المنشورات

عبد الملك بن مروان

وأما «عبد الملك بن مروان» فكان يكنى: أبا الوليد، ويلقّب: رشح الحجر، لبخله. ويكنى: أبا «ذبّان» لبخره.
وكان «معاوية» جعله مكان «زيد بن ثابت» على ديوان «المدينة» ، وهو ابن ست عشرة/ 181/ سنة. وولّاه أبوه «مروان» «هجر» «2» . ثم جعله الخليفة بعده. وكانت خلافته بعد أبيه سنة خمس وستين. 

وبويع «ابن الزّبير» على الخلافة سنة خمس وستين، وبنى الكعبة، وبايعه أهل «البصرة» و «الكوفة» .
ووثب «المختار بن عبيد» «بالكوفة» سنة ست وستين، في سلطان «ابن الزبير» ، وأخرج عن «الكوفة» ، «عبد الله بن مطيع» عامل «ابن الزبير» .
ثم إن أهل «الكوفة» ثاروا ب «المختار» ، فاقتتلوا «بجبّانة السّبيع» «1» ، فظفر بهم «المختار» . وكان «المختار» أيضا وجّه إلى «البصرة» الأحمر بن شميط [1] ، لقتال «مصعب ابن الزبير» فقتله «مصعب» ب «المدار» «2» ، وأقبل: «مصعب» حتى حصر «المختار» في قصره «بالكوفة» ، ثم قتله سنة تسع وستين. وسار «عبد الملك» لقتال «مصعب ابن الزبير» ، فالتقوا بأرض «مسكن» «3» ، فقتل «مصعب» ، ودخل «عبد الملك» «الكوفة» وبايع له أهلها.
وبعث «الحجاج بن يوسف» إلى «عبد الله بن الزبير» ، فقتل «ابن الزبير» سنة ثلاث وسبعين، وقد بلغ من السن ثلاثا وتسعين سنة. فكانت فتنته منذ مات «يزيد بن معاوية» إلى أن قتل، تسع سنين وثلاثة أشهر وأياما.
وحج «الحجاج» بالناس تلك السنة، ونقض بنيان «ابن الزبير» في الكعبة، وبناه على تأسيسه الأوّل، ثم رجع إلى «المدينة» ، لما فرغ من بناء الكعبة. 

ثم كتب «عبد الملك» إلى «الحجاج» ، بعهده على «العراق» ، فسار إليها سنة خمس وسبعين، وضربت له الدنانير والدراهم بالعربية سنة ست وسبعين، وكان سيل الجحاف الّذي ذهب بالحجّاج ب «مكة» سنة ثمانين، ويقال إن «الجحفة» سميت «الحجفة» تلك السنة، لأن السيل بها ذهب بكثير من الحاجّ وأمتعتهم ورحالهم، وكان اسمها «مهيعة» ، وكان ذلك يوم الاثنين. قال أبو السّنابل «1» : [رجز]
لم تر عيني مثل يوم الاثنين ... أكثر محزونا وأبكى للعين
وخرج المخبّئات يسعين ... ظواهرا [1] في جبلين يرقين
وذهب السيل بأهل المصرين
وهاجت فتنة «عبد الرحمن بن الأشعث» سنة اثنتين وثمانين، فكانت وقعة «الزاوية» ، ب «البصرة» ، سنة ثلاث وثمانين، ووقعة «دير الجماجم» فيها أيضا.
وحدّثنى سهل/ 182/ بن محمد، عن الأصمعيّ، قال:
كان ل «ابن الأشعث» أربع وقعات: وقعة بالأهواز، ووقعة بالزّاوية، «2» ووقعة بدير الجماجم، ووقعة بدجيل.
قال: وقال أبو عبيدة:
إنما قيل: «دير الجماجم» «3» ، لأنه كان يعمل فيه الأقداح من خشب.
وبنى «الحجّاج» «واسطا» سنة ثلاث وثمانين.
وتوفى «عبد الملك» بدمشق سنة ست وثمانين، وله اثنتان وستون سنة، وقد شد أسنانه بالذهب. 

فولد «عبد الملك بن مروان» : مروان الأكبر، والوليد، وسليمان، وعائشة، ويزيد، ومروان الأصغر، وهشاما، وأبا بكر، وفاطمة، ومسلمة، وعبد الله، وسعيدا، والحجاج، ومحمدا، والمنذر، وعنبسة، وقبيصة.
ولم يعقب «المنذر» ولا «قبيصة» . ولم يكن ل «عنبسة» ولد غير «الفيض بن عنبسة» .
وأما «الحجّاج بن عبد الملك» ، فولد: عبد العزيز، وهو ولى قتل «الوليد بن يزيد» وكان تولى حصره بالبخراء. «1» وأما «سعيد بن عبد الملك» فكان يلقّب: سعيد الخير، وكان مقيما بمكان يقال له: نهر سعيد. وله عقب. وإليه ينسب «نهر سعيد» . وكان غيضة فيها سباع، فأقطعها وعمرها.
وأما «عائشة» ، فكانت عند «خالد بن يزيد بن معاوية» .
وكانت «فاطمة» عند «عمر بن عبد العزيز» .
وأما «عبد الله بن عبد الملك» فولى «مصر» ل «لوليد» . وله عقب.
وأما «مسلمة» فكان يكنى: أبا سعيد، ويلقّب: الجرادة الصفراء، لصفرة كانت تعلوه. وكان شجاعا، وافتتح فتوحا كثيرة بالروم، منها: «طوانة» «2» .
وولى «العراق» أشهرا. وله عقب كثير.
وأما «أبو بكر بن عبد الملك» ، فكان اسمه «بكّارا» ، وكان يحمّق، وهو القائل في باز كان له فطار: أغلقوا أبواب المدينة لئلا يخرج البازي «3» . وله عقب. 










مصادر و المراجع :

١-المعارف

المؤلف: أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ)

تحقيق: ثروت عكاشة

الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة

الطبعة: الثانية، 1992 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید