المنشورات

سديد الدّين بن رقيقَة

هُوَ أَبُو الثَّنَاء مَحْمُود بن عمر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن شُجَاع الشَّيْبَانِيّ الحانوي وَيعرف بِابْن رقيقَة ذُو النَّفس الفاضلة والمروءة الْكَامِلَة
وَقد جمع من صناعَة الطِّبّ مَا تفرق من أَقْوَال الْمُتَقَدِّمين وتميز على سَائِر نظرائه وَأَضْرَابه من الْحُكَمَاء والمتطببين هَذَا مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ من الْفطْرَة الفائقة والألفاظ الرائقة وَالنّظم البليغ وَالشعر البديع وَكَثِيرًا مَا لَهُ من الأبيات الأمثالية والفقر الْحكمِيَّة
وَأما الرجز فإنني مَا رَأَيْت فِي وقته من الْأَطِبَّاء أحدا أسْرع عملا لَهُ مِنْهُ حَتَّى أَنه كَانَ يَأْخُذ أَي كتاب شَاءَ من الْكتب الطبية وينظمه رجزا فِي أسْرع وَقت مَعَ اسْتِيفَائه للمعاني ومراعاته لحسن اللَّفْظ
ولازم الشَّيْخ فَخر الدّين مُحَمَّد بن عبد السَّلَام المارديني وَصَحبه كثيرا واشتغل عَلَيْهِ بصناعة الطِّبّ وبغيرها من الْعُلُوم الْحكمِيَّة
وَكَانَ لسديد الدّين بن رقيقَة أَيْضا معرفَة بصناعة الْكحل والجراح وحاول كثيرا من أَعمال الْحَدِيد فِي مداواة أمراض الْعين
وقدح أَيْضا المَاء النَّازِل فِي الْعين الْجَمَاعَة وأنجب قدحه وأبصروا وَكَانَ المقدح الَّذِي يعانيه مجوفا وَله عطفة ليتَمَكَّن فِي وَقت الْقدح من امتصاص المَاء وَيكون العلاج بِهِ أبلغ
وَكَانَ قد اشْتغل أَيْضا بِعلم النُّجُوم وَنظر فِي حيل بني مُوسَى وَعمل مِنْهَا أَشْيَاء مستطرفة
وَكَانَ فَاضلا فِي النَّحْو واللغة
وَله أَيْضا أَخ فَاضل يُقَال لَهُ معِين الدّين أوحد زَمَانه فِي الْعَرَبيَّة وَهِي فنه وَله شعر كثير
وَسمع سديد الدّين بن رقيقَة أَيْضا شَيْئا من الحَدِيث وَمن ذَلِك حَدثنِي سديد الدّين مَحْمُود بن عمر بن مُحَمَّد الطَّبِيب الحانوي سَمَاعا من لَفظه قَالَ حَدثنِي الإِمَام الْفَاضِل فَخر الدّين مُحَمَّد بن عبد السَّلَام الْمَقْدِسِي ثمَّ المارديني قَالَ حَدثنَا الشَّيْخ أَبُو مَنْصُور موهوب بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْخضر الجواليقي قَالَ أخبرنَا أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن عَليّ الْخَطِيب التبريزي قَالَ حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن عبيد الله الرقي قَالَ حَدثنِي الرئيس أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد البتي قَالَ حَدثنِي أَبُو بكر مُحَمَّد عبد الله الشَّافِعِي قَالَ حَدثنَا القَاضِي أَبُو إِسْحَق إِسْمَاعِيل بن إِسْحَق قَالَ حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَتَيْنَاك يَا رَسُول الله وَلم يبْق لنا جمل يئط وَلَا صبي يصطبح
ثمَّ أنْشدهُ
(أَتَيْنَاك والعذراء تدمى لثاتها ... وَقد شغلت أم الصَّبِي عَن الطِّفْل)
(وَألقى بكفيه الْفَتى لاستكانة ... من الْجُوع هونا مَا يمر وَمَا يحلى)
(وَلَا شَيْء مِمَّا يَأْكُل النَّاس عندنَا ... سوى العلهز الْعَاميّ والحنظل الفسل)
(وَلَيْسَ لنا إِلَّا إِلَيْك فرارنا ... وَأَيْنَ فرار النَّاس إِلَّا إِلَى الرُّسُل) الطَّوِيل
قَالَ الرقي العلهز الْوَبر يعالج بِدَم الْحلم والحلم القراد إِذا كبر ويؤكل فِي الجدب ويروى والعنقر بِضَم الْقَاف وَفتحهَا وَهُوَ أصل البردي فهذان صَحِيحَانِ
ويروى العقهر وَهُوَ تَصْحِيف مَرْدُود
فَقَامَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجر رِدَاءَهُ حَتَّى رقي الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ رفع نَحْو السَّمَاء يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا سَحا سجالا غدقا طبقًا ديما عَاجلا غير رائث نَافِعًا غير ضار تنْبت بِهِ الزَّرْع وتملأ بِهِ الضَّرع وتحيي بِهِ الأَرْض بعد مَوتهَا
