المنشورات
ذم الغربة
كان يقال: النقلة مثلة، والغربة كربة، والفرقة حرقة.
وقال بعض الحكماء: الغريب كالغرس الذي زايل أرضه وفقد شربه، فهو ذاو لا يزهر وذابل لا يثمر.
ويقال: الغريب كالوحش النائي عن وطنه، فهو لكل رام رمية ولكل سبع فريسة.
وقال آخر: الغريب كاليتيم العظيم الذي ثكل أبويه، فلا أم ترأمه ولا أب يرأف عليه.
ويقال: عسرك في بلدك خير من يسرك في غربتك. ونظمه من قال:
لقرب الدار في الإقتار خير ... من العيش الموسع في اغتراب
وكان يقال: إذا كنت في بلد غيرك فلا تنس نصيبك من الذل.
ولبعضهم:
يا نفس ويحك في التغرب ذلة ... فتجرعي كأس الأذى وهوان
وإذا نزلت بدار قوم دارهم ... فلهم عليك تعزز الأوطان
وقال آخر:
ما من غريب وإن أبدى مكابدة ... إلّا تذكّر بعد الغربة الوطنا
وقال النابغة:
فحلي في ديارك إن قوما ... متى يدعوا ديارهم يهونوا
وقال الأعشى:
ومن يغترب عن قومه لم يزل يرى ... ملوما ومظلوما مجرا ومحسبا
وتدفن منه الصالحات وإن يسىء ... يكن ما أسا كالنار في رأس كوكبا «1»
وقال آخر:
وينأ من عن دار العشيرة لم يزل ... عليه رعود جمّة وبروق
وقال العتابي:
فيا ابن أبي لا تغترب إن غربتي ... سقتني بكف الضيم ماء الحناظل
وقال آخر:
وإنّ اغتراب المرء من غير خلة ... ولا همة يسمو لها لعجيب
وحسب الفتى ذلا وإن أدرك الغنى ... ونال ثراء أن يقال غريب
وقال آخر:
طلب المعاش مفرق ... بين الأحبة والوطن
ومصير جلد الرجا ... ل إلى الضراعة والوهن
وقال البستي:
لا يعدم المرء كنا يستكن به ... ومتعة بين أهليه وأصحابه
ومن نأى عنهم قلّت مهابته ... كالليث يحقر لما غاب عن غابه
مصادر و المراجع :
١-اللطائف والظرائف
المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)
الناشر: دار المناهل، بيروت
30 نوفمبر 2024
تعليقات (0)