المنشورات

عناوين التحقيق الصحفي:

ويبنى التحقيق الصحفي من عنوان ومقدمة ثم يأتي صلب التحقيق أو جسمه وأخيرا تأتي الخاتمة، وذلك فضلا عن الصور والرسوم البيانية والخرائط وغيرها من الوسائل الإيضاحية. وقد سبق القول أن التفاعل الناجح بين العناوين الجذابة والصور المعبرة، واللغة الصحفية النابضة بالحياة، والموضوع الشيق، هو أساس نجاح التحقيق الصحفي. ويلعب العنوان الرئيسي العريض مع الصورة أو مجموعة الصور دورا رئيسيا في إثارة اهتمام القارئ وجذب نظره. وهناك اتجاه يقول إن "ثلاثة أشياء تجذب القارئ إلى موضوع صحفي بالذات: أول هذه الأشياء العنوان، وثانيها طريقة إخراجه وثالثهما اسم كاتب التحقيق الصحفي1 غير أننا قد لاحظنا أن الاتجاه الحديث نحو موضوعية التحقيق، والعمل الجماعي بروح الفريق المتعاون من الصحفيين والمصورين، قد جعل اسم الكاتب يأتي في مرتبة أخيرة بعد المضمون والعنوان والصورة.
ويشبه كاتب التحقيق الصحفي بالمشرف على الغرق الذي يبادر -حين يجد نفسه في خطر- بطلب النجدة. وهنا لا يكون النداء مجرد ثرثرة، بل لا بد أن يكون النداء صيحة قوية دالة تجذب الانتباه لنجدة الغريق من ورطته الخطيرة. إنه لا يعطي تفاصيل لا داعي لها، وإنما يحدد مكانه وموقفه وحالته بأدق العبارات وأوجزها. وهكذا يكون عنوان التحقيق الصحفي الرئيسي.
أما العناوين الفرعية فهي تشير إلى تسلسل الأفكار وتتابعها، ولا بد أن تتصف هي الأخرى بالجاذبية والتشويق، والأخذ بيد القارئ للمضي في قراءة التحقيق. وتعمل هذه العناوين كفواصل ذات تتابع إيقاعي بين الفقرات، دفعا للملل، ومساعدة للقارئ على التقاط أنفاسه أثناء القراءة. وقد يستعاض عنها برسوم كاريكاتورية أو صور صغيرة أو خطوط جذابة ملونة. ومجالات الخلق والابتكار هنا عديدة.
وأنواع العناوين كثيرة. فمنها العنوان الدال، والعنوان الانتقائي، والعنوان الإيضاحي، العنوان الوصفي، والعنوان الاقتباسي، والعنوان الاستفهامي، والعنوان الخطابي وعنوان المفارقة.
أما العنوان الدال فهو عنوان إخباري شامل يدل دلالة واضحة على مضمون التحقيق في جملة تلخيصية واحدة مكثفة مركزة مثل: "جرائم الثأر تزيد 20% رغم التوسع في التعليم". والعنوان الانتقائي يعمل على اختيار فكرة معينة تمتاز بالجاذبية وخفة الظل أو الأهمية ووضعها في العنوان كجملة منتقاة مثل: "هيلانة جرجس تخرجت من الأزهر الشريف". أما العنوان الإيضاحي فهو عنوان صريح يعطي موضوع التحقيق بشكل عام وواضح مثل: "فساد النظام البيروقراطي في وزارة التربية والتعليم". ولكن العنوان الوصفي يميل إلى التبسيط والتحديد مثل: "الأمطار تحول شوارع العاصمة إلى أنهار" والعنوان الاقتباسي يختار جملة أو تصريحا أدلى به أحد الأشخاص مثل: "لا تقتل الخاطئة ولكن ادعها إلى طريق الله". والعنوان الاستفهامي يتضمن سؤالا يجتذب القارئ مثل: "كيف تزيد دخلك دون أن تخرج من منزلك؟ " والعنوان الخطابي يتحدث فيه الكاتب إلى القارئ مباشرة مثل: "أنت مدعو إلى رحلة حول العالم! " ثم يأتي عنوان المفارقة مثل: "دعوة إلى السلام لا صيحة للحرب! ".
ومهما كان نوع العنوان، فإنه يجب أن يتصف بالإيجاز والوضوح والسلاسة. كما أنه يجب أن يكون دالا في صدق وأمانة عن مضمون التحقيق، مع اختيار الجوانب الطريفة والجذابة دون مبالغة، مع ملاحظة أن التكرار في العنوان قد يشير إلى إفلاس الكاتب، فيشتت انتباه القارئ ويشعره بالملل. ومن المستحسن أن تكتب الأعداد بالأرقام لا بالألفاظ فيما عدا الأعداد الصغيرة المفردة. والملاحظ أن كثيرا من الكتاب يؤثرون كتابة العنوان بعد الفراغ من كتابة التحقيق بأكمله، حتى يأتي معبرا تعبيرا صادقا وسليما عن مضمون التحقيق. 















مصادر و المراجع :

١-دراسات في الفن الصحفي

المؤلف: إبراهيم إمام

الناشر: مكتبة الأنجلو المصرية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید