المنشورات
خلافة عثمان رضى الله عنه
وبويع «عثمان» غرة المحرّم سنة أربع وعشرين، وهو يومئذ ابن تسع وستين.
وكانت أوّل غزوة غزيت في خلافته «الرّيّ» وأمير الجيوش: أبو موسى الأشعريّ، ثم الإسكندرية، ثم سابور، ثم إفريقية، ثم قبرس، من سواحل بحر الرّوم، وإصطخر الآخرة، وفارس الأولى، ثم جور، وفارس الآخرة، ثم طبرستان، ودارابجرد «3» ، وكرمان، وسجستان، ثم الأساورة «4» [1] ، في البحر، ثم إفريقية، ثم حصون قبرس، ثم ساحل الأردن، ثم كانت «مرو» على يد: عبد الله بن عامر، سنة أربع وثلاثين.
ثم حصر «عثمان» في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين. وكان ممّا نقموا على «عثمان» أنه آوى «الحكم بن أبى العاص» ، وأعطاه مائة ألف درهم [بزعمهم] [2] .
وقد سيّره رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- ثم لم يؤوه «أبو بكر» ولا «عمر» .
قالوا: وتصدّق رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- بمهزور [1]- موضع سوق المدينة- على المسلمين، فأقطعها «عثمان» «الحارث بن الحكم» ، أخا «مروان ابن الحكم» . وأقطع «مروان» فدك «1» ، وهي صدقة رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم.
وافتتح إفريقية، فأخذ الخمس [بزعمهم [2] فوهبه كله لمروان. فقال عبد الرحمن ابن حنبل الجمحيّ، وكان «عثمان» [3] سيره، [وكان شاعرا [4] : [متقارب]
أحلف باللَّه ربّ الأنام [5] ... ما ترك الله شيئا سدى
ولكن خلقت لنا فتنة ... لكي نبتلى بك أو تبتلى
فإنّ الأمينين قد بيّنا ... منار الطريق عليه الهدى
/ 98/ فما أخذا درهما غيلة ... وما جعلا درهما في الهوى
وأعطيت مروان خمس العباد ... فهيهات شأوك ممّن سعى [6]
وطلب إليه «عبد الله بن خالد بن أسيد» صلة، فأعطاه أربعمائة ألف درهم [بزعمهم [7] .
وسيّر «أبا ذرّ» إلى «الرّبذة» «2» . وسيّر «عامر بن عبد القيس» من البصرة إلى الشام. فسار إليه قوم من أهل «مصر» ، فيهم: «محمد بن أبى حذيفة بن عتبة بن ربيعة»
في جند، «وكنانة بن بشر التّجيبيّ» ، في جند، و «ابن عديس البلويّ» ، في جند.
ومن أهل البصرة: حكيم بن جبلة العبديّ، وسدوس بن عبيس الشّنّى، ونفر من أهل الكوفة، منهم: الأشتر بن الحارث النّخعىّ. فاستعتبوه، فأعتبهم وأرضاهم.
ثم وجدوا، بعد أن انصرفوا يريدون «مصر» ، كتابا من «عثمان» [بخط كاتبه [1] عليه خاتمه إلى أمير «مصر» : «إذا أتاك القوم فاضرب أعناقهم» [2] . فعادوا به إلى «عثمان» ، فحلف لهم أنه لم يأمر ولم يعلم [3] . فقالوا: إنّ هذا عليك شديد، يؤخذ خاتمك بغير علمك وداخلتك «1» ! فإن كنت قد غلبت على أمرك فاعتزل.
فأبى أن يعتزل وأن يقاتلهم. ونهى عن ذلك، وأغلق بابه. فحوصر أكثر من عشرين يوما، وهو في الدار في ستمائة رجل. ثم دخلوا عليه من دار بنى حزم الأنصاريّ. فضربه «نيار بن عياض الأسلميّ» بمشقص «2» في وجهه، فسال الدم على المصحف في حجره. ثم أخذ «محمد بن أبى بكر» بلحيته فقال:
دع لي لحيتي.
وكان قتله في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين.
وأقام للناس الحج في تلك السنة «عبد الله بن عباس» ، وصلّى بالناس «على ابن أبى طالب» بالمدينة وخطبهم.
وكان «عثمان» حجّ بالناس عشر سنين متوالية. واختلف في يوم قتله.
قال ابن إسحاق:
قتل يوم الأربعاء بعد العصر، ودفن يوم السبت قبل الظهر.
وقال الواقديّ:
قتل يوم الجمعة لثمان ليال خلون من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وهو يومئذ ابن اثنتين وثمانين سنة.
وقال: هذا ما لا اختلاف فيه.
ودفن بالبقيع ليلا، وصلّى عليه «جبير/ 99/ بن مطعم» ، وأخفوا قبره.
قال أبو اليقظان:
قتل يوم الجمعة سنة خمس وثلاثين، ودفن بأرض يقال لها: «حشّ كوكب» ، كان عثمان اشتراها فزادها في «البقيع» .
والحش: البستان، وجمعها حشّان. وكوكب: رجل من الأنصار.
قال أبو محمد:
وجدت الشعراء يذكرون أنه قتل يوم الأضحى، وفي ذلك قال الفرزدق ابن غالب: [كامل]
عثمان إذ قتلوه [1] وانتهكوا ... دمه صبيحة ليلة النّحر
وقال آخر «1» : [بسيط]
ضحّوا بأشمط عنوان السّجود به ... يقطّع الليل تسبيحا وقرآنا
وقال أيمن بن خريم: [بسيط]
تفاقد [1] الذّابحو «1» عثمان ضاحية ... فأىّ ذبح حرام ويحهم [2] ذبحوا
ضحّوا بعثمان في الشّهر الحرام ولم ... يخشوا على مطمح الكفر «2» [3] الّذي طمحوا
فأىّ سنة كفر سنّ أوّلهم ... وباب كفر على سلطانهم فتحوا
فاستوردتهم سيوف المسلمين على ... تمام ظمء «3» كما يستورد النّضح
ماذا أرادوا أضلّ الله سعيهم ... بسفك ذاك الدّم الزّاكى الّذي سفحوا
قال ابن إسحاق:
كانت ولايته اثنتي عشرة سنة إلا اثنتي عشرة ليلة.
مصادر و المراجع :
١-المعارف
المؤلف: أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ)
تحقيق: ثروت عكاشة
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة
الطبعة: الثانية، 1992 م
4 ديسمبر 2024
تعليقات (0)