المنشورات

مبلغ عناية الادباء بالعلم والأدب:

يخلص مما استوفيناه إلى الآن أن أمراء الأندلس وخلفاءها كانوا فيها كعواطف القلب التي تتحرك إلى المنافسة، فهم من جهة بإزاء العباسيين وأمرائهم في المشرق، ومن جهة أخرى بإزاء الطبيعة التي أنشأت الأندلسيين نشأة عقلية غير النشأة الأولى التي يساهم فيها كل أفراد النوع، وهي النشأة القلبية، فلم يكن بد لأولئك الأمراء من أن يكونوا على الحقيقة رءوس هذا الشعب الطروب، وهي لا توفق بين اندفاعه وكبحه إلا إذا كان منها حيز للسياسة الحكمية والعزمة الرحيمة، وهذا لا يتأتى مع جهل ولا جاهلية، وكذلك، ليس العلم المحض بنافع فيه على الإطلاق، وإنما لا بد من علم منوع وافتنان يوافق به الأمير أو الخليفة معظم السواد من حاشيته وقومه، فالأمير الفيلسوف لا يصلح للرعية الفقهاء، وحينئذ لا بد أن يكون الفقه في الكفة الراجحة من ميزان سياسته، فتكون له الفلسفة في خاصة نفسه؛ والفقه وما يستعان به على تجميل الملك وسياسته كالكتابة والشعر وغيرهما فيما ظهر منه للناس.
ولما كانت السيادة لعلم الفقه في أول أمر الأندلس كان الأمراء من بني أمية يعنون بشأن الفقهاء والتودد إليهم والانصياع لمشورتهم، ليتألفوا الناس بذلك ويديروا بهم الرحى الطاحنة التي هي الحرب؛ حتى إن الحكم بن هشام بات يتململ على فراشه وبعد عنه نومه حين مرض قاضيه وسمع النائحة عليه؛ لأن هذا القاضي كان يكفيه أمور رعيته بعدله وورعه وزهده.
ثم أقبل الأمراء على أهل الأدب واشتغلوا بالفلسفة، ولكنهم لم يظهروا في ذلك إلا في القرن الرابع، بعد زمن عبد الرحمن الناصر "300-350هـ" وهو الذي تجرأ على لقب الخلافة فكان أول من انتحله بالأندلس، وذلك عندما التاث أمر الخلافة بالمشرق، واستبد موالي الترك على بني العباس. وقد تعاور الدولة العباسية في زمن هذا الخليفة المقتدر والقاهر بالله والراضي بالله، وهو الخليفة الشاعر، والمتقي لله والمستكفي والمطيع الذي غلب على أمره معز الدولة بن بويه ولم يكن له أمر ولا نهي ولا خلافة تعرف، فكان هذا الاضطراب في المشرق علة في تحريك المدنية والحضارة إلى المغرب، حتى استفحل أمرهما هناك؛ لأن الخلافة التي تقوم بعد أن بلغت الحضارة العباسية إلى منقطعها لا تكون خلافة بلا شيء، بل لا يكفي فيها أن تضاهي الحضارة العباسية، وقد كان اندفاع هذا التيار سببًا في ظهور الفلسفة من مغاصتها وجريانها على أعين الناس، وقد أرسل الخليفة عبد الرحمن إلى القسطنطينية، وكان عاهلها القيصر رومانوس؛ وإلى العراق والحجاز والشام ومصر وأفريقية من يشتري له الكتب ويحصل له من ذخائرها وأصولها المهمة، حتى قيل إن عاهل القسطنطينية وجد من أسباب الحظوة لدى هذا الخليفة أن يهدي إليه نسخة بديعة من كتاب الحشائش الذي ألفه ديسفوريدس العالم النباتي المشهور، وقد كانت مكتوبة بالخط الإغريقي مصورة فيها الحشائس كلها بالذهب، وأهداه كتابًا آخر لهرشيوس صاحب القصص، وهو تاريخ للروم في أخبار الدهور وقصص الملوك وطبقات الأطباء في كتب أخرى، وكان ذلك سنة 337هـ.
ولكتاب ديسفوريدس هذا شأن عند العرب، وقد نقله عن اليونانية اسطفان بن باسيل أيام المتوكل العباسي وترك أسماء كثير من العقاقير على لفظها اليوناني، إذ لم يحسن تعريبها، ووقعت هذه النسخة العربية إلى الأندلس، فلخما أهدي الكتاب إلى الناصر أرسل إلى ملك القسطنطينية في أن يبعث إليه براهب يعرف اليونانية واللاتينية، وكان في الأندلس من يحسن هذه اللغة، فبعث إليه راهبا اسمه نقولا وصل إلى قرطبة سنة 340هـ فتعاونوا على استخراج ما فات ابن باسيل, ثم جاء ابن جلجل الطبيب الأندلسي في آخر القرن الرابع فألف كتابا فيما فات ديسفوريدس من أسماء العقاقير والأدوية، جعله ذيلًا على ذلك الكتاب.
وبذلك صار من مفاخر الأندلسيين يومئذ اتخاذ المكاتب للمنفعة والزينة معًا، حتى إن الكتاب ربما غولي فيه لجلده ونقشه وحسن خطه؛ لأنها مظاهر الزينة، وقد كان الناصر أندى الناس كفا على الشعراء والكتاب وأهل الموسيقى وغيرهم، وتولى حماية من يشتغل بعلوم الفلسفة، حتى طارت شهرة قرطبة في أوروبا فأمها الناس أفواجًا في زمنه وزمن ابنه الحكم، واختلطوا بالأندلسيين في حلقات العلم، ولا يتم ذلك إلا في عصر تكون شجرة الفلسفة قد مدت عليه ظلها الوارف، ومن أشهر أولئك الراهب جوبرت "930-1004م" الذي ارتقى بعد ذلك إلى العرش البابوري باسم البابا سليفسترس الثاني وقد وفد في زمن الحكم "98 ج1: تاريخ الأدب عند الإفرنج والعرب".
ولسنا نفيض في وصف زمن الناصر وإقبال الوفود عليه من ملوك أوروبا والملوك المتاخمين له ومخاطبته في أمر الهدنة والسلم والتماس رضاه وتقبيل يده، ولا في وصف المجلس التاريخي العظيم الذي أعده لاستقبال تلك الوفود، فإن حواشي التاريخ ليست من شرطنا في هذا الكتاب، وإنما نقول إن زمن هذا الخليفة كان شباب الأدب، ولغلبة العلوم عليه من اللغة والنحو والحديث والفلسفة لم يكثر شعراؤه كثرتهم في أواخر هذا القرن وفي القرنين الخامس والسادس. وقد كان من تأثير ذلك أن صار أكثر الفقهاء وسائر أصناف العلماء رواة للشعر والأخبار، واستفاض ذلك إلى آخر عصور الأندلس، فنشأ من مشاهيرهم مثل أبي مروان عبد الملك الطبي، وأبي الوليد الباجي، وأبي أمية إبراهيم بن عصام، وأبي حزم الظاهري، وأبي بكر الطرطوشي، والحافظ الحميدي، وابن الفرضي، وغيرهم؛ حتى إن من لم يكن فيه هذا الأدب من العلماء كانوا يعدونه غفلًا مستثقلًا. ولم يكن يشتهر بذلك قبلهم إلا القليل من الفقهاء، كعبد الملك بن حبيب المتوفى سنة 238هـ والقاضي منذر بن سعيد المتوفى سنة 335هـ وكانوا يقولون في عبد الملك إنه عالم الأندلس وإن عيسى بن دينار فقيهها؛ وأشهر شعراء الناصر: ابن عبد ربه صاحب "العقد الفريد" المتوفى سنة 328هـ، وهو الذي نظم بعض غزواته في أرجوزته المشهورة، وحاجبه أحمد بن عبد الملك بن عمر بن أشهب، ووزيره عبد الملك بن جهور، وآخرون.
ولما ولي بعد الناصر ابنه الحكم المستنصر "350-366" جرى في طريق أبيه وأربى على الغاية، فكان جماعًا للكتب في أنواعها ما لم يجمعه أحد قبله من الملوك، حتى بلغ عدد الفهارس التي فيها تسمية الكتب أربعة وأربعين، في كل واحدة عشرون ورقة، ليس فيها إلا ذكر أسماء الدواوين، وكان يبعث إلى الأقطار في شراء الكتب أناسًا من التجار، وبعث في كتاب "الأغاني" إلى مصنفه أبي الفرج، وكان نسبه في بني أمية، وأرسل إليه فيه بألف دينار ذهبًا، فبعث إليه بنسخة منه قبل أن يخرجه إلى العراق، وله من أمثالها أشياء؛ وجمع بداره الحذاق في صناعة النسخ والمهرة في الضبط والإجادة في التجليد، فأوعى من ذلك كله، واجتمعت بالأندلس خزائن من الكتب لم تكن لأحد من قبله ولا من بعده، وقد حققوا أنها بلغت سبعين مكتبة إلا ما يذكر عن الناصر العباسي بن المستضيء. قال ابن خلدون: ولم تزل هذه الكتب بقصر قرطبة إلى أن بيع أكثرها في حصار البرير، وأمر بإخراجها وبيعها الحاجب واضح من موالي المنصور بن أبي عامر، ونهب ما بقي منها عند دخول البربر قرطبة واقتحامهم إياها عنوة، وقد آثر ذلك الحكم على لذات الملوك، فاستوسع علمه، ودق نظره، وجمت استفادته، وكان في المعرفة بالرجال والأخبار والأنساب أحوذيا نسيج وحده؛ وكان ثقة فيما ينقله، وقلما يوجد كتاب من خزائنه إلا وله فيه قراءة أو نظر في أي فن كان، ويكتب فيه نسب المؤلف ومولده ووفاته وغرائب أخرى لا تكاد توجد إلا عنده لعنايته بهذا الشأن. وإذا كان الحكم قد امتاز بشدة النظر في علم الحدثان: التنجيم "ص93 ج2: نفح الطيب" وهو من اللهو الشبيه بالباطل، فما ظنك به في غيره من علوم القوم؟ وإن مبلغ العلم لا يكون دائمًا إلا مبدأ العناية بالعلم، فعلى قدر ما يستوفي العالم يكون شرهه إلى الزيادة، وعلى مقدار هذا الشره تكون العناية بمن عنده شيء مما يوفي حق الرغيبة ويغني من حاجة الطلب؛ فإذا كانت خزائن الحكم تحفل بأربعمائة ألف مجلد، كما قيل، "ص184 ج1: نفح الطيب" حتى إنهم لما نقلوها أقاموا في ذلك ستة أشهر؛ فهل يكون عصره إلا عصر العلماء والأدباء الذين هم مصانع الكتب على الحقيقة؟
أما الشعر في زمنه فإنا إذا ذهبنا نقلب كتب التاريخ التي بين أيدينا لم نكد نعرف من مشاهير عصره [غير] حاجبه جعفر بن محمد المصحفي رب القلم والبيان؛ وهو في الطبقة الثانية من شعراء الأندلس، وغير الرمادي الشاعر المتوفى سنة 403هـ ويعدونه في الطبقة الثالثة "ص16: المعجب في تلخيص أخبار المغرب".
وإذا كان التاريخ قد ذهب بكثير من أسمائهم، فقد رأينا في بعض أنبائه أن من الكتب التي ألفت للحكم المستنصر كتبا في شعراء الأندلس، منها أخبار شعراء ألبيرة في عشرة أجزاء؛ وقد وقف عليه الوزير أبو محمد بن حزم؛ وهو الذي ذكره في بعض رسائله ولم يذكر اسم مؤلفه "ص123 ج2"، ولكنا وقفنا في "طبقات اللغويين والنحاة" للسيوطي على اسم هذا الكتاب في ترجمة مطرف بن عيسى الألبيري المتوفى سنة 357هـ؛ وقال إن له كتابًا آخر في فقهائها، وكتابًا في أنساب العرب النازلين بها وأخبارهم "ص392".
ورأينا أيضًا في هذه الطبقات في ترجمة محمد بن عبد الرءوف القرطبي المعروف بابن خنيس المتوفى 343هـ أنه ألف كتابًا في شعراء الأندلس بلغ فيه الغاية؛ فيكون من ذكرهم فيه إلى ما قبل انتهاء زمن الناصر؛ وألبيرة لم تكن إلا مدينة من مدن الأندلس فكيف بسائرها؟ إلا أن الشعر كان كثيرًا في علماء اللغة والنحو وغيرهما -كما سيجيء في موضعه- وفي أيام هذا الأمير نبغ محمد بن هاني الشاعر الشهير بإشبيلية، ولكنه انفصل عنها إلى أفريقية ومدح المعز صاحب مصر وغيره، وتوفي سنة 368هـ؛ وقد توفي الحكم سنة 366هـ وولي بعده ابنه هشام فغلب على أمره ابن أبي عامر المنصور وتولى حجابته، وجرت أحوال علت قدمه فيها حتى صار صاحب التدبير، فدانت له الأندلس لكها ولم يضطرب عليه شيء من نواحيها، وكان محبا للعلوم مؤثرًا للأدب، مفرطًا في إكرام من ينسب إلى شيء من ذلك ويفد عليه متوسلًا به بحسب حظه منه وطلبه له ومشاركته فيه، وقد أفرط في الإحسان على أبي العلاء صاعد اللغوي البغدادي حين قدم عليه سنة 380هـ حتى اتخذ له مرة قميصًا من رقاع الخرائط التي كانت تصل إليه فيها الأموال منه، وجعل ذلك حيلة إلى بلوغ الغاية من كرمه، وقد ألف له كتبًا غريبة، منها كتاب "الهجفجف بن غيدقان بن يثربي مع الخنوت بنت مخرمة"، وكتابًا آخر في معناه سماه كتاب "الجواس بن قطعل المذحجي مع ابنة عمه عفراء". قال صاحب "المعجب": وهو كتاب مليح جدا انخرم أيام الفتن بالأندلس فنقصت منه أوراق لم توجد بعد، وكان المنصور كثير الشغف بهذا الكتاب -أعني الجواس- حتى رتب له من يخرجه أمامه كل ليلة "ص20: المعجب".
ولعل هذه الكتب مما يساق فيه القصص الموضوع على غرض من أغراض السياسة والأدب؛ ويقول صاحب "المعجب": إن كتاب "الهجفجف" وضعه على نحو كتاب أبي السري سهل بن أبي غالب، فيا أسفا على كتب أصبحت أسماؤها تحتاج إلى تفسير.... وقد ذكر الفتح بن خاقان في المطمح في ترجمة الوزير حسان بن مالك بن أبي عبدة أنه دخل على المنصور وبين يديه كتاب ابن السري وهو به كلف وعليه معتكف، فخرج وعمل على مثاله كتابًا سماه "ربية وعقيل"، وأتى به منتسخًا مصورًا في ذلك اليوم من الجمعة الأخرى "ص314 ج2" فهذا يفيد أن هذه الكتب جميعها على مثال "كليلة ودمنة" المشهور. 

وكان للمنصور مجلس في كل أسبوع يجتمع فيه أهل العلم والمناظرة بحضرته ما كان مقيمًا بقرطبة؛ لأنه كان مواصلًا لغزو الروم مفرطًا في ذلك لا يشغله عنه شيء، حتى إنه ربما خرج للمصلى يوم العيد فحدثت له نية في ذلك فلا يرجع إلى قصره، بل يخرج بعد انصرافه من المصلى كما هو من فوره إلى الجهاد، فتتبعه عساكره وتلحق به أولًا فأولًا؛ وقد غزا في أيام ملكه التي دامت إلى سنة 393هـ نيفًا وخمسين غزوة.
ورأس الشعراء في أيامه عبادة بن ماء السماء المتوفى سنة 422هـ وقيل: سنة 419هـ، وهو أول من أتقن الموشحات بالأندلس حتى كأنها لم تسمع إلا منه، وللرمادي في ذلك يد أيضًا.
ومن مشاهيرهم الرمادي وابن دراج والقسطلي ومحمد بن مسعود الغساني البجالي "ص238 ج2: نفح الطيب" وكان يكتب له هو ومحمد بن إسماعيل................................................
وله لطائف في الشعر فكان يخاطب المنصور بلسان النبات الذي يوافق أسماء عقائله ومحاظيه، كاسم بهار ونرجس وغيرهما، والوزير محمد بن حفص بن جابر، وأبو بكر محمد بن نهور، وغيرهم. وكان المنصور معروفًا بالمحاماة عن أهل الشعر والأدب حتى لا ينتقصهم في مجلسه أحد إلا رد عليه وسفهه؛ وقد وقع بعضهم في الرمادي عنده فكلمه كلامًا كان يغوص دونه في الأرض لو وجد لشدة ما حل به منه؛ غير أنه لما كان المنصور غزاء مواليًا للجهاد، فقد كان غبار حروبه يثور بين العلماء تشددًا في الدين، حتى فشا في العامة اتهام كل من يشتغل بالفلسفة أو يعرف بمذهب من مذاهبها حتى في الشعراء أنفسهم، وكان قليل من ذلك في زمن الحكم وأبيه، فاتهموا ابن هانئ في إشبيلية، وأساءوا المقالة فيه حتى انفصل عنها، ولما وفد الشاعر المشهور أبو عبد الله محمد بن مسعود الغساني البجالي على المنصور، اتهم كذلك برهق في دينه، فسجنه المنصور في المطبق زمنًا. وقد بقيت الفلسفة مضطهدة في الأندلس بعد ذلك من عامتها، حتى ظهرت في بر العدوة -كما سيجيء- وفشا الأدب في زمن المنصور حتى صار حلية الشباب وزينة النشأة الأندلسية، ومثل ذلك يكون مبدأ عصر عظيم، وقيل إن المخانيث بقرطبة يومئذ كانوا يشتغلون به، فكان منهم فتيان أخذوا بنصيب وافر منه، ومن هؤلاء غلام للمنصور اسمه فاتن توفي سنة 402هـ، قالوا: كان لا نظير له في علم العرب "ص90 ج2: نفح الطيب".
وسار الأدب في وجهته غير مبال بقيام الملوك وسقوطهم؛ لأنه لا يقوم بهم ولا يسقط معهم إلا في أوائل نشأته، إذ يحوطونه ويكفلون نموه، وإلى أن انفرطت دولة بني أمية وانتشر سلك الخلافة في المغرب كان الأمراء لا ينفكون يتعاهدونه؛ فكان الناصر علي بن حمود من البربر -وهو الذي ملك ملك قرطبة بعد الأربعمائة وقيل: سنة 408هـ- على عجمته وبعده من فضائل اللسان، يصغي إلى الأمداح ويثيب عليها، ومظهرًا في ذلك آثار النسب العربي والكرم الهاشمي؛ ومن مشاهير الذين امتدحوه ابن الخياط القرطبي، وعبادة بن ماء السماء "ص225 ج1: نفح الطيب". ولما ولي المستظهر سنة 414هـ "من خلفاء الدولة الأموية الثانية" عكف على الأدب، وكان شاعرًا مصنعًا بديع الشعر، فاشتغل عن تدبير المملكة بالمباحثة مع أبي عامر بن شهيد الشاعر الكبير؛ وأبي محمد بن حزم العالم الشهير؛ وعبد الوهاب بن حزم الغزل المترف؛ فكانوا يتباحثون في الآداب ويتجاذبون أهداب الشعر؛ حتى أحقد بذلك مشايخ الوزراء والكبراء؛ فأثاروا عليه العامة وهم يومئذ أجهل ما يكون؛ فقتلوه لأدبه وشعره؛ وهذا وحده دليل على أن العامة لا يكرهون الفلسفة ولا يضطهدون القائمين عليها لذاتها؛ ولكنهم مع كل ريح؛ وأتباع كل ناعق؛ وكما تابعوا في إحراق كتب الفلسفة، تابعوا كذلك في إحراق كتب المذهب المالكي في المغرب, كما سنشير إليه فيما يأتي. 













مصادر و المراجع :

١- تاريخ آداب العرب

المؤلف: مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي (المتوفى: 1356هـ)

الناشر: دار الكتاب العربي

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید