المنشورات

مدح البنات

دخل عمرو بن العاص على معاوية وعنده ابنته عائشة فقال: من هذه يا معاوية؟ فقال: هذه تفاحة القلب، وريحانة العين وشمامة الأنف، فقال: أمطها عنك، قال: ولم؟! قال: لأنهن يلدن الأعداء، ويقربن البعداء، ويورثن الشحناء، ويثرن البغضاء، قال: لا تقل ذلك يا عمرو فو الله ما مرّض المرضى ولا ندب الموتى ولا أعان على الزمان ولا أذهب غبش الأحزان مثلهن، وانفك لواحد خالا قد نفعه بنو أخته، وأبا قد رفعه نسل بنته، فقال: يا معاوية دخلت عليك وما على الأرض شيء أبغض إليّ منهن، وإني لأخرج من عندك وما عليها شيء أحب إليّ منهن «1» .
وقال معن بن أوس:
رأيت رجالا يكرهون بناتهم ... وفيهن لا نكذب نساء صوالح
وفيهن والأيام يفتكن بالفتى ... خوادم لا يمللنه ونوائح 

وقال العلوي الجماني في صديق له ولدت له بنت فسخطها شعرا:
قالوا له ماذا رزقتا ... فاصاخ ثمة قال بنتا
وأجل من ولد النساء ... أبو البنات فلم جزعتا
إن الذين تودّ من ... بين الخلائق ما استطعتا
نالوا بفضل البنت ما ... كبتوا به الأعداء كبتا
وفي رقعة للصاحب بالتهنئة بالبنت: أهلا وسهلا بعقيلة النساء وأم الأبناء، وجالبة الأصهار والأولاد الأطهار، والمبشرة بإخوة يتناسقون ونجباء يتلاحقون. شعر:
فلو كان النساء كمن وجدنا ... لفضّلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب ... وما التذكير فخر للهلال «1»
والله تعالى يعرفك يا مولاي البركة في مطلعها، والسعادة بموقعها، فادرع اغتباطا، واستأنف نشاطا، فالدنيا مؤنثة والرجال يخدمونها، والذكور يعبدونها، والأرض مؤنثة ومنها خلقت البرية، وفيها كثرت الذرية، والسماء مؤنثة وقد زينت بالكواكب، وحليت بالنجم الثاقب، والنفس مؤنثة وهي قوام الأبدان، وملاك الحيوان، والحياة مؤنثة ولولاها لم تتصرف الأجسام، ولا عرف الأنام، والجنة مؤنثة وبها وعد المتقون، وفيها ينعم المرسلون، فهنيئا لك هنيئا بما أوتيت وأوزعك الله شكر ما أعطيت.
ونسخت رقعة لأبي الفرج الببغاء: اتصل بي خبر المولودة المسعودة، كرّم الله عرقها وأنبتها نباتا حسنا، وما كان من تغيرك عند اتصال الخبر، وإنكارك ما اختاره الله لك في سابق القدر، وقد علمت أنهن أقرب من القلوب وأن الله بدأ بهن في الترتيب فقال عز من قائل: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ
«1» وما سماه الله تعالى هبة، فهو بالشكر أولى وبحسن التقبل أحرى. فهنّاك الله بورود الكريمة عليك، وثمرتها اعداد النسل الطيب لديك، والله أعلم. 











مصادر و المراجع :

١-اللطائف والظرائف

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

الناشر: دار المناهل، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید