المنشورات
محمد الأمين
وبويع «الأمين محمد بن هارون» ب «طوس» ، وولى أمر البيعة «صالح ابن هارون» ، وقدم عليه بها «رجاء» الخادم، للنّصف من جمادى الآخرة، فخطب/ 195/ الناس.
وبويع ب «بغداد» ، وأخرج من الحبس من كان أبوه حبسه، فأخرج «عبد الملك بن صالح» و «الحسن بن عليّ بن عاصم» و «سلم بن سالم البجلي» و «الهيثم بن عدي» .
ومات «إسماعيل بن علية» ، وكان على مظالم «محمد» ، في ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين ومائة، فولى مظالمه «محمد بن عبد الله الأنصاري» - من ولد «أنس بن مالك» - والقضاء ب «بغداد» .
وبعث إلى «وكيع بن الجرّاج» وأقدمه «بغداد» على أن يسند إليه أمرا من أموره. فأبى «وكيع» أن يدخل في شيء، وتوجّه «وكيع» يريد [1] «مكة» في ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين ومائة، فمات في طريقها.
واتخذ «الفضل بن الربيع» وزيرا، وجعل «إسماعيل بن صبيح» كاتبه، وجعل «العباس بن الفضل بن الربيع» حاجبه.
وأغرى «الفضل» بينه وبين «المأمون» ، فنصب «محمد» ابنه «موسى ابن محمد» لولاية العهد بعده، وأخذ له البيعة، ولقّبه: الناطق بالحق، سنة أربع وتسعين ومائة. وجعله في حجر «عليّ بن عيسى» ، وأمر «عليّا» بالتوجه إلى «خراسان» ، لمحاربة «المأمون» في سنة خمس وتسعين ومائة. فوجّه «المأمون» «هرثمة» من «مرو» ، وعلى مقدّمته «طاهر بن الحسين» ، فالتقى «عليّ بن عيسى» و «طاهر» ب «الرّيّ» ، فاقتتلوا، فقتل «عليّ بن عيسى» ، وجماعة من ولده، في شهر رمضان سنة خمس وتسعين ومائة، وظفر «طاهر» بجميع ما كان معه من الأموال، والعدة، والكراع. فوجّه «محمد» «عبد الرحمن ابن جبلة الأنباري» . فالتقى هو و «طاهر» ب «همذان، فقتله «طاهر» ودخل «همذان» . واجتمع «طاهر» و «هرثمة» ، فأخذ «طاهر» على «الأهواز» ، وأخذ «هرثمة» على الجادّة، طريق «حلوان» . ووجه «الفضل بن سهل» «زهير بن المسيّب» على طريق «كرمان» ، فأخذ «كرمان» ثم دخل «البصرة» .
ولما أتى «طاهر» «الأهواز» وجد عليها واليا من المهالبة ل «محمّد» فقتله، واستولى على «الأهواز» ، ثم سار إلى «واسط» ، وسار «هرثمة» إلى «حلوان» . ووثب «الحسين ابن على بن عيسى» في جماعة ب «بغداد» ، فدخل على «محمد» وهو في «الخلد» «1» ، وأخذه وحبسه في برج من أبراج مدينة «أبى جعفر» ، فتقوّضت عساكر «محمد» من جميع الوجوه، وتغيّب «الفضل بن الربيع» يومئذ فلم ير له أثر. حتى دخل «المأمون» «بغداد» ، فأرسل «الحسين بن عليّ» إلى «هرثمة» و «طاهر» يحثّهما على الدخول إلى/ 196/ «بغداد» ، ووثب: «أسد الحربىّ» وجماعة، فاستخرجوا «محمدا» وولده، واعتذروا إليه. وأخذوا «الحسين بن على» فأتوه به، فعفا عنه بعد أن اعترف بذنبه وتاب منه. وأقرّ أنه مخدوع مغرور، فأطلقه. فلما خرج من عنده وعبر الجسر، نادى: يا مأمون! يا منصور! وتوجه نحو «هرثمة» وتوجهوا في طلبه فأدركوه بقرب نهر «تير» «1» [1] ، فقتلوه وأتوا «محمدا» برأسه. وصار «هرثمة» إلى «النهروان» ثم زحف إلى نهر «تيري» ، ونزل «طاهر» باب «الأنبار» . وصار «زهير بن المسيّب» ب «كلواذى» «2» ولم يزالوا في محاربة. وكاتب «طاهر» «القاسم المؤتمن بن هارون» . وكان نازلا في قصر «جعفر بن يحيى» ب «الدّوز» ، وسأله أن يخرج إليه، ففعل، وسلم القصر إليه.
ولم يزل الأمر على «محمد» مختلّا [2] . حتى لجأ إلى مدينة «أبى جعفر» وبعث إلى «هرثمة» : إني أخرج إليك الليلة. فلما خرج «محمد» صار في أيدي أصحاب «طاهر» فأتوا به «طاهرا» فقتله من ليلته. فلما أصبح نصب رأسه على «الباب الجديد» [3] . ثم أنزله وبعث به إلى «خراسان» مع ابن عمه «محمد ابن الحسن بن مصعب» . ودفنت جثته في «بستان مؤنسة» «3» سنة ثمان وتسعين ومائة.
مصادر و المراجع :
١-المعارف
المؤلف: أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ)
تحقيق: ثروت عكاشة
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة
الطبعة: الثانية، 1992 م
7 ديسمبر 2024
تعليقات (0)