فن الخزف - صنع الخزف - تاريخه القدي م- اللون الأخضر الحائل - الطلاء
بالميناء - براعة هاوشي جيو - تقاسيم الطلاء - عصر كانج شي - عصر تشين لونج
اذا اخذنا نتحدث عن الفن الذي تمتاز به الصين عن سائر الامم، والذي لا يجادل احد في انها هي حاملة لوائه في العالم كله، وجدنا في انفسنا نزعة قوية إلى اعتبار الخزف صناعة من الصناعات. ولما كانت كلمة "الصيني" اذا وردت على لساننا ارتبطت في عقولنا بالمطبخ وادواته. فاننا اذا ذكرنا الفاخورة تمثلنا من فورنا المكان الذي يصنع فيه "الصيني"، وظننا هذا المكان مصنعاً ككل المصانع لا تثير منتجاته في النفس روابط عليا سامية. اما الصينيون فقد كانت صناعة الخزف عندهم فناً من الفنون الكبرى، تبتهج له نفوسهم العملية المولعة مع ذلك بالجمال، يجمع بين النفع وبهاء المنظر.
فلقد امدهم هذا الفن بآنية يستخدمونها في شرابهم القومي الشهير- شراب الشاي- جميلة في ملمسها ومنظرها، وازدانت منازلهم باشكال بلغت كلها من الجمال حدا تستطيع معه افقر الاسر ان تعيش في صحبة نوع من انواع الكمال، لقد كان فن الخزف هو فن النحت عند الصينيين.
ولفظ الفخار يطلق اولاً على الصناعة التي تحيل الطين بعد حرقه إلى ادوات صالحة للاستعمال المنزلي، ويطلق كذلك على الفن الذي يجمل هذه الادوات، وعلى الادوات التي تنتجها هذه الصناعة؛ والخزف هو الفخار المزجج اي انه هو الطين الممزوج بالمعادن والذي اذا عرض للنار ساح واستحال إلى مادة نصف شفافة شبيهة بالزجاج (1). وقد صنع الصينيون الخزف من مادتين الكولين- وهو طين ابيض نقي مكون من فتات الفلسبار والحجر الأعبل) الجرانيت (، ومن البي- تن- دزي وهو كوارتز ابيض قابل للانصهار، هو الذي يكسب الأواني الخزفية ما فيها من الشفافية. وتسحق هذه المواد كلها وتخلط بالماء فتتكون منها عجينة تشكل باليد او على عجلة، ثم تعرض لدرجة حرارة مرتفعة تصهر العجينة وتحيلها إلى مادة زجاجية براقة صلبة.
وكان يحدث في بعض الاحيان ألا يقنع الخزاف بهذا النوع الابيض البسيط، فكان يغطي "العجينة" اي الاناء قبل حرقه بطبقة من مسحوق الزجاج، ثم يحرق في اتون. وكان في بعض الاحيان يضع هذه الطبقة الزجاجية على العجينة بعد حرقها قليلاً ثم يعيد حرق الاناء بعدئذ. وكانت الطبقة الزجاجية تلون في اغلب الاحيان، ولكن العجينة كثيراً ما كانت تنقش وتلون قبل ان تضاف اليها المادة الزجاجية الشفافة او تلون الطبقة الزجاجية بعد حرقها ثم تثبت عليها بحرقها مرة ثانية. اما الميناء فقد كانت تصنع من الزجاج الملون يدق ويسحق ثم يحول إلى مادة سائلة يضعها الرسام على الآنية بفرشاته الرفيعة. وكان من الصينيين اخصائيون قضوا حياتهم في التدريب على عملهم؛ تخصص بعضهم في رسم المناظر الطبيعية، وغيرهم في رسم القديسين والحكماء المنقطعين للتأمل والتفكير بين الجبال، او الذين يمتطون ظهور حيوانات غريبة فوق امواج البحار.
وصناعة الفخار عند الصينيين قديمة العهد قدم العصر الحجري، فقد عثر الاستاذ اندرسن على اواني من الفخار في هونان وكانسو "لايمكن ان تكون احدث عهداً من عام 3000 ق. م". وان ما تتصف به تلك المزهريات من جمال فائق في الشكل وفي الصقل ليدل دلالة قاطعة على ان هذه الصناعة قد اصبحت فناً من الفنون الجميلة قبل ذلك العهد بزمن طويل. وبعض القطع التي عثر عليها شبيهة بفخار أنو، وتوحى بأن الحضارة الصينية مأخوذة عن حضارة البلاد الواقعة في غربها. وهناك قطع من الاواني الفخارية الجنازية كشفت في هونان وتعزى إلى عهد اضمحلال اسرة شانج ولكنها احد كثيراً من بقايا العصر الحجري الحديث السالفة الذكر.
ولم يعثر المنقبون بعد عذر هذه الاسرة على بقايا من الفخار ذات فنية قبل ايام اسرة هان، ففي عهد هذه الاسرة عثروا على فخار وعثروا فوق ذلك على اول اناء من الزجاج عرف في الشرق الاقصى (1)، وكان انتشار عادة شرب الشاي في عهد اباطرة تانج باعثاً قوياً على تقدم فن الخزف. وقد كشفت العبقرية، او المصادفة المحضة، حوالي القرن التاسع ان من المستطاع صنع اناء مزجج لا منسطحه الخارجي فحسب) كالآنية المصنوعة في عهد اسرة هان وفي حضارات غير حضارة الصين قبل ذلك العهد (، بل زجاجي كله من اوله إلى آخره- اي من خزف حقيقي. وقد كتب احد الرحالة المسلمين المدعو سليمان إلى بني وطنه يقول: "ان في الصين طيناً رقيقاً جميلاً يصنعون منه اواني شفافة كالزجاج يُرى من جدرانها ما في داخلها من الماء". وقد كشفت اعمال التنقيب الحديثة في موضع احدى المدن القديمة عند سر من رأى على نهر دجلة قطعاً من الخزف من صنع الصين. وظهر الخزف بعدئذ في السجلات خارج بلاد الصين حوالي عام 1171 م حين اهدى صلاح الدين إلى سلطان دمشق احدى واربعين قطعة من الخزف (105).
وليس ثمة شاهد على ان صناعة الخزف قد بدأت في اوربا عام 1470 م، فقد ذكر في ذلك العام على انه فن جميل اخذه البنادقة عن العرب في اثناء الحروب الصليبية.
وكان عهد اسرة سونج هو العهد الذي بلغ فيه فن الخزف الصيني ذروة مجده. وخبراء هذا الفن يعزون إلى هذا العهد اقدم ما لدينا من الآنية الصينية واحسنها، بل ان صناع الخزن في عهد اسرة منج، وهم الذين جاءوا بعد هذا العصر ونبغ فيه بعضهم نبوغ فنانيه، حتى هؤلاء كانوا اذا ذكروا خزف اسرة سونج ذكروه بالاجلال والاكبار، وكان جامعوا العاديات الصينية يحتفظون بما يعثرون عليه من خزف هذه الاسرة ويعدونه من الكنوز التي لاتقوم بمال. وأنشئت في القرن السادس الميلادي مصانع عظيمة في جنج ده- جن حيث توجد الرواسب الغنية من المعادن التي تستخدم في صنع الفخار وتلوينه واعترف البلاد الامبراطوري بهذه المصانع رسمياً، وبدأت تغمر الصين بفيض من الصحاف الخزفية والاقداح والجفان والمزهريات والطاسات والاباريق والقنينات والجرار والصناديق ورقع الشطرنج والماثلات (1) والخرائط. وحتى مشاجب القبعات كانت تصنع من الخزف المطلى بالميناء والمرصع بالذهب؛ وظهرت في ذلك الوقت لأول مرة القطع ذات اللون الاخضر اليشبي (2) المعروفة بالسلادون (3) والتي اصبحت محاكاتها اهم مايصبو اليه الفخراني في الوقت الحاضر، كما اصبح اقتناؤها أهم ما يصبو إليه جامع التحف (4). وقد أرسل سلطان مصر في 1487 نماذج منها إلى لورنزو ده مديشي، وكان الفرس والاتراك يقدرونها لا لنعومة ملمسها وشدة بريقها فحسب، بل لأنها فوق هذا تكشف عن وجود السم، فقد كانوا يعتقدون ان تلك الآنية يتغير لونها اذا وضعت فيها مواد مسمومة. وترى اسر الخبيرين المولعين بهذا الفن يتوارثون هذه القطع جيلا بعد جيل؛ ويحتفظون بها احتفاظ الناس باثمن الكنوز.
ولقد ظل الصناع في عهد اسرة منج نحو ثلثمائة عام يبذلون اقصى ما يستطيعون من جهود ليحتفظوا بفن الخزف في المستوى الرفيع الذي بلغه في عهد اسرة سونج، وليس في مقدورنا ان نقول انهم عجزوا عن بلوغ هذه الغاية. وكان في جنج ده- جن خمسمائة اتون لحرق الخزف، وكان البلاط الامبراطوري وحده يستخدم 96000 قطعة خزفية لتزيين حدائق القصور وموائدها وحجراتها. وظهرت في ايام هذه الاسرة اول قطع جيدة من الميناء التي حرقت الوانها بعد تزجيجها. واتقن صنع اللون الاصفر الواحد؛ والخزف الازرق والابيض الذي يشبه في رقته قشر البيض، إلى اقصى حدود الاتقان ولايزال القدح الازرق والابيض المطعم بالفضة والمسمى باسم الامبراطور واندلي) اوشن دزونج (يعد من آيات فن الخزف في العالم كله إلى هذه الايام.
وكان هاوشي- جي من ابرع صناع الخزف واعظمهم خبرة في ايام واندلي. وكان في مقدوره ان يصنع اقداحاً للنبيذ لايزيد وزن الواحد منها على جزء من ثمانية واربعين جزءاً من الاوقية، ويروى احد المؤرخين الصينيين ان هاوشي- جي زار في يوم من الايام بيت موظف كبير، واستأذنه في ان يفحص عن وعاء من الخزف ذي ثلاث ارجل يمتلكه هذا الكبير ويعد من أثمن ما صنع في عهد أسرة سونج.
واخذ هاو يلمس الاناء بيديه برقة ولطف، وهو ينقل ما عليه من الرسوم سرا على قطعة من الورق مخبأة في كمه. ثم عاد لزيارة هذا الموظف بعد ستة اشهر من زيارته الاولى، وقال له: "انك يا صاحب السعادة تمتلك مبخرة ذات ثلاث ارجل من الدنج- ياو الابيض (1)، وها هي ذي مبخرة مثلها امتلكها انا". واخذ نانج الموظف الكبير يوازن بين هذه المبخرة ومبخرته، ولكنه لم يستطيع ان يتبين فرقاً ما بينهما. وبلغ من تشابههما ان قاعدة مبخرة الفنان وغطاءها قد واءما مبخرته كل المواءمة. واقرها وهو يبتسم ان مبخرته تقليد لمبخرة العظيم، ثم باعها نانج بستين قطعة من الفضة، وباعها هذا بعدئذ بألف وخمسمائة.
وقد بلغت صناعة الخطوط الفاصلة بين الميناء اقصى حد من الاتقان في عهد اسرة منج. ولم يكن منشأ هذا الفن في بلاد الصين بل جاء اليها من بلاد الشرق الادنى في ايام الدولة البيزنطية، وكان الصينيون يسمون مصنوعات هذا الفن في بعض الاحيان جوى جودياو، اي آنية بلاد الشياطين. وهذا الفن يتكون من قطع شرائح من النحاس او الفضة او الذهب، وتثبيتها على حدها فوق خطوط شكل رسم من قبل على جسم معدني، ثم ملء ما بين هذه الفوارق من فراغ بميناء من اللون المطلوب الملائم لها، ثم تعريض الاناء بعدئذ للنار عدة مرات ودلك السطح الصلب بقطعة من حجر الخفاف وصقله بقطعة من فحم الخشب، ثم تزليق اطراف الحواجز
المعدنية الظاهرة. واقدم ما عرف من منتجات هذا الفن في الصين مرايا استوردتها نارا في اليابان في منتصف القرن الثامن عشر. واقدم الاواني المحددة التاريخ ترجع إلى اواخر العهد المغولي او إلى ايام اسرة يوان، واحسنها كلها ما صنع في ايام الامبراطور جنج دي من أباطرة المنشو العظماء في القرن الثامن عشر الميلادي.
