المنشورات
نقل الصور بالتليفون والراديو:
وعندما اكتشفت فنون صناعة الأنماط المصورة، أخذ الصحفيون يوجهون اهتمامهم المتزايد إلى التقاط الصور وتحميضها وطبعها ونقلها إلى مسافات بعيدة عبر دول العالم بأقصى سرعة ممكنة ليتسنى لهم الظفر بالسبق الصحفي في التصوير، بنفس الطريقة التي يظفرون بها بالسبق الصحفي في الأخبار عن طريق استعمال التليفون والتلغراف والراديو. وفي سنة 1828 أمكن الوصول إلى طريقة لنقل الصور سلكيا بتحويل القيم الضوئية في الصورة من ظلال وإنصاف ظلال متدرجة وأضواء إلى موجات كهربائية تتناسب مع الأشعة الضوئية. ويتركب جهاز استقبال الصور سلكيا من أسطوانة تلف حولها الصورة بعد التقاطها، وتدور الأسطونة المغلقة بالصورة حول نفسها ثم تنبعث أشعة ضوئية تنعكس على سطح الصورة فيكون الانعكاس الضوئي متناسبا مع الأضواء والظلال. وبقدر ما ينعكس من ضوء تحدث تغييرات مقابلة في التيار الكهربائي يمكن إرسالها خلال خط تليفوني عادي. ويستطيع المستقبل في نهاية الخط "أي الصحيفة" أن يتلقى هذه السيالات الكهربية ويحولها إلى ما يناظرها من قيم ضوئية، بعكس الطريقة التي استعملت في الإرسال. والمعروف أن جريدة الأهرام تستخدم هذه الطريقة لنقل الصور منذ سنة 1964، وكانت أول صورة تنقل من أسوان بمناسبة انتهاء المرحلة الأولى من بناء السد العالي يوم 14 مايو من تلك السنة.
أما نقل الصور بالراديو فقد أصبح من ضرورات الصحافة الحديثة بعد تقدم وسائل المواصلات الأخرى وربط القارات والدول المختلفة ربطا ماديا بالطيران الحديث وغيره من وسائل الاتصال، ونفسيا بالمنظمات الدولية المختلفة والهيئات العلمية والثقافية التي تعمل على نطاق عالمي. وقد كان للحرب العالمية الثانية أثر كبير في انتشار الصور المنقولة بالراديو، فلم يكن غريبا أن تتلقى جريدة الأهرام أول صورة تستقبل بالراديو في العالم العربي يوم 7 مايو سنة 1943، وهي الصورة التي أرسلت خصيصا لوزارة الاستعلامات البريطانية، غير أن الأهرام استقبلت صورة أخرى أرسلت خصيصا لها في 31 مايو سنة 1942، وكانت تصور اجتماع سفيري مصر وتركيا في مدينة لندن. كما كان للحرب أيضا أثرها البالغ في نشر الخرائط والرسوم الإيضاحية والنماذج المجسمة، وكانت هذه العناصر من أهم مكونات الفن الصحفي المصور.
ثم تطورت بحوث نقل الصور بعد سنة 1948 وأصبح التصوير الجوي متقنا غاية الإتقان. فالمصور الذي يريد التقاط صورة من الجو يقف عادة في نهاية الطائرة، وبعد الانتهاء من التصوير تجري عمليات الإظهار والتكبير والطبع وغيرها، وتعلق الأجهزة بلوالب خاصة لمنع الاهتزازات، وبذلك يتم العمل في دقائق معدودة. وبهذه الطريقة يمكن التقاط صور المباريات والاحتفالات وسباق الخيل وتحركات الجيوش وغيرها في سرعة وإتقان. ولا شك أن نقل الصور من الكواكب الأخرى كالقمر والمريخ والزهرة بالتليفزيون قد جعل من القرن العشرين عصر الصورة الكونية بالمعنى الصحيح، كما أصبح الرأي العام يطالب بالصورة كأساس للإعلام الحديث. فليس غريبا أن تنشأ مجلات أخبارية جديدة تعتمد على الفن الصحفي المصور مثل مجلة تايم سنة 1923، ومجلة نيوزويك سنة 1933، ومجلة لايف سنة 1936، ومجلة لوك سنة 1937. كما ظهرت وكالات متخصصة في الصور مثل الأسوشيتدبرس1 والإنترناشيونال برس بكتشورز سرفيس2 وورلد وايد3 ووكالة أكم نيوز بكتشورز4 التي أسست سنة 1913 وأصبحت وكالة يونايتد برس فيما بعد. وهذا فضلا عن الوكالات الإقليمية والمحلية التي تتبادل الصور مع الوكالات العالمية وفيما بينها أيضا مثل وكالة الأنباء الألمانية ووكالة الأنباء اليوغوسلافية وغيرهما.
وإلى جانب الوكالات العالمية ووكالات الصور توجد مصادر أخرى تعتمد عليها الصحف للحصول على الصور مثل وكالات الدعاية ومكاتب العلاقات العامة فضلا عن المصورين المحترفين والهواة. وتحاول وكالات الدعاية ومكاتب الأنباء تزويد الصحف بالصور الممتازة فنيا حتى لا تجد الصحف أي عائق في نشرها. وتتلقى الصحف هذه الصور بطريقة دورية. وهناك مصورون محترفون لا يعلمون لحساب صحيفة بعينها، وإنما يقدمون إنتاجهم للعديد من الصحف. وقد تكون لصور هؤلاء المصورين الأحرار مميزات جيدة. أما المصورون الهواة فهم عموما من الأشخاص الذين يلتقطون الصور لمجرد المتعة والذين لا يقتصرون على الرغبة في بيع موادهم. وهم يصيبون أعظم النجاح عندما يحصلون على لقطة غير ميسورة. ومن أكثر الصور التي يبيعها المصورون الهواة شيوعا، صور الحوادث لحظة وقوعها أو بعد وقوعها فورا، وكذلك المواد التصويرية للتحقيقات الصحفية، والصور التي تلتقط في أماكن ممتنعة على المصورين المحترفين كالمؤتمرات السرية والاجتماعية المغلقة. وخلاف ذلك، تحصل الصحف على الصور من مصادر متنوعة، وأكثرها شيوعا عائلة الشخصية الجديرة برواية أنبائها وأصدقاء تلك الشخصية والمكتبات العامة وملفات الجمعيات التاريخية.
مصادر و المراجع :
١-دراسات في الفن الصحفي
المؤلف: إبراهيم إمام
الناشر: مكتبة الأنجلو المصرية
28 نوفمبر 2024
تعليقات (0)