المنشورات

أدباء ملوك الأندلس

قال الجاحظ في موضع من كتابه "البيان": زعم رجال من مشايخنا أنه لم يقم أحد من بني العباس بالملك -أي: إلى زمنه- إلا وهو جامع لأسباب الفروسية, فلو زعم أحد أنه لم يقم أحد من أمراء الأندلس وخلفائها إلى آخر القرن الخامس إلا وهو جامع أسباب الأدب لكان حقيقًا في زعمه بالتصديق، ولولا أدبهم لما نفق الأدب عندهم ولا بلغ مبلغه ذلك، فإن نفاق السوق جلاب، ولم يعرف فيهم من أهل الركاكة والسخف إلى ذلك إلا القليل، كمحمد بن عبد الرحمن المستكفي بالله الذي وزر له حائك يعرف بأحمد بن خالد، وكان صاحب رأيه وتدبيره، وقد رأينا أن نذكر أسماء الشعراء وأهل الأدب من أولئك الأمراء والخلفاء؛ فمنهم: عبد الرحمن الداخل، وابنه هشام، وعبد الرحمن بن هشام، وعبد الله بن محمد المتوفى سنة 300هـ؛ وله شعر جيد، والمنصور، والمستعين، وعبد الرحمن بن هشام من خلفاء دولة بني أمية الثانية، والمستظهر الشاعر الشاب المجيد، وأولاد الأمير عبد الرحمن الأوسط، وهم المنذر، والمطرف، وهشام، ويعقوب، ومحمد، وأبان، كلهم شعراء، ولمحمد هذا ثلاثة أولاد شعراء أيضًا، وهم: القاسم، والمطرف -المعروف بابن غزلان، وهي أمه، كانت قينة مغنية عوادة أديبة- ومسلم، ومن أولاد الناصر عبد الله بن الناصر، وأخوه أبو الأصبغ عبد العزيز، ومحمد بن الناصر، ومحمد بن عبد الملك بن الناصر، أما أخوهم الحكم المستنصر فهو للعلم والأدب، ولم يكن في ولد الناصر أشعر من محمد بن عبد الملك ومن ابن أخيه مروان بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن الناصر، وهو في بني أمية شبيه عبد الله بن المعتز في بني العباس، لنفاسة شعره وحسن تشبيهه، وقد خرج منهم بعد القرن الرابع شعراء كثيرون يتفاوتون في الإحسان، وهي ذرية بعضها من بعض؛ ومن حسناتهم عبيد الله بن محمد المهدي المعروف بالأقرع، والأصم المرواني الذي مدح أمير المؤمنين عبد المؤمن؛ وقد ألف القاضي يونس بن عبد الله بن مغيب بطلب الحكم المستنصر كتابًا في أشعار خلفاء بني مروان بالمشرق والأندلس، معارضًا للصولي في تأليفه كتاب "أشعار بني العباس بالعراق"، وكتاب الصولي محفوظ بالمكتبة الخديوية.
أما ملوك الطوائف فحسبك بالمعتصم بن صمادح ملك المرية وأولاده الواثق عز الدولة، ورفيع الدولة أبو زكريا يحيى بن المعتصم، وأبو جعفر، وأم الكرام، وكذلك المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية ملك الشعراء، وأولاده: الرشيد، والراضي، وبثينة؛ ثم ملوك بني الأفطس أصحاب بطليموس وما إليها، ومنهم المظفر صاحب الكتاب المظفري في التاريخ والأدب، -وسيأتي ذكره- وبنو هود أصحاب سرقسطة، وكان منهم القائمون على الرياضيات والفلسفة، وأشهرهم المقتدر بن هود الذي كان آية في علم النجوم والهندسة والفلسفة، فقل في زمن كان يقوم بأمره أمثال هؤلاء وإنما الأمر بالأمير. 











مصادر و المراجع :

١- تاريخ آداب العرب

المؤلف: مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي (المتوفى: 1356هـ)

الناشر: دار الكتاب العربي

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید