المنشورات

مدح الموت

في الحديث المرفوع: «الموت راحة» «1» .
وقال بعض السلف: ما من مؤمن إلا والموت خير له من الحياة، لأنه إن كان محسنا فالله يقول: وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى *
«2» ، وإن كان مسيئا فإنه تعالى يقول:
وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً
«3» .
وقال ميمون بن مهران: بت ليلة عند عمر بن عبد العزيز فكثر بكاؤه ومسألته الله الموت، فقلت: يا أمير المؤمنين تسأل ربك الموت وقد صنع الله على يديك خيرا كثيرا؛ أحييت سننا وأمت بدعا، وفي بقائك راحة للمسلمين، فقال: أفلا أكون كالعبد الصالح يوسف بن يعقوب عليهما السلام حين أقر الله عينيه وجمع له أمره وقال:
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ
«4» . 

وقالت الفلاسفة: لا يستكمل الإنسان حدّ الإنسانية إلا بالموت؛ لأن الإنسان حي ناطق ميت.
وقال بعض السلف: الصالح إذا مات استراح، والطالح إذا مات استريح منه.
وقال آخر: رب موت كالحياة «1» .
قال الشاعر:
وما الموت إلا رحلة غير أنّها ... من المنزل الفاني إلى المنزل الباقي «2»
وقال آخر:
جزى الله عنا الموت خيرا فإنّه ... أبرّ بنا من كلّ برّ وأرأف
يعجّل تخليص النفوس من الأذى ... ويدني من الدار التي هي أشرف
وقال منصور الفقيه:
قد قلت إذ مدحوا الحياة فأسرفوا ... في الموت ألف فضيلة لو تعرف
منها أمان لقائه بلقائه ... وفراق كلّ معاشر لا ينصف 

وقال أبو أحمد بن أبي بكر الكاتب «1» :
من كان يرجو أن يعيش فإنني ... أصبحت أرجو أن أموت فأعتقا
في الموت ألف فضيلة لو أنها ... عرفت لكان سبيله أن يعشقا
وقال ابن لنكك البصري:
نحن- والله- في زمان غشوم ... لو رأيناه في المنام فزعنا
أصبح الناس فيه من سوء حال ... حقّ من مات منهم أن يهنّا
شعر:
ولدتك أمّك يا ابن آدم باكيا ... والناس حولك يضحكون سرورا
فاحرص على عمل تكون إذا بكوا ... في يوم موتك ضاحكا مسرورا 











مصادر و المراجع :

١-اللطائف والظرائف

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

الناشر: دار المناهل، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید