن الْقَلِيل أطرحته
وأتعرف مَا يمكنني تَعْرِيفه من الْأُمُور المزمعة وآخذ لَهُ أهبته
وَأَجْعَل ثِيَابِي مزينة بشعار الأخيار والنظافة وَطيب الرَّائِحَة
وألزم الصمت وكف اللِّسَان عَن معايب النَّاس
وأجتهد أَن لَا أَتكَلّم إِلَّا بِمَا يَنْبَغِي
وأتوقى الْأَيْمَان ومثالب الآراء فأحذر الْعجب وَحب الْغَلَبَة وأطرح الْهم الحرصي والاغتمام
وَإِن دهمني أَمر فادح أسلمت فِيهِ إِلَى الله تَعَالَى وقابلته بِمَا يُوجِبهُ التعقل من غير جبن وَلَا تهور
وَمن عاملته عاملته يدا بيد لَا أَسف وَلَا أتسلف إِلَّا أَن أضطر لذَلِك
وَإِن طلب مني أحد سلفا وهبت مِنْهُ وَلم أرد مِنْهُ عوضا وَمَا بَقِي من يومي بعد فراغي من رياضتي صرفته فِي عبَادَة الله سُبْحَانَهُ بِأَن أتنزه بِالنّظرِ فِي ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض وتمجيد محكمها وأتدبر مقَالَة أرسطاطاليس فِي التَّدْبِير وآخذ نَفسِي بِلُزُوم وصاياها بالغدة والعشي وأتفقد فِي وَقت خلوتي مَا سلف فِي يومي من أفعالي وانفعالاتي
فَمَا كَانَ خيرا أَو جميلا أَو نَافِعًا سررت بِهِ وَمَا كَانَ شرا أَو قبيحا أَو ضارا اغتممت بِهِ ووافقت نَفسِي بِأَن لَا أَعُود إِلَى مثله
قَالَ وَأما الْأَشْيَاء الَّتِي أتنزه فِيهَا فلأني فرضت نزهتي ذكر الله عز وَجل وتمجيده بِالنّظرِ فِي ملكوت السَّمَاء وَالْأَرْض
وَكَانَ قد كتب القدماء والعارفون فِي ذَلِك كتبا كَثِيرَة رَأَيْت أَن أقتصر مِنْهَا على مَا أنصه من ذَلِك خَمْسَة كتب من كتب الْأَدَب وَعشرَة كتب من كتب الشَّرْع وَكتب أبقراط وجالينوس فِي صناعَة الطِّبّ وَمَا جانسها مثل كتاب الحشائش لديسقوريدس وَكتب روفس وأريباسيوس وبولس وَكتاب الْحَاوِي للرازي وَمن كتب الفلاحة والصيدلة أَرْبَعَة كتب وَمن كتب التعاليم المجسطي ومداخله وَمَا أنتفع بِهِ فِيهِ والمربعة لبطلميوس وَمن كتب العارفين كتب أفلاطن وأرسطوطاليس والإسكندر وثامطيوس وَمُحَمّد الفارابي وَمَا أنتفع بِهِ فِيهَا
وَمَا سوى ذَلِك إِمَّا أبيعه بِأَيّ ثمن اتّفق وَإِمَّا أَن أخزنه فِي صناديق
وَبيعه أَجود من خزنه
أَقُول هَذَا جملَة مَا ذكره من سيرته
وَكَانَ مولده فِي ديار مصر بالجيزة وَنَشَأ بِمَدِينَة مصر وَكَانَ أَبوهُ فرانا
وَلم يزل ملازما للاشتغال وَالنَّظَر فِي الْعلم إِلَى أَن تميز وَصَارَ لَهُ الذّكر الْحسن والسمعة الْعَظِيمَة وخدم الْحَاكِم وَجعله رَئِيسا على سَائِر المتطببين
وَكَانَت دَار ابْن رضوَان بِمَدِينَة مصر فِي قصر الشمع وَهِي الْآن تعرف بِهِ وَقد تهدمت وَلم يتَبَيَّن إِلَّا بقايا يسيرَة من آثارها
وَحدث فِي الزَّمَان الَّذِي كَانَ فِيهِ ابْن رضوَان بديار مصر الغلاء الْعَظِيم
والغلاء الفادح الَّذِي هلك بِهِ أَكثر أَهلهَا
ونقلت من خطّ الْمُخْتَار ابْن الْحسن بن بطلَان أَن الغلاء عرض بِمصْر فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة قَالَ وَنقص النّيل فِي السّنة الَّتِي تَلِيهَا وتزايد الغلاء وَتَبعهُ وباء عَظِيم وَاشْتَدَّ وَعظم فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة
وَحكي أَن السُّلْطَان كفن من مَاله ثَمَانِينَ ألف نفس وَأَنه فقد ثَمَانمِائَة قَائِد وَحصل للسُّلْطَان من الْمَوَارِيث مَال جزيل
وحَدثني أَبُو عبد الله مُحَمَّد المالقي النَّاسِخ أَن ابْن رضوَان تغير عقله فِي آخر عمره وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك أَنه فِي ذَلِك الغلاء كَانَ قد أَخذ يتيمة رباها وَكَبرت عِنْده فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الْأَيَّام خلا لَهَا الْموضع وَكَانَ قد أدخر أَشْيَاء نفيسة وَمن الذَّهَب نَحْو عشْرين ألف دِينَار فَأخذت الْجَمِيع وهربت
وَلم يظفر مِنْهَا على خبر وَلَا عرف أَيْن تَوَجَّهت فتغيرت أَحْوَاله من حِينَئِذٍ
أَقُول وَكَانَ ابْن رضوَان كثير الرَّد على من كَانَ يعاصره من الْأَطِبَّاء وَغَيرهم وَكَذَلِكَ على كثير مِمَّن تقدمه
وَكَانَت عِنْده سفاهة فِي بَحثه وتشنيع على من يُرِيد مناقشته
وَأكْثر ذَلِك يُوجد عِنْدَمَا كَانَ يرد على حنين بن إِسْحَق وعَلى أبي الْفرج بن الطّيب وَكَذَلِكَ أَيْضا على أبي بكر مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الرَّازِيّ
وَلم يكن لِابْنِ رضوَان فِي صناعَة الطِّبّ معلم ينْسب إِلَيْهِ وَله كتاب فِي ذَلِك يتَضَمَّن أَن تَحْصِيل الصِّنَاعَة من الْكتب أوفق من المعلمين
وَقد رد عَلَيْهِ ابْن بطلَان هَذَا الرَّأْي وَغَيره فِي كتاب مُفْرد وَذكر فصلا فِي الْعِلَل الَّتِي لأَجلهَا صَار المتعلم من أَفْوَاه الرِّجَال أفضل من المتعلم من الصُّحُف إِذا كَانَ القَوْل وَاحِدًا
وَأورد عدَّة علل
الأولى مِنْهَا تجْرِي هَكَذَا وُصُول الْمعَانِي من النسيب إِلَى النسيب خلاف وصولها من غير النسيب إِلَى النسيب
والنسيب النَّاطِق أفهم للتعليم بالنطق وَهُوَ الْمعلم وَغير النسيب لَهُ جماد وَهُوَ الْكتاب وَبعد الجماد من النَّاطِق مطيل طَرِيق الْفَهم وَقرب النَّاطِق من النَّاطِق مقرب للفهم فالفهم من النسيب وَهُوَ الْمعلم أقرب وأسهل من غير النسيب وَهُوَ الْكتاب
وَالثَّانيَِة هَكَذَا النَّفس الْعَلامَة عَلامَة بِالْفِعْلِ وَصُورَة الْفِعْل عَنْهَا يُقَال لَهُ تَعْلِيم والتعليم والتعلم من الْمُضَاف
وَكلما هُوَ للشَّيْء بالطبع أخص بِهِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ بالطبع
وَالنَّفس المتعلمة عَلامَة بِالْقُوَّةِ وَقبُول الْعلم فِيهَا يُقَال لَهُ تعلم والمضافان مَعًا بالطبع
فالتعليم من الْمعلم أخص بالمتعلم من الْكتب
وَالثَّالِثَة على هَذِه الصُّورَة المتعلم إِذا استعجم عَلَيْهِ مَا يفهمهُ الْمعلم من لفظ نَقله إِلَى لفظ آخر وَالْكتاب لَا ينْقل من لفظ إِلَى لفظ
فالفهم من الْمعلم أصلح للمتعلم من الْكتاب وكل مَا هُوَ بِهَذِهِ الصّفة فَهُوَ فِي إِيصَال الْعلم أصلح للمتعلم وَالرَّابِعَة الْعلم مَوْضُوعه اللَّفْظ وَاللَّفْظ على ثَلَاثَة أضْرب قريب من الْعقل وَهُوَ الَّذِي صاغه الْعقل مِثَالا لما عده من الْمعَانِي ومتوسط ومتوسط وَهُوَ المتلفظ بِهِ بالصوت وَهُوَ مِثَال لما صاغه الْعقل وبعيد وَهُوَ الْمُثبت فِي الْكتب وَهُوَ مِثَال مَا خرج بِاللَّفْظِ
فالكتاب مِثَال مِثَال مِثَال الْمعَانِي الَّتِي فِي الْعقل والمثال الأول لَا يقوم مقَام الْمثل لعوز الْمثل فَمَا ظَنك بمثال مِثَال مِثَال الْمثل
فالمثال الأول لما عِنْد الْعقل أقرب فِي الْفَهم من مِثَال الْمِثَال والمثال الأول هُوَ اللَّفْظ وَالثَّانِي هُوَ الْكتاب
وَإِذا كَانَ الْأَمر على هَذَا فالفهم من لفظ الْمعلم أسهل وَأقرب من لفظ الْكتاب
وَالْخَامِسَة وُصُول اللَّفْظ الدَّال على الْمَعْنى إِلَى الْعقل يكون من جِهَة حاسة غَرِيبَة من اللَّفْظ وَهِي الْبَصَر لِأَن الحاسة النسبية للفظ هِيَ السّمع لِأَنَّهُ تصويت وَالشَّيْء الْوَاصِل من النسيب وَهُوَ اللَّفْظ أقرب من وُصُوله من الْغَرِيب وَهُوَ الْكِتَابَة
فالفهم من الْمعلم بِاللَّفْظِ أسهل من الْكتاب بالخط
وَالسَّادِسَة هَكَذَا يُوجد فِي الْكتاب أَشْيَاء تصد عَن الْعلم قد عدمت فِي تَعْلِيم الْمعلم وَهِي التَّصْحِيف الْعَارِض من اشْتِبَاه الْحُرُوف مَعَ عدم اللَّفْظ والغلط بزوغان الْبَصَر وَقلة الْخِبْرَة بالإعراب أَو عدم وجوده مَعَ الْخِبْرَة بِهِ أَو فَسَاد الْمَوْجُود مِنْهُ
واصطلاح الْكتاب مَا لَا يقْرَأ وَقِرَاءَة مَا لَا يكْتب وَنَحْو التَّعْلِيم ونمط الْكَلَام وَمذهب صَاحب الْكتاب
وسقم النّسخ ورداءة النَّقْل وادماج الْقَارئ مَوَاضِع المقاطع وخلط مبادئ التعاليم وَذكر أَلْفَاظ مصطلح عَلَيْهَا فِي تِلْكَ الصِّنَاعَة وألفاظ يونانية لم يُخرجهَا النَّاقِل من اللُّغَة كالثوروس وَهَذِه كلهَا معوقة عَن الْعلم
وَقد استراح المتعلم عَن تكلفها عِنْد قِرَاءَته على الْمعلم
وَإِذا كَانَ الْأَمر على هَذَا فالقراءة على الْعلمَاء أفضل وأجدى من قِرَاءَة الْإِنْسَان لنَفسِهِ
وَهُوَ مَا أردنَا بَيَانه
قَالَ وَأَنا آتِيك بِبَيَان سَابِع أَظُنهُ مُصدقا عنْدك وَهُوَ مَا قَالَه الْمُفَسِّرُونَ فِي الِاعْتِيَاض عَن السالبة البسيطة بالموجبة المعدولة فَإِنَّهُم مجمعون على أَن هَذَا الْفَصْل لَو لم يسمعهُ من أرسطوطاليس تِلْمِيذه تاؤفرسطس وأوذيموس لما فهم قطّ من كتاب
وَإِذا كَانَ الْأَمر على هَذَا فالفهم من الْمعلم أفضل من الْفَهم من الْكتاب
وبحسب هَذَا يجب على كل محب للْعلم أَن لَا يقطع بِظَنّ فَرُبمَا خَفِي الصَّوَاب وَإِذا خَفِي الصَّوَاب
علم الْأَشْيَاء علما رديا فثار عَلَيْهِ بِحَسب اعْتِقَاده فِي الْحق أَنه محَال شكوك يعسر حلهَا
وَكَانَت وَفَاة عَليّ بن رضوَان رَحمَه الله فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة بِمصْر وَذَلِكَ فِي خلَافَة الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي تَمِيم معد بن الظَّاهِر لإعزاز دين الله الْحَاكِم
وَمن كَلَام عَليّ بن رضوَان قَالَ إِذا كَانَت للْإنْسَان صناعَة ترتاض بهَا أعضاؤه ويمدحه بهَا النَّاس ويكسب بهَا كِفَايَته فِي بعض يَوْمه فأفضل مَا يَنْبَغِي لَهُ فِي بَاقِي يَوْمه أَن يصرفهُ فِي طَاعَة ربه
وَأفضل الطَّاعَات النّظر فِي الملكوت وتمجيد الْمَالِك لَهَا سُبْحَانَهُ
وَمن رزق ذَلِك فقد رزق خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وطوبى لَهُ وَحسن مآب
وَمن كَلَامه نقلته من خطه قَالَ الطَّبِيب على رَأْي بقراط هُوَ الَّذِي اجْتمعت فِيهِ سبع خِصَال الأولى أَن يكون تَامّ الْخلق صَحِيح الْأَعْضَاء حسن الذكاء جيد الروية عَاقِلا ذُكُورا خير الطَّبْع
الثَّانِيَة أَن يكون حسن الملبس طيب الرَّائِحَة نظيف الْبدن وَالثَّوْب
الثَّالِثَة أَن يكون كتوما لأسرار المرضى لَا يبوح بِشَيْء من أمراضهم
الرَّابِعَة أَن تكون رغبته فِي إِبْرَاء المرضى أَكثر من رغبته فِيمَا يلتمسه من الْأُجْرَة ورغبته فِي علاج الْفُقَرَاء أَكثر من رغبته فِي علاج الْأَغْنِيَاء
الْخَامِسَة أَن يكون حَرِيصًا على التَّعْلِيم وَالْمُبَالغَة فِي مَنَافِع النَّاس
السَّادِسَة أَن يكون سليم الْقلب عفيف النّظر صَادِق اللهجة لَا يخْطر بِبَالِهِ شَيْء من أُمُور النِّسَاء وَالْأَمْوَال الَّتِي شَاهدهَا فِي منَازِل الأعلاء فضلا عَن أَن يتَعَرَّض إِلَى شَيْء مِنْهَا
السَّابِعَة أَن يكون مَأْمُونا ثِقَة على الْأَرْوَاح وَالْأَمْوَال لَا يصف دَوَاء قتالا وَلَا يُعلمهُ وَلَا دَوَاء يسْقط الأجنة يعالج عدوه بنية صَادِقَة كَمَا يعالج حَبِيبه
وَقَالَ الْمعلم لصناعة الطِّبّ هُوَ الَّذِي اجْتمعت فِيهِ الْخِصَال بعد استكماله صناعَة الطِّبّ
والمتعلم هُوَ الَّذِي فراسته تدل على أَنه ذُو طبع خير وَنَفس ذكية وَأَن يكون حَرِيصًا على التَّعْلِيم ذكيا ذُكُورا لما قد تعمله
وَقَالَ الْبدن السَّلِيم من الْعُيُوب هُوَ الْبدن الصَّحِيح الَّذِي كل وَاحِد من أَعْضَائِهِ بَاقٍ على فضيلته
أَعنِي أَن يكون يفعل فعله الْخَاص على مَا يَنْبَغِي
وَقَالَ تعرف الْعُيُوب هُوَ أَن تنظر إِلَى هَيْئَة الْأَعْضَاء والسحنة والمزاج وملمس الْبشرَة وتتفقد أَفعَال الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة مثل أَن تنادي بِهِ من بعيد فَتعْتَبر بذلك حَال سَمعه وَأَن تعْتَبر بَصَره بِنَظَر الْأَشْيَاء الْبَعِيدَة والقريبة وَلسَانه بجودة الْكَلَام وقوته بشيل الثّقل والمسك والضبط وَالْمَشْي وإنحاء ذَلِك مثل أَن تنظر مَشْيه مُقبلا ومدبرا وَيُؤمر بالاستلقاء على ظَهره مَمْدُود الْيَدَيْنِ قد نصب رجلَيْهِ وصفهما وَتعْتَبر بذلك حَال أحشائه وتتعرف حَال مزاج قلبه بالنبض وبالأخلاق ومزاج كبده بالبول وَحَال الأخلاط وَتعْتَبر عقله بِأَن يسْأَل عَن أَشْيَاء وفهمه وطاعته بِأَن يُؤمر بأَشْيَاء وأخلاقه إِلَى مَا تميل بِأَن تعْتَبر كل وَاحِد مِنْهَا بِمَا يحركه أَو يسكنهُ
وعَلى هَذَا الْمِثَال أجر الْحَال فِي تفقد كل وَاحِد من الْأَعْضَاء والأخلاق
أما فِيمَا يُمكن ظُهُوره للحس فَلَا تقنع فِيهِ حَتَّى تشاهده بالحس وَأما فِيمَا يتعرف بالاستدلال فاستدل عَلَيْهِ بالعلامات الْخَاصَّة
وَأما فِيمَا يتعرف بِالْمَسْأَلَة فابحث عَنهُ بِالْمَسْأَلَة
حَتَّى تعْتَبر كل وَاحِد من الْعُيُوب فتعرف هَل هُوَ عيب حَاضر أَو كَانَ أَو متوقع أم الْحَال حَال صِحَة وسلامة
وَمن كَلَامه قَالَ إِذا دعيت إِلَى مَرِيض فأعطه مَا لَا يضرّهُ إِلَى أَن تعرف علته فتعالجها عِنْد ذَلِك
وَمعنى معرفَة الْمَرَض هُوَ أَن تعرف من أَي خلط حدث أَولا ثمَّ تعرف بعد ذَلِك فِي أَي عُضْو هُوَ وَعند ذَلِك تعالجه ولعلي بن رضوَان من الْكتب شرح كتاب الْعرق لِجَالِينُوسَ وَفرغ من شَرحه لَهُ فِي يَوْم الْخَمِيس لليلتين بَقِيَتَا من ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة
شرح كتاب الصِّنَاعَة الصَّغِيرَة لِجَالِينُوسَ
شرح كتاب النبض الصَّغِير لِجَالِينُوسَ
شرح كتاب جالينوس إِلَى أغلوقن فِي التأني لشفاء الْأَمْرَاض
شرح الْمقَالة الأولى فِي خمس مقالات
وَشرح الْمقَالة الثَّانِيَة فِي مقالتين
شرح كتاب الأسطقسات لِجَالِينُوسَ
شرح بعض كتاب المزاج لِجَالِينُوسَ وَلم يشْرَح من الْكتب السِّتَّة عشر لِجَالِينُوسَ سوى مَا ذكرت
كتاب الْأُصُول فِي الطِّبّ أَربع مقالات
كناش رِسَالَة فِي علاج الجذام
كتاب تتبع مسَائِل حنين مقالتان
كتاب النافع فِي كَيْفيَّة تَعْلِيم صناعَة الطِّبّ ثَلَاث مقالات
مقَالَة فِي أَن جالينوس لم يغلط فِي أقاويله فِي اللَّبن على مَا ظَنّه قوم
مقَالَة فِي دفع المضار عَن الْأَبدَان بِمصْر
مقَالَة فِي سيرته
مقَالَة فِي الشّعير وَمَا يعْمل مِنْهُ ألفها لأبي زَكَرِيَّا يهوذا بن سَعَادَة الطَّبِيب
جَوَابه لمسائل فِي لبن الأتن سَأَلَهُ إِيَّاهَا يهوذا بن سَعَادَة
تعاليق طبية
تعاليق نقلهَا فِي صيدلة الطِّبّ مقَالَة فِي مَذْهَب أبقراط فِي تَعْلِيم الطِّبّ
كتاب فِي أَن أفضل أَحْوَال عبد الله بن الطّيب الحالي السوفسطائية وَهُوَ خمس مقالات
كتاب فِي أَن الْأَشْخَاص كل وَاحِد من الْأَنْوَاع المتناسلة أَب أول مِنْهُ تناسلت الْأَشْخَاص على مَذْهَب الفلسفة
تَفْسِير مقَالَة الْحَكِيم فيثاغورس فِي الْفَضِيلَة
مقَالَة فِي الرَّد على أفرائيم وَابْن زرْعَة فِي الِاخْتِلَاف فِي الْملَل
انتزاعات شُرُوح جالينوس لكتب أبقراط
كتاب الِانْتِصَار لأرسطوطاليس وَهُوَ كتاب التَّوَسُّط بَينه وَبَين خصومه المناقضين لَهُ فِي السماع الطبيعي تسع وَثَلَاثِينَ مقَالَة
تَفْسِير ناموس الطِّبّ لأبقراط
تَفْسِير وَصِيَّة أبقراط الْمَعْرُوفَة بترتيب الطِّبّ
كَلَام فِي الْأَدْوِيَة المسهلة
كتاب فِي عمل الْأَشْرِبَة والمعاجين تَعْلِيق من كتاب التَّمِيمِي فِي الأغذية والأدوية
تَعْلِيق من كتاب فوسيدونيوس فِي أشربة لذيذة للأصحاء
فَوَائِد علقها من كتاب فيلغريوس فِي الْأَشْرِبَة النافعة اللذيذة فِي أَوْقَات الْأَمْرَاض
مقَالَة فِي الباه مقَالَة فِي أَن كل وَاحِد من الْأَعْضَاء يغتذي من الْخَلْط المشاكل لَهُ
مقَالَة فِي الطَّرِيق إِلَى إحصاء عدد الحميات
فصل من كَلَامه فِي القوى الطبيعية جَوَاب مسَائِل فِي النبص وصل إِلَيْهِ السُّؤَال عَنْهَا من الشَّام
رِسَالَة فِي أجوبة مسَائِل سَأَلَ عَنْهَا الشَّيْخ أَبُو الطّيب أَزْهَر بن النُّعْمَان فِي الأورام
رِسَالَة فِي علاج صبي أَصَابَهُ الْمَرَض الْمُسَمّى بداء الْفِيل وداء الْأسد
نُسْخَة الدستور الَّذِي أنفذه أَبُو الْعَسْكَر الْحُسَيْن بن معدان ملك مكران فِي حَال عِلّة الفالج فِي شقَّه الْأَيْسَر وَجَوَاب ابْن رضوَان لَهُ
فَوَائِد علقها من كتاب حِيلَة الْبُرْء لِجَالِينُوسَ
فَوَائِد علقها من كتاب تَدْبِير الصِّحَّة لِجَالِينُوسَ
فَوَائِد علقها من كتاب الْأَدْوِيَة المفردة لِجَالِينُوسَ
فَوَائِد علقها من كتاب الفصد لِجَالِينُوسَ
فَوَائِد علقها من كتاب الْأَدْوِيَة المفردة لِجَالِينُوسَ
فَوَائِد علقها من كتاب الميامر لِجَالِينُوسَ
فَوَائِد علقها من كتاب قاطاجانس لِجَالِينُوسَ
فَوَائِد علقها فِي الأخلاط من كتب عدَّة لأبقراط وجالينوس
كتاب فِي حل شكوك الرَّازِيّ على كتب جالينوس سبع مقالات
مقَالَة فِي حفظ الصِّحَّة
مقَالَة فِي أدوار الحميات
مقَالَة فِي التنفس الشَّديد وَهُوَ ضيق النَّفس
رِسَالَة كتب بهَا إِلَى أبي زَكَرِيَّا يهوذا ابْن سَعَادَة فِي النظام الَّذِي اسْتَعْملهُ جالينوس فِي تَحْلِيل الْحَد فِي كِتَابه الْمُسَمّى الصِّنَاعَة الصَّغِيرَة
مقَال فِي نقض مقَالَة ابْن بطلَان فِي الفرخ والفروج
مقَالَة فِي الفأر
مقَالَة فِيمَا أوردهُ ابْن بطلَان من التحييرات
مقَالَة فِي أَن مَا جَهله يَقِين وَحِكْمَة وَمَا علمه ابْن بطلَان غلط وسفسطة
مقَالَة فِي أَن ابْن بطلَان لَا يعلم كَلَام نَفسه فضلا عَن كَلَام غَيره
رِسَالَة إِلَى أطباء مصر والقاهرة فِي خبر ابْن بطلَان
قَول لَهُ فِي جملَة الرَّد عَلَيْهِ
كتاب فِي مسَائِل جرت بَينه وَبَين ابْن الْهَيْثَم فِي المجرة وَالْمَكَان
إِخْرَاجه لحواشي كَامِل الصِّنَاعَة الطبية الْمَوْجُود مِنْهُ بعض الأولى
رِسَالَة فِي أزمنة الْأَمْرَاض
مقَالَة فِي التطرق بالطب إِلَى السَّعَادَة
مقَالَة فِي أَسبَاب مدد حميات الأخلاط وقرائنها
جَوَابه عَمَّا شرح لَهُ من حَال عليل بِهِ عِلّة الفالج فِي شقَّه الْأَيْسَر
مقَالَة فِي الأورام
كتاب فِي الْأَدْوِيَة المفردة على حُرُوف المعجم اثْنَتَا عشرَة مقَالَة الْمَوْجُود مِنْهُ إِلَى بعض السَّادِسَة
مقَالَة فِي شرف الطِّبّ
رِسَالَة فِي الْكَوْن وَالْفساد
مقَالَة فِي سَبِيل السَّعَادَة وَهِي السِّيرَة الَّتِي اخْتَارَهَا لنَفسِهِ
رِسَالَة فِي بَقَاء النَّفس بعد الْمَوْت
مقَالَة فِي فَضِيلَة الفلسفة
مقَالَة فِي بِنَاء النَّفس على رَأْي أفلاطن وأرسطوطاليس
أجوبته لمسائل منطقية من كتاب الْقيَاس
مقَالَة فِي حل شكوك يحيى بن عدي الْمُسَمَّاة بالمحرسات
مقَالَة فِي الْحر
مقَالَة فِي بعث نبوة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من التَّوْرَاة والفلسفة
مقَالَة فِي أَن فِي الْوُجُود نقط وخطوط طبيعية
مقَالَة فِي حدث الْعَالم
مقَالَة فِي التَّنْبِيه على حيل من ينتحل صناعَة القضايا بالنجوم وتشرف أَهلهَا
مقَالَة فِي خلط الضَّرُورِيّ والوجودي
مقَالَة فِي اكْتِسَاب الْحَلَال من المَال
مقَالَة فِي الْفرق بَين الْفَاضِل من النَّاس والسديد والعطب
مقَالَة فِي كل السياسة
رِسَالَة فِي السَّعَادَة
مقَالَة فِي اعتذاره عَمَّا نَاقض بِهِ الْمُحدثين
مقَالَة فِي تَوْحِيد الفلاسفة وعبادتهم
كتاب فِي الرَّد على الرَّازِيّ فِي الْعلم الإلهي وَإِثْبَات الرُّسُل
كتاب الْمُسْتَعْمل من الْمنطق فِي الْعُلُوم والصنائع ثَلَاث مقالات
رِسَالَة صغرى فِي الهيولي صنفها لأبي سُلَيْمَان بن بابشاد
تذكرتاه الْمُسَمَّاة بالكمال الْكَامِل والسعادة القصوى غير كَامِلَة
تعاليقه لفوائد كتب أفلاطون المساجرة لهوية طبيعة الْإِنْسَان
تعاليق فَوَائِد مدْخل فرفوريوس
تَهْذِيب كتاب الحابس فِي رياسة الثنا الْمَوْجُود مِنْهُ بعض لَا كل
تعاليق فِي أَن خطّ الاسْتوَاء بالطبع أظلم لَيْلًا وَأَن جوهره بِالْعرضِ أظلم لَيْلًا
كتاب فِيمَا يَنْبَغِي أَن يكون فِي حَانُوت الطَّبِيب أَربع مقالات
مقَالَة فِي هَوَاء مصر
مقَالَة فِي مزاج السكر
مقَالَة فِي التَّنْبِيه على مَا فِي كَلَام ابْن بطلَان من الهذيان
رِسَالَة فِي دفع مضار الْحَلْوَى بالمحرور













مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید