المنشورات

أولاد النبيّ صلّى الله عليه وسلم

وولد لرسول الله- صلّى الله عليه وسلم- من «خديجة» : القاسم- وبه كان يكنى- والطيّب، وفاطمة، وزينب، ورقية، وأمّ كلثوم.
ومن «مارية القبطية» : إبراهيم.
فأما: القاسم، والطيب، فماتا بمكة صغيرين [2] .
قال مجاهد: «2» مكث «القاسم» سبع ليال ثم مات.
وأمّا «زينب» ، فكانت عند: أبى العاص بن الرّبيع بن عبد العزّى بن عبد شمس.
واسم «أبى العاص» : القاسم- ويقال: مقسّم- وأمّه: هالة بنت خويلد بن أسد ابن عبد العزى- أخت: خديجة بنت خويلد- وأبو العاص بن الربيع، ابن خالة «زينب» ، وهو زوجها، وكان تزوّجها وهو مشرك. فقالت له قريش: طلّقها ونزوجك بنت «سعيد بن العاص» ، فأبى. وكان «أبو العاص» أسر يوم بدر، فمنّ عليه رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- وأطلقه بغير فداء. وأتت «زينب» الطائف. ثم أتت النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- بالمدينة، فقدم «أبو العاص» المدينة، وأسلم وحسن إسلامه.
وماتت «زينب» بالمدينة بعد مصير النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- إليها بسبع سنين وشهرين.
وتزوج «أبو العاص» : بنت سعيد بن العاص، وهلك بالمدينة، وأوصى إلى «الزّبير بن العوّام» .
[وكان له من «زينب» بنت رسول الله- صلّى الله عليه وسلم-: بنت يقال لها: أمامة، تزوجها «المغيرة بن نوفل» ، فولدت له: يحيى، ولم يعقب [1] .
وأما «رقية» فتزوجها: عتبة بن أبى لهب، فأمره أبوه أن يطلقها، فطلقها قبل أن يدخل بها. وتزوجها «عثمان بن عفان» بمكة، وماتت بها بعد مقدمه المدينة بسنة وعشرة أشهر وعشرين يوما./ 70/ وولدت لعثمان: عبد الله، وهلك صبيا لم يجاوز ست سنين، وكان نقره ديك على عينه، فمرض ومات.
وأما «أم كلثوم» ، فتزوجها «عتيبة بن أبى لهب» ، وفارقها قبل أن يدخل بها. وتزوّجها «عثمان» بعد «رقية» ، وتوفيت لثمان سنين وشهرين وعشرة أيام بعد مقدمه المدينة.
وأما «فاطمة» ، فتزوجها: عليّ بن أبى طالب بالمدينة، بعد سنة من مقدمه، وابتنى بها بعد ذلك بنحو من سنة، وماتت بعد وفاة النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- 

بمائة يوم. وولدت ل «عليّ» : الحسن، والحسين، ومحسنا، وأم كلثوم الكبرى، وزينب الكبرى. وسنذكرهم عند ذكر «عليّ بن أبى طالب» ، مع سائر ولده، وأما «إبراهيم بن مارية» القبطية، فإنه ولد بالمدينة بعد ثمان سنين من مقدم النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- وعاش سنة وعشرة أشهر وثمانية أيام.
وكانت أمه «مارية» هديّة «المقوقس» ملك الإسكندرية إلى النبيّ- صلّى الله عليه وسلم.
قال أبو محمد: حدثني محمد بن زياد الزّيادى. قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن بشير بن المهاجر الغنوّى، عن عبد الله بن بريدة الخصيب «1» ، عن أبيه، قال:
أهدى أمير القبط إلى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- جاريتين أختين وبغلة، فكان يركب البغلة بالمدينة. واتخذ إحدى الجاريتين، فولدت له: إبراهيم، ووهب الأخرى ل «حسّان بن ثابت» .
وقال غيره: كان اسم الجارية: سيرين، وهي أم: «عبد الرحمن بن حسان» ، ويقال: إن «مارية» - أم ولده- ماتت بعده بخمس سنين. 

موالي رسول الله صلّى الله عليه وسلم
قال أبو محمد:
زيد بن حارثة، وأمّ أيمن، امرأته.
قال أبو محمد: حدّثنى زيد بن أخزم الطائي، قال: سمعت عبد الله ابن داود «1» يقول:
أمّ أيمن: مما ورث رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- عن أبيه [1] ، وكان اسمها:
بركة. فأعتقها رسول الله- صلّى الله عليه وسلم-. وتزوّجها «عبيد الخزرجىّ» / 71/ بمكة. فولدت له: أيمن. ثم إنّ خديجة ملكت «زيد بن حارثة» اشتراه لها «حكيم بن حزام» بسوق «عكاظ» بأربعمائة درهم، فسألها رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- أن تهب له «زيد بن حارثة» بعد أن تزوّجها، فوهبته، فأعتقه وزوّجه «أمّ أيمن» ، فولدت له: أسامة بن زيد. و «أسامة» ، و «أيمن» ، أخوان لأمّ.
وكان ل «أيمن» ابن، يقال له: جبير.
قال بعض أصحاب [2] الأخبار:
هو: زيد بن حارثة بن شراحيل، من «كلب» ، أدركه سباء، فأعتقه رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فكان يقال له: زيد بن محمد. حتى نزلت ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ 33: 5 «2» . وكان ممن أمّره رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- على الجيش «يوم مؤتة» ، فاستشهد. وكان «يوم مؤتة» في سنة ثمان. 

وكانت «أمّ أيمن» حاضنة النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- امرأته. وقتل وهو ابن خمس وخمسين سنة، وكان قصيرا آدم شديد الأدمة، في أنفه فطس، ويكنى:
أبا أسامة.
أسامة بن زيد بن حارثة، مولى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم.
وكان له ابنان يروى عنهما: محمد بن أسامة، والحسن بن أسامة.
و «أبو غزية محمد بن موسى» ، من بنى مازن بن النجار، قد ولده «أسامة بن زيد بن حارثة» ، من قبل أمهاته.
أبو رافع، مولى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم.
اسمه: أسلم، أجمعوا على ذلك واختلفوا [1] في قصته.
فقال بعضهم: كان ل «لعبّاس بن عبد المطلب» ، فوهبه للنّبيّ- صلّى الله عليه وسلم- فلما أسلم «العباس» بشّر «أبو رافع» النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- بإسلامه، فأعتقه وزوّجه «سلمى» مولاته، فولدت له: عبيد الله بن أبى رافع.
فلم يزل كاتبا ل «عليّ بن أبى طالب» خلافته كلها.
وقال آخرون: كان ل «سعيد بن العاص» إلا سهما من سهام، فأعتقه «سعيد» ، واشترى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- ذلك السهم، فأعتقه.
وكان له ابنان: عبيد الله- وكان يكتب لعلىّ، وقد روى عنه الحديث- وعبد الله، وكان شريفا.
فلما ولى «عمرو [2] بن سعيد بن العاص» المدينة، أرسل إلى «عبيد الله» ، فقال له: مولى من أنت؟ فقال: مولى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم. فضربه مائتي سوط، ثم شفع فيه أخوه [3] . 

وقال آخرون: كان «أبو رافع» غلاما لسعيد بن العاص. فورثه ولده، فأعتق بعضهم/ 72/ في الإسلام وتمسك بعض، فجاء «أبو رافع» إلى النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- يستعينه على من لم يعتق. فكلمهم فيه، فوهبوه لرسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فأعتقه.
سفينة، مولى: رسول الله- صلّى الله عليه وسلم.
كان أسود من مولّدى الأعراب. واختلفوا في اسمه.
فقال بعضهم: كان اسمه: مهران، ويكنى: أبا عبد الرحمن.
وقال بعضهم: كان اسمه: رباحا، وسمّاه رسول الله- صلّى الله عليه وسلم-:
سفينة. وذلك أنه كان في سفر، فكان كل من أعبا وكلّ ألقى عليه بعض متاعه، ترسا كان أو سيفا، حتى حمل من ذلك شيئا كثيرا. فمرّ به النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- فقال: أنت سفينة.
واختلفوا أيضا في قصته، فقال بعضهم: كان رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- اشتراه وأعتقه.
وقال آخرون: اشترته «أمّ سلمة» وأعتقته، وشرطت عليه أن يخدم النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- ما عاش.
[حدّثنا أحمد بن موسى: حدّثنا عاصم بن عليّ: حدّثنا حشرج ابن نباتة: حدّثنا سعيد بن جمهان «1» ، قال: 

قلت ل «سفينة» : لم سميت «سفينة» ؟ قال: كنّا مع رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فثقلت عليهم أمتعتهم. فنزلت فقلت: احملوا على ظهري. فقال رسول الله- صلّى الله عليه وسلم-: احمل، فإنما أنت سفينة. فلو حملت يومئذ حمل بعير، وبعيرين، ما ثقل ذلك عليّ بعد [1] .
ثوبان، مولى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم.
وكان يكنى: أبا عبد الله، وكان من أهل السّراة.
وذكروا أنه من «حمير» أصابه سباء، فاشتراه النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- وأعتقه، ولم يزل معه حتى قبض- صلّى الله عليه وسلم. ثم تحوّل إلى الشام فنزل «حمص» ، وله فيها دار صدقة، ومات سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية.
يسار [2] ، مولى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم.
وكان «يسار» [2] نوبيّا أصابه في غزوة «بنى عبد بن ثعلبة» فأعتقه، وهو الّذي قتله العرنيّون «1» الذين أغاروا على لقاح النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- وقطعوا يده ورجله، وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات. وانطلقوا بالسّرح «2» ، فأدخل المدينة ميّتا.
شقران: مولى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم.
اسمه: صالح، ويقال: إنّ أباه كان يقال له: عدىّ.
واختلفوا في قصته. فقال بعضهم: كان ل «عبد الرحمن بن عوف» ، فابتاعه منه فأعتقه. 

وقال أبو محمد: حدثني زيد بن أخزم، قال: سمعت عبد الله ابن داود. يقول:
«شقران» ممن ورث النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- عن أبيه.
/ 73/ أبو كبشة، مولى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم.
اسمه: سليم [1] ، من مولّدى أرض دوس، ويقال: من مولّدى مكة.
ابتاعه رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فأعتقه.
وتوفى «أبو كبشة» أوّل يوم استخلف فيه «عمر بن الخطاب» ، رضى الله عنه.
أبو ضميرة، مولى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم.
وكان مما أفاء الله على رسوله. وكان من العرب. فأعتقه النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- وكتب له كتابا، هو في يد ولده، بالإيصاء به وبأهل بيته.
ومن ولده: حسين بن عبد الله بن ضميرة. وفد على «المهدي» ومعه الكتاب.
فقبّله «المهدىّ» ووضعه على عينيه، ووصله بثلاثمائة دينار.
مدعم، مولى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم.
كان «مدعم» عبدا [2] ل «رفاعة بن زيد الجذامىّ» . فوهبه لرسول الله- صلّى الله عليه وسلم.
ويقال: هو الّذي قال فيه النبيّ- صلّى الله عليه وسلم-[حين كان يحط رحله فجاءه سهم عابر فقتله. فقال الناس: هنيئا له الجنة. فقال النبيّ- صلّى الله عليه وسلم: كلا [3] ، إن الشّملة التي غلّها يوم خيبر تحترق عليه في نار جهنم.
أبو مويهبة، مولى النبيّ- صلّى الله عليه وسلم.
كان «أبو مويهبة» مولّدا من مولّدى «مزينة» ، فاشتراه فأعتقه. وهو الّذي انطلق به إلى البقيع «1» ، وقال: إني أمرت أن أستغفر لهم. 

النّبيه: مولى النبيّ- صلّى الله عليه وسلم.
كان «النّبيه» من مولّدى «السّراة» ، فاشتراه رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فأعتقه.
فضالة، مولى النبيّ- صلّى الله عليه وسلم.
كان «فضالة» هذا مولى النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- نزل الشام.
خيل رسول الله ومراكبه صلّى الله عليه وسلم
كان فرس رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- «يوم أحد» : السّكب، وفرس «أبى بردة «1» بن نيار» يومئذ يقال له: ملاوح.
والمرتجز: فرس رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- الّذي اشتراه من الأعرابيّ، وشهد له «خزيمة بن ثابت» وحده، فأجاز شهادته وحده.
وكان لرسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فرس يقال له: لزاز. وفرس يقال له: الظّرب «2» [1] . وفرس يقال له:/ 74/ اللّحيف. وفرس يقال له: الورد.
وكانت البغلة التي أهداها إليه «المقوقس» يقال لها: دلدل، وبقيت إلى زمن «معاوية» .
وكان له حمار يقال له: يعفور.
وكان له من النّوق: القصواء، والجدعاء، والعضباء [2] .
وكانت لقاحه، التي أغار عليها «عيينة بن حصن الفزازى» بالغابة، عشرون لقحة «3» . 

أحوال الرسول صلّى الله عليه وسلم
في مولده ومبعثه ومغازيه وسراياه، إلى أن قبض- صلّى الله عليه وسلم.
قالوا [1] :
ولد رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- عام الفيل، وبين عام الفيل وعام الفجار عشرون سنة.
ودفعته أمه إلى أظآره من بنى سعد بن بكر، فلم يزل عندهم خمس سنين، ثم ردّوه عليها، فأخرجته أمه إلى أخواله بالمدينة بعد سنة، وتوفيت بالأبواء. «1» وردّته «أم أيمن» ، حاضنته، إلى مكة بعد موت أمه.
وتوفى «عبد المطلب» وهو ابن ثمان سنين وشهرين.
وخرج مع «أبى طالب» عمّه إلى الشام في تجارة، وهو ابن اثنتي عشرة سنة.
وشهد الفجار «2» ، وهو ابن عشرين سنة.
وخرج إلى الشام في تجارة ل «خديجة» ، وهو ابن خمس وعشرين سنة، وتزوّجها بعد ذلك بشهرين وأيام.
وبنيت الكعبة، ورضيت «قريش» بحكمه فيها، وهو ابن خمس وثلاثين سنة.
وبعث صلّى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين سنة، بعد بنيان الكعبة بخمس سنين.
ورأت «قريش» النجوم يرمى بها بعد عشرين يوما من مبعثه.
وتوفى عمه «أبو طالب» وهو ابن تسع وأربعين سنة وثمانية أشهر. 

وتوفيت «خديجة» بعد «أبى طالب» بثلاثة أيام ثم خرج إلى «الطائف» ومعه «زيد بن حارثة» بعد ثلاثة أشهر من موت «خديجة» ، فأقام بها شهرا، ثم رجع إلى مكة في جوار «مطعم بن عدىّ» .
وأسرى به إلى بيت المقدس بعد سنة ونصف من رجوعه إلى مكة، ثم أمره الله تعالى بالهجرة، وافترض عليه الجهاد. فأمر أصحابه بالهجرة، فخرجوا أرسالا «1» .
وخرج رسول الله- صلّى/ 75/ الله عليه وسلم- ومعه: أبو بكر، وعامر ابن فهيرة- مولى أبى بكر- وعبد الله بن أرقم «2» - ويقال: أرقط. ويقال:
أريقط- الدّيلى. وخلّف «عليّ بن أبى طالب» - عليه السلام- على ودائع كانت للناس عنده حتى أدّاها، ثم لحق به.
وهاجر إلى المدينة وهو ابن ثلاث وخمسين سنة. وقال في ذلك حسّان ابن ثابت الأنصاريّ- هكذا قال أبو اليقظان-: [طويل]
ثوى في قريش بضع عشرة حجة ... يذكّر لو يلقى حبيبا مواتيا
ويعرض في أهل المواسم نفسه ... فلم ير من يؤوى ولم ير داعيا
فلمّا أتانا واطمأنت به النّوى ... فأصبح مسرورا بطيبة راضيا
قال: فأما «محمد بن إسحاق» «3» فذكر أن البيت الأوّل لصرمة بن أبى أنس الأنصاريّ.
ودخل رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأوّل. فكان التاريخ من شهر ربيع الأوّل، فردّ إلى المحرّم، لأنه أوّل شهور السنة. 

ونزل بقباء «1» ، على كلثوم بن الهدم، من: بنى عمرو بن عوف الأوسيّ، ثم مات «كلثوم» ، فتحوّل إلى «سعد بن خيثمة الأوسيّ» ، فأقام شهرا وأربعة أيام إلى أن تمت صلاة المقيم.
ثم آخى بين المهاجرين والأنصار بعد خمسة أشهر من وقت إتمام الصلاة.
ثم غزا غزاة «ودّان» «2» بعد ستة أشهر.
ثم غزا عيرا «3» لقريش بعد شهر وثلاثة أيام.
ثم غزا في طلب «كرز» «4» حتى بلغ «بدرا» بعد عشرين يوما.
ووجهت القبلة إلى الكعبة.
ثم غزا «بدرا» .
غزوة بدر
قال أبو اليقظان:
كان «بدر» رجلا من «غفار» ، رهط أبى ذرّ الغفاريّ، من بطن يقال لهم: بنو النّار، نسب الماء إليه.
وقال الشّعبيّ: «5» بدر: بئر رجل يدعى: بدرا، ولم ينسبه.
قال: وكان المشركون تسعمائة وخمسين رجلا. وكان المسلمون ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا. يعتقب النفر البعير الواحد. الأنصار منهم مائتان وسبعون رجلا، والباقون من سائر الناس. 

وكان لواء «1» رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- أبيض، ورايته سوداء. من مرط ل «عائشة» مرحّل.
وكانت رايته يومئذ مع «عليّ» ، ولواؤه مع «مصعب بن عمير» .
قال: ولم يبق من «قريش» بطن إلا نفر منهم ناس من المشركين، إلا «بنى عدىّ بن كعب» ، فإنه لم يخرج منهم رجل واحد. وكان قوم من «زهرة» قد خرجوا، فقام «الأخنس «2» بن شريق الثقفيّ» فيهم- وكان حليفا لهم- فأشار عليهم بالرجوع، فرجعوا ولم يشهد «بدرا» منهم أحد.
وإنما سمى: الأخنس، لأنه خنس ببني زهرة يوم بدر، وهو ثقفىّ، عداده في بنى «زهرة» ، ولم يسلم «الأخنس» .
وقال أبو اليقظان:
«عثمان البتيّ» الفقيه بالبصرة، من مواليه.
أسماء المتخلفين عن بدر
من المهاجرين والأنصار، والمشهورين بالعذر:
عثمان بن عفان، تخلّف عن بدر [1] ، على «رقية» ، ابنة رسول الله- صلّى الله عليه وسلم-. فضرب له رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- بسهمه. فقال عثمان:
وأجرى يا رسول الله؟ قال: وأجرك. 

و «طلحة بن عبيد الله» ، كان بالشام، فتخلّف عن «بدر» ، وقدم بعد أن رجع رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فكلّمه، فضرب له بسهم. قال: وأجرى يا رسول الله؟ قال: وأجرك. و «سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل» ، كان أيضا بالشام، فقدم بعد ما رجع رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- من «بدر» ، فضرب له بسهمه. فقال: وأجرى يا رسول الله؟ قال: وأجرك. و «أبو لبابة» ، و «الحارث بن حاطب» الأنصاريّان، خرجا مع رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فردّهما، وأمّر «أبا لبابة» على المدينة، وضرب لهما بسهمين مع أصحاب «بدر» .
أسماء المطعمين من قريش في غزوة بدر
العباس بن عبد المطلب، وعتبة بن ربيعة، والحارث بن عامر بن نوفل، وطعيمة بن عدىّ، وأبو البختريّ بن هشام، وحكيم بن حزام، والنّضر بن الحارث ابن كلدة، وأبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، ومنبه، ونبيه، ابنا الحجّاج، وسهيل [1] بن عمرو.
[فنزل فيهم: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ الله فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ 8: 36 «1» [2] . 

عدّة من قتل ومن أسر يوم بدر
وعدّة من قتل من المشركين يوم «بدر» خمسون رجلا. وأسر أربعة وأربعون رجلا.
وكان فيمن أسر: العبّاس/ 77/ بن عبد المطلب- أسره: أبو اليسر كعب ابن عمرو- وعقيل بن أبى طالب- وكانا خرجا مكرهين- ونوفل بن الحارث ابن عبد المطلب.
وكان في الأسارى: عقبة بن أبى معيط، والنّضر بن الحارث بن كلدة، قتلهما رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- بالصّفراء. «1» وروى ابن المبارك، عن شعبة [1] : عن أبى بشر، عن سعيد ابن جبير «2» : أنه قال:
قتل النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- ثلاثة صبرا «3» يوم «بدر» : عقبة بن أبى معيط، وطعيمة بن أبى عدىّ، والنّضر بن الحارث.
وقال رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- للعباس: أفد نفسك وابني أخيك، عقيلا:
ونوفلا، وحليفك، فإنك ذو مال. فقال: يا رسول الله، إني كنت مسلما، ولكن القوم استكرهوني. فقال رسول الله- صلّى الله عليه وسلم-: الله أعلم بإسلامك إن يكن ما تقول حقّا فاللَّه يجزيك به، وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا. فقال:
فإنه ليس لي مال. قال: فأين المال الّذي وضعته عند «أم الفضل» بمكة حين خرجت وليس معكما أحد، ثم قلت لها: إن أصبت في سفري هذا فللفضل كذا، ولعبد الله كذا. قال العباس: والّذي بعثك بالحق نبيّا ما علم بهذا أحد غيرها، وإني لأعلم أنك رسول الله. ففدى نفسه بمائة أوقية، وكل واحد من ابني أخيه بأربعين أوقية.
هكذا قال ابن إسحاق.
وقال: تركتني أسأل الناس بكفى [1] .
وأسلم «العباس» ، وأمر «عقيلا» فأسلم، ولم يسلم من الأسارى غيرهما.
وقتل «عليّ بن أبى طالب» يومئذ العاص بن سعيد بن العاص، والوليد بن عتبة بن ربيعة، وعامر بن عبد الله- حليفا لهم، من بنى أنمار بن بغيض.
وقتل «عليّ» أيضا: نوفل بن خويلد، أخا «العوامّ بن خويلد» .
واختلف في «طعيمة بن عدىّ» ، فقال بعضهم: قتله «عليّ» .
وقال بعضهم: قتله «حمزة» . وقال بعضهم: قتله رسول الله [2]- صلّى الله عليه وسلم- صبرا.
وقتل «عمر بن الخطاب» خاله: العاص بن هشام بن المغيرة.
وقتل «حمزة بن عبد المطلب» : شيبة بن ربيعة، والأسود بن عبد الأسد ابن هلال المخزومي. 

