المنشورات

محرر المقال الافتتاحي:

فكاتب المقال الافتتاحي هو ذلك الكاتب اليقظ الذي يستطيع أن ينفذ إلى مغزى الأخبار وما يحمله الخبر من المعاني والتنبوءات. وبهذه الطريقة يستطيع الأفراد -كما نستطيع الجماعات- أن تحل مشكلاتها التي تعرض لها، سواء كانت مشكلات نفسية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. ويكون الفضل في ذلك راجعا إلى الصحافة أو إلى الكاتب الذي انبرى للكتابة في الوقت المناسب.
ويرى الدكتور عبد اللطيف حمزة1 أن كاتب المقال الافتتاحي ليس كالأديب، وإنما هو شخص آخر لا يعبر عن آرائه الذاتية، بل يتقيد بآراء الصحيفة التي ينتمي إليها، أو الحزب الذي تدافع عنه الصحيفة. ولكي يكون هذا الكاتب ممتازا في هذا اللون من ألوان التحرير، يحسن أن يكون متمتعا بصفات منها:
أولا: أن يكون ذا حاسة صحفية دقيقة يذوق بها الأحداث الجارية في محيطه، والأحداث الجارية في خارج هذ المحيط. وعلى قدر حظه من هذه الحاسة دائما يكون نجاجه في كتابة المقال الافتتاحي، وخاصة في المجال السياسي.
ثانيا: أن تكون له حاسة تاريخية كذلك يستطيع بها ربط الماضي بالحاضر، وبها يستطيع أيضا أن يتكهن بالمستقبل، ومن ثم كان التاريخ عنصرا مهما من عناصر ثقافة الصحفي، وذلك ما تلاحظه معاهد الصحافة في العالم.
ثالثا: أن يكون ذا ثقافة عريضة، لا بأس أن تبدو في بعض مواضعها عميقة. فبهذه الثقافة -التي يعتبر التاريخ جزءا منها- يستطيع الصحفي البارع أن يقف على المعلومات التي تمكنه من الحكم الصائب والنظر الصادق والتوجيه السليم.
وهنا نذكر -مع الأسف- أن أهم ما يميز الصحافة الأجنبية عن الصحافة المصرية إلى يومنا هذا إنما هو صفة التخصص. فالمقال الافتتاحي في صحيفة إنجليزية أو فرنسية إنما يكتبه رجل مختص في نوع الموضوع الذي يخوض فيه المقال الافتتاحي. فإن كان المقال اقتصاديا كتبه شخص اقتصادي، وإن كان سياسيا كتبه شخص سياسي.
رابعا: وهو خلاصة ما تقدم من الصفات، ينبغي أن يكون كاتب المقال الافتتاحي ذا حاسة اجتماعية مرهقة أو قدرة على الانغماس في المجتمع بالغة، وموهبة في الحديث والإيناس والملاطفة، ونحو ذلك من الخصال التي تمكنه من الوقوف على حقيقة الرأي العام.
ولم يعد كاتب المقال الافتتاحي رئيس التحرير، أو المحرر الأول كما كان الأمر في القرن الماضي والجزء الأول من هذا القرن، بل أصبح هذا المقال معبرا عن سياسة الصحيفة، كما أن اختيار الموضوع يتم في اجتماع مجلس التحرير، ثم يعهد إلى محرر متخصص أو أكثر بكتابة الافتتاحات التي قد تدور حول السياسة أو الفن أو الرياضة أو الاقتصاد أو الأدب، أو قد تكون مختارات منوعة من هذه الموضوعات جميعا. 










مصادر و المراجع :

١-دراسات في الفن الصحفي

المؤلف: إبراهيم إمام

الناشر: مكتبة الأنجلو المصرية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید