المنشورات

دير حنظلة

: هو «8» دير بالجزيرة، فى أحسن موضع منها، وأكثره رياضا وزهر وشجرا؛ وهو موصوف مألوف، قالت «1» فيه الشعراء؛ فمن قال فيه الشعر، وغنّى فيه، عبد الله بن محمد بن زبيدة.
قال ابن أخى جناح: كنت مع عبد الله بن محمد الأمين «2» وقد خرج إلى نواحى الجزيرة، وكانت له هناك ضياع كثيرة، ونحن معه، فمررنا بدير حنظلة؛ وكأن ما حواليه «3» من الرياض حلل وشى، وهو فى صحراء بعيدة من الفرات، فنزل هناك، وأمر غلمانه، ففتحوا له الدّير، فنزل «4» وشرب، وكان حسن الضرب بالعود، حسن الصوت طيبه، فأنشأ يقول:
ألا يادير حنظلة المفدّى ... لقد أورثتنى تعبا «5» وكدّا
ألا يادير جادتك الغوادى ... سحابا حمّات برقا ورعدا
قال: فأقمنا به عشرة أيام نصطبح فى كل يوم، وألقى علىّ وعلى من كان معى من المغنّين، لحنا صنعه فى هذا الشعر، ما سمعت أملح منه، على كثرة صنعته فى شعره.
وحنظلة الذي نسب إليه هذا الدير: رجل من طيّىء، يعرف بابن أبى عفران «6» ، وهو من رهط أبى زبيد الطائىّ، وكان من شعراء الجاهلية، تم تنصر، وفارق بلاد قومه، ونزل الجزيرة مع النصارى، حتى فقه «7» دينهم، وبلغ نهايته، وابتاع «8» ماله، وبنى هذا الدير، وترهب فيه حتى مات. قال أبو الفرج: حدثنى هاشم بن محمد، قال: حدثنى الرّياشىّ، حدّثنى أبو محلّم «1» : أن حنظلة هذا هو القائل:
ومهما يكن ريب الزمان فإننى ... أرى قمر الليل «2» المغرّب «3» كالفتى
يهلّ صغيرا ثم يعظم ضوءه ... وصورته حتى إذا تمّ واستوى «4»
تقارب يخبو ضوءه وشعاعه ... ويمصح حتّى يستسرّ ولا يرى «5»
وفى هذا الدير يقول بعض الشعراء:
يا دير حنظلة المهيّج لى الهوى ... هل تستطيع صلاح قلب العاشق «6» .
 

مصادر و المراجع :

١- معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع

المؤلف: أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري الأندلسي (المتوفى: 487هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید