المنشورات
ذم الجود
قال بعض الحكماء: من جاد بماله جاد بنفسه، لأنه جاد بما لا قوام له إلا به، وكان أبو الأسود الدؤلي يقول: لا تجاودوا الله فإنه أجود وأمجد، ولو شاء أن يوسّع على خلقه حتى لا يكون فيهم محتاج لفعل. وكان يقول: لوجدنا على المساكين بإعطائهم ما يسألوننا لكنا أسوأ حالا منهم. وكان علي بن الجهم «1» يقول: من وهب المال في عمله فهو أحمق، ومن وهبه بعد العزل فهو مجنون، ومن وهبه من جوائز سلطانه أو ميراث لم يتعب فيه فهو مخذول، ومن وهبه من كسب وما استعاده بحيلة فهو المطبوع على قلبه.
وقال محمد بن الجهم «2» : أتركوا الجود للملوك، فإنه لا يليق إلا بهم، ولا يصلح إلا لهم ومن عارضهم في ذلك وافتقر وافتضح فلا يلومن إلا نفسه. وكان ابن المقفع يقول: إن مالك لا يعم الناس فاخصص به ذوي الحق. ومن أحسن ما قيل في تحسين البخل قول ابن المعتز:
يا ربّ جود جرّ فقر امرىء ... فقام في الناس مقام الذليل
فاشدد عرى مالك واستبقه ... فالبخل خير من سؤال البخيل
وقول أبي الفتح البستي:
أشفق على الدرهم والعين ... تسلم من الغيبة والدين
قوة العين بإنسانها ... وقوة الإنسان بالعين «1»
وقول عبد العزيز بن عبد الله بن طاهر «2» :
في كل شيء سرف ... يكره حتى في الكرم
ولربما ألفان لا ... أفضل من ألفي نعم
وكان الكندي يقول: قول «لا» يدفع البلا، وقول «نعم» يزيل النعم «3» .
مصادر و المراجع :
١-اللطائف والظرائف
المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)
الناشر: دار المناهل، بيروت
30 نوفمبر 2024
تعليقات (0)