المنشورات

الهزيمة والخوف وأنّ الفِرارَ لا يقي من الموت

قال جل شأنه: {قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً} يقول سبحانه: لَنْ ينفعَ الناسَ الفِرارُ فإنه لابد لكل شخص من حتف أنفٍ أو قتل في وقتٍ معيَّن سبق به القضاءُ وجرى عليه القلم، ثم قال جل شأنه: وإن نفعكم الفرار مثلاً فمُتِّعتم بالتأخير لم يكن ذلك التمتُّع إلا تمتيعاً وزماناً قليلاً. وقال سبحانه: {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} البروج: الحصون، والمشيَّدة: المرتفعة.
وقال عليٌّ يومَ الجمل: إنَّ الموتَ طالبٌ حثيث، لا يعجزه المُقيم ولا يفوتُه الهارب، وإن لَمْ تُقتلوا تموتوا، وإنَّ أشرفَ الموتِ القتلُ.
ومن أمثال العرب: فلانٌ أجرأُ مِن فارسٍ خَصاف. وخَصاف كقَطام فرسٌ قال النّسّابون: كان مالك بن عَمْرو الغسانيُّ يقال له: فارسٌ خَصاف، وكان من أجبنِ الناس، فغزا يوماً، فأقبل سهمٌ حتّى وقع عند حافر فرسه فانْغَرَزَ في الأرض وجعل يهتزُّ حيناً فقال: إنَّ لِهذا السَّهمِ سبباً ينجُثُه - يُحرِّكه - فاختفى عنه، فإذا هو قد وقع على نفقِ يربوع فأصاب رأسَه، فتحرَّك اليربوع ساعةً ثم مات، فقال: هذا في جوف جُحْرٍ جاءَه سَهْمٌ فقتله، وأنا ظاهرٌ على فرس! ما المرء في شيءٍ ولا اليربوع، ولا أقْتَلُ إلا بأجلي، ثُمَّ شدَّ عليهم فأنكى في القوم، فكان بعدَ ذلك من أشجع الناس. . . وكان معاويةُ يتمثل بهذين البيتين كثيراً:
أكانَ الجبانُ يَرى أنّه ... سَيُقْتَلُ قبلَ انْقِضاءِ الأجَلْ
فَقَدْ تُدْركُ الحادِثاتُ الجبانَ ... ويَسْلَمُ منها الشُّجاعُ البَطَلْ
 














مصادر و المراجع :

١-الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع

المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)

الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر

عدد الأجزاء: 2

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید