المنشورات

رجعنا إلى الجبال

ثم بلى الزهاليل جبل العشار، وهو قرن فارد ضخم، به أحساء تكون فى الربيع، ربّما لزمتها المياه عامّة القيظ، وهو اليوم فى أيدى بنى بحتر، من بنى عامر ابن لؤىّ. ثم تليه هضبات الوقبى لبنى الأضبط، ثم يليها أسود العين، وقد تقدّم ذكره. ثم جزعت الجبال الطريق، وصار ما بقى من جبال الحمى عن يسار المصعد [فأوّل جبل عن يسار المصعد] «4» جبل يدعى الأقعس، وهو محدّد طويل فى بلاد بنى كعب بن كلاب، وهو فى ناحية الوضح، والوضح: بلد سهل كريم، ينبت الطّريفة، بين أعلاه وأسفله ليلتان، أسفله فى ناحية دار غنىّ، وأعلاه عند الأقعس. ثم الجبال الحمر التى تدعى قطّبيّات، فى ناحية دار بنى «1» أبى بكر ابن كلاب، ولهم هنالك ماءان، الشّطون وحفيرة خالد، بين «2» الأقعس والقطبيّات. والشّطون فى ناحية شعر، وقد أكثر الشعراء فى شعر، وهو جبل عظيم فى ناحية الوضح، قال حكم الخضرىّ يذكره:
سقى الله الشّطون شطون شعر ... وما بين الكواكب والغدير
ثم الجبال التى تلى قطّبيّات عن يسار المصعد: وهى هضبات حمر، يقال لها العرائس، وهى فى الوضح فى بلد كريم. وبين قطّبيّات وبين العرائس جبل يقال له عمود الكور، وهو جبل فارد طويل، وبأصله الكوير جبل أصغر منه من مياه بنى الوحيد «3» بن كلاب، ثم أخذته بنو جعفر. ثم عن يسار العرائس جبال صغار سود مشرفات على مهزول، ومهزول: واد مستقبل العثاعث، قال حبيب بن شوذب من أهل ضريّة:
عرّج نحىّ بذى الكوير طلولا ... أمست مودّعة العراص حلولا
بربا العثاعث حيث واجهت الرّبا ... سند العروس وقابلت مهزولا
وجرت بها الحجج الرّوامس فاكتست ... بعد النّضارة وحشة وذبولا
قوله «سند العروس» : أراد العرائس.
ثم بلى العثاعث ذو عثث، وهو واد يصبّ فى التسرير، يصب فيه وادى مرعى. هكذا قاله السّكونىّ: مرعى، بالميم، وأظنّه ثرعى، بالثاء المضمومة، لأنّى لا أعلم «مرعى» اسم موضع، وهو واد لبنى الوحيد «1» داخل الحمى، من أكرم مياه الحمى، وهو بوسط الوضح، برث «2» أبيض، وقد ذكره الغنوىّ فقال:
تأبّدت العجالز من رياح ... وأقفرت المدافع من خزاق
وأقفر من بنى كعب جباح ... فذو عثث إلى وادى العناق
وكانوا يدفعون النوم «3» عنّى ... فيقصر وهو مشدود الخناق
العجالز التى ذكر: أراد عجلزا، وهو ماء فى الطريق، بينه وبين القريتين تسعة أميال، وإلى جنبه ماء يقال له رحبة، وقال بعض الشعراء فى ذى عثث:
ولن تسمعى صوت المهيب عشيّة ... بذى عثث يدعو القلاص التّواليا
ثم يلى ذا عثث نضاد، وهو جبل عظيم، قد ذكرته الشعراء فأكثروا، قال عويف القوافى:
لو كان من حضن تضاءل بعده ... أو من نضاد بكت عليه نضاد
وقال سرقة السّلمىّ:
حللت إلى غنىّ فى نضاد ... بخير محلّة وبخير حال
ونضاد فى الطريق الشرقىّ من النّير. والنّير «4» : جبال كثيرة سود: قنان، وقرّان وغيرهما، بعضها إلى بعض، وسعتها قريب من مسيرة يوم للراكب. ومن النّير تخرج سيول التّسرير، وسيول نضاد وذى عثث، واد يقال له ذو بحار، حتّى يأخذ بين الضّلعين: ضلع بنى مالك، وضلع بنى شيصيان، فإذا خرج من الضّلعين كان اسمه التّسرير. وبنو مالك وبنو الشيصبان بطنان من الجنّ، فيما زعمت «1» علماء غنىّ. ويروى عن ابن عبّاس أنه قال: كانت أم بلقيس من الجنّ، يقال لها يلغمة بنت شيصبان. والضّلعان المذكورتان: اللتان يأخذ بينهما الوادى، ثم ينحدر إلى التّسرير، حتّى يخرج من أرض غنىّ، حتّى يصير فى ديار نمير، ثم يخرج فى حقوق بنى ضبّة بشرقىّ جبلة، ثم يفضى التسرير، فيخرج فى «2» أرض بنى ضبة، فيصير فى ناحية دار «3» عكل، ثم يخرج من ديار عكل، فيقضى إلى قاع القمرا، والقمرا «4» فى خطّ بطن من بنى نهشل بن دارم، يقال لهم بنو مخربة. والجنيبة جزع من أجزاع التّسرير، فى خط التّسرير؛ وبين هذا القاع وبين أضاخ خمسة عشر ميلا، وإنّما يرد التسرير الغفار، وهو جبل رمل عظيم، عرضه ثمانية أميال، وهو على طريق أهل أضاخ إلى النّباج. وبين أسفل التسرير وأعلاه فى ديار غنىّ مسيرة ثلاثة أيام، وقد وقع موقعا صار الحدّ بين قيس وبين تميم، لأنّ أوّله لغنىّ، ثم شرقيّه لتميم، وقد ذكرته الشعراء قال أحدهم:
قال الأطبّاء؟ ما يشفى فقلت لهم ... دخان رمث من التّسرير يشفينى
 

مصادر و المراجع :

١- معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع

المؤلف: أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري الأندلسي (المتوفى: 487هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید