المنشورات

أسر الحروف وأشكالها:

وكما تنقسم الحروف إلى أجناس خمسة رئيسية، فإن كل جنس من هذه الأجناس يتفرع إلى فروع كثيرة تسمى بالأسر. وتندرج تحت الجنس الروماني مثلا عدة أسر من الحروف مثل: كرلون وجراموند وتشلتنهام وجودي1 وغيرها كثير. وتشترك جميع هذه الأسر في المميزات الخاصة بالجنس الروماني الذي ينتمي إليه، كالتباين بين العناصر الثقيلة والخفيفة في الخطوط، واحتوائه على أسنان دقيقة وغير ذلك. يطلق عادة على كل أسرة اسم صاحبها أو مبتكرها، ولكل أسرة أشكالها المختلفة وأحجامها التي تترواح بين بنط 6 وبنط 72 أو أكثر حتى بنط 144. ولكل أسرة نماذج خاصة بها تطبع في شكل قوائم ونشرات أو كتالوجات.
وتنم حروف أسرة "كزلون"1 مثلا عن البساطة والوقار؛ لأنها طويلة جميلة، مفتوحة متباينة البياض والسواد، وسهلة القراءة، ومن هنا كان استعمالها لائقا بالكتب والنشرات والإعلانات الهادئة، ذات الصبغة الرفيعة. أما حروف أسرة جودي -وهي من الجنس الروماني القديم- فتمتاز بالرقة والخفة والرشاقة والجمال، ولذلك فإنها تصلح لطباعة المجلات النسائية وإعلانات الأزياء وغير ذلك من مستلزمات المرأة.
وعلى العكس من هذه الحروف الرقيقة، نجد أن أسرة "بودوني"2 تمتاز بالقوة التي تظهر في شكلها الهندسي الذي ينم عن معاني الرجولة، فليس غريبا إذن أن نجد الصحف تستعمل هذه الأسرة من حروف الطباعة في الإعلان عن ملابس الرجال، وفي المناسبات التي تتناسب مع شكل هذه المجموعة من الحروف المعبرة عن القوة والثبات. ولعل أقوى حروف الطباعة تعبيرا عن القوة والخشونة إلى حد كبير، تلك الحروف القوطية الحديثة، التي تصلح للإعلانات الضخمة والملصقات التي تعلق في الشوارع والطرقات، وتستخدمها الصحف في عناوينها المنتشرة "المانشيتات"، وخاصة الصحف الشعبية والصحف النصفية "التابلويد".
هناك، إذن، مئات الأنواع من الحروف الإفرنجية، التي تكفل التنوع من جهة والتعبير المناسب للموضوع من جهة أخرى. فلفظ مثل "الذهب" في إعلان أو في عنوان ينبغي أن ينم عن معاني الجمال والبريق والعظمة التي تتبعث من هذا المعدن النفيس، في حين أن كلمة "التراب" في إعلان أو عنوان خبر أو قصة، لا بد وأن نختار لها طرازا من الحروف يترجم عن معنى هذا اللفظ، وكثيرا ما يلجأ المخرج الصحفي العربي إلى فن الخط اليدوي للتعبير بالنقط الصغيرة المتقاربة عن معنى "التراب" مثلا. وباختصار يمكن القول أن المخرج الأوروبي لديه من حروف الطباعة ما يكفل له حسن التعبير بلغة طباعية ميسرة، في حين يفتقر المخرج الصحفي العربي إلى ذلك كله.
أما آلات الجمع العربية فلا تحتوي إلا على حرف واحد فقط هو النسخ، كما أن الحجم نفسه محدود في الأنباط من 9 و12، وإن كانت جريدة الأهرام قد أخذت تستخدم البنط 7 في الأخبار المحلية وأنباء الأقاليم. وقد يكون المستقبل لهذا الحجم من الحروف نظرا لغلاء أسعار الورق، وارتفاع تكاليف الطباعة، وكثرة الأخبار العالمية والمحلية. وتستخدم الأنباط 16 و18 و24 في العناوين، كما يستخدم البنط 12 في المقدمة. وقد تقدمنا بفضل جهود المهتمين بالطباعة فاستطعنا أن نضيف الأسود إلى جانب الأبيض من الحروف، ولكن آلات الطباعة الأوروبية قد نوعت من أشكال حروفها تنوعا كبيرا وخاصة بالنسبة لآلتي اللينوتيب والإنترتيب1.
ويبذل المسئولون عن الطباعة العربية الحديثة جهودا مشكورة لتطوير الحرف العربي، وقد ساهم مجمع اللغة العربية في ذلك بالإعلان عن مسابقات يشترك فيها الفنانون والطابعون لهذا الغرض، غير أن الصعوبة هي في التبسيط مع المحافظة على شكل اللغة الجميل. حقيقة أن بعض المهندسين -مثل نصري خطار وغيره- قد نجحوا في عمليات التبسيط واختصار عدد الحروف وتيسير القراءة، ولكن ذلك النجاح جاء على حساب الشكل والمأثوري المألوف لحروف الطباعة العربية.
وهناك جهود أخرى تبذلها الصحف بالاتفاق مع شركات الطباعة العالمية لاستخدام الآلات في جمع العناوين على طريقة "لدلو"2، وقد نجحت الأهرام في ذلك، كما نجحت الصحف المصرية أيضا في اختصار حروف صندوق آلة الجمع الآلي منذ عام 1960، هذا فضلا عن استخدام العقل الإلكتروني للجمع الآلي السريع دون أخطاء وبسرعة فائقة، وهو المشروع الذي بدأت الأهرام في تطبيقه بنجاح على المجلات التي تصدرها. وربما تستخدمه مستقبلا في جمع مواد الجريدة نفسها. 












مصادر و المراجع :

١-دراسات في الفن الصحفي

المؤلف: إبراهيم إمام

الناشر: مكتبة الأنجلو المصرية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید