المنشورات
حكم افتتاح المساجد بالحفلات والاجتماع لذلك
س الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد
فقد اطّلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم إلى سماحة الرئيس العام، ونصه (إذا بُني عندنا مسجد جديد وأريد ابتداء الصلاة فيه دعي الناس من البلدان فيجتمعون لهذا الذي يسمونه افتتاح المسجد، فما حكم إتيانهم لهذا الغرض؟ وهل حديث " لا تُشد الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد " يدل على تحريم ذلك؟ وإذا كان جائزاً فما الدليل على ذلك؟ وهل حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم، دعاه بعض الصحابة ليصلي في ناحية من بيته ليتخذها مصلّى.. يدل على جوازه؟ وكذلك هل يدل عليه مفهوم ما جاء في قصة مسجد الضِّرار بحيث لم يوجّه ربنا نهيه إلى مجرد عزمه على الذهاب، وإنما نهاه لأن المسجد لم يُبنَ إلا ضراراً وكفراً؟ إلخ. أفيدونا أفادكم الله) .
وأجابت بما يلي
افتتاح المساجد يكون بالصلاة فيها وعمارتها بذكر الله، من تلاوة قرآن والتسبيح والتحميد والتهليل وتعليم العلوم الشرعية ووسائلها ونحو ذلك مما فيه رفع شأنها، قال الله تعالى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ. رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ. لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} . بهذا ونحوه من النصائح والمواعظ والمشورة كان يعمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتبعه في هذا الخلفاء الراشدون وسائر صحابته وأئمة الهدى من بعده رضي الله عنهم ورحمهم، والخير كل الخير في الاهتداء بهديهم في الوقوف عندما قاموا به في افتتاح المساجد، وعمارتها بما عمروها به من العبادات ومافي معناها من شعائر الإسلام، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم، ولا عمّن اتبعه من أئمة الهدى أنهم افتتحوا مسجداً بالاحتفال وبالدعوة إلى مثل ما يدعو إليه الناس اليوم، من الاجتماع من البلاد عند تمام بنائه للإشادة به، ولو كان ذلك مما يُحمد لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسبق الناس إليه ولسنَّه لأمته ولتبعه عليه خلفاؤه الراشدون وأئمة الهدى من بعده، ولو حصل ذلك لنُقل.
وعلى هذا فلا ينبغي مثل هذه الاحتفالات، ولا يُستجاب للدعوة إليها ولا يُتعاون على إقامتها بدفع مالٍ أو غيره، فإن الخير في اتباع من سلَف، والشر في ابتداع من خلف، وليس في دعوة بعض الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى بيته ليصلي في مكانٍ منه ركعتين كي يتخذ صاحبه مصلى يصلي فيه ما قدر له من النوافل دليل على ما عُرف اليوم من الاحتفالات لافتتاح المسجد، فإنه لم يَدْعُه إلى احتفال، بل لصلاة، ولم يسافر لأجل تلك الصلاة، ثم السفر إلى ذلك الاحتفال أو للصلاة في ذلك المسجد داخل في عموم النهي عن شدِّ الرِّحال إلى غير المساجد الثلاثة المعروفة؛ فينبغي العدول عن تلك العادة المُحْدثة، والاكتفاء في شؤون المساجد وغيرها بما كان عليه العمل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتباعه أئمة الهدى رحمهم الله، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
مصادر و المراجع :
١- فتاوى إسلامية
لأصحاب الفضيلة العلماء
سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز (المتوفى: 1420هـ)
فضيلة الشيخ: محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421هـ)
فضيلة الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (المتوفى: 1430هـ)
إضافة إلى اللجنة الدائمة، وقرارات المجمع الفقهي
المؤلف (جمع وترتيب) : محمد بن عبد العزيز بن عبد الله المسند
الناشر: دار الوطن للنشر، الرياض
20 ديسمبر 2024
تعليقات (0)