ودمرت المصانع التي كانت قائمة في عهد اسرة جنج ده- جين في اثناء الحروب التي قضت على اسرة منج، ولم تعد إلى سابق عهدها إلا بعد ان جلس على العرش امبراطور من اعظم اباطرة الصين استنارة وهو الامبراطور كانج- شي، وكان ملكا اصيلاً جمع كل صفات الملوك كما جمعها معاصره لويس الرابع عشر. وقد امر هذا الملك باعادة بناء مصانع جنج ده- جين، وسرعان ما اوقدت النار في ثلاثة آلاف اخذت تعمل عملها المتواصل، فاخرجت خزفاً جميلاً ظريفاً بلغ من الكثرة درجة لم تر الصين ولاغيرها من البلاد مثيلاً لها من قبل. وكان صناع كانج شي يظنون ان آنيتهم اقل جودة مما صنع في عهد اسرة منج، ولكن الخبيرين باصول الفن في هذه الايام لايوافقونهم على رأيهم، بل يرون ان الاشكال القديمة قد قلدت تقليداً بلغ اقصى درجات الكمال، وان اشكالاً جديدة كثيرة العدد مختلفة الانواع قد ابتكرت وارتقت رقيا عظيماً.
وكان في مقدور الفنانين في عهد اباطرة المنشو ان يغطوا عجينة الخزف بطبقة زجاجية تختلف عنها في سرعة انصهارها، فاخرجوا بذلك اواني ذات سطح مسنن؛ ثم كان في مقدورهم ان ينفخوا فقاعات من اللون على السطح الزجاجي فاخرجوا بذلك الصحاف الرفيعة المغطاة بدوائر صغيرة من الالوان. واتقنوا كذلك فن التلوين بلون واحد واخرجوا ظلالاً من اللون الاحمر الخوخي، والمرجاني، والياقوتي، والقرمزي، ودم الثور) الاحمر القاتم (والوردي؛ واخرجوا من اللون الاخضر الخياري، والتفاحي، والطاووسي، والنباتي، والسلادون،) الاخضر الحائل (؛ ومن اللون الازرق "المزران"، والسماوي،، والبنفسجي الفاتح والفيروزجي؛ ومن اللونين الاصفر والابيض ضروباً ملساء مخملية كل ما يستطيع الانسان ان يصفها به انها النعومة ذاتها تُرى رأى العين. وابتدعوا انماطاً مزخرفة يطلق عليها جامعو التحف الفرنسيون الاسر الوردية؛ والخضراء، والسوداء، والصفراء (1). وقد اتقنوا ذلك الفن الشاق فن تعدد الالوان بتعريض الاناء في التنور إلى تيارات متعاقبة من الهواء الصافي والمحمل بالسناج- الاول يُدخل فيه الأكسجين، والثاني يمتصه منه- بحيث يتحول الطلاء الزجاجي الاخضر إلى لهب متعدد الالوان. وكانوا يرسمون على بعض آنيتهم صور كبار الموظفين في اثواب فضفاضة ذات ذيول طويلة، فابتدعوا بذلك طراز الآنية المعروفة "بالمندرين") طراز كبار الموظفين (. وكانوا يرسمون ازهار البرقوق باللون الابيض فوق ارضية زرقاء) او سوداء في قليل من الاحيان (، وهم الذين ابتدعوا ما للمزهريات التي في صورة العوسج من رقة ورشاقة.
وكان آخر ما مر به الخزف الصيني من عهود المجد في عهد تشين لونج الرخى الطويل. ولم يقل الانتاج في ذلك العهد عما كان عليه في العهود التي تقدمته، كما ان مهارة الصناع الممتازين لم تفقد شيئاً من عظمتها وتفوقها وان لم تحظ بعض الاشكال الجديدة بما كانت تحظى به مبتكرات عهد كانج شي من نجاح. وقد بلغت الاسرة الوردية في هذا العهد اعلى درجات الكمال. فقد انتشرت فيه نصف ازهار الطبيعة وفاكتها فوق ابهى الطبقات الزجاجية، كما كان ذوو الثراء المترفون يستخدمون الخزف الثمين الذي لايزيد سمكه على سمك قشرة البيض غطاء لاضواء المصابيح. ثم شبت نار فتنة تاي- بنج ودامت خمسة عشر عاماً جرت فيها الدماء انهاراً، ودمرت فيها خمس عشرة ولاية من الولايات الصينية، وهدمت ستمائة مدينة، واهلكت عشرين مليوناً من الرجال والنساء واقفرت اسرة المنشو اقفاراً اضطرها إلى ان تحبس معونتها عن مصانع الخزف، فاغلقت هذه المصانع ابوابها؛ وتشتت صناعها في انحاء العالم المضطرب.
ولم يفق فن الخزف الصيني حتى الان ما صابه من الدمار في اثناء هذه الفتنة الصماء ولعله لن يفيق منها أبداً. ذلك أن عوامل أخرى قد ضاعفت من آثار الحرب المخربة ومن امتناع الرعاية الامبراطورية؛ منها ان نمو تجارة الصادرات قد اغرى الفنانين بان يخرجوا قطعاً خزفية توائم ذوق المشترين الاوربيين.
واذ كان ذلك الذوق لايبلغ من السمو ما بلغه ذوق اهل الصين فان القطع المنحطة قد طردت القط الثمينة من التداول، كما تطرد العملة الرديئة العملة الطيبة حسب قانون جريشام (1).
وما ان حل عام 1840 حتى شرع مصنع انجليزي اقيم في مدينة كانتون يخرج انواعاً منحطة من الخزف ويصدرها إلى اوربا ويسميها "الاواني الصينية". ثم قامت مصانع في سيفر بفرنسا، ومايسن في المانيا وبورسلم في انجلترا تحاكي خزف الصينيين، وقللت من نفقات الانتاج باستخدام الآلات، واخذت تستحوذ عاماً بعد عام على تجارة الخزف الصينية الخارجية.
وكل ما بقى حتى الان هو ذكرى ذلك الفن الذي خسره العالم خسارة كاملة لاتكاد تقل عن خسارته لزجاج العصور الوسطى الملون. ولقد عجز الخزافون الاوربيون رغم ما بذلوه من محاولات وجهود جبارة عن ان يبلغوا ما بلغه الخزافون الصينيون من الدقة والمهارة. وحسب الفنانين الصينيين فخراً ان الخبراء العالميين يضاعفون في كل عقد من السنين اثمان ما بقى من روائع فن الخزف الصيني، فتراهم يطلبون خمسمائة ريال ثمناً لقدح الشاي، ويبيعون المزهرية التي يفي صورة شجرة العوسج بثلاثة وعشرين ألف ريال، وفي عام 1767 وصل ثمن إناءين من الخزف بلون العقيق يعرفان "بكلبي فو" في احد المزادات إلى خمسة اضعاف ما وصل اليه ثمن صورة "الطفل يسوع" لجيدورتي، والى ثلاثة امثال ما وصل اليه ثمن صورة "الاسرة المقدسة" لرفائيل (115). على أن كل من أحس بعينيه وأصابعه، وبكل عصب من اعصاب جسمه، جمال الخزف الصيني يغضب بلا ريب من هذا التقدير الضئيل ويعده إهانة للفن الصيني وازدراء به وتدنيساً لقدسيته. ذلك ان دنيا الجمال ودنيا المال لا تلتقيان ابداً حتى في الوقت الذي تباع فيه الاشياء الجميلة. وحسبنا تقديراً للخزف الصيني ان نقول ان هذا الخزف هو ذروة الحضارة الصينية ورمزها، وانه من انبل ما صنعه الجنس البشري ليبرز به وجوده على ظهر الارض.
مصادر و المراجع :
١- قصة الحضارة
المؤلف: وِل ديورَانت = ويليام جيمس ديورَانت (المتوفى: 1981 م)
تقديم: الدكتور محيي الدّين صَابر
ترجمة: الدكتور زكي نجيب محمُود وآخرين
الناشر: دار الجيل، بيروت - لبنان، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس
عام النشر: 1408 هـ - 1988 م
عدد الأجزاء: 42 وملحق عن عصر نابليون
تعليقات (0)