المنشورات
إنتاج الأنماط الغائرة:
أما طريقة إنتاج الأنماط بالحفر الغائر فترجع إلى القرن الخامس عشر، عندما كان الفنانون يحفرون الصور بالأزاميل المدببة وغيرها على ألواح النحاس. أما طريقة الحفر الغائر على الأسطونات النحاسية وهي المسماة بالروتوجرافور1. فلم تبدأ إلا حوالي سنة 1893، عندما استطاع الفنان كارل كليتش2 أن يطبق طريقة تالبوت ويجعلها مناسبة للطباعة الغائرة من سطوح أسطوانية نحاسية. ويمتاز الروتوجرافور الحديث أيضا بأنه يستخدم التصوير الفوتوغرافي في نقل الصور والرسوم وغيرها إلى السطح المعدني بحيث يبقى الحبر في الأجزاء المنخفضة فقط دون غيرها من الأماكن البارزة التي تنظفها شفرة الطبيب3، وهي لا تتآكل بسرعة لأن الحبر يعمل بمثابة سائل للتشحيم. والواقع أن تطيبق الطريقة الأسطوانية في الطباعة الغائرة قد جعل طباعة الروتوجرافور من أسرع أنواع الطباعة وأنسبها للصحافة.
وأهم خصائص الروتوجرافور أنها طريقة شبكية، تستخدم فيها الشبكة لتجزيء كل ما يطبع على سطح النحاس، ولا ينطبق ذلك على الصور الظلية فقط "كما هو الحال في الطباعة البارزة" وإنما يطبق كذلك على الأصول الخطية، بل وعلى الحروف ذاتها. وإذا كانت الخطوط الشبكية تكاد لا تظهر في طباعة الروتوجرافور، فمرجع ذلك إلى أن الشبكة المستعملة تكون عادة دقيقة للغاية، كما أن الورق الذي يستعمل في طباعة الروتوجرافور يكون عادة من النوع القابل لامتصاص الحبر، فالأجزاء القائمة تلتقط كمية كبيرة من الحبر تكفي للانتشار وإخفاء معالم الخطوط الشبكية المجاورة. وغني عن البيان أن طباعة الروتوجرافور تصلح صلاحية كبيرة للأصول المصورة سواء كانت فوتوغرافية أو مرسومة بالفحم أو الزيت أو الألوان المائية وغيرها. ويستحسن بطبيعة الحال أن تكون هذه الأصول ظلية حتى يمكن الاستفادة من طبيعة الروتوجرافور الشبكية.
وتتلخص طباعة الروتوجرافور في خمس خطوات رئيسية هي:
أولًا: إعداد إيجابيات شفافة على أقلام، وتستخرج هذه الإيجابيات للصور والحروف أيضًا، ويلاحظ أن توزيع النور والظل في هذه الإيجابيات يكون مطابقًا لتوزيعهما في الأصل نفسه. ويراعى دائمًا إلى جانب الدقة وإظهار التفاصيل أن تكون الإيجابيات متساوية في الكثافة حتى يتسنى توحيد العلاج الكيمائي في الخطوات التالية بعد ذلك. ويلاحظ أيضًا أن تكون الإيجابيات هادئة، فلا يشتد التباين بين الظلال القائمة والأضواء العالية. وحتى الحروف نفسها لا ينبغي أن تتجاوز كثافتها ظلال الإيجابيات. وكثيرا ما تستخدم الرتوش للمساعدة على وضوح الشكل وفصل الدرجات اللونية وغير ذلك.
ثانيًا: إخراج الصفحات وضبطها على لوح زجاجي كبير يطلق عليه "البنورة" وتعد كل ثمان صفحات مثلا على مستوى واحد. ولا بد أن يراعي المخرج الصحفي تطابق الصور وضبطها ولا سيما في الطباعة الملونة. ففي هذه الطباعة تعد إيجابيات خاصة لكل لون، كما يخصص لوح معدني لكل لون أيضًا. وإذا لم يضبط المخرج الصحفي مواضع الإيجابيات بمنتهى الدقة. طغت بعض الألوان على الأخرى، وأصبحت النتيجة غير موفقة.
ثالثًا: تلتقط صورة واحدة لمجموعة الصفحات على الجيلاتين الحساس، كما تلتقط كذلك صورة لشبكة الروتوجرافور على نفس الجيلاتين. ويلعب هذا الورق دورًا مهمًا في طباعة الروتوجرافور، وهو يتكون من مواد عضوية ممزوجة بمحلول بيكرومات البوتاسيوم كما يدخل في تكوينه مادة ملونة مثل أسود الكربون وكذلك بعض الأصباغ، ولذلك يسمى بالنسيج الكربوني1 أو الورق المصبوغ2. وشبكة الروتوجرافور زجاجية. يبلغ عدد الخطوط. في البوصة الواحدة منها مائة وخمسين خطا، أي أن البوصة المربعة تحتوي على 22500 من المربعات السوداء المحددة بالخطوط الشفافة الرفيعة والمتقاطعة بزوايا دائمة، أما إذا استعملت الشبكة لتصوير الأصول ذات اللون الواحد، فإن زواية التقاطع تكون 45 درجة فقط. وعند تصوير الشبكة على ورق الجيلاتين الحساس. تصبح الأجزاء التي تحت الخطوط الشفافة، والتي تعرضت للضوء. غير قابلة للذوبان في الماء، أما المربعات المعتمة الواقعة بين الخطوط، فإنها تحمي مناطق الجيلاتين الحساس المواجهة لها من التصلب بالضوء، فإذا صورنا الإيجابية الشفافة بعد ذلك على الجيلاتين الحساس، فإن الضوء يؤثر في المناطق المربعة المحصورة بين الخطوط المتصلبة، وتصبح هذه المناطق عير قابلة للذوبان في الماء بدرجات تتناسب مع كميات الضوء التي تخللت مناطق الشفافية والإعتام في الإيجابية.
رابعًا: تلصق الأوراق الجيلاتينية على الأسطوانات النحاسية، ثم يكشط ظهر الورق بالماء لكي يبقى الجيلاتين على النحاس. ويلاحظ أنه عند استعمال الماء الساخن تذوب الأجزاء الجيلاتينية التي لم تتصلب بالضوء بينما تبقى الأجزاء المتصلبة فوق سطح النحاس. ويلاحظ أن أجزاء أخرى تذوب إلى حد يتناسب مع درجة تعرضها للضوء.
خامسًا: وأخيرًا تأتي عملية الحفر، وفيه تتأكل الأجزاء العارية من النحاس وهي الأجزاء الطباعية، بينما تبقى الأجزاء التي يحميها الجيلاتين المتصلب، وبهذه الطريقة يصبح السطح المعدني معدًّا للطبع وذلك بعد تحبيره وامتلاء الفجوات بالحبر الذي يمتصه الورق.
مصادر و المراجع :
١-دراسات في الفن الصحفي
المؤلف: إبراهيم إمام
الناشر: مكتبة الأنجلو المصرية
28 نوفمبر 2024
تعليقات (0)