وقتل «عبيدة/ 78/ بن الحارث بن عبد المطلب» : عتبة بن ربيعة.
وقتل «الزّبير بن العوّام» : عبيدة بن سعيد بن العاص بن أمية.
وقتل «معاذ بن عمرو بن الجموح الأنصاريّ» : أبا جهل بن هشام، ضربه بالسيف على رجله فقطعها، وذفف عليه»
«عبد الله بن مسعود» [1] .
وقتل «عمّار بن ياسر» : عليّ بن أمية بن خلف.
وسائر من قتل لا يعرف قاتلهم من الأنصار.
ذكر من استشهد من المسلمين يوم بدر
واستشهد من المسلمين «يوم بدر» أربعة عشر رجلا، منهم: عبيدة بن الحارث ابن المطلب، قاتل: عتبة، ومهجع- مولى عمر بن الخطاب- وذو الشّمالين، وعمير بن أبى وقاص الزهرىّ- أخو سعد بن أبى وقاص الزّهرىّ- وعاقل ابن البكير [2]- يقال له «2» : عاقل، وغافل- وصفوان بن البيضاء. والباقون من الأنصار. 

وكانت وقعة «بدر» في شهر رمضان سنة اثنتين لسبع عشرة ليلة خلت منه.
وانصرف رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- إلى المدينة، وتوفيت «رقية» ابنته.
وابتنى «عليّ» ب «فاطمة» بعد وفاة «رقية» بستة عشر يوما.
وتزوّج «عثمان» «أمّ كلثوم» ابنته «1» ، وابتنى بها بعد ابتناء «عليّ» ب «فاطمة» بخمسة أشهر ونصف.
ثم تزوّج رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- «حفصة» بعد ذلك بشهرين.
ثم تزوّج «زينب بنت خزيمة» بعدها بعشرين يوما.
وولد «الحسن بن عليّ» بعد ذلك بخمسة أيام. هذا في بعض الرّوايات، وإن كان هذا صحيحا، فإن رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- قبض و «الحسن» ابن سبع سنين.
وفي رواية ابن إسحاق- فيما أحسب- أنها ولدت «الحسن» بعد «خيبر» سنة ست. وأما «الحسين» فإنه ولد بعد «الحسن» بعشرة أشهر واثنين وعشرين يوما، وكانت «فاطمة» رضى الله عنها حملت به بعد أن ولدت «الحسن» بشهر واثنين وعشرين يوما. وأرضعته وهي حامل، ثم أرضعتهما جميعا.
غزوة أحد
قال ابن إسحاق:
كانت غزوة «أحد» سنة ثلاث في شوّال.
قال: ولما سارت «قريش» لحرب رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- خرج رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- والمسلمون حتى نزلوا بيوت «بنى حارثة» . فأقاموا بقية يومهم وليلتهم، ثم خرج/ 79/ من غد في ألف رجل من أصحابه، فلما كانوا ببعض الطريق انخزل «عبد الله بن أبىّ بن سلول» بثلث الناس، وقال: والله ما ندري علام نقتل أنفسنا! وهمّت بنو حارثة وبنو سلمة بالرّجوع. ثم عصمهم الله- عز وجل- ومضى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فذبّ فرس بذنبه فأصاب ذؤابة سيف فاستلّه، فقال رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- لصاحب السيف- وكان يحب الفأل ولا يعتاف «1» [1]-: شم سيفك، فإنّي أرى السيوف ستسل اليوم. وكانت قريش يومئذ ثلاثة آلاف. ورسول الله- صلّى الله عليه وسلم- في سبعمائة. وظاهر يومئذ بين درعين، وأخذ سيفا فهزه وقال: من يأخذه بحقه؟
فقال عمر بن الخطاب: أنا. فأعرض عنه. وقال الزّبير: أنا. فأعرض عنه.
فوجدا في أنفسهما. فقام أبو دجانة سماك بن خرشة فقال: [وما حقّه يا رسول الله؟ قال: تضرب به حتى ينثني. فقال: أنا آخذه بحقه [2] ، فأعطاه إياه. وكان على الرّماة يومئذ: عبد الله بن جبير- أخو خوّات بن جبير، صاحب ذات النّحيين «2» - وكانت على المشركين الدائرة [3] ، حتى خالفت الرّماة على ما أمرهم به رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- من الثّبوت بموضعها، ومالت إلى الغنائم، فأصيب المسلمون وانهزم منهم من انهزم. 

عدد [1] من استشهد من المسلمين يوم أحد
استشهد من المهاجرين «يوم أحد» أربعة نفر: حمزة بن عبد المطلب، وعبد الله ابن جحش، ومصعب بن عمير، وشمّاس بن عثمان بن الشّريد.
واستشهد من الأنصار واحد وستون رجلا.
عدد من قتل من المشركين يوم أحد
قتل «عليّ بن أبى طالب» : طلحة بن أبى طلحة بن عثمان بن عبد الدار، مبارزة، وكان صاحب لواء المشركين، وأبا الحكم بن الأخنس بن شريق الثّقفيّ، حليف بنى زهرة، وأبا أمية بن أبى حذيفة بن المغيرة.
وقتل «حمزة» : عثمان بن أبى طلحة، وسباع بن عبد العزّى.
وقتل «سعد بن أبى وقاص» : أبا سعد بن أبى طلحة.
وقتل «عاصم بن ثابت» : مسافع بن طلحة، وكلاب بن طلحة، والجلاس ابن طلحة، والحارث بن طلحة [2] .
هذا قول/ 80/ بعضهم. وأما ابن إسحاق فإنه يذكر أن «الجلاس» و «الحارث» قتلهما «قزمان» ، حليف «بنى ظفر» .
قال: وقتل «قزمان» يومئذ: أرطاة بن [3] شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف ابن عبد الدّار، وغلاما له حبشيّا- يقال له: صؤاب- والقاسط بن شريح بن هاشم ابن عبد مناف بن عبد الدّار، وهشام بن أبى أمية بن المغيرة، والوليد بن العاص ابن هشام، وخالد بن الأعلم، وعبيدة بن جابر، وشيبة بن مالك بن المضرّب.
وكان «قزمان» هذا منافقا، وهو القائل: والله إن قاتلت إلا حدبا على قومي [1] .
وجرح فاشتدّت به جراحته فقتل نفسه. وفيه قال النبيّ- صلّى الله عليه وسلم-:
«إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر» .
وقتل «عبد الرحمن بن عوف» : أسيد بن أبى طلحة.
فكان من قتل في هذا اليوم، من «بنى عبد الدّار» : عشرة نفر، ومولى لهم.
ولم يصحب النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- من «بنى عبد الدّار بن قصي» إلا «مصعب بن عمير» ، واستشهد في هذا اليوم. وكان صاحب لواء رسول الله- صلّى الله عليه وسلم-. ويقال إن هذه الآية نزلت في بنى عبد الدّار: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ الله الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ 8: 22 «1» .
يوم الخندق وما بعده
وكان يوم «الخندق» سنة أربع.
ويوم «بنى المصطلق» ، ويوم «بنى لحيان» في شعبان، سنة خمس.
ويوم «خيبر» ، في سنة ست. وحاصرهم رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- بضع عشرة ليلة. وقدم عليه «جعفر بن أبى طالب» من عند «النجاشي» . 

وفيها صالحه أهل «فدك» على النّصف من ثمارهم، فكانت له خاصة، لأنه لم يوجف «1» عليها المسلمون بخيل ولا ركاب.
وفيها خرج رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- معتمرا، فصدّه المشركون، وكان ساق معه من الهدى سبعين بدنة، فمنعوه [1] عن أن يبلغ محلّه. فبايعه المسلمون تحت الشجرة بيعة الرضوان، وكان الناس سبعمائة، وهي: عمرة الحديبيّة.
قال: وحدّثنى زيد بن أخزم، قال: حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا قرّة بن خالد،/ 81/ عن قتادة «2» ، قال: قلت لسعيد بن المسيّب:
كم كانوا في بيعة الرضوان؟ قال: خمس عشرة مائة. قال: قلت: فإنّ جابر ابن عبد الله قال: كانوا أربع عشرة مائة. قال: أوهم رحمه الله! هو الّذي حدّثنى أنهم كانوا خمس عشرة مائة.
وكان أوّل من بايع «3» «عبد الله بن عمر» ، وكانت البيعة بسبب «عثمان بن عفان» ،- رضى الله عنه- وذلك أنه بعثه إلى مكة ليخبر قريشا أنه لم يأت لحرب، فاحتبسته. «قريش» عندها، وبلغ رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- أنه قد قتل. فدعا الناس إلى البيعة على مناجزة القوم، ثم بلغه أن الّذي ذكر في أمر «عثمان» باطل. 

وبعث رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- بعثة إلى «مؤتة» في سنة ثمان، واستعمل عليهم- «زيد بن حارثة» ، وقال: إن أصيب «زيد» ف «جعفر» ، وإن أصيب «جعفر» ف «عبد الله بن رواحة» على الناس. وكانوا ثلاثة آلاف.
فقتل: زيد بن حارثة، وجعفر، وعبد الله بن رواحة، وقام بأمر الناس بعدهما:
خالد بن الوليد، فحاشى بهم- يعنى اتقى بهم.
وفي سنة ثمان ولد له «إبراهيم» . ومات «النّجاشى» . وماتت «أم كلثوم» ابنته.
وفي سنة ثمان فتح الله عليه «مكة» في شهر رمضان، فأقام بها خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة [1] .
ثم سار إلى «حنين» في شوّال سنة ثمان، واستخلف على «مكة» :
عتّاب بن أسيد. وحج الناس على منازلهم في [2] الشّرك. ولقي رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- جمع «هوازن» ب «حنين» ، للنصف من شوّال، فهزمهم الله عز وجل، ونفّله «1» أموالهم ونساءهم. 

وكان الذين ثبتوا مع رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- يوم «حنين» بعد هزيمة الناس: عليّ بن أبى طالب، والعباس بن عبد المطلب- أخذ بحكمة بغلته-[1] وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وابنه، والفضل بن العباس بن عبد المطلب، وأيمن بن عبيد- وهو ابن أم أيمن، مولاة رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- وحاضنته. وقتل يومئذ [هو، وابن أبى سفيان- ولا عقب لابن أبى سفيان-[2] وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وأسامة بن زيد بن حارثة.
وقال العباس بن عبد/ 82/ المطلب: [طويل]
نصرنا رسول الله في الحرب سبعة ... وقد فرّ من قد فرّ منهم فأقشعوا «1»
وثامننا لاقى الحمام بسيفه ... بما مسّه في الله لا يتوجّع
يعنى: أيمن بن عبيد.
ثم سار رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- بعد حنين إلى الطائف، فحاصرهم شهرا، ثم انصرف ولم يفتحها. فاعتمر من الجعرانة «2» [3] في ذي القعدة سنة ثمان.
ثم انصرف راجعا إلى المدينة فدخلها، وأقام بها إلى رجب سنة تسع. 

ثم سار إلى أرض الروم، فكان أقصى أثره تبوك، فأقام بها، وبنى مسجدا، هو بها إلى اليوم.
وفتح الله عليه في سفره «دومة الجندل» ، بعث إليها «خالد بن الوليد» ، فأتاه «بأكيدر» صاحبها، فصالحه على الجزية.
ثم قدم المدينة فأقام إلى حضور الموسم سنة تسع، فبعث «أبا بكر» أميرا على الحاجّ، فأقام للناس حجّهم، وهي أول حجة كانت في الإسلام.
وأنزلت على رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- سورة براءة، بعد أن سار أبو بكر، فبعث بها مع عليّ بن أبى طالب، وأمره أن يقوم بها في الناس [1] إذا فرغ أبو بكر من الحج [2] .
ثم صدر أبو بكر وعليّ- رضى الله عنهما- إلى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم.
ودخلت سنة عشر، فأقامها رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- بالمدينة. وجاءته وفود العرب من كل وجه، وبعث رسله إلى ملوك الأرض، ودخل الناس في الإسلام أفواجا، وأنزلت عليه (إِذا جاءَ نَصْرُ الله وَالْفَتْحُ) 110: 1 «1» . فعلم أنه قد نعى إلى نفسه. فلما حضر الموسم خرج رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- لخمس ليال بقين من ذي القعدة، فأقام للناس حجّهم وعرّفهم مناسكهم، ثم صدر إلى المدينة فأقام بها بقية ذي الحجة من سنة عشر، والمحرّم وصفر واثنتي عشرة ليلة من شهر ربيع الأوّل سنة إحدى عشرة، ثم قبضه الله إليه يوم الاثنين.
وكان مقامه بالمدينة إلى أن قبض عشر سنين، وقد بلغ من السن ثلاثا وستين سنة. 

ويقال: إنه ولد- صلّى الله عليه وسلم- يوم الاثنين، وبعث يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين، وقبض يوم الاثنين. ودفن ليلة الأربعاء في حجرة عائشة، وفيها قبض.
فدخل القبر/ 83/ العباس بن عبد المطلب، وعليّ بن أبى طالب، والفضل ابن العباس بن عبد المطلب.
ويقال أيضا: دخل معهم قثم بن العبّاس.
وقالت بنو زهرة: نحن أخواله، فأدخلوا منّا رجلا. فأدخلوا «عبد الرحمن ابن عوف» .
ويقال: دخل معه «أسامة بن زيد» .
وقال المغيرة بن شعبة. أنا أقربكم عهدا به- وذلك أنه ألقى خاتمه في القبر فاستخرجه.
وحدّثنى زيد بن أخزم، قال: حدثني عثمان بن فرقد، قال: سمعت جعفر بن محمد «1» يحدّث عن أبيه، قال:
الّذي لحد قبر رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- أبو طلحة، والّذي ألقى القطيفة تحته: شقران.
وقال جعفر: أخبرنى ابن أبى رافع «2» ، قال:
سمعت شقران يقول: أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- في القبر. 










مصادر و المراجع :

١-المعارف

المؤلف: أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ)

تحقيق: ثروت عكاشة

الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة

الطبعة: الثانية، 1992 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید