المنشورات
عماد الدّين الدنيسري
هُوَ الْحَكِيم الْعَالم الأديب الأريب عماد الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن القَاضِي الْخَطِيب تَقِيّ الدّين عَبَّاس ابْن أَحْمد بن عبيد الربعِي ذُو النَّفس الفاضلة والمروءة الْكَامِلَة والأريحية التَّامَّة والعوارف الْعَامَّة والذكاء الوافر وَالْعلم الباهر
مولده بِمَدِينَة دنيسر فِي سنة خمس وسِتمِائَة
وَنَشَأ بهَا واشتغل بصناعة الطِّبّ اشتغالا برع بِهِ فِيهَا وَحصل جمل مَعَانِيهَا وَحفظ الصِّحَّة حَاصِلَة واستردها زائلة
وَأول اجتماعي بِهِ كَانَ بِدِمَشْق فِي شهر ذِي الْقعدَة سنة سبع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة فَوجدت لَهُ نفسا حاتمية وشنشنة أخزمية وخلقا ألطف من النسيم ولفظا أحلى من مزاج التسنيم
واسمعني من نظمه الشّعْر البديع مَعْنَاهُ الْبعيد مرماه الَّذِي قد جمع أَجنَاس التَّجْنِيس وطبقات التطبيق النفيس والألفاظ الفصيحة والمعاني الصَّحِيحَة
فَهُوَ فِي علم الطِّبّ قد تميز على الْأَوَائِل والأواخر وَفِي الْأَدَب قد عجز كل ناظم وناثر
هَذَا مَعَ مَا أَنه فِي علم الْفِقْه على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي سيد زَمَانه وأوحد أَوَانه
وسافر من دنيسر إِلَى الديار المصرية ثمَّ رَجَعَ إِلَى الشَّام وَأقَام بِدِمَشْق وخدم الآدر الناصرية اليوسفية بقلعة دمشق
ثمَّ خدم فِي البيمارستان الْكَبِير النوري بِدِمَشْق
وَمن شعره وَهُوَ مِمَّا أَنْشدني لنَفسِهِ فَمن ذَلِك قَالَ
(بِاللَّه يَا قَارِئًا شعري وسامعه ... أسبل عَلَيْهِ رِدَاء الحكم وَالْكَرم)
(واستر بِفَضْلِك مَا تَلقاهُ من زللي ... فَإِن علمي قد أثرى من الْعَدَم) الْبَسِيط
وَقَالَ أَيْضا
(نعم فَلْيقل من شَاءَ عني فإنني ... كلفت بِذَاكَ الْخَال والمقلة الكحلا)
(وعذبني بالصد مِنْهُ وَكلما ... تجنى فَمَا أشهاه عِنْدِي وَمَا أحلى)
(وَحرمت نومي بعد مَا صد معرضًا ... كَمَا حلل الهجران أَن حرم الوصلا)
(غزال غزا قلبِي بعامل قده ... وَمكن من أجفانه فِي الحشا نبْلًا)
(فَلَا تعذلوني فِي هَوَاهُ فإنني ... حَلَفت بِذَاكَ الْوَجْه لَا أسمع العذلا) الطَّوِيل
وَقَالَ أَيْضا
(عذارك المخضر يَا منيتي ... لما بدا فِي الخد ثمَّ اسْتَدَارَ)
(أَقَامَ عُذْري عِنْد أهل الْهوى ... وَصَحَّ مَا قيل عَن الْأَعْذَار)
(وَكَانَ فِي ذَلِك لنا آيَة ... إِذْ جمع اللَّيْل مَعًا وَالنَّهَار) السَّرِيع
وَقَالَ أَيْضا
(غزال لَهُ بَين الجوانح والحشا ... مقيل وَفِي قلبِي مَكَان وَإِمْكَان)
(فَلَا تطمع العذال مني بسلوة ... وَإِن رمت سلوانا فَإِنِّي خوان)
(فَفِي كَبِدِي من فرط وجدي ولوعتي ... وَفِي الجفن نيران عَليّ وطوفان) الطَّوِيل
وَقَالَ أَيْضا
(عشقت بَدْرًا مليحا ... عَلَيْهِ بالْحسنِ هاله)
(مثل الغزال وَلَكِن ... تغار مِنْهُ الغزاله)
(بعثت من نَار وجدي ... مني إِلَيْهِ رساله)
(وَقلت أَنْت حَبِيبِي ... ومالكي لَا محاله)
(ولي عَلَيْك شُهُود ... مَعْرُوفَة بالعداله)
(جسمي يذوب وجفني ... دُمُوعه هطاله) الْبَسِيط
وَقَالَ من أَبْيَات
(أسكنتك الْقلب المليء من الوفا ... وَجعلت فِي سودائه مغناكا)
(وَقطعت عَن كل الْأَنَام مطامعي ... وهجرتهم لما عرفت هواكا) الْكَامِل
وَقَالَ أَيْضا
(نعم عِنْد قلبِي من لواحظه شغل ... فكفوا فَلَا عتب يُفِيد وَلَا عذل)
(وَمهما سَمِعْتُمْ من قديم صبَابَة ... فَذَاك حَدِيث صَحَّ عِنْدِي بِهِ النَّقْل)
(أجيراننا بِاللَّه مهلا فإنني ... أَسِير لما جَاءَت بِهِ الحدق النجل)
(عَزِيز على خديه نبت عذاره ... شغلت بِهِ عَن كل مَا كَانَ لي شغل)
(وَمن شا يلمني فِي هَوَاهُ فإنني ... حَلَفت بِهِ عَن حبه قطّ لَا أسلو) الطَّوِيل
وَقَالَ أَيْضا
يَا سادة رحلوا عني وَوَافَقَهُمْ ... صبري وَمَا بعثوا لي عَنْهُم خَبرا)
(لَا تسألوا مَا جرى لي يَوْم بَيْنكُم ... بل اسألوا عَن مصون كَيفَ جرى)
(وارحمتا لكئيب قل ناصره ... يقْضِي غراما وَمَا قضى بكم وطرا)
(قد بَات مِمَّا بِهِ من طول هجركم ... طول اللَّيَالِي بكم يستعذب السهرا)
(وَالْوَرق فَوق غصون البان تسعده ... بنوحها ونسيم الرَّوْض حِين سرى)
(فَهَل تجودون يَوْمًا بالوصال لَهُ ... وَإِن تمنعتموا جودوا بطيف كرى)
(فذكركم فِي صميم الْقلب مَسْكَنه ... وغيركم فِي صميم الْقلب مَا خطرا)
(وكل من لامه فِيكُم يَقُول لَهُ ... وَقد رأى حسنكم قُم كرر النظرا) الْبَسِيط
وَقَالَ أَيْضا من أَبْيَات
(حَلَفت لَهُ لَا حلت عَن ولهي بِهِ ... وقلبي على مَا قد حَلَفت لَهُ حلف)
(إِذا بَاعَنِي مِنْهُ الْوِصَال بمهجتي ... شريت وَهَا قلبِي أقدمه سلف) الطَّوِيل
قَالَ أَيْضا
(كفوا من اللوم فِي محبته ... قد سئمت من ملامكم نَفسِي)
(بيني وَبَين المسلو مرحلة ... لَكِنَّهَا من مراحل الشمش) المنسرح
قَالَ أَيْضا
(أما الحَدِيث فعنهم مَا أجمله ... وَالْمَوْت من جور الْهوى مَا أعدله)
(قل للعذول أطلت لست بسامع ... بَين السلو وَبَين قلبِي مرحله)
(لَا أَنْتَهِي من حب من أحببته ... مَا دَامَ قلبِي والهوى فِي منزله)
(ظَبْي تنبأ بالجمال على الورى ... يَا لَيْت شعري صُدْغه من أرْسلهُ)
(قد حل فِي قلبِي وكل جوانحي ... فدمي لَهُ فِي حبه من حلله)
(وحياة ناظره وعامل قده ... روحي بِعَارِض خَدّه متململه)
(هَب إِنَّنِي متجنن فِي حبه ... فعذاره فِي خَدّه من سلسله) الْكَامِل
وَقَالَ أَيْضا
(قف على بَان الْحمى والأبرق ... فَعَسَى تذْهب مني حرقي)
(فجفوني بعدهمْ قد أَقْسَمت ... أَنَّهَا لَا تلتقي أَو نَلْتَقِي)
(ودموعي كلما كفكفتها ... بهم قد أَقْسَمت لَا ترتقي)
(يَا عريب الْحَيّ رقوا وارحموا ... بحب بجفاكم قد شقي)
(قد فني كلي فِي حبكم ... وَبَقِي لي بعد كلي رمقي)
(وَالَّذِي أبقى هواكم والجفا ... ليته لما هجرتم لَا بَقِي) الرمل
وَقَالَ أَيْضا من أَبْيَات
(سَأَلتك أَن تجير لمستهام ... وَمَا نفع السُّؤَال فَلم تجور)
(وَحرمت الْوِصَال على كئيب ... إِلَيْك من الصبابة يستجير)
(فَيوم الهجر أقصره طَوِيل ... وليل الْوَصْل أطوله قصير) الوافر
وَقَالَ أَيْضا
(إِذا رفع الْعود تكبيره ... ونادى على الراح دَاعِي الْفَرح)
(رَأَيْت سجودي لَهَا دَائِما ... وَلَكِن عقيب رُكُوع الْقدح) المتقارب
وَقَالَ فِي مليح يلقب بالجمال
(قَالُوا عشقت من الْأَنَام جَمِيعهم ... رشأ فَأَنت بحسنه مقتول)
(فأجبتهم لَا تعجبوا مِمَّا جرى ... سيف الْجمال بجفنه مسلول) الْكَامِل
وَقَالَ أَيْضا فِي مليح تعرض للوصل بعد ذهَاب ملاحته
(لما سَأَلتك إشفاقا على كَبِدِي ... نَادَى بك التيه لَا تعطف على أحد)
(ورحت تمرح فِي ثوب الْجمال وَقد ... تَرَكتنِي وَأخذت الرّوح من جَسَدِي)
(حَتَّى إِذا الدَّهْر أدنى مِنْك حَادِثَة ... وَأَنت تعجز عَن إبعاده بيد)
(بعثت تطلب وَصلي كي أَعُود وَقد ... أخنى عَلَيْك الَّذِي أخنى على لبد)
وَقَالَ
(كلفت بالمعسول من رِيقه ... وهمت بالعسال من قده)
(بدر إِذا أبصرته مُقبلا ... أَبْصرت بدار التم فِي سعده)
(يجرح قلبِي لحظه مثل مَا ... يجرحه لحظي فِي خَدّه) السَّرِيع
وَمِنْهَا
(قلت لعذالي على حبه ... وَالْقلب مَوْقُوف على صده)
(من يَده فِي الما إِلَى زنده ... يعرف حر المَاء من برده) السَّرِيع
وَقَالَ أَيْضا
(إِن فاض مَاء جفوني قلت من فكري ... عَلَيْهِ أَو غاض دمعي قلت من نَارِي)
(وَكلما رمت أَن أسلو هَوَاهُ ... أرى النَّار فِي حبه أولى من الْعَار) الْبَسِيط
وَقَالَ أَيْضا
(وَلَقَد سَأَلت وصاله فَأَجَابَنِي ... عَنهُ الْجمال إِشَارَة عَن قَائِل)
(فِي نون حَاجِبه وَعين جفونه ... مَعَ مِيم مبسمه جَوَاب السَّائِل) الْكَامِل
وَقَالَ أَيْضا
(فِي صَاد مقلته إِذا حققتها ... مَعَ نون حَاجِبه وَمِيم المبسم)
(عذر لمن قد ضل فِيهِ مولها ... فعلام يعذل فِيهِ من لم يفهم) الْكَامِل
وَقَالَ لغزا فِي عُثْمَان
(سَأَلت جَمِيع النَّاس ظنا بأنني ... أرى فيهم من يعرف الْحق والصدقا)
(عَن اسْم مُسَمَّاهُ تناهى جماله ... وَمن هجره قلبِي وإعراضه يشقى)
(وأحرفه لَا شكّ خَمْسَة أحرف ... وكل صَحِيح الذِّهْن يعرفهُ حَقًا)
(إِذا زَالَ عَنهُ الْخمس وَالْخمس وَاحِد ... تبقى ثَمَان وَهِي أعجب مَا يبْقى) الطَّوِيل
وَقَالَ من قصيدة مدح بهَا الْملك السعيد غَازِي ابْن الْملك الْمَنْصُور صَاحب ماردين
(مؤيد الرَّأْي مِقْدَام كتائبه ... ملْء البسيطة من سهل وَمن جبل)
(ويركب الْجد يَوْم الْحَرْب معتقلا ... بعد الصوافن بالعسالة الذبل)
(فيشكل الْأسد يَوْم الروع صارمه ... والشكل بالبيض بعد النقط بالأسل) الْبَسِيط
وَقَالَ مخمسا هَذِه الأبيات
(وَحقّ هَوَاك وجدي لَا يحول ... وجسمي قد أضرّ بِهِ النحول)
(وقلبي والفؤاد غَدا يَقُول ... أرى الْأَيَّام صبغتها تحول)
(وَمَا لهواك من قلبِي نصول ... )
(عذولي رَاح فِي قيل وَقَالَ ... وَمَا أَنا عَن محبتكم بسالي)
(وَكَيف يمر هجركم ببالي ... وَحب لَا تغيره اللَّيَالِي)
(محَال أَن يُغَيِّرهُ العذول ... )
(فَلَمَّا كَانَ بالهجران فتكي ... وطرفي والفؤاد لذاك يبكي)
(وَقد جد الرحيل بِغَيْر شكّ ... أَتَت ودموعها فِي الخد تحكي)
(قلائدها وَقد جعلت تَقول ... )
(فَقلت لَهَا رويدك بالرعايا ... فَفِي قلبِي لبعدكم بلايا)
(فَقَالَت والمنى مِنْهَا منايا ... غَدَاة غَد تزم بِنَا المطايا)
(فَهَل لَك من وداع يَا خَلِيل ... )
(معذبتي تَقول بِلَا بِلَال ... إِذا أزف الرحيل وَحَال حَالي)
(وَأصْبح ربعنا بالبين خَالِي ... فَقلت لَهَا وعيشك لَا أُبَالِي)
(أَقَامَ الْحَيّ أم جد الرحيل ... )
(غَدا بالهجر مِنْك يذوب قلبِي ... وَلَا يجد الشِّفَاء بِغَيْر قرب)
(ولي أمل يَزُول بِذَاكَ كربي ... إِذا كَانَت بَنَات الْكَرم شربي)
(ونقلي وَجهك الْحسن الْجَمِيل ... )
(مَتى عوضت عَن سهر اللَّيَالِي ... بِقرب مِنْك مَعَ حسن الْوِصَال)
(وعاينت الْجمال على الْكَمَال ... أمنت بِذَاكَ حَادِثَة اللَّيَالِي)
(وَهَان عَليّ مَا قَالَ العذول ... ) الوافر
وَقَالَ فِي مليح صَنعته رفاء
(قطعت قلبِي بمر الهجر يَا أملي ... عَسى بحلو حَدِيث مِنْك ترفيه)
(فقد عصيت عذولا بَات يعذلني ... وَفِي مخالفتي للعذل ترفيهي)
وَقَالَ فِي مليح اسْمه عِيسَى
(يَا من هوى الِاسْم الْمَسِيح وَقد حوى ... كأس الردى فِي الجفن والأحداق)
(خَالَفت عِيسَى فِي الفعال وَقد غَدا ... يحيي وَأَنت تميت بالأشواق) الْكَامِل
وَقَالَ دوبيت
(يَا من نقض الْعَهْد مَعَ الْمِيثَاق ... هَا حسنك زائل ووجدي بَاقِي)
(إِن كنت عذرت فالوفا عَلمنِي ... أَن اسلك فِي الْهوى مَعَ العشاق)
وَقَالَ أَيْضا
(مولَايَ إِلَى مَتى على الصب تجور ... يَا غادر كم كَذَا صدود ونفور)
(يحظى بك غَيْرِي والهوى فِي كَبِدِي ... لَا صَبر لمن يحب إِن كَانَ غيور)
وَقَالَ أَيْضا
(فِي الْقلب من الغرام نَار تقد ... وَالله وَإِن هجرت زَالَ الْجلد)
(يَا من سلب الرقاد عَن عاشقه ... صلني فسواك مَا بقى لي أحد)
وَقَالَ أَيْضا
(الْأَمر بِأَن أَمُوت فِي الْحبّ إِلَيْك ... إِن رمت تلافي هَا أَنا بَين يَديك)
(وَالله وقلبي قَالَ لَو أمكنه ... سعيا لسعى مني على الرَّأْس إِلَيْك)
وَقَالَ أَيْضا
(مولَايَ وَحقّ من قضى لي بهواك ... مَا أسعد يَوْمًا فِيهِ وَالله أَرَاك)
(إِن كَانَ تلاف مهجتي فِيهِ رضاك ... أتلف كَبِدِي فَالْكل وَالله فدَاك)
ولعماد الدّين الدنيسري من الْكتب الْمقَالة المرشدة فِي درج الْأَدْوِيَة المفردة
كتاب نظم الترياق الْفَارُوق
كتاب فِي المثروديطوس
كتاب فِي تقدمة الْمعرفَة لأبقراط
أرجوزة
كتاب ديوَان شعر
مصادر و المراجع :
١- عيون الأنباء في طبقات
الأطباء
المؤلف: أحمد بن
القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى:
668هـ)
المحقق: الدكتور
نزار رضا
الناشر: دار
مكتبة الحياة - بيروت
29 يوليو 2024
تعليقات (0)