المنشورات
مدح السفر
قد مدح الله تعالى المسافرين فقال: وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ
«1» ، وأمر جل اسمه بالسفر فقال:
فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ
«2» ، وقال جل وعلا:
هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ
«3» .
وفي الخبر: سافروا تغنموا وتصحوا؛ وفي رواية تصحوا وتغنموا «4» .
وفي التوراة: ابن آدم جدد سفرا أجدد لك رزقا.
ولبعضهم:
فسر في بلاد الله والتمس الغنى ... تعش ذا يسار أو تموت فتعذرا
ولا ترض من عيش بدون ولا تنم ... وكيف ينام الليل من كان معسرا
وقول العامة: كلب جوّال خير من أسد رابض.
ولبعضهم:
أدور من المعالي منتهاها ... ولا أرضى بمنزلة دنيّه
فإما نيل غاية ما أرجّي ... وإما أن توسدني المنيه
ولآخر:
إن كنت ترضى بالدنية منزلا ... فالأرض حيث حللتها لك منزل
فإذا عزمت على المعالي فاخترط ... عزما كما عزم الرجال النزّل
وقال آخر:
وإذا الديار تنكرت عن حالها ... فدع الديار وسارع التحويلا
ليس المقام عليك فرضا واجبا ... في بلدة تدع العزيز ذليلا
وإذا بكيت على زمان قد مضى ... حتى يعود لتبكين طويلا
وقال أحد الحكماء: السفر أحد أسباب المعاش التي بها قوامه ونظامه، لأن الله تعالى لم يجمع منافع الدنيا في أرض بل فرقها وأحوج بعضها إلى بعض، ومن فضله أن صاحبه يرى من عجائب الأمصار وبدائع الأقطار ومحاسن الآثار ما يزيده علما، ويفيده فهما بقدرة الله وحكمته، ويدعوه إلى شكر نعمته، ويسمع العجائب ويكسب التجارب ويفتح المذاهب ويجلب المكاسب، ويشد الأبدان وينشط الكسلان ويسلي الأحزان، ويطرد الأسقام ويشهي الطعام، ويحط سورة الكبر، ويبعث على طلب الذكر.
وقال حاتم طيء:
إذا لزم الناس البيوت رأيتهم ... عماة عن الأخبار خرق المكاسب
وقال ابن المعتز: أشقى من المسافر إلى الأمل من قعد في الناس عن العمل.
وقال غيره:
ليس ارتحالك تزداد الغنى سفرا ... بل المقام على بؤس هو السّفر
وفي المبهج: من آثر السفر على القعود فلا يبعد أن يعود مورق العود.
وفيه: ربما أسفر السفر عن النظر، وتعذر في الوطن قضاء الوطر.
مصادر و المراجع :
١-اللطائف والظرائف
المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)
الناشر: دار المناهل، بيروت
30 نوفمبر 2024
تعليقات (0)