المنشورات

البصريون والكوفيون:

وهما الطائفتان اللتان عصب بهما طلاب العربية، وقد تضافرتا جميعًا على استخراج هذه العلوم بعد أن كانت السابقة فيها للبصريين بما أصلوا وفرعوا؛ وكان في هؤلاء غريزة التحقيق والتمحيص دون الكوفيين، فبغت لذلك إحدى الطائفتين على الأخرى نفاسة وحسدًا، ثم استطار الجدال بينهم فوقعوا من المناظرة في أمر مستدير، وتباين ما بين الفئتين إلا حيث تتصلان في الكلام لتدفع إحداهما الأخرى. ومن ثم جعل الكوفيون، يتمرءون بخصومهم1، فينتقصونهم ليعد ذلك منهم قدرة على الكمال، ويعيبون الرجال ليكونوا هم وحدهم الرجال. أما البصريون فكانوا يريدون أن أصحابهم لو ركبوا في نصاب رجل واحد ما بلغوا أن يعدلوا أضعف رجل في البصرة؛ وقد رموهم في باب الكذب بقمص الحناجر، والأخذ عن كل بر في الرواية وفاجر، وجعلوهم من علماء الأسواق، وتلامذة الأوراق، ولشد ما اندرءوا جميعًا بعضهم على بعض بمثل هذا الكلام، وقاموا في المناظرة كل مقام؛ على أن العلم منذ وجد إنما تخلص حقائقه بالجدال؛ فرحم الله الغالب فيه والمغلوب. 















مصادر و المراجع :

١-تاريخ آداب العرب

المؤلف: مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي (المتوفى: 1356هـ)

الناشر: دار الكتاب العربي

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید