المنشورات
تطور فن التصوير الضوئي:
أما صاحب الفضل الأول في ابتكار الفيلم الحساس الجاف فهو العالم الإنجليزي مادوكس1 الذي استطاع في سنة 1871 أن يستبدل بالكلوديون الرطب الجيلاتين الجاف. وفي سنة 1872، استطاع الكيمائي الألماني فوجل2 أن يكتشف طريقة مبتكرة يجعل بها الفيلم حساسا لألوان الأشعة الضوئية فيما عدا اللون الأحمر، وذلك بإضافة صبغات معينة من ذات لون الأشعة إلى خامة الفيلم نفسه، وهذه هي الأفلام الأرتوركروماتيك. وعندما اهتدى تشارلس بنيت3 إلى أن تسخين الجيلاتين أثناء تحضير الطبقة الحساسة يجعلها أكثر حساسية لألوان أشعة الضوء، كان ذلك بمثابة نهاية لعصر الفيلم الرطب وبداية لعصر الفيلم الجاف، وذلك سنة 1879. وفي السنة التالية استطاع جورج إيستمان4 أن يجعل من صناعة الأفلام الجافة تجارة واسعة الانتشار.
وفي عام 1887، استطاع القس الأمريكي هانيبال جودوين5 أن يصنع الفيلم الشفاف الحديث لأول مرة. أما الفيلم القديم فلم يكن سوى شريط من الورق يغطى بطبقة من الجيلاتين وأملاح الفضة الحساسة. وكان المعتاد آنذاك أن تنزع الطبقة الحساسة من فوق هذا الورق لاستعمالها كسالبية شفافة. ثم اكتشف بعد ذلك العالمان هنتر ودرفيليد1 العلاقة بين الحرارة والزمن في عملية التحميض لإظهار الصورة بصرف النظر عن مدة التعريض الأصلية، بشرط أن تكون الأفلام من نوع واحد، ثم اخترع جورج إيستمان بعد ذلك، لأول مرة، الفيلم الملفوف2 وبذلك بدأت شركة كوداك المشهورة أعمالها على نطاق واسع.
واستطاع الكيمائي الألماني كونيك3 في سنة 1905 أن يبتكر الفيلم الحساس لجميع الألوان وهو المسمى بانكروماتيك4، وذلك باستعمال صبغات خاصة تضاف إلى خامة الفيلم نفسه. ويعتبر عام 1931 نقطة تحول هامة في تاريخ التصوير، عندما ابتكر عازف الكمان ليبولد جودسكي5 بالاشتراك مع صديقه ليوبولد مانس6 لأول مرة فيلما ملونا كان الأساس الذي بني عليه فيما بعد فيلم الكوداكروم والذي انتشر على نطاق واسع بعد سنة 1935.
وقد لعبت آلة التصوير الصغيرة "لايكا" دورا هاما في تطور فن التصوير، وكان مخترع هذه الآلة أوسكار بارناك7 من كبار الباحثين الألمان الذين أجروا بحوثا عميقة عن الميكروسكوبات. وقد عن له أن يجري أبحاثا أخرى عن آلات التصوير الحديثة لاقتصاد الأفلام باستخدام أشرطة السينما المتبقية في عمل أفلام تصويرية بدلا من الألواح الزجاجية التي كانت تستعمل في آلات التصوير الكبيرة. ثم توقفت أبحاث بارناك عدة سنوات أثناء الحرب العالمية الأولى واستؤنفت بعد الحرب إلى أن كللت بالنجاح الباهر سنة 1924، وانتجت آلات التصوير من طراز "لايكا" على نطاق تجاري واسع سنة 1925. واستطاعت الصحافة أن تستغل هذه الآلة الحديثة أعظم استغلال لما تتوافر فيها من مميزات كثيرة. فهي صغيرة الحجم، خفيفة الوزن، سهلة الحمل والاستعمال. ويتكون الفيلم فيها من ست وثلاثين صورة صغيرة، يمكن التقاطها بمنتهى السهولة، خاصة وأن الآلة مركبة تركيبا خاصا يجعل تعريض صورتين فوق بعضها مستحيلا. ويستطيع المصور أن يستعمل هذه الآلة وهو واقف وقفة طبيعية جدا؛ لأن وضع الآلة يكون أمام عينية مباشرة. والمصور بهذه الطريقة لا يلفت الأنظار لصغر حجم الآلة، وبذلك يتجنب حساسية الناس لآلة التصوير، تلك الحساسية التي تفقد الصور عناصر التلقائية والواقية والحيوية والحركة، وعندما اكتشفت مصابيح الإضاءة الوامضة سنة 1929 أصبح الطريق ممهدا للتصوير الليلي السريع.
ويرجع الفضل إلى هارولد إدجارتون1 في ابتكار جهاز خاص يعطي سرعات عالية للغاية في قافل آلة التصوير ويسمى بالإستروبوسكوب2 وقد تصل سرعته أحيانا إلى 1/ 50000 من الثانية، بل قد تصل إلى جزء من مليون من الثانية بسهولة. ثم توالت الأبحاث الدقيقة لتجنب الانعكاسات الضوئية على سطح العدسة مما يقلل من مجموع الأشعة النافذة إلى السطح الحساس، فاستطاع أستاذ الفيزياء هاولي كارترايت3 أن يغطي السطح الزجاجي للعدسة بطبقة من أبخرة الكالسيوم والمغنسيوم وغيرها من المواد بحيث لا يزيد سمك هذه الطبقة عن 4 من مليون من البوصة، وذلك لتجنب انعكاس الأشعة الضوئية، كما سبق القول.
وقد بلغ طموح الباحثين إلى حد أنهم أرادوا الحصول على صور مجسمة ذات أبعاد ثلاثة ملونة بالألوان، وقد تحقق لهم ذلك سنة 1940، عندما اكتشف دوجلاس ونيك4 طريقة خاصة لمعالجة الفيلم بالعدسات المقعرة، بحيث تساعد على تصوير الموضوعات للحصول على نتائح مجسمة بأبعادها الثلاثة في الصور الملونة وغير الملونة. أما عن إمكانية التقاط الصور وتحميضها وطبعها في وقت واحد فهو اختراع يرجع إلى سنة 1947، عندما ابتكر إدوين لانت5 آلة تصوير تلتقط الصورة وتحمضها على ورق حساس خاص، وتعدها للطبع مباشرة عندما يضغط المصور على زناد معين يجعل سائل التحميض يغمر السالبية ثم ترسب الفضة المعدنية بعد ذلك على ورق خاص فتخرج الصورة مبتلة نوعا ما، حيث تجف بعد برهة وجيزة.
مصادر و المراجع :
١-دراسات في الفن الصحفي
المؤلف: إبراهيم إمام
الناشر: مكتبة الأنجلو المصرية
28 نوفمبر 2024
تعليقات (0)