المنشورات

الفن الصحفي في الولايات المتحدة الأمريكية

الفن الصحفي في الولايات المتحددة الأمريكية:
فقد بدأت الصحافة الأمريكية في الظهور يوم 25 سبتمبر سنة 1690 بنشرة اسمها "الوقائع العامة الخارجية والمحلية" ولم يصدر منها سوى عدد واحد لأنها طبعت "دون أدنى علم أو موافقة من السلطات". وبعد أربعة عشر عاما، وفي 24 أبريل سنة 1704، أسس جون كامبل1 صحيفة بوسطن نيوزليتر2، التي كانت تستقي أخبارها من لندن. ثم صدرت عدة صحف في القرنين الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، وكانت الأخبار تخضع لفكرة تغيرت -منذ ذلك الحين تغيرا جذريا- ألا وهي فكرة الظن بأن ليس للجريدة أن تكتب عن الأحداث الكبرى التي تقع في المدن لأن صغر هذه المدن يمكن كل إنسان من مشاهدة تلك الأحداث ومعاينتها شخصيا.
وقد تعرضت الصحف لكبت الحكومات، وفرض الضرائب الباهظة عليها، مما حدا بها إلى الارتماء في أحضان الأحزاب السياسية لحمايتها، وأخذت الصحف تؤيد الفئات السياسية، وتتجنى على الحقائق. ولم يكن توزيع الصحف مرتفعا، بل إن أكثر الصحف رواجا كان لا يزيد توزيعها عن الأربعة آلاف نسخة إلا بقليل.
وفي بداية القرن التاسع عشر كان عدد الصحف الصادرة في الولايات المتحدة الأمريكية نحو 200 صحيفة، بل إنها بلغت 1403 صحيفة سنة 1840، ووصلت إلى 2800 صحيفة سنة 1850.
وقد أدى الحلف الوثيق بين السياسة والصحافة إلى هبوط الصحف الحزبية إلى الدرك الأسفل في ميدان التهجم على الكرامات والتشهير والتحقير. وهكذا عرفت الصحافة في ذلك العصر باسم الصحافة السوداء. فلم يكن التحيز مقصورا على المقالات والتعليقات، بل تجاوز ذلك إلى أعمدة الأخبار نفسها، مما جعل الصحيفة مجرد نشرة حزبية خالية من الفن الصحفي تماما.
ولم تكن الصحف في مستهل القرن التاسع عشر تباع إلا باشتراك سنوي، وكان ثمن الاشتراك في الجريدة يتراوح بين ثمانية دولارات وعشرة. وفي سنة 1830 حدث تطور جديد في سعر الجريدة، عندما أرادت "ديلي كورير" أن تخفض السعر إلى أربعة دولارات. 

إلا أن الثورة الحقيقية في سعر الصحيفة، ثم في جماهيريتها وسعة انتشارها، قد نشبت سنة 1833 عندما أصدر هوراس جريلي1 أول صحيفة زهيدة الثمن وهي مورننج بوست2، ومع أن التوزيع كان ضئيلا، فقد ظهرت صحافة البنس الواحد لأول مرة في تاريخ أمريكا، وأصبحت الصحيفة في متناول الجميع. وبازدياد التقدم الآلي، وظهور الطابعات الحديثة، ارتفع توزيع الصحف، وبلغ توزيع نيويورك هيرالد3 77 ألف نسخة يوميا. وبلغ توزيع "تربيون" 200 ألف نسخة، و"لدجر"4 400 ألف نسخة.
وعندما تحول الاهتمام من المقال إلى الخبر خلال الحرب الأهلية وبعدها، وارتفعت أرقام التوزيع مرة أخرى، وخاصة عندما دخل "جوزيف بوليتزر" و"وليام راندولف هيرست" إلى ميدان الصحافة الشعبية، ظهور الصحافة الصفراء، وهي صحافة الإثارة الرخيصة. وما لبثت الصحافة أن سقطت في يد الاحتكارات الصحفية الضخمة، كما سقطت المشروعات الاقتصادية في أيدي الاحتكاريين، وهو الوضع الذي يتفاقم يوما بعد يوم في الصحافة الأمريكية الحديثة.
غير أننا نلاحظ أن ارتفاع التوزيع الضخم، وزيادة الإعلانات زيادة وفيرة، ورقي الأساليب الفنية والتكنولوجية، قد أثر تأثيرا بالغا على الفن الصحفي الأمريكي وخاصة نتيجة للتفوق المذهل في فنون التصوير ونقل الصور سلكيا ولاسلكيا. 












مصادر و المراجع :

١-دراسات في الفن الصحفي

المؤلف: إبراهيم إمام

الناشر: مكتبة الأنجلو المصرية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید