المنشورات
ذم الإخوان
كان عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول: من كثر إخوانه كثر غرماؤه؛ يعني في قضاء الحقوق. وقال عمر بن مسعدة: العبودية عبودية الإخاء لا عبودية الرق. وقال إبراهيم بن العباس: مثل الإخوان كالنار قليلها متاع، وكثيرها بوار. وقال الكندي لابنه: يا بني الأصدقاء هم الأعداء، لأنك إذا احتجت إليهم منعوك، وإذا احتاجوا إليك ثلبوك وسلبوك.
وكان بعضهم يقول في دعائه: اللهم أحرسني من أصدقائي، فإذا قيل له في ذلك، قال: أقدر على الاحتراس من أعدائي، ولا أقدر على الاحتراس من أصدقائي. وقال ابن المعتز: أصدقاء السوء كشجرة النار يحرق بعضها بعضا. وقال أيضا: إنما تطيب الدنيا بمساعدة الإخوان، وينتفع بهم في كافة الأحوال، وإلا فعلى الصداقة الدمار، وما أرجوه منها إذا كانت تنقطع في الآخرة، ولا تتصل بما أحب في الدنيا.
وقال أبو العتاهية:
أنت ما استغنيت عن ... صاحبك الدهر أخوه
فإذا احتجت إليه ... ساعة مجّك فوه
وقال إبراهيم بن العباس:
نعم الزمان زماني ... الشأن في الإخوان
فيمن رماني لما ... رأى الزمان رماني
لو قيل لي خذ أمانا ... من أعظم الحدثان
لما طلبت أمانا ... إلّا من الإخوان
وقال ابن الرومي:
عدوك من صديقك مستفاد ... فلا تستكثرنّ من الصّحاب
فإن الداء أكثر ما تراه ... يكون من الطعام أو الشراب «1»
وللإمام الشافعي رضي الله عنه:
صديقك من يعادي من تعادي ... بطول الدهر ما سجع الحمام
ويوفي الدين عنك بغير مطل ... ولا يمنن به أبدا دوام
فإن صافى صديقك من تعادي ... ويفرح حين ترشقك السهام
فذاك هو العدو بغير شك ... تجنّبه فصحبته حرام
فإنّا قد سمعنا بيت شعر ... شبيه الدرّ زينه النظام
إذا وافى صديقك من تعادي ... فقد عاداك وانفصل الكلام
ولبعضهم:
وأنت أخي ما لم تكن لي حاجة ... فإن عرضت أيقنت أن لا أخا ليا
وقال ابن المعتز:
وأفردني عن الإخوان علمي ... بهم فبقيت مهجور النواحي
إذا ما قل وقري قلّ مدحي ... فإن أثريت عادوا في امتداحي
فكم ذم لهم في جنب مدح ... وجد بين أثناء المزاح
وقال آخر:
آخ من شئت ثم رم منه شيئا ... تلقى من دون ما أردت الثريا
وللمتنبي:
صديقك أنت لا من قلت خلّي ... وإن كثر التجمّل والكلام
ومن غير الكتاب:
إحذر عدوك مرة ... واحذر صديقك ألف مره
فلربما انقلب الصديق ... فكان أخبر بالمضره
وقال آخر:
ألا إنّ إخواني الذين عهدتهم ... أفاعي رمال ما تقصّر في لسعي
ظننت بهم خيرا فلما بلوتهم ... حللت بواد منهم غير ذي زرع «1»
ولبعضهم:
صديق يفدّينا إذا كان حاضرا ... ويوسعنا في حال غيبته لسعا
له لطف قول دونه كلّ رقية ... ولكنه في فعله حية تسعى
مصادر و المراجع :
١-اللطائف والظرائف
المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)
الناشر: دار المناهل، بيروت
30 نوفمبر 2024
تعليقات (0)