فوَاللَّه مَا رد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده إِلَى نَحره حَتَّى الْتَقت السَّمَاء بأرواقها وجاءه أهل البطانة يضجون يَا رَسُول الله الْغَرق الْغَرق فَأَوْمأ بطرفه إِلَى السَّمَاء وَضحك حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا فانجاب السَّحَاب عَن الْمَدِينَة حَتَّى أحدق بهَا كالأكليل ثمَّ قَالَ لله در أبي طَالب لَو كَانَ حَيا قرت عَيناهُ
من ينشدنا قَوْله فَقَالَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام يَا رَسُول الله لَعَلَّك أردْت
(وأبيض يَسْتَسْقِي الْغَمَام بِوَجْهِهِ ... ثمال الْيَتَامَى عصمَة للأرامل)
(تَطوف بِهِ الْهَلَاك من آل هَاشم ... فهم عِنْده فِي نعْمَة وفواضل)
(كَذبْتُمْ وَبَيت الله رب مُحَمَّد ... وَلما نُقَاتِل دونه ونناضل)
(وَلَا نسلمه حَتَّى نصرع حوله ... ونذهل عَن أَبْنَائِنَا والحلائل) الطَّوِيل
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أجل
ثمَّ قَامَ رجل من كنَانَة فأنشده
(لَك الْحَمد وَالْحَمْد مِمَّن شكر ... سقينا بِوَجْه النَّبِي الْمَطَر)
(دَعَا الله خالقه دَعْوَة ... إِلَيْهِ وأشخص مِنْهُ الْبَصَر)
(فَمَا كَانَ إِلَّا كَمَا سَاعَة ... وأسرع حَتَّى رَأينَا الذرر)
(دفاق العزالى وجم البعاق ... أغاث بِهِ الله عليا مُضر)
(فَكَانَ كَمَا قَالَ عَمه ... أَبُو طَالب ذَا رواء غرر)
(بِهِ يسر الله صوب الْغَمَام ... فَهَذَا العيان لذاك الْأَثر)
(فَمن يشْكر الله يلقى الْمَزِيد ... وَمن يكفر الله يلقى الْغَيْر) المتقارب
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجْلِسْ إِن يَك شَاعِرًا أحسن فقد أَحْسَنت
وَأَخْبرنِي سديد الدّين بن رقيقَة أَن مولده فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة بِمَدِينَة حيني وَنَشَأ بهَا
وَلما كَانَ فَخر الدّين المارديني بِمَدِينَة حيني وصاحبها نور الدّين بن جمال الدّين بن أرتق كَانَ قد عرض لنُور الدّين مرض فِي عَيْنَيْهِ فداواه الشَّيْخ فَخر الدّين مُدَّة أَيَّام
ثمَّ عزم على السّفر وَأَشَارَ على نور الدّين ابْن ارتق بِأَن يداويه سديد الدّين بن رقيقَة فعالجه سَرِيعا وَبرا برءا تَاما وَأطلق لَهُ جامكية وجراية فِي صناعَة الطِّبّ
وَقَالَ لي سديد الدّين أَن عمره يَوْمئِذٍ كَانَ دون الْعشْرين سنة
وَاسْتمرّ فِي خدمته
ثمَّ خدم بعد ذَلِك الْملك الْمَنْصُور مُحَمَّد صَاحب حماه ابْن تَقِيّ الدّين عمر وَبَقِي مَعَه مُدَّة
ثمَّ سَافر إِلَى خلاط وَكَانَ صَاحبهَا فِي ذَلِك الْوَقْت الْملك الأوحد نجم الدّين أَيُّوب بن الْملك الْعَادِل
أبي بكر بن أَيُّوب
وخدم صَلَاح الدّين بن ياغيسان وَكَانَ هَذَا صَلَاح الدّين قد تزوج الْملك الأوحد ابْن الْملك الْعَادِل بأخته وَكَانَ سديد الدّين بن رقيقَة يتَرَدَّد إِلَى خدمتها أَيْضا وَكَانَت كَثِيرَة الْإِحْسَان إِلَيْهِ
وَأقَام بخلاط مُدَّة إِلَى أَن توفّي الْملك الأوحد فِي ملازكرد بعلة ذَات الْجنب وَذَلِكَ فِي يَوْم السبت ثامن عشر ربيع الأول سنة تسع وسِتمِائَة
وَكَانَ يعالجه هُوَ وَصدقَة السامري
وخدم أَيْضا بعد ذَلِك الْملك الْأَشْرَف أَبَا الْفَتْح مُوسَى ابْن الْملك الْعَادِل وَأقَام بميافارقين سِنِين كَثِيرَة
وَلما كَانَ فِي ثَالِث جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وصل سديد الدّين بن رَقِيقه إِلَى دمشق إِلَى السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف فَأكْرمه واحترمه
وَأمر بِأَن يتَرَدَّد إِلَى الدّور السُّلْطَانِيَّة بالقلعة وَأَن يواظب أَيْضا معالجة المرضى بالبيمارستان الْكَبِير الَّذِي أنشأه الْملك الْعَادِل نور الدّين بن زنكي وَأطلق لَهُ جامكية وجراية
وَكَانَ لي أَيْضا فِي ذَلِك الْوَقْت مُقَرر جامكية وجراية لمعالجة المرضى فِي هَذَا البيمارستان وتصاحبنا مُدَّة فَوجدت من كَمَال مروءته وَشرف أرومته وغزارة علمه وَحسن تَأتيه فِي معرفَة الْأَمْرَاض ومداواتها مَا يفوق الْوَصْف
وَلم يزل بِدِمَشْق وَهُوَ يشْتَغل بصناعة الطِّبّ إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَكنت أَنا قد انْتَقَلت إِلَى صرخد فِي خدمَة صَاحبهَا الْأَمِير عز الدّين المعظمي فِي شهر ربيع الأول سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
وَمن شعر سديد الدّين بن رقيقَة وَهُوَ مِمَّا أَنْشدني لنَفسِهِ فَمن ذَلِك قَالَ
(يَا ملبسي بالنطق ثوب كَرَامَة ... ومكملي جواد بِهِ ومقومي)
(خذني إِذا أَجلي تناهى وانقضى ... عمري على خطّ إِلَيْك مقوم)
(واكشف بلطفك يَا إلهي غمتي ... وَأجل الصدا عَن نفس عَبدك وَارْحَمْ)
(فعساي من بعد المهانة أكتسي ... حلل المهابة فِي الْمحل الأكرم)
(وأبوء بالفردوس بعد إقامتي ... فِي منزل بَادِي السماجة مظلم)
(فقد اجتويت ثواي فِيهِ وَمن تكن ... دَار الْغرُور لَهُ محلا يسأم)
(دَار يُغَادر بؤسها وشقاءها ... من حلهَا وَكَأَنَّهُ لم ينعم)
(ويديل صافي عيشه وحياته ... كدرا فَلَا تجنح إِلَيْهَا تسلم)
(فبك المعاذ إلهنا من شَرها ... وَبِك الملاذ من الغواية فاعصم)
(وَعَلَيْك متكلي وعفوك لم يزل ... قصدي فوا خسراه إِن لم ترحم)
(يَا نفس جدي وادأبي وتمسكي ... بعرى الْهدى وعرى الْمَوَانِع فافصمي)
(لَا تهملي يَا نفس ذاتك أَن فِي ... نسيانها نِسْيَان رَبك فاعلمي)
(وَعَلَيْك بالتفكير فِي آلائه ... لتبوئي جناته وتنعمي)
(وتيممي نهج الْهِدَايَة أَنه ... مَنْهَج وَعَن لقم الضَّلَالَة أحجمي)
(لَا تَرْتَضِي الدُّنْيَا الدنية موطنا ... تعلي على رتب السَّوَارِي الأنجم)
(وتعايني مَا لَا رَأَتْ عين وَلَا ... أذن وعت فإليه جدي تغنمي)
(وتشاهدي مَا لَيْسَ يدْرك كنهه ... بالفكر أَو بتوهم المتوهم)
(قدس يجل بِأَن يحل جنابه ... يَا نفس إِلَّا كل شهم أَيهمْ)
(وَهُوَ المنزه أَن يكون مركبا ... من رَابِع أَو ثَالِث أَو توأم)
(وتجاوري الْأَبْرَار فِي مستوطن ... لَا دائر أبدا وَلَا متهدم)
(يَا أَيهَا الْمَغْرُور شبت وَلم تعد ... عَمَّا لهجت بِهِ وَلم تتندم)
(لَا تحسبن الشيب فِيك لعِلَّة ... عرضت وَلَا لتكرج فِي البلغم)
(لَكِن شبابك كَانَ شَيْطَانا وَمن ... يَك ماردا بِالشُّهُبِ حَقًا يرْجم)
(لَا تقرن الشيب الْمُنِير رواؤه ... بظلام أَعْرَاض الشبيبة تظلم)
(فالشيب إشراق الحجى وضياؤه ... فأهن هَوَاك أَوَان شيبك تكرم)
(واعكف على تمجيد موجدك الَّذِي ... غمر الْوُجُود الْجُود مِنْهُ وَعظم)
(فبذكره تشفى النُّفُوس من الجوى ... فَعَلَيهِ أَن آثرت برءك صمم)
(اكرم بِنَفس فَتى رأى سبل الْهوى ... تهوى فَمَال إِلَى الصِّرَاط الأقوم)
(ذَاك الَّذِي يخْتَار يَوْم معاده ... ملكا سجيس الدَّهْر لم يتصرم)
(يَا جَابر الْعظم الكسير وغافر ... الجرم الْكَبِير لكل عبد مجرم)
(مَالِي إِلَيْك وَسِيلَة وذريعة ... أنجو بهَا إِلَّا اعْتِقَاد الْمُسلم)
(فَأقبل بمنك تَوْبَتِي عَن حوبتي ... فَعَسَى سَعَادَة أوبتي لم أحرم)
(حمدا لَك اللَّهُمَّ ينمى مَا جلا ... وضح الصَّباح سَواد ليل أسحم)
(وعَلى نبيك ذِي السناء وَآله ... السَّادة الْأُمَنَاء صل وَسلم)
(المذهبي سغب الْيَتِيم ومؤثري ... العاني الْأَسير بزادهم والمعدم)
(وعَلى صحابته الَّذين بنصره ... قَامُوا ونار الْكفْر ذَات تضرم) الْكَامِل
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(أَرَاك عَن الْمحل الرحب ساهي ... وَعنهُ بمضمحل الأَصْل لاهي)
(فكم بالسجن وَيحك أَنْت زاه ... وَكم بالضيق الواهي تباهي)
(وتمنح من بِهِ يغريك ودا ... وتتهم الزواجر والنواهي)
(ألم تعلم بأنك كل يَوْم ... بِهِ تفجاك أَصْنَاف الدَّوَاهِي)
(تحل قواك جُزْءا بعد جُزْء ... وتفنى أَنْت وَالدُّنْيَا كَمَا هِيَ)
(وتحسبها صديقا وَهِي أردى ... عَدو بَين الشحناء داهي)
(همومك فِيهِ لَا تنفك تترى ... وعيشك فِيهِ عَيْش غير زاهي)
(أما يَكْفِيك زجر الشيب زجرا ... وَحسب أخي النَّهْي بالشيب ناهي)
(فعد عَنهُ إِلَى رحب فسيح ... مقامك فِيهِ لَيْسَ لَهُ تناهي)
(فحتام التغافل والتعامي ... وَكم هَذَا الجنوح إِلَى الملاهي)
(فَلَا تغتر أَن أَصبَحت فِيهِ ... أَخا مَال وَبت عريض جاه)
(فكم من أيد أضحى فأمسى ... بعيد ثرائه والأيد واهي)
(وَكَانَ يَقُول من سفه بِأَن لَا ... يصاب لَهُ شَبيه أَو مضاهي)
(فتب فَجَمِيع مَا تَأتيه يلفى ... صَغِيرا عندغفران الْإِلَه) الوافر
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(أَقُول لنَفْسي حِين أبدت تشوقا ... إِلَى الْعَالم الْأَعْلَى رويدك يَا نَفسِي)
(محالا ترومين النجَاة وَأَنت فِي ... المهالك من جنس الطبيعة والحس)
(ودونك بَحر إِن تعديت لجه ... أمنت وفزت بالخلاص من الْحَبْس)
(فَإِن رمت وصلا نَحْو سنخك فاكشفي ... غطاءك وانضي مَا عَلَيْك من اللّبْس)
(وَلَا تقبلي نَحْو الكثيف فتحرمي ... مجاورة الْأَطْهَار فِي حَضْرَة الْقُدس)
(وَلَا تتركي مَا يَأْمر الله ضلة ... فتبقي سجيس الدَّهْر فِي الشَّك واللبس)
(وَلَا تهملي يَا نفس ذاتك وأكثري ... التفكر فِيهَا واهجري كل مَا ينسي)
(وَلَا تغفلي عَن ذكرك الأول الَّذِي ... بِهِ قَامَت الأفلاك وَالْعرش والكرسي)
(وصلت على كره إِلَى الهيكل الَّذِي ... بِهِ اعتضت بالذعر الطَّوِيل عَن الْإِنْس)
(وَمَا كَانَ هَذَا الْوَصْل إِلَّا لترجعي ... منزهة بِالْعلمِ عَن وصمة الوكس)
(فَعَن أُمَم يقْضِي أيابك فاعملي ... لأخراك مَا ينجيك من ظلمَة الرمس)
(فَإِن تتركي نهج الْهدى كنت فِي غَد ... كمن بَاعَ رَأس المَال بِالثّمن البخس)
(فعودي إِلَى باريك يَا نفس ترتقي ... إِلَيْهِ وَإِلَّا دمت فِي الْعَالم المنسي)
(حليفة هم دَائِم وكآبة ... مجاورة أهل الدناءة والرجس)
(مخلاة مَمْنُوعَة ومهانة ... مبدلة بعد التنعم بالتعس)
(مبوأة دَار الهوان مذالة ... ومحشورة فِي زمرة الصم والخرس)
(سَبِيل الْهدى يَا نفس عِنْد ذَوي النهى ... أَشد وضوحا من سنا الْبَدْر وَالشَّمْس) الطَّوِيل
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(لَا يغرنك من زَمَانك بشره ... فالبشر مِنْهُ لَا محَالة حَائِل)
(فقطوبه طبع وَلَيْسَ تطبعا ... والطبع بَاقٍ والتطبع زائل) الْكَامِل
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(لست من يطْلب التكسب بالسخف ... وَلَو كنت مت عريا وجوعا)
(وَلَو أَنِّي ملكت ملك سُلَيْمَان ... لما اخْتَرْت عَن وقاري رُجُوعا) الْخَفِيف
وَقَالَ اقْتِدَاء بقول أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام انْظُر إِلَى مَا قَالَ وَلَا تنظر إِلَى من قَالَ
(لَا تكن نَاظرا إِلَى قَائِل القَوْل ... بل انْظُر إِلَيْهِ مَاذَا يَقُول)
(وَخذ القَوْل حِين تلقيه معقولا ... وَلَو قَالَه غبي جهول)
(فنباح الْكلاب مَعَ خسة فِيهَا ... على منزل الْكَرِيم دَلِيل)
(وكذاك النضار معدنه الأَرْض ... وَلكنه الخطير الْجَلِيل) الْخَفِيف
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(توق صُحْبَة أَبنَاء الزَّمَان وَلَا ... تأمن إِلَى أحد مِنْهُم وَلَا تثق)
(فَلَيْسَ يسلم مِنْهُم من تصاحبه ... طبعا من الْمَكْر والتمويه والملق) الْبَسِيط
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(أرى كل ذِي ظلم إِذا كَانَ عَاجِزا ... يعف ويبدي ظلمه حِين يقدر)
(وَمن نَالَ من دُنْيَاهُ مَا كَانَ زَائِدا ... على قدره أخلاقه تتنكر)
(وكل امْرِئ تلفيه للشر مؤثرا ... فَلَا بُد أَن يلقى الَّذِي كَانَ يُؤثر) الْكَامِل
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(لما رَأَيْت ذَوي الْفَضَائِل والحجا ... لَا يُنْفقُونَ وكل فدم ينْفق)
(ألزمت نَفسِي الْيَأْس علما أَن لي ... رَبًّا يجود بِمَا أروم ويرزق)
(ولزمت بَيْتِي واتخذت مسامري ... سفرا بأنواع الْفَضَائِل ينْطق)
(لي مِنْهُ إِنِّي جِئْته متصفحا ... عَمَّا حوى روض نضير مونق) الْكَامِل
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(مَا ضرّ خلقي أقلالي وَلَا شيمي ... وَلَا نهاني عَن نهج النهى عدمي)
(وَكَيف وَالْعلم حظي وَهُوَ أنفس مَا ... أعْطى الْمُهَيْمِن من مَال وَمن نعم)
(الْعلم بِالْفِعْلِ يزكو دَائِما أبدا ... وَالْمَال إِن أدمن الْإِنْفَاق لم يدم)
(فَالْمَال صَاحبه الْأَيَّام يَحْرُسهُ ... وَالْعلم يحرس أهليه من النقم) الْبَسِيط
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(خلقت مشاركا فِي النَّوْع قوما ... وَقد خالفتهم إِذْ ذَاك شخصا)
(أُرِيد كمالهم والنفع جهدي ... وهم يَبْغُونَ لي ضرا ونقصا)
(إِذا عددت مَا فيهم عيوبا ... فقد حاولت شَيْئا لَيْسَ يُحْصى) الوافر
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(لَا تصحبن فَتى أَرَاك تكلفا ... ودا وأضمر ضد ذَاك بطبعه)
(واهجر أَخَاك إِذا تنكر وده ... فالعضو يحسم داؤه فِي قطعه) الْكَامِل
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(إِذا جَاهِل ناواك يَوْمًا بمحفل ... فَلَا ترفعن الطّرف جهدك نَحوه)
(فَإنَّك إِن سالمته كنت عَالِيا ... عَلَيْهِ وَإِن جَارِيَته كنت كفوه)
(فكم جَاهِل رام انتقاصي بجهله ... رَأَيْت سَوَاء مدحه لي وهجوه) الطَّوِيل
وَقَالَ أَيْضا
(إِن الْعَدو وَإِن بدا لَك ضَاحِكا ... كالشري تبدو غضة أوراقه)
(وَهُوَ الزعاف لمن تعمد أَخذه ... والمجتوي البشع الكريه مذاقه)
(وَاعْلَم بِأَن الضِّدّ سم قربه ... والبعد عَنهُ حَقِيقَة ترياقه) الْكَامِل
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(إِذا كنت غارس غرسا جميلا ... فَلَا تعطشنه يفتك الثَّمر)
(وداوم على سقيه مَا اسْتَطَعْت ... بِمَاء السخا لَا بِمَاء الْمَطَر)
(وَلَا تتبعنه بِمن فقد ... رَأَيْنَاهُ مفْسدَة للشجر) المتقارب
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(جَانب طباعا بني الدُّنْيَا فقربهم ... يجدي المكاره إِن ضنوا وَإِن جادوا)
(فَالنَّاس ينْدر فيهم من إِذا عرض ... عرَاك من فِيهِ إسعاد وانجاد)
(وَلَا تهن إِن حماك الدَّهْر جدك ... فالأحرار عِنْد انحراف الدَّهْر انجاد)
(واطو الفلا طَالبا نيل العلى أبدا ... وَلَا يهولنك أغوار وانجاد) الْبَسِيط
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(وَإِن أَشد أهل الأَرْض حزنا ... وغما مِنْهُمَا لَا يستفيق)
(كريم حل مَوْضِعه الْمُعَلَّى ... سواهُ وَأَنه لبه الخليق) الوافر
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(وضع العوارف عِنْد النذل يتبعهُ ... على معاودة الألحاح فِي الطّلب)
(وَيحمل الْفَاضِل الطَّبْع الْكَرِيم على ... حسن الْجَزَاء لمولى الْعرف عَن كثب)
(فَالنَّاس كالأرض تسقى وَهِي وَاحِدَة ... عذبا وتنبت مثل الشري وَالرّطب) الْبَسِيط
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(وَإِنِّي امْرُؤ بالطبع الغي مطامعي ... وازجر نَفسِي طابعا لَا تطبعا)
(وَعِنْدِي غنى نفس وَفضل قناعة ... وَلست كمن إِن ضَاقَ ذرعا تضرعا)
(وَإِن مد نَحْو الزَّاد قوم أكفهم ... تَأَخَّرت باعا إِن دنا الْقَوْم اصبعا)
(ومذ كَانَت الدُّنْيَا لدي دنيئة ... تعرضت للأعراض عَنْهَا ترفعا)
(وَذَاكَ لعلمي إِنَّمَا الله رَازِق ... فَمن غَيره أَرْجُو وأخشى وأجزعا)
(فَلَا الضعْف يقصي الرزق إِن كَانَ دانيا ... وَلَا الْحول يُدْنِيه إِذا مَا تجزعا)
(فَلَا تبطرن إِن نلْت من دهرك الْغنى ... وَكن شامخا بالأنف إِن كنت مدقعا)
(فَقدر الْفَتى مَا حازه وأفاده ... من الْعلم لَا مَال حواه وجمعا)
(فَكُن عَالما فِي النَّاس أَو متعلما ... وَإِن فاتك القسمان أصغ لتسمعا)
(وَلَا تَكُ للأقسام مَا اسطعت رَابِعا ... فتدرأ عَن ورد النجَاة وتدفعا) الطَّوِيل
وَقَالَ أَيْضا
(إِذا كَانَ رزق الْمَرْء عَن قدر أَتَى ... فَمَا حرصه يُغْنِيه فِي طلب الرزق)
(كَذَا مَوته إِن كَانَ ضَرْبَة لازب ... فأخلاده نَحْو الدنا غَايَة الْحمق)
(فَإِن شِئْت أَن تحيا كَرِيمًا فَكُن فَتى ... يؤوسا فَإِن الْيَأْس من كرم الْخلق)
(فيأس الْكَرِيم الطَّبْع حُلْو مذاقه ... لَدَيْهِ إِذا مَا رام مَسْأَلَة الْخلق)
وَقَالَ أَيْضا
(أرى وجودك هَذَا لم يكن عَبَثا ... إِلَّا لتكمل مِنْك النَّفس فانتبه)
(فاعدل عَن الْجِسْم لَا تقبل عَلَيْهِ ومل ... إِلَى رِعَايَة مَا الْإِنْسَان أَنْت بِهِ)
(فمؤيس النَّفس عَن أهوائها يقظ ... ومطمع النَّفس فِيهَا غير منتبه)
(فاسلك سَبِيل الْهدى تحمد مغبته ... فمنهج الْحق باد غير مشتبه) الْبَسِيط
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(كن محسنا طبعا إِلَى ... من بدل الْحسنى مساءه)
(وَاشْفَعْ بإسداء الْجَمِيل ... صباحه أبدا مساءه)
(فَلَعَلَّهُ أَن ينثني ... ويحول عَن حَال الإساءه)
(فالحر يذكر من أَخِيه ... الْخَيْر لَا مَا مِنْهُ سَاءَهُ)
(فلكم مسيء رده الْإِحْسَان ... عَن ورد الرداءه)
(فصفا وَفَاء إِلَى الْوَفَاء ... وصير الْحسنى رِدَاءَهُ)
(فَإِذا منيت بمائن ... فِي الود لم يحسن أداءه)
(فأصدقه علك أَن تزيل ... بِصدق ودك عَنهُ داءه) الْكَامِل المرفل
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(كن مُجملا فِيمَا تَقول وَلَا تقل ... قولا يهجنه بذا وَفَسَاد)
(فجامعة الْحُكَمَاء قبلك دأبهم ... كَانَ الْجَمِيل من الْمقَال فسادوا) الْكَامِل
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(وَمَا صَاحب السُّلْطَان إِلَّا كراكب ... بلجة بَحر فَهُوَ يستشعر الْغَرق)
(فَإِن عَاد مِنْهُ سَالم الْجِسْم ناجيا ... فَمَا نَفسه فِيهِ يفارقها الْفرق) الطَّوِيل
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(يَا نَاظرا فِيمَا قصدت لجمعه ... اعذر فَإِن أَخا الْفَضِيلَة يعْذر)
(علما بِأَن الْمَرْء لَو بلغ المدى ... فِي الْعُمر لَاقَى الْمَوْت وَهُوَ مقصر) الْكَامِل
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ مِمَّا كتبه على كأس فِي وَسطه طَائِر على قبَّة مخرمَة إِذا قلب فِي الكاس مَاء دَار دورانا سَرِيعا وصفر صفيرا قَوِيا
وَمن إِذا وقف بإزائه الطَّائِر حكم عَلَيْهِ بالشرب فَإِذا شربه وَترك فِيهِ شَيْئا من الشَّرَاب صفر الطَّائِر وَكَذَلِكَ لَو شربه فِي مائَة مرّة فَمَتَى شرب جَمِيع مَا فِيهِ وَلم يبْق فِيهِ دِرْهَم وَاحِد فَإِن صفيره يَنْقَطِع
(أَنا طَائِر فِي هَيْئَة الزرزور ... مستحسن التكوين والتصوير)
(فَاشْرَبْ على نغمي سلاف مدامة ... صرفا تنير حنادس الديجور)
(صفراء تلمع فِي الكؤوس كَأَنَّهَا ... نَار الكليم بَدَت بِأَعْلَى الطّور)
(وَإِذا تخلف من شرابك درهما ... فِي الكلس نم بِهِ عَلَيْك صفيري) الْكَامِل
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ وَصِيَّة طبية
(توق الامتلاء وعد عَنهُ ... وَإِدْخَال الطَّعَام على الطَّعَام)
(وإكثار الْجِمَاع فَإِن فِيهِ ... لمن وَالَاهُ دَاعِيَة السقام)
(وَلَا تشرب عقيب الْأكل مَاء ... فتسلم من مضرات عِظَام)
(وَلَا عِنْد الخوى والجوع حَتَّى ... تلهن باليسير من الأدام)
(وَخذ مِنْهُ الْقَلِيل فَفِيهِ نفع ... لذِي الْعَطش المبرح والأوام)
(وهضمك فاصلحنه فَهُوَ أصل ... واسهل بالإبارج كل عَام)
(وفصد الْعرق نكب عَنهُ إِلَّا ... لذِي مرض رطيب الطَّبْع حامي)
(وَلَا تتحركن عقيب أكل ... وصير ذَاك بند الانهضام)
(لِئَلَّا ينزل الكيلوس فجا ... فيلحج فِي المنافذ والمسام)
(وَلَا تدم السّكُون فَإِن مِنْهُ ... تولد كل خلط فِيك خام)
(وقلل مَا اسْتَطَعْت المَاء بعد ... الرياضة واجتنب شرب المدام)
(وَعدل مزج كأسك فَهِيَ تبقي ... الْحَرَارَة فِيك دائمة الضرام)
(وخل السكر واهجره مَلِيًّا ... فَإِن السكر من فعل الظغام)
(وَأحسن صون نَفسك عَن هَواهَا ... تفز بالخلد فِي دَار السَّلَام) الوافر
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(غَرَض الطِّبّ يَا أَخا اللب عرفان ... مبادي أبداننا وَالْأُصُول)
(قيل حالاتها وَمَا توجب الْحَالَات ... فِيهَا وَمَا لَهَا من دَلِيل)
(لتدوم الْأَبدَان مَوْجُودَة الصِّحَّة ... منا وَذَاكَ بالتعديل)
(وتزال الْأَمْرَاض إِن أمكن الْحَال ... وَذَا بالإفراغ والتبديل) الْخَفِيف
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(إِن الْغذَاء وَإِن كَانَ الصّديق لما ... هُوَ الْمُدبر أَعنِي قُوَّة الوصب)
(فَهُوَ الْعَدو لَهَا أَيْضا لِأَن بِهِ ... زِيَادَة الضِّدّ أَعنِي عنصر الوصب) الْبَسِيط
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(علل الصِّحَّة حَقًا سِتَّة ... وَهِي أَيْضا علل للمرض)
(فَإِذا عدلتها فِي أَربع ... كَانَ ذَا التَّعْدِيل أنهى للغرض) الرمل
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(إِذا مَا اشْتهى ذُو عِلّة بعض مَا بِهِ ... شِفَاء من الدَّاء الَّذِي جِسْمه حلا)
(فَلَا تمنعنه مَا اشتهاه فَرُبمَا ... ترَاهُ وشيكا عقدَة الدَّاء قد حلا)
(وَكَانَ كَمَا قد قيل فِي مثل مَا جرى ... من السعد أَن يلقى هوى صَادف العقلا) الطَّوِيل
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(وأهيف الْقد قاني الخد تيمني ... وَفِي بحار الأسى الفاني ألقاني)
(لَو حل فِي الْقلب ثَان غَيره وثنى ... عَنهُ هواي ثنيت الثَّانِي الثَّانِي)
(وَلَو جنيت جنى مَا كَانَ غارسه ... فِيهِ هَوَاهُ لَكُنْت الْجَانِي الْجَانِي)
(وَلَو وَحقّ هَوَاهُ زار فِي حلمي ... خياله موهنا ألفاني الفاني)
(ألغى ودادي ومغناه الْفُؤَاد فَهَل ... لي من مجير وَقد ألغاني الغاني) الْبَسِيط
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(ومهفهف ساجي اللواحظ أوردا ... عشاقه بدلاله ورد الردى)
(تخذ العذار مفاضة تحميه من ... عين الْمُحب ولحظ مقلته ردا)
(لَو كَانَ أوردني برود رضابه ... لم يصبح السقم المبرح لي ردا)
(إِن مَاس أودى بالقضيب تأودا ... أَو لَاحَ أزرى بالهلال إِذا بدا)
(مَا شمت شامة خَدّه إِلَّا سَطَا ... بمهند من مقلتيه وعربدا)
(أَو رمت من حبيه يَوْمًا سلوة ... إِلَّا وَقَالَ طلبت مَسْأَلَة البدا) الْكَامِل
وَقَالَ أَيْضا
(أَيهَا الشادن الَّذِي طَابَ هتكي ... وافتضاحي بعد الصيانة فيكا)
(عِلّة الجفن فِيك عِلّة سقمي ... وشفاي ارتشاف خمرة فيكا)
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ يمدح صَلَاح الدّين مُحَمَّد بن باغيبسان
(ومدلل ساجي الجفون مهفهف ... جمع الملاحة ذُو الْجلَال لَدَيْهِ)
(وأحلها فِيهِ فاصبح رَبهَا ... وأمال أَفْئِدَة الْأَنَام إِلَيْهِ)
(من جفْنه سيف الصّلاح مُحَمَّد ... باد وَمن جفني سحب يَدَيْهِ) الْكَامِل
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ يهنئ الصاحب جلال الدّين أَبَا الْفَتْح مُحَمَّد بن نباتة بِبِنَاء دَاره
(يَا أَيهَا الصاحب الصَّدْر الْكَبِير جلال ... الدّين ابْن الْكِرَام السَّادة الشرفا)
(بنيت دَارا على الجوزاء مشرفة ... كَمَا قَدِيما بنيت الْمجد والشرفا)
(دَامَت مَحل سرُور لَا يحول وَلَا ... زَالَت رُؤُوس أعاديكم لَهَا شرفا)
(شرفت أصلا وأخلاقا وشنشنة ... فلست مِمَّن بِأَصْل وَحده شرفا) الْبَسِيط
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ وَقد كتبهَا لي شَيْخه فَخر الدّين مُحَمَّد بن عبد السَّلَام المارديني
(يَا سائقا نَحْو ميا فارقين أنخ ... بهَا الركاب وَبلغ بعض أشواقي)
(وَمَا أعانيه من وجد وَمن كمد ... ولوعة وصبابات وإيراق)
(إِلَى الَّذِي فاق أَبنَاء الزَّمَان نهى ... ومحتدا وثناهم طيب أعراق)
(وَقل محب لكم قد شفه مرض ... وَمَا سواك لَهُ من دائه راقي)
(صل الطبيعة لَا يَنْفَكّ يلذعه ... فاصرف نكايته عَنهُ بترياق)
(شطر الْحَيَاة مضى وَالنَّفس نَاقِصَة ... فَكُن مكملها فِي شطرها الْبَاقِي)
(فَأَنت أولى بتهذيبي وتبصرتي ... بِمَا يهذب أوصافي وأخلاقي)
(وَمَا يخلص نَفسِي من موانعها الْوُصُول ... عِنْد التفاف السَّاق بالساق)
(مشكاة ذهني قد أمست زجاجتها ... صديئة فأجلها بِالْوَاحِدِ الواقي)
(ورو مصباحها من زَيْت علمك كي ... تعود بعد انطفاء ذَات إشراق)
(حبس الطبيعة قد طَال الثواء بِهِ ... فها أَنا متوخ مِنْك إطلاقي)
(فاحلل حبائل أشراك الشواغل عَن ... جيدي وجد لي من رقي باعتاقي)
(لَعَلَّ نَفسِي أَن ترقى مهذبة ... عِنْد الْفِرَاق إِذا مَا قيل من راقي)
(وتغتدي فِي نعيم لَا انْتِهَاء لَهُ ... وَلَا فنى فِي جوَار الْوَاحِد الْبَاقِي) الْبَسِيط
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ يرثي ولدا لَهُ
(بني لقد غادرت بَين جوانحي ... لفقدك نَارا حرهَا يتسعر)
(واغربت بالأجفان بعد رقادها ... سهادا فَلَنْ تنفك بعْدك تسهر)
(فلست أُبَالِي حِين بنت بِمن ثوى ... وَلم أر من أخْشَى عَلَيْك وَاحْذَرْ)
(وَقَالَ أنَاس يصغر الْحزن كلما ... تَمَادى وحزني الدَّهْر ينمى وَيكبر)
(وَكنت صبورا عِنْد كل ملمة ... تلم فمذ أرديت عز التصبر)
(كملت فوافتك الْمنون وَهَكَذَا ... يوافي الخسوف الْبَدْر أبان يبدر) الطَّوِيل
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ فِي غَرَض
(تقربت بالإطراء بالشعر مُدَّة ... إِلَيْكُم وبالتنجيم والنحو والطب)
(وأبدعت آلَات النُّجُوم وَغَيرهَا ... وأعربت عَمَّا اعتاص من لُغَة الْعَرَب)
(وَحدثت أَخْبَار النَّبِي وَمَا أَتَى ... بِهِ الْحُكَمَاء الْقدَم قبلي فِي الْكتب)
(وعاملتكم بِالصّدقِ فِيمَا أقوله ... وَلم آل جهدا فِي النَّصِيحَة وَالْحب)
(فَلم اكْتسب شَيْئا سوى االبؤس والعنا ... وإنفاق عمري بئس ذَلِك من كسب)
(بِكُل تداوينا فَلم يشف مَا بِنَا ... إِلَّا أَن بعد الدَّار خير من الْقرب)
(أَلا إِن بعد الدَّار لَيْسَ بضائر ... إِذا كَانَ من تغشاه لَيْسَ بِذِي لب)
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(قيل لي لم هجوت نجل فلَان ... الْكَلْب بل لم أوغلت فِيهِ المثاقب)
(وأولو الْفضل لَا يرَوْنَ هجاء ... قطّ إِلَّا لذِي حجى ومناقب)
(قلت إِنِّي سخطت يَوْمًا على ... شعري فقابلت بِهِ كالمعاقب) الْخَفِيف
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(قَالُوا خليق بالطبيب بِأَن يرى ... بالطبع يعْدم رونقا وجمالا)
(صدقُوا وَلَكِن لَا إِلَى حد بِهِ ... يُؤْذِي الْمَرِيض ويفزع الأطفالا) الْكَامِل
وَقَالَ أَيْضا
(أيا فَاعِلا خل التطبب واتئد ... فكم تقتل المرضى الْمَسَاكِين بِالْجَهْلِ)
(فتركيب أجسام الْأَنَام مُؤَجل ... فَلم لَا كلاك الله تعجل بِالْحلِّ)
(كَأَنَّك يَا هَذَا خلقت موكلا ... على رَجَعَ أَرْوَاح الْأَنَام إِلَى الأَصْل)
(بهرت الوبا إِذْ قَتلك النَّاس دَائِما ... وَذَلِكَ فِي الأحيان يحدث فِي فصل)
(كفى الوصب الْمِسْكِين شخصك قَاتلا ... إِذا عدته قبل التَّعَرُّض للْفِعْل) الطَّوِيل
ولسديد الدّين بن رقيقَة من الْكتب كتاب لطف السَّائِل وتحف الْمسَائِل وَهَذَا الْكتاب قد نظم فِيهِ مسَائِل حنين
كليات القانون لَا بن سينا رجزا ومعاني أخر ضَرُورِيَّة يحْتَاج إِلَيْهَا فِي صناعَة الطِّبّ وَشرح هَذَا الْكتاب وَله أَيْضا عَلَيْهِ حواش مفيدة
كتاب مُوضحَة الِاشْتِبَاه فِي أدوية الباه كتاب الفريدة الشاهية وَالْقَصِيدَة الباهية وَهَذِه القصيدة صنعها بميافارقين فِي سنة خمس عشرَة وسِتمِائَة للْملك الْأَشْرَف شاه أرمن مُوسَى بن الْملك الْعَادِل أبي بكر بن أَيُّوب وَذكر لي أَنه نظمها فِي يَوْمَيْنِ وَهِي بَيت وصنع لَهَا أَيْضا شرحا مستقصى بليغا فِي مَعْنَاهُ
كتاب قانون الْحُكَمَاء وفردوس الندماء
كتاب الْغَرَض الْمَطْلُوب فِي تَدْبِير الْمَأْكُول والمشروب
مقَالَة مسَائِل وأجوبتها فِي الحميات
أرجوزة فِي الفصد
















مصادر و المراجع :      

١- عيون الأنباء في طبقات الأطباء

المؤلف: أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668هـ)

المحقق: الدكتور نزار رضا

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید