المنشورات
الْعرق وَمَا يدره ويمسكه وينذر بِهِ
يحصل مَا يدل عَلَيْهِ من الْأَمْرَاض الحادة فِي جَوَامِع الْعِلَل والأعراض: كَثْرَة الْعرق تكون أما لِكَثْرَة الرُّطُوبَة أَو لرقتها أَو لاتساع المسام أَو لفضل الْقُوَّة الدافعة وقلته وبالضد. وضيق المسام يكون أما من انضمام أَو سدة والأنضمام يكون إِمَّا للبرد وَإِمَّا للقبض وَإِمَّا لِكَثْرَة اللَّحْم والسدة تكون عَن أخلاط لزجة.
من الرَّابِعَة من تَدْبِير الأصحاء ينظر من الْعرق إِلَى لَونه وطعمه وريحه فِي وَقت الأستحمام فَأَنَّهُ يدل على الكيموسات الْغَالِبَة على الْبدن لِأَنَّهُ رُبمَا كَانَ أصفر وَرُبمَا كَانَ شَدِيد الصُّفْرَة إِذا جمع حَتَّى يكون كالجلاء يَعْنِي جلاء الصاغة وَعند ذَلِك يكون الْخَلْط الْغَالِب مرارياً خَالِصا وَرُبمَا كَانَ مائياً بلغمياً وَقد يكون حامضاً ومالحاً وَمَرا وكل ذَلِك يدل على حَال الكيموس الْغَالِب فِي الْبدن.
لي يتفقد من الْعرق لَونه وريحه وطعمه وقلته وكثرته وحرارته وبرودته واوقات خُرُوجه فَأَنَّهُ يدل فِي كل حَالَة من هَذِه الْحَالَات على شَيْء دون شَيْء.
قَالَ: وكما أَن الْبَوْل يدل على حَال مَا فِي الْعُرُوق كَذَا الْعرق يدل على مَا هُوَ خَارج الْعُرُوق أَعنِي الْفضل الملبس على الْعِظَام فَيكون إِذا غلب عَلَيْهِ البلغم أَبيض المنظر وَإِذا غلبت عَلَيْهِ الصَّفْرَاء أصفر بِمِقْدَار ذَلِك فَأن كَانَ غلبته كَثِيرَة صَار بلون الْجلاء أَعنِي جلاء الصاغة.
الْمقَالة الأولى من تقدمة الْمعرفَة: قَالَ: أما الْعرق فأفضله فِي جَمِيع الْأَمْرَاض الحادة مَا كَانَ فِي يَوْم باحورى وتخلص بِهِ العليل من حماه تخلصاً تَاما أَو مَا كَانَ فِي الْبدن كُله فَصَارَ العليل بِهِ أخف وَإِن لم يفعل أحد هذَيْن فَلَا نفع فِيهِ. وأردأ الْعرق الْبَارِد ثمَّ مَا كَانَ فِي الرَّقَبَة وَالرَّأْس فَأن هَذَا الْعرق إِذا كَانَ مَعَ حمى حادة يدل على الْمَوْت وَإِذا كَانَ مَعَ حمى هِيَ أَلين وأسكن أنذر بطول الْمَرَض.
قَالَ ج: أَن الْعرق الْكَائِن فِي يَوْم باخورى وَيكون بِهِ بحران تَامّ يكون حُدُوثه لَا محَالة فِي جَمِيع الْبدن وَكَذَا الْعرق الَّذِي يكون فِي جَمِيع الْبدن ويخف عَلَيْهِ الْمَرَض لَا محَالة يكون فِي يَوْم باحورى. وَأما الْعرق الَّذِي لَا يفعل شَيْئا من هذَيْن فرداءته يسيرَة. والكائن فِي الْبدن كُله إِلَّا أَنه يخف عَلَيْهِ الْمَرَض أَجود مِنْهُ. وَالَّذِي لَا يحدث خفاً لَكِن يزِيد فِي الْمَرَض فشر مِنْهُ وَلَو كَانَ فِي)
الْبدن كُله.
وَجَمِيع هَذِه الْأَصْنَاف حارة. والعرق الْبَارِد والكائن فِي الرَّأْس والرقبة رديئان لِأَنَّهُمَا ينذران بغشي. والبارد الْكَائِن فِي الرَّأْس والرقبة هُوَ شَرّ جَمِيع أَصْنَاف الْعرق وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ ينذر بحدوث الغشي لَكِن بِأَنَّهُ قد حدث فَانْظُر حِينَئِذٍ إِلَى الْحمى فَأن كَانَت مَعَ ذَلِك عَظِيمَة حارة فالموت لَا محَالة حَادث مَعَ كل وَاحِد من هذَيْن الصِّنْفَيْنِ من الْعرق الْبَارِد فِي جَمِيع الْبدن كَانَ أَو فِي الرَّأْس والرقبة فَقَط إِن كَانَت الْحمى مَعَ هَذَا الْعرق الْبَارِد هادية لينَة سَاكِنة فَأَنَّهُ مُمكن أَن تقوى الْقُوَّة على نضج تِلْكَ الأخلاط الَّتِي عَنْهَا يكون الْعرق الْبَارِد فِي طول الزَّمَان إِذا كَانَت لَا تنْحَل وتنفش من شدَّة حرارة الْحمى.
لي الْعرق حَار أَو بَارِد أَو مَائِع فِي عُضْو أَو قَلِيل أَو كثير أَو مَعَ حمى حادة أَو مَعَ حمى لينَة أَو فِي يَوْم باحورى أَو غير باحورى أَو مخفف للمرض أَو مسْقط لَهُ أَو زَائِد فِيهِ أَو فِي ابْتِدَاء الْمَرَض أَو فِي انحطاطه. والعرق الْكثير فِي الحميات إِذا كَانَ الْبدن قَوِيا يدل على فضل أَو امتلاء وَفِي الْبدن الصَّحِيح كَذَلِك وَيحْتَاج إِلَى الفصد وتقليل الْغذَاء والمسهل وَأما مَعَ الْبدن النحيف وَالْقُوَّة الساقطة فَيدل على ضعف الْقُوَّة وانحلال الْبدن بِهِ.
من كتاب مَا بَال: الْعرق الَّذِي قبل الْحمى وَالَّذِي بعد النّوبَة صَالح.
قَالَ: والعرق الْبَارِد إِنَّمَا يكون لِأَن الْحَرَارَة الَّتِي فِي الْبدن لم تقو على هضم الأخلاط الْبَارِدَة.
لي الْعرق الْحَار إِنَّمَا هُوَ بخار من حرارة الْبدن يجْتَمع ويتكاثف والبارد إِنَّمَا يكون حِين يسترخي الْبدن لِأَن الْحَرَارَة تمسك الرُّطُوبَة على سَبِيل الجذب فَإِذا غارت لم يكن للرطوبات جاذب.
قَالَ: الْجنب الَّذِي ينَام عَلَيْهِ لَا يعرق لِأَنَّهُ ينضغط وَيمْنَع السيلان إِلَيْهِ. وَالنَّوْم أَكثر عرقاً من الْيَقَظَة.
الرَّابِعَة من كتاب الْفُصُول قَالَ: الْعرق الْبَارِد إِذا كَانَ مَعَ حمى حادة دلّ على الْمَوْت وَإِذا كَانَ مَعَ حمى هادية دلّ على طول الْمَرَض. قَالَ ج: التجربة تشهد بِهَذَا فِي الْأَكْثَر وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن الْعرق الْبَارِد إِذا كَانَ مَعَ حمى دلّ أَن فِي الْبدن رطوبات بَارِدَة ردية تبلغ من كميتها ورداءة كيفيتها أَلا تقوى على أسخانها الْحَرَارَة الغريزية وَلَا حرارة الْحمى الغريبة وَمثل هَذِه الرطوبات تحْتَاج إِلَى زمَان طَوِيل جدا لتنضج فِيهِ فَإِذا كَانَ مَعَ حمى حادة لم تمهل لِأَنَّهَا تحل الْقُوَّة قبل)
نضج هَذِه فَأَما أَن كَانَ الْعرق الْبَارِد مَعَ حمى هادية فممكن أَن تمهل فِيهِ مُدَّة وتنضج تِلْكَ الأخلاط وَيُمكن أَيْضا مَعَ الْحمى الفاترة أَن تكون تِلْكَ الأخلاط وَيُمكن أَيْضا مَعَ الْحمى الفاترة أَن تكون تِلْكَ الأخلاط لَيست بالكثيرة وَلَا الشَّدِيدَة الْبرد فِي الْغَايَة وَلَكِن فتورة الْحمى لم تبلغ أَن تسخنها وَلَو كَانَت الْحمى أَشد حرارة لم يكن عَنْهَا عرق بَارِد بل حَار.
قَالَ: حَيْثُ كَانَ الْعرق من الْبدن فثم الْمَرَض لِأَن الأستفراغ يكون من مَوضِع الْعلَّة فَإِذا كَانَ الْخَلْط سابحاً فِي الْبدن كُله كَانَ الْعرق فِيهِ كُله وبالضد وَذَلِكَ أَن الْعرق يكون أما باستفراغ الطبيعة للشَّيْء الْفَاضِل وَعند ذَلِك يكون الْعرق ببحران مَحْمُود وَإِمَّا بِأَن الرطوبات لَا تسْتَمْسك فِي الْبدن بِسَبَب الْمَرَض وعَلى أَي جنس كَانَ الْعرق فَإِنَّمَا تستفرغ فِيهِ الرُّطُوبَة من الْأَعْضَاء العليلة. الْعرق الْكثير فِي النّوم من غير سَبَب يُوجب ذَلِك يدل على أَن صَاحبه تحمل على بدنه من الْغذَاء أَكثر مِمَّا يحْتَمل فَأن كَانَ ذَلِك من غير أَن ينَال صَاحبه من الطَّعَام فَيحْتَاج إِلَى استفراغ.
قَالَ ج: صِحَة هَذَا الْفضل يكون بِأَن يحفظ مَعَ الْعرق الْكثير وَذَلِكَ أَن الْقَلِيل يُمكن أَن يكون لضعف الْقُوَّة أَو لسخافة الْبدن وكثرته تكون على وَجْهَيْن: إِمَّا لإفراط تنَاول الْأَطْعِمَة قَرِيبا وَإِذا كَانَ كَذَلِك فامنعه مِنْهُ أَو لإفراط تنَاول أَطْعِمَة قد سبقت قبل ذَلِك وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَن يستفرغ. لي لِأَن الَّذِي أفرطه عرقه لتقدم امتلائه فقد حصل الأمتلاء فِي عروقه وَالَّذِي أفرط عرقه إِنَّمَا هُوَ لثقل الطَّعَام على بدنه فَلم يبلغ بعد أَن يكثر الأمتلاء فِي عروقه وَلذَلِك إِن منعته الْغذَاء اكْتفى وَالْأول ايضاً أَن منعته مِنْهُ كفى فِي دفع ذَلِك الْعرق لَكِن الأستفراغ خير لَهُ لخلال مِنْهَا أَنه لَا يُؤمن أَن تبدر بِهِ مضرَّة فِي مُدَّة هَذِه الْأَيَّام وَمِنْهَا أَن ذَلِك خير من أَن ينهك الْقُوَّة اياماً كَثِيرَة وَمِنْهَا أَن الْبَاقِي من دَمه بعد التجويع يكون ردياً لِأَن الألطف ينْحل وَأما بالدواء فانه قَالَ: الْعرق الْكثير الَّذِي يجْرِي دَائِما حاراً كَانَ أَو بَارِدًا فالحار يدل على خفَّة الْمَرَض والبارد على عظمه. قَالَ ج: هَذَا هُوَ الْعرق الْجَارِي دَائِما فِي جَمِيع أَيَّام الْمَرَض وَهَذَا يدل على كَثْرَة الأخلاط لِأَن الْبَارِد يدل على أَنَّهَا كَثِيرَة بَارِدَة وَلذَلِك هِيَ أردأ لِأَنَّهَا أَبْطَأَ نضجاً والحارة أقل رداءة. إِذا كَانَ بِإِنْسَان حمى فَأَصَابَهُ عرق فَلم تقلع حماه فَتلك عَلامَة ردية تنذر بطول مرض وتدل على رُطُوبَة كَثِيرَة وَلذَلِك تحْتَاج الطبيعة إِلَى مُدَّة كَثِيرَة لتنضج تِلْكَ الرُّطُوبَة وَيطول لذَلِك الْمَرَض بِإِذن الله تَعَالَى وَجل.)
السَّابِعَة من الْفُصُول: إِذا حدث عَن عرق أقشعرار فرديء لِأَن أبقراط قَالَ: أَن أَعْرَاض البحران إِذا لم يكن بهَا بحران فَرُبمَا دلّت على موت وَرُبمَا دلّت على أَن البحران يعسر لِأَن الطبيعة قد رامته فَلم تطقه.
لي أَنا لَا أستحسن هَذَا من أجل أَنه لَيْسَ الْعرق من أَعْرَاض البحران بل الشَّيْء الَّذِي يكون بِهِ البحران وَرُبمَا عَنى أبقراط بذلك أَن يظْهر القلق والأضطراب وَسَائِر العلامات الَّتِي تتقدم البحران ثمَّ لَا يكون البحران فَأن ذَلِك بِالْحَقِيقَةِ إِنَّمَا يكون لِأَن الْمَرَض قد تزيد زِيَادَة ردية فَيدل على موت أَو لِأَن الطبيعة قد أَرَادَت أَن تعْمل بحرانا فَلم تطق فَأَما هَهُنَا فَإِنَّمَا صَار كَذَلِك لِأَن الأستفراغ يَنْبَغِي أَن يكون أخف فَإِذا كَانَ الْعرق يجلب نافضاً بعده دلّ على أَن خللطاً كثيرا برز الْمقَالة السَّابِعَة: الْعرق الْكثير الْجَارِي دَائِما حاراً كَانَ أَو بَارِدًا يدل على أَنه يَنْبَغِي أَن يخرج من الْبدن رُطُوبَة أما فِي القوى فَمن فَوق وَأما فِي الضَّعِيف فَمن أَسْفَل.
قَالَ ج: اما أَن الْعرق الْكثير يدل على كَثْرَة رُطُوبَة فَصَحِيح وَأَن ذَلِك يحْتَاج أَن يستفرغ بالقيء والإسهال فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل دَائِما فِي الْقوي الْقَيْء وَلَا فِي الضَّعِيف الإسهال لَكِن يسْتَعْمل الْقَيْء والإسهال بِحَسب الْحَاجة إِلَيْهِمَا.
لي على مَا رَأَيْت فِي كتاب محنة الطَّبِيب: إِذا كَانَت الأخلاط مائلة نَحْو الْجلد فاستفرغها بالعرق. وَقَالَ فِي عليل أَرَادَ أَن يعرقه: أَنه أسخن الْبَيْت الَّذِي كَانَ فِيهِ ثمَّ أَمر أَن ينطل وَيصب على مراق بَطْنه دهن مسخن حَتَّى يبرز الْعرق ثمَّ يكف عَن الدّهن وَإنَّهُ لما فعل ذَلِك عرق.
لي وَهَذَا العليل كَانَ بِهِ ورم فِي أحشائه وَأخْبر أَنه لَو كَانَت الْعلَّة فِي عُضْو آخر لابتدأ بصب الدّهن على ذَلِك الْعُضْو.
الثَّانِيَة من أبيذيميا قَالَ: الْعرق إِذا كَانَ قبل نضج الْمَرَض لم ينْتَفع بِهِ وَإِنَّمَا يدل على كَثْرَة الرُّطُوبَة أَو على ضعف الْقُوَّة.
السَّابِعَة من السَّادِسَة من أبيذيميا: أَكثر من يَمُوت تعرق مِنْهُ الْجَبْهَة ونواحي الرَّأْس إِلَّا من يَمُوت بنزف الدَّم فَيكون لبَعْضهِم فِي الْجَبْهَة فَقَط ويبلغ فِي بَعضهم إِلَى الْعين. وكل عرق يكون على هَذَا الْوَجْه ينذر بِضعْف الْقُوَّة الحيوانية. قَالَ: وَقد يَمُوت من يكون جلده قحلاً بِلَا عرق. قَالَ فِي الْمسَائِل: يحدث الْعرق فِي من يَمُوت إِمَّا فِي الْجَبْهَة فَقَط أَو ينحدر حَتَّى يبلغ التراقي وَرُبمَا بلغ الصَّدْر.)
لي إِذا رَأَيْت ذَلِك مَعَ كد شَدِيد فَأَنْذر بِالْمَوْتِ.
الْيَهُودِيّ: إِذا كَانَ الْعرق لَا يسكن سُورَة الْحمى فالحمى طَوِيلَة.
قَالَ: وَقد رَأَيْت من كَانَ يعرق ثمَّ يحم فطالت بِهِ حماه جدا والعرق الْكثير المفرط مَعَ استطلاق الْبَطن أَو درور بَوْل أَو شَيْء من الأستفراغات رَدِيء.
الْإِسْكَنْدَر: مِمَّا يدر الْعرق جدا: أَن يسقى بعد الْخُرُوج من الْحمام جرع ماءٍ فاتر فَأَنَّهُ يعرق تعريقاً كثيرا. وَيخرج البلغم من العضل إِن خلط نطرون فِي زَيْت ودهن بِهِ صلب العليل فَأَنَّهُ يعرق فِي الْحمام وَهُوَ أَجود اسْتَعِنْ بِبَاب النافض فَأن فِيهِ معرقات والقوية مِنْهَا: الميعة والحلتيت والجاوشير والجندبادستر والأفيثمون يخلط بِعَسَل ويسقى فَأَنَّهُ يثيم ويعرق جدا والضعيف: دهن بابونج. وَالْقَوِي من الأدهان دهن يطْبخ فِيهِ عاقرقرحا وَنَحْوه.
شَمْعُون: يدر الْعرق الكمون إِذا شرب وَحب الْغَار والأنيسون والفنجنكشت والفوذنج والجعدة والمشكطرامشير والكاشم والشونيز والفستق وَمِمَّا يدره إِذا تمسح بِهِ دهن سوسن وبابونج والعاقرقرحا إِذا فتق فِي الدّهن والقسط وَمِمَّا يمْنَع الْعرق: عصارة الحصرم وطبيخ العفص إِذا دلك بِهِ الْبدن.
مسَائِل الْمقَالة الأولى من أبيذيميا قَالَ: الْعرق الْكَائِن قبل نضج الْمَرَض لَا ينفع الْبَتَّةَ وَهُوَ دَلِيل غير مَحْمُود لِأَنَّهُ لَيْسَ يستفرغ الْخَلْط الرَّدِيء بل يدل على كَثْرَة رُطُوبَة أَو على ضعف قُوَّة.
أريباسيوس: مِمَّا يدر الْعرق: بابونج يَابِس مدقوق مسحوق ويخلط بِزَيْت أنيسون أَو نطرون والحلتيت إِذا شرب مِنْهُ حمصة عرق.
الساهر: مِمَّا يقطع الْعرق المفرط مسح الْبدن بدهن ورد أَو دهن آس وَيصب عَلَيْهِ مَاء الآس وَمَاء ورد وَيروح بمراوح ويفرش الْبَيْت بأطراف الْأَشْجَار الْبَارِدَة. لي وَهُوَ قوي على مَا رَأَيْت هَهُنَا: يعتصر مَاء أَطْرَاف الْخلاف وورقه وَمَاء الآس وَمَاء الْورْد وَيُؤْخَذ مِنْهَا جُزْء جُزْء ويطبخ حَتَّى يذهب المَاء ويداف فِيهِ صندل أُوقِيَّة فِي رَطْل ودرهمان من كافور ويمرخ بِهِ الْبدن.
ابْن ماسويه فِي الحميات قَالَ: اقْطَعْ كَثْرَة الْعرق بدهن الآس أَو بدهن الْخلاف أَو خُذ تفاحاً وسفرجلاً من كل وَاحِد نصف رَطْل ورد يَابِس ثلث رَطْل واطبخه بِخَمْسَة أَرْطَال مَاء حَتَّى يبْقى رطلان وَصفه وألق عَلَيْهِ نصف رَطْل دهن ورد واغله إِلَى أَن يذهب المَاء وَاسْتعْمل الدّهن وَبرد مَضْجَع العليل. لي يتَّخذ دهن قوي لهَذَا.)
مابال: المَاء الْحَار يجلب الْعرق أَكثر من الْهَوَاء الْحَار. لي لذَلِك لَا شَيْء أَنْفَع فِي ابْتِدَاء الْحمى الَّتِي بنافض من شرب مَاء حَار مَرَّات والأنكباب عَلَيْهِ.
قَالَ: الْعرق إِذا مسح زَاد وَإِذا ترك انْقَطع. والعرق أبدا فِي مُؤخر الْبدن من نَاحيَة الظّهْر أَكثر وَهُوَ فِي الأعالي أَيْضا أَكثر والصدر أَيْضا يعرق أَكثر من الْبَطن والراس حماه أَكثر من سَائِر الْبدن الْعرق السخن ينذر بِبَقَاء الْحَرَارَة الغريزية والبارد بضعفها.
تياذوق قَالَ: ينفع من كَثْرَة الْعرق أَن يطْبخ أفسنتين فِي دهن آس ويدهن بِهِ.
ابْن سرابيون قَالَ: من انْحَلَّت قوته من عرق فانثر على بدنه آساً وورداً أَو ادهنه بدهن السفرجل والورد.
الثَّانِيَة من حِيلَة الْبُرْء قَالَ: الَّتِي تمنع من الْعرق المسددة والمغرية والقابضة وبالضد.
بولس: استدع الْعرق بدثار وَسُكُون وَلَا تمسح فَأن الْعرق يجلب الْعرق وليتمضمض بِالْمَاءِ الْحَار ويتجرع مِنْهُ فَأَما مَنعه فبالتبريد وَالْحَرَكَة والنشف وَالْمسح والعرق الْكثير يجلب ضعفا وَرُبمَا أحدثت غشياً شَدِيدا فاصبغ قَمِيصًا رَقِيقا بصندل وَمَاء ورد وينشر وَيروح ويذر على الْبدن عفص وَورد مسحوقان كالغبار وكهرباء وقشر الصنوبر ويطلى الْعُضْو الَّذِي يكثر فِيهِ بسويق الشّعير مَعَ شراب عفص وَيمْسَح الْوَجْه بخل وَمَاء أَن كَانَ فِيهِ الْعرق وَقد يطلى إِذا اشْتَدَّ الْأَمر بالألعبة والصموغ وتترك حَتَّى تَجف على الْبدن فَأَنَّهُ يمْنَع الْعرق وَيمْنَع مِنْهُ أَيْضا الشمع ودهن الْورْد وخاصة على الْكَتِفَيْنِ والصدر والغذاء الْبَارِد الْيَابِس وترويح الْبدن. قَالَ: وَيمْنَع من الْعرق الزَّيْت قد أغلي فِيهِ آس وفوذنج وعفص وكرفس إِذا دهن بِهِ.
لي كَذَلِك يسْتَعْمل مَاء الكرفس للحصف.
مابال قَالَ: الْعرق يكون عَن المَاء الْحَار أَكثر مِنْهُ عَن الْهَوَاء الْحَار. وَإِذا مسح الْعرق ازْدَادَ وَإِذا ترك وَلم يمسح انْقَطع لِأَنَّهُ إِذا لم يمسح برد على الْبدن ومقدم الرَّأْس يعرق أَكثر من مؤخره والصدر يعرق أَكثر من الْبَطن.
لي كَانَ رجل يعرق بدنه كثيرا فَاسْتعْمل عفصاً فَذهب عَنهُ ذَلِك وَلِهَذَا أرى لمن يتَأَذَّى بِكَثْرَة عرق فِي رجلَيْهِ أَن يدمن وضعهما فِي مَاء الشب والعفص وَنَحْوهمَا.
لي يتَبَيَّن من هَذَا الْفَصْل الَّذِي أَوله الأجواف فِي الشتَاء وَالربيع وَهُوَ الأول من الْفُصُول: أَن الْعرق قد يكون إِذا لم تستول الطبيعة على الْغذَاء غَايَة الأستيلاء لنُقْصَان فِي الْحَرَارَة الغريزية فَأن ج)
قَالَ هُنَاكَ: إِن كلما كَانَت الْحَرَارَة الغريزية أقوى كَانَ التَّحَلُّل أخْفى عَن الْحس لِأَنَّهُ أذا كَانَ أَمر الْبدن يجْرِي على مَا يَنْبَغِي واستولت الطبيعة على الْغذَاء وقهرته لم ينبعث من الْجلد رُطُوبَة يحس بهَا وَلذَلِك زعم بعض القدماء أَن الْعرق خَارج عَن الطبيعة.
لي فَمن هَهُنَا قُلْنَا أَن الْعرق قد يكون أما لفضل امتلاء أَو لِأَن الطبيعة مقصرة عَن استكمال الْفِعْل فِي الْغذَاء واعرف لأي هذَيْن هُوَ بعد من الْأَحْوَال الْأُخَر وَهَذَا هُوَ الْعرق الصحي غير الْمَكْرُوه لَا المرضى والكائن بالحمام وَالْحَرَكَة. ج: الفوذنج النَّهْرِي أَن شرب بِمَاء الْعَسَل وَهُوَ يَابِس أدر الْعرق وأسخن الْبدن أسخاناً بَينا.
والآس دهنه وعصارته يقطع عرق من يكثر عرقه ويورثه ذَلِك خفقان الْفُؤَاد ويقويه أَيْضا.
بولس: الْعرق المتقطع عرق رَدِيء جدا مهلك.
الثَّانِيَة من الْحِيلَة قَالَ: الْعرق يكون لِأَن الْحَرَارَة الغريزية تضعف أَو لِأَن الرجل يكثر الْغذَاء أَو لِأَنَّهُ يَتَحَرَّك حَرَكَة شَدِيدَة.
لي إِذا كَانَ الْعرق مَعَ قلَّة الْغذَاء فَذَلِك لضعف الْحَرَارَة الغريزية.
السَّادِسَة من الْعِلَل والأعراض قَالَ: الْعرق الَّذِي عَنهُ الغشي يكون عِنْد مَا يعرض للبدن أَن يكون غذاؤه يرجع الْقَهْقَرَى.
لي سَبَب الْعرق فِي الضعْف والغشي أَنه مَتى مَالَتْ الطبيعة نَحْو الْبَاطِن خلفت ماليس بخاص بهَا بِغَيْر تَدْبِير وَلَا ماسك وَيَكْفِيك هَذَا دَلِيلا وسائقاً إِلَى تحديده.
مُفْرَدَات تدر الْعرق ج: دهن الأقحوان يدر الْعرق والانيسون والعاقرقرحا إِذا خلط بالزيت وتمسح بِهِ يدر الْعرق. ج: الفوذنج النَّهْرِي إِن شرب بِمَاء الْعَسَل يدر الْعرق. البنس يجلب الْعرق مَاء رماد خشب التِّين إِذا تمرخ بِهِ مَعَ دهن عرق.
ابْن ماسويه: مِمَّا يدره إِذا تمسح بِهِ: دهن بابونج وَحده وَمَعَ فلفل مسحوق ودهن الْغَار ودهن الفجل ودهن الشبث والبلسان والزراوندان إِذا ديفا فِي دهن بَان وسليخة ودارصيني ودهن سوسن. وَمِمَّا يتَّخذ لَهُ فيدره: فوذنج بري حب بِلِسَان وَعوده فنجنكشت مقل انجرة قردمانا بزر جرجير فجل سذاب حرف إِذا بخر بِهِ عرق.
روفس: الْعرق يُخَفف الثّقل والأمتلاء فِي جَمِيع الْبدن والحواس وينشط النَّفس وَيسْقط الْقُوَّة أَن أفرط وَيخرج فضول الهضم الثَّالِث ويدره: الكمون حب الْغَار انيسون فوذنج جعدة قشر)
الفجل قسط مر نمام قشور السليخة مشكرطرامشير. برنجاسف قردمانا طبيخ أصل اللفاح حلتيت كاشم بطراساليون شونيز فستق.
من تذكرة عَبدُوس: دَوَاء معرق: يدلك ببورق أرمني قد ديف فِي دهن بابونج أَو فلفل يداف فِيهِ وَلَا يمسح الْعرق فَأن بعضه يجلب بَعْضًا ويحلل الأمتلاء. ويدره قدر حمصة حلتيت إِذا شرب. وَلَا يَنْبَغِي أَن يحكم سحق البورق إِذا دلك بِهِ مَعَ الدّهن.
الْمَانِعَة من الْعرق د: دهن الآس وزيت الْإِنْفَاق والمصطكى وَشرب المَاء بدل الشَّرَاب. روفس: ابْن ماسويه: يقطعهُ دهن الْورْد والآس وكثيراء وعفص وعصارة الحصرم.
التَّذْكِرَة: إِذا خيف الغشي من كَثْرَة الْعرق فأدم مَسحه وأطل بالصندل وَمَاء ورد وكافور وكهرباء وَسَوِيق وخل وَمَاء حَيّ الْعَالم وآس وَخلاف وَيجْلس مَكَانا ريحًا جدا وَيدخل مَاء بَارِدًا جدا وَإِن أفراط الْأَمر وَلم تغن الْأَدْوِيَة فصب مَاء الثَّلج على الْأَطْرَاف. (البرَاز والقيء) (وصنوفهما وَمَا يدلا عَلَيْهِ) قَالَ ج: فِي الْمقَالة الأولى من البحران: قَالَ أبقراط: 3 (أفضل البرَاز) 3 (مَا كَانَ لينًا مُتَّصِلا يخرج فِي الْوَقْت الَّذِي جرت بِهِ الْعَادة فِي الصِّحَّة ومقداره مَا يتَنَاوَل) 3 (من الْغذَاء. فَجعل الأستدلال يُؤْخَذ من قوام البرَاز ومقداره وَخُرُوجه فِي وقته لِأَن) 3 (هَذَا البرَاز يدل على صِحَة الْبَطن الْأَسْفَل. قَالَ ج: يُرِيد بالبطن الْأَسْفَل الْمعدة وَمَا) 3 (يتَّصل بهَا وسماها بَطنا أَسْفَل ليفرق بَينهَا وَبَين تجويف الصَّدْر ولهذه الْعلَّة لم يذكر لون) 3 (البرَاز لِأَن لَونه لَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي تعرف حَال الْمعدة لِأَن كَون البرَاز لينًا مجتمعاً كَاف فِي) 3 (الأستدلال على حسن استمراء الطَّعَام وَألا يتَقَدَّم عَن وقته الطبيعي وَلَا يتَأَخَّر وَيكون) 3 (مِقْدَاره على قِيَاس مَا يتَنَاوَل فَمَتَى اجْتمعت هَذِه الْخِصَال فِي البرَاز وَجب أَن يكون) 3 (منهضماً نضيجاً وَلَيْسَ مَتى لم تُوجد وَاحِدَة من هَذِه الْخِصَال وَجب أَن يكون منهضماً) 3 (لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن تكون قُوَّة الْمعدة صَحِيحَة لكنه قد يعرض للشَّيْء أذا استحكم) 3 (انهضامه ونضجه أَن يجِف وتنشف رطوبته حرارة قَوِيَّة فِيمَا حول الْمعدة من الْأَعْضَاء) 3 (وَينزل البرَاز رَقِيقا لَا لِأَن الْمعدة لم تجود هضمه بل لضعف الْقُوَّة المؤدية للغذاء إِلَى) 3 (جَمِيع البد فَأَما الثفل اللين فَيدل بِنَفسِهِ على صِحَة الهضم وقوته وَيدل مَعَ ذَلِك على)
مصادر و المراجع :
١-الحاوي في الطب
المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م
عدد الأجزاء: 7
9 أكتوبر 2024
تعليقات (0)