المنشورات

الشواهد على الأخبار:

وقد نشأ هذا النوع من الاستشهاد بالشعر على التفسير والحديث وعلى كل ما قدمت به الرواية في الصدر الأول، حتى قر في أوهام الناس أن ما لا شاهد له من كلام العرب لا ثقة به كائنًا ما كان علمًا أو خبرًا؛ وكانت الأمة لا تزال على إرث الفطرة العربية في اعتبار الشعر وتمجيده والاهتزاز له، ثم كان ذلك عاما في سواد الناس من الخلفاء فمن دونهم، فلما كثر القصاصون وأهل الأخبار اضطروا من أجل ذلك أن يصنعوا الشعر لما يلفقونه من الأساطير حتى يلائموا بين رقعتي الكلام، وليحدروا تلك الأساطير من أقرب الطرق إلى أفئدة العوام، فوضعوا من الشعر على آدم فمن دونه من الأنبياء وأولادهم وأقوامهم، وأول من أفرط في ذلك محمد بن إسحاق بن يسار مولى آل مخرمة المتوفى سنة 150هـ، وكان من علماء السير والمغازي2، فكان الناس يعملون له الأشعار فيحمل منها كل غثاء، ويعقد قوافيها على الهواء، وقد كتب في السيرة من أشعار الرجال الذين لم يقولوا شعرًا قط، وأشعار النساء، ثم جاوز ذلك إلى عاد وثمود فكتب لهم أشعارًا كثيرة، حتى صار فضيحة عند علماء السير ورواة الشعر، وكان في عصره جماعة من القصاصين يأتون بمثل تلك الأشعار على وهنها وتداعيها ويعزونها إلى القدماء، ثم يزعمون أنهم أخذوها من الصحف ويروونها للأمم البائدة وغيرهم، فكان راوية ذاك العصر أبو عمرو بن العلاء يقول: لو كان الشعر مثل ما وضع لابن إسحاق ومثل ما يروي الصحفيون ما كانت إليه حاجة ولا كان فيه دليل على علم. 












مصادر و المراجع :

١-تاريخ آداب العرب

المؤلف: مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي (المتوفى: 1356هـ)

الناشر: دار الكتاب العربي

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید