المنشورات
مقدمات التحقيق الصحفي:
وبعد العنوان الرئيسي والعناوين الأخرى المساعدة تأتي المقدمة، وهي المدخل إلى الموضوع الرئيسي، كما أنها تستحوذ على اهتمام القارئ وتقوده إلى صلب التحقيق. وقد قسم توماس بيري1 المقدمات إلى أحد عشر نوعا وضرب مثالا لكل نوع منها. فمقدمة المفارقة تشتمل على معنى المقارنة والتناقض مثل:
"إلى التسابق لفعل الخير ودعم السلم العالمي عن طريق نفوذ الزعماء الروحانيين بدلا من التسابق على التسلح للحرب".
والمقدمة الاستفهامية تحتوي على سؤال مثل:
"ما الذي ثلاثة شبان يطلقون النار على رجل فقير مسكين في السادسة والستين من عمره فيردونه قتيلا؟ ".
أما المقدمة المثيرة فتحتوي على فكرة غريبة مثل:
"اقترح أحد علماء الاجتماع اليوم أن يكف الناس عن الوقوع في الحب. وقال إنه ليس صحيحا أننا نقع في الغرام أو نحب من النظرة الأولى. وقال إن الحب ليس طارئا مفاجئا وليس صدفة ... ".
وقد تكون المقدمة مثيرة للدهشة أو مثيرة للتشويق فيتصدر التحقيق موضوع مثل:
"كانت مشكلة أمام مسجل الفندق أن يأتي إليه خمسة أشخاص ويطلبون حجز غرفتين بسريرين مزدوجين وغرفة صالون. قال المسجل: "ولكن هذا لا يكفي لايواء خمسة أشخاص". ثم تطلع إلى بطاقات الحجز فوجد ... ".
والمقدمة المجازية تستعير من فن الأدب أسلوبا للتعبير الجذاب مثل:
"يخلع المطار كساء الخريف لكي يزدان لأعظم أيام تاريخه.. بأضخم استقبال مرح شهدته المدينة منذ 12 عاما".
وقد تنطوي المقدمة على حكم أو تصريح فاصل مثل:
"اللصوصية مهنة غير مجزية للإنسان في جميع الأحوال، فأجرها ضئيل واعتزالها يتم في سن مبكرة بسبب الموت أو الاضطرار للعيش وراء القضبان الحديدية. وإنها لتبدو على الورق مهنة يسيرة تسير هكذا: يتجه فريق من الرجال المختارين بعناية والمقنعين إلى حيث يكون عادة قدر كبير من المال، فيخيفون الحراس والناس، ويرهبونهم بأسلحتهم ويخرجون سالمين بغنيمة كبرى.
وهذا هو ما حدث في مدينة.. منذ أسبوعين.. على نمط عمليات السطو".
ومن الأدب أيضا، يستعير الفن الصحفي طابع المقدمة الجادة في مقام الهزل مثل: "تتميز ساعة الحائط في مكتب.. للشحن بأن لها وجها يشل الفتاة الجميلة عن العمل. إن الساعة الكهربائية بضوئها الساطع تسبب حساسية شديدة للسكرتيرة يجعلها غير قادرة على العمل لما يصيب عينها من هياج وحساسية. وهكذا إما أن يتوقف الزمن. أو تتوقف الفتاة الجميلة عن العمل".
والمقدمة الاقتباسية تحتوي على نص جملة أو عبارة يفتتح بها التحقيق الصحفي مثل:
"هذه هي الرأسمالية؟ " قالها خروشوف مشيرا إلى بطن رئيس مجلس إدارة أكبر شركات أمريكا للصلب وأردف يقول..
وقد تتضمن المقدمة حوارا طريفا يجذب أنظار القراء ويدعوهم لمتابعة التحقيق الصحفي مثل:
- الرجل العصري هو الذي يساعد زوجته بعد أن خرجت للعمل.
- تقولين إنه يكنس ويطبخ ويرعى الأطفال؟
- ولم لا؟
واحتدم النقاش بين زعيمة الحزب النسائي وبين أستاذ الشريعة في كلية الحقوق..
وقد تكون المقدمة بمثابة "برشامة" تحتوي على عديد من المعلومات المركزة مثل:
"أصبح من المؤكد أن تتدفق الأسلحة الأمريكية على إسرائيل بعد أن تعهدت الولايات المتحدة الأمريكية علنا بالتزامها بتسليم ما قيمته ألف مليون دولار من الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل".
وقد تحتوي المقدمة على عنصر التورية واللعب بالألفاظ، وهو فن النكتة المحبوب وخاصة في مصر مثل:
"استطاعت الموسيقى الآسرة أن تأسر حقا الفتاة نانسي.. فبعد انصرافها من المدرسة توقفت في محل لبيع الأسطوانات والآلات الموسيقية.. واستغرقت في الاهتمام بالموسيقى.. حينما اقفل العمال أبواب المحل وذهبوا إلى بيوتهم. وقد اضطر البوليس إلى استدعاء الموظفين من بيوتهم لفك أسر نانسي الجميلة".
وتعمل المقدمة على الربط بين العنوان وصلب التحقيق، كما أنها تثير الانتباه وتغري بالقراءة، ولذلك فإنه يراعى فيها الوضوح والجاذبية، مع الابتعاد عن الحشو، وتجنب التفاصيل التي لا داعي لها في المقدمة. ولذلك فإن الصحفي مطالب بالانتقاء والموازنة لاختيار المقدمة المناسبة للموضوع، حتى يهيئ القارئ للاطلاع على صلب التحقيق.
مصادر و المراجع :
١-دراسات في الفن الصحفي
المؤلف: إبراهيم إمام
الناشر: مكتبة الأنجلو المصرية
27 نوفمبر 2024
تعليقات (0)