المنشورات
ذم البخل
قال الشعبي: ما أفلح بخيل قط؛ أما سمعتم قول الله تعالى:
وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*
«1» . وقال المأمون لمحمد بن عبد الله المهلبي: بلغني أنك متلاف، فقال: يا أمير المؤمنين منع الجود، سوء ظن بالمعبود: وهو تعالى يقول: وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
«2» . ويقال: البخيل أبدا ذليل. ويقال: لا مرؤة لبخيل. ويقال: شرّ أخلاق الرجال البخل والجبن، وهما «3» من أخلاق النساء. وقال الجاحظ: البخل والجبن غريزة واحدة، يجمعها سوء الظن بالله. وقال غيره: البخل يهدم مباني الكرم. وقال ابن المعتز: بشّر بمال البخيل بحادث أو وراث. وقال أيضا: أبخل الناس بماله، أجودهم بعرضه. وقال الشاعر:
وغيظ البخيل على من يجو ... د لأعجب عندي من بخله
ومن أمثال العرب: هو يحسد أن يفضل، ويزهد أن يفضل.
ومن قولهم: هو يمنع دره ودر غيره، ويحسد أن يعطى، ويزهد أن يعطي. وقال بعض الشعراء:
ليس البخيل باخلا بخيره ... لكن من منّ بخير غيره
وقال الشاعر:
لا يسود امرؤ بخيل ولو ... مسّ بيافوخه عنان السّما
وقال بعض السلف: لو لم ينطق القرآن في ذم البخيل إلا بقوله:
وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ
«1» ، لكفى، وهو أبلغ البلاغ في تهجيته وأنهى النهي عن إيثاره. وقال الله تعالى، فيمن يبخل ويأمر بالبخل: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ
«2» قال ابن مسعود في قوله تعالى:
سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ
«3» ، يطوق بثعبان فينقر رأسه ثم ينطوي في عنقه، فيقول: أنا مالك الذي بخلت بي.
وقال بعضهم: قد ذم الله من يمنع خيره ويأمر بالبخل غيره، فإياك أن تكون إياه.
مصادر و المراجع :
١-اللطائف والظرائف
المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)
الناشر: دار المناهل، بيروت
30 نوفمبر 2024
تعليقات (0)