المنشورات

حلية عثمان وأخباره

قال الواقديّ: كان «عثمان» رجلا ليس بالقصير ولا بالطويل، حسن الوجه، رقيق البشرة، كثير اللّحية عظيمها، أسمر اللون، كثير شعر الرأس، وكان يشدّ أسنانه بالذهب. 

وزاد غيره:
كان أصلع أقنى، له جمّة «1» أسفل من أذنيه، ولكثرة شعر رأسه ولحيته كان أعداؤه يسمونه: نعثلا. «2» وزوّجه رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- ابنتيه: رقية، وأم كلثوم.
وكان محبّبا في «قريش» . وفيه يقول قائلهم: [مجزأ الرجز]
أحبك والرّحمن ... حبّ قريش عثمان
إذا دعا بالميزان
وهو من المهاجرين الأوّلين، وكان تزوّج «رقية» بنت رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم وهو بمكة، فهاجر بها إلى أرض الحبشة، فقال رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-: إنهما لأوّل من هاجر إلى الله- عزّ وجلّ- بعد: إبراهيم، ولوط- عليهما السلام. ثم هاجر إلى المدينة، فله هجرتان.
واشترى «بئر رومة» «3» ، وكانت ركيّة ليهوديّ يبيع ماءها للمسلمين. فقال النبيّ- صلّى الله عليه وسلّم- من يشترى «رومة» فيجعلها للمسلمين يضرب بدلوه في دلائهم، وله بها مشرب في الجنة؟ فأتى «عثمان» اليهودىّ فساومه بها، فأبى أن يبيعها كلّها.
فاشترى نصفها باثني عشر درهم، فجعله للمسلمين. فقال عثمان: إن شئت فلي يوم. ولك يوم، وإن شئت جعلت على نصيبي قرنين «4» [1] ؟ قال اليهودىّ: لي يوم ولك يوم. فكان إذا كان يوم عثمان استقى المسلمون ما يكفيهم يومين. فلما رأى ذلك اليهودىّ قال لعثمان: أفسدت [1] عليّ ركيّتى «1» ، فاشتر النصف الآخر. فاشتراه بثمانية آلاف درهم.
وقال رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-: من يزيد في مسجدنا؟ فاشترى «عثمان» موضع خمس سواري «2» ، فزاده في المسجد.
وجهّز «عثمان» جيش العسرة «3» بتسعمائة وخمسين بعيرا، وأتمها ألفا بخمسين فرسا.
ولم يشهد «بدرا» لأن رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-/ 97/ خلّفه على «رقية» ابنته، وكانت ثقيلة، فماتت ودفنها.
وضرب له رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- بسهمه وأجره.
ولم يشهد بيعة «الرّضوان» ، لأن رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- أرسله إلى «مكة» ليخبرهم أنه لم يجئ لقتال. فبايع له رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- بشماله. «4» 

وشهد «يوم أحد» ، فانهزم ومضى إلى الغابة «1» ، مسيرة ثلاثة أيام. ففيه وفي أصحابه نزلت الآية: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا الله عَنْهُمْ 3: 155 «2» . 










مصادر و المراجع :

١-المعارف

المؤلف: أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ)

تحقيق: ثروت عكاشة

الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة

الطبعة: الثانية، 1992 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید