المنشورات
لماذا سمي بالمسيح
س 4 - لماذا سمي عيسى ابن مريم بالمسيح؟
ج سمي عيسى ابن مريم بالمسيح، لأنه ما مسح على ذي عاهة إلا برئ بإذن الله. وقال بعض السلف سمي مسيحًا بمسحه الأرض، وكثرة سياحته في للدعوة إلى الدين.
وعلى هذين القولين يكون المسيح بمعنى ماسح، وقيل سمي مسيحًا لأن كان مسيح القدمين لا أخمص له، وقيل لأنه مسح بالبركة، أو طُهّر من الذنوب فكان مباركًا، وعلى هذا يكون المسيح بمعنى ممسوح والأظهر الأول، والله أعلم. وعلى كل حال لا يتعلق بذلك عقيدة ولا عمل فالجدوى في ذلك ضعيفة أو معدومة.
س مع هذه الأسئلة نصوص يَستدل بها القاديانيون على موت عيسى ودفنه، أرجو بيان تلك النصوص وكيف نرد عليهم.
* الآية الأولى {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ} .
ج القصد من هذه الآية الرد على من قال {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} . (سورة المائدة، الآية 72) . ومن قالوا {إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} . (سورة المائدة، الآية 73) . ببيان أن عيسى المسيح عليه السلام ليس ربًّا ولا إلها يعبد، بل رسول كرمه الله بالرسالة، شأنه شأن الرسل الذين مضَوْا من قبله، أجله محدود، لكن لم تبين هذه الآية متى يموت، وقد بينت الأدلة الماضية من الكتاب من الكتاب والسنة، أنه رفع حيًّا وأنه سينزل حكمًا وعدلاً، ثم يموت بعد نزوله آخر الزمان وحُكمه بين الناس، ثم ذكر تعالى أن عيسى وأمه عليهما السلام كان يأكلان الطعام، فدل بذلك على أنهما ليسا إلهين مع الله لشدة حاجتهما إلى مايحفظ عليهما حياتهما من الطعام، والله تعالى فرْدٌ صمدٌ له الغنى المطلق، يحتاج إليه كل ما عداه ولا يحتاج هو إلى أحد سواه. يؤيد أن المراد بالآية ما ذُكر سابقها ولاحقها من الآيات، فقد سبقها آية {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} . وآية {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} . وقد ذكر بعدها النهي عن الغلو في الدين وإنكار عبادة غير الله، ولعن من فعل ذلك أو سكت عنه ولم ينكره، ويوضح ذلك أيضًا قوله تعالى في سورة الأنعام {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} . (سورة الأنعام، الآية 14) .
* الأية الثانية {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} . (سورة الفرقان، الآية 20) .
ج القصد من هذه الآية الرد على من كفر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، لزعمه أن الرسول إنما يكون من الملائكة لا من البشر، فردَّ الله عليهم زعمهم ببيان أن سُنة الله سبحانه في إرسال الرسل إلى البشر أن يصطفيهم من البشر، وأنهم يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، شأنهم في ذلك شأن البشر، وليس في الآية تحديد لأجل عيسى عليه السلام، وقد بينت الآيات الأخرى والأحاديث رفّعه حيًّا ثم نزوله وحُكمه بعد نزوله آخر الزمان ثم موته كما تقدم.
* الآية الثالثة {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ} . (سورة الأنبياء، الآية 8) .
ج ليس في هذه الآية أي دلالة على موت عيسى عليه السلام جينما تآمر اليهود على قتله وصلبه، وإنما فيها الدلالة على أن الأنبياء والمرسلين ومنهم عيسى، ليسوا أجسادًا لا تأكل، بل يأكلون كما يأكل الناس، وفيها الحكم بأنهم لا يخلدون في الدنيا، وأهل السنة يؤمنون بذلك وأن عيسى - كغيره من المسلمين - يأتي عليه الموت كغيره، إلا أن الكتاب والسنة دلاّ على أن ذلك بالنسبة له لا يكون إلا بعد نزوله في آخر الزمان من السماء حكمًا عدلاً، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير كما تقدم.
* الآية الرابعة {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} . (سورة الأحزاب، الآية 62) .
ج هذه الجملة وإن كانت عامة، إلا أنها خُصصت بالآيات والمعجزات التي أجراها الله على أيدي رسله وكانت حجة لهم على أممهم في إثبات الرسالة، كانفلاق البحر لموسى اثني عشر طريقًا يبسًا بضربة عصا، وكإبراء عيسى الأكمه والأبرص وإحيائه الموتى بإذن الله، إلى غير هذا مما هو كثير معلوم. فرفع عيسى حيًّا وإبقاؤه قرونًا ونزوله بعد ذلك مما استثني من هذا العموم كغيره من خوارق العادات التي هي سنة الله مع رسله ولا غرابة في ذلك.
* الآية الخامسة {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} . (سورة الزخرف، الآية 59) .
ج هذه الآية تثبت العبودية لعيسى عليه السلام، وأن الله أنعم عليه بالرسالة، وليس ربًّا ولا إلهاً، وأنه آية على كمال قدرة الله، ومثل أعلى في الخير يُقتدى به ويُهتدي بهديه، فهي شبيهة في مغزاها بالآية الأولى. وليس فيها أي دلالة على تحديد لأجل عيسى عليه السلام، وإنما يؤخذ بيان ذلك وتحديده من نصوص أخرى كما تقدم.
* الآية السادسة {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} . (سورة المائدة، الآية 17) .
ج جاء في صدر هذه الآية {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} . (سورة المائدة، الآية 17) . فكان قوله تعالى {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} . ردًّا على زعمهم أن عيسى عليه السلام هو الله ببيان أن عيسى وأمه عبدان ضعيفان كسائر خلق الله. لو شاء الله أن يهلكه وأمه ومَن في الأرض جميعا من المخلوقات لفعل، ولكنه لم يعمهم بالهلاك بل أجرى فيهم سنته بالإهلاك في مواقيت محدودة اقتضتها حكمته سبحانه، وكان من حكمته أنه لم يُهلك عيسى عليه السلام بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا بعد رفعه وإنما رفعه حيًّا وأبقاه حيًّا، حتى ينزل ويحكم بين الناس بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم يميته بعد ذلك كما تقدم.
* الآية السابعة {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} (سورة المؤمنون، الآية 50) .
ج حَمْل مريم بعيسى عليه السلام بلا أب. بل على خلاف السنة الكونية في غيرهما من الآيات البينات الدالات على كمال قدرة الله سبحانه، وقد آواهما الله إلى ربوة مكان مرتفع خصيب فيه استقرار وماء معين ظاهر تراه العيون، والمراد بذلك بيت المقدس من فلسطين رحمة الله بهما ونعمة من الله عليهما، وكان ذلكفي فلسطين لا في بلد من بلاد باكستان، وكان ذلك قبل ميلاد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بأكثر من خمسمائة عام. لا بعد هجرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأكثر من اثني عشر قرنًا فمن حمل الربوة على مكان بباكستان، أو تأوّل ابن مريم على غلام أحمد فقد حرف الآية وافترى على الله كذبًا وخرج عن واقع التاريخ.
* الآية الثامنة {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} . (سورة آل عمران، الآية 55) .
ج استدلال القاديانيين بهذه الآية على موت عيسى عليه السلام فيما مضى مبني على تفسير التوفي بالإماتة، وهو مخالف لما صحّ عن السلف من تفسيره بقبض الله رسوله عيسى عليه السلام من الأرض، ورفعه إليه حيًّا، وتخليصه بذلك من الذين كفروا، جمعا بين نصوص الكتاب والسنة الصحيحة الدالة على رفعه حيًّا وعلى نزوله آخر الزمان، وعلى إيمان أهل الكتاب جميعًا وغيرهم حين نزوله. أما ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما من تفسير التوفي هنا بالإماتة فلم يصح سنده لانقطاعه، إذ هو من رواية علي بن أبي طلحة عنه، وعلي لم يسمع منه ولم يره. ولم يصح أيضًا ما روي عن وهب بن منبه اليماني من تفسير التوفي بالإماتة، لأنه من رواية محمد بن إسحاق عمن لا يُتهم عن وهب ففيه عنعنة ابن إسحاق وهو مدلّس وفيه مجهول، ثم هذا التفسير لا يزيد عن كونه احتمالاً في معنى التوفي فإنه قد فسّر بمعان فُسّر بأن الله قد قبضه من الأرض بدناً وروحاً، ورفعه إليه حيًّا، وفُسّر بأنه أنامه ثم رفعه، وبأنه يميته بعد رفعه ونزوله آخر الزمان إذ الواو لا تقتضي الترتيب وإنما يقتضي جمع الأمرين له فقط. وإذا اختلفت الأقوال في معنى الآية وجب المصير إلى القول الذي يوافق ظاهر الأدلة الأخرى جمعا بين الأدلة، وردًّا للمتشابه منها إلى المحكم، كما هو شأن الراسخين في العلم، دون أهل الزيغ الذين يتبعون ما تشابه من التنزيل ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وقانا الله شرهم.
* الآية التاسعة {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} . (سورة المائدة، الآية 117) .
ج الاستدلال بالآية على موت عيسى عليه السلام، قبل رفعه إلى السماء أو بعد رفعه وقبل نزوله آخر الزمان، مبني على تفسير التوفي بالإماتة كما سبق في الكلام على الآية الثامنة، وقد تقدم أن هذا التفسير غير صحيح، وأنه على خلاف ما فسره به السلف، جمعًا بين نصوص الأدلة من الكتاب والنسة الصحيحة.
*الآية العاشرة {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} . (سورة مريم، الآية 33) .
ج هذه كالتي قبلها فيها إثبات السلام والأمن له من الله في كل أحواله، وليس فيها تحديد لمدة حياته، ولا لوقت موته، فيجب الرجوع إلى النصوص الأخرى التي تبين ذلك كما تقدم بيانه.
* الآية الثانية عشر {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ. أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ} . (سورة النحل، الآية 21) .
ج هذه الآية سيقت للرد على مَن عَبَد غير الله من الملائكة وعزير وعيسى واللات والعزى ومناة، ببيان أنهم لا يخلقون شيئًا ولا ذبابًا، بل هم مخلوقون مربوبون أموات غير أحياء , لكن الأدلة الأخرى دلّت على بقاء عيسى عليه السلام حيًّا، حتى ينزل ويحكم بين الناس بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم يموت.
* الآية الثالثة عشرة {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} . (سورة البقرة، الآية 136) .
ج هذه الآية أمر الله فيها بالإيمان بجيمع الأنبياء وما أنزل إليهم من ربهم، وبيّن أنه سبحانه لا يفرق بينهم في وجوب الإيمان بهم، وما أنزل إليهم من الله، وفي هذا رد على اليهود والنصارى الذين قالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا، وبيان لما أجمل من الرد عليهم في قوله تعالى لنبيه محمد، صلى الله عليه وسلم {قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، (سورة البقرة، الآية 135) وليس المراد الأمر بعدم التفريق بينهم في الموت والحياة، فإن هذا لا يرشد إليه سياق الكلام بل يرشد إلى ما ذكرنا.
كما أن ذلك مما لم تدع إليه الرسل، فحمْل الآية عليه تحريف لها عما سيقت له من المعنى، وعلى تقدير حمل قوله تعالى {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} .، (سورة البقرة، الآية 135) على عمومه حتى يشمل عدم التفريق بينهم في جنس الموت والحياة، بدليل الواقع والنصوص، فإن ذلك يدل على التفاوت بينهم في كثير من صفات الموت والحياة وأنواعها وزمنها ومكانها وطول العمر وقصره، إلى غيرذلك فلتكن حياة عيسى وامتدادها طويلاً ومكانها وموته بعد ذلك، مما اختلف فيه عن إخوانه النبيين بدليل النصوص السابقة.
*الآية الرابعة عشرة {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (سورة البقرة، الآية 134) .
ج القصد من هذه الآية بيان أن كل إنسان مجزي بعمله لا يتجاوزه إلى غيره، ولا يُسال عنه سواه، كما في قوله تعالى {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} . (سورة الطور، الآية 21) . وقوله تعالى {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} . (سورة الأنعام، الآية 164) .
فعليه أن يسعى جهده في كسب الخير واجتناب الشر، وألاَّ يتعلق على غيره فخراً به أو أملاً في النجاة من العذاب يوم القيامة بقرابته منه أو صلته به وتعظيمه له في دنياه. وعيسى عليه السلام وإن دخل في عموم الأمة الماضية، إلا أن الأدلة من الكتاب والسنة قد خصصته برفعه إلى السماء وإبقائه حيّاً ثم إنزاله آخر الزمان إلى آخر ما تقدم بيانه، ومن الأصول المعلومة في الشريعة الإسلامية أن النصوص الخاصة يُقضى بها على النصوص العامة فتخصها، والنصوص التي نحن بصددها من ذلك.
* الآية الخامسة عشرة {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا. بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} . (سورة النساء، الآيتان 157، 158) .
* الآية السادسة عشرة {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} . (سورة النساء، الآية 159) .
ج تقدم الكلام على هاتين الآيتين في الكلام على الآية الأولى والثانية والثالثة والرابعة.
وبالجملة فما يتعلل به القاديانيون من الآيات القرآنية لإثبات ما زعموا أن عيسى عليه السلام قد مات ودفن
إما عموميات خصصتها أدلة أخرى من الآيات والأحاديث دلّت على رفع عيسى حيًّا وبقائه حيًّا كذلك حتى ينزل آخر الزمان ويحكم بشريعة القرآن. ووقف القاديانيون عند عموم الآيات بعد تخصيصها، وذلك باطل لمخالفته للقواعد والأصول الإسلامية.
وإما لآيات مجملة فسرتها نصوص أخرى يجب المصير إليها، فوقف القاديانيون عند المُجْمل يتعللون به لباطلهم، دون أن يرجعوا إلى المُحْكم، الذي فسره، وهذا شأن من في قلوبهم زيغ ونافق. الذين يتبعون ما تشابه من نصوص الكتاب والسنة، ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله على ما يوافق هواهم.
وإما كلمات اعتمدوا في تفسيرها على آثار لم تصح نسبتها إلى السلف، وقد تقدم بيان ذلك عند الكلام على الآية الثامنة {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} . (سورة آل عمران، الآية 55) . ففرح هؤلاء بهذه الآثار لموافقتها لهواهم، وموّهوا بها على الجمهور، ولم ينظروا إلى أسانيدها، إما لجهلهم، وإما تدليسًا وخداعًا وترويجًا لباطلهم؛ وما ذلك إلا لزيغهم ورغبتهم في الفتنة، قال الله تعالى {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} . (سورة آل عمران، الآية 7) والله الموفق للصواب، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق العفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
مصادر و المراجع :
١- فتاوى إسلامية
لأصحاب الفضيلة العلماء
سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز (المتوفى: 1420هـ)
فضيلة الشيخ: محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421هـ)
فضيلة الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (المتوفى: 1430هـ)
إضافة إلى اللجنة الدائمة، وقرارات المجمع الفقهي
المؤلف (جمع وترتيب) : محمد بن عبد العزيز بن عبد الله المسند
الناشر: دار الوطن للنشر، الرياض
21 ديسمبر 2024
تعليقات